الصِّحَّةُ لَكِنْ يُشْتَرَطُ تَعْيِينُ الْمِقْدَارِ الْمَشْرُوطِ، وَلَوْ شَرَطَ مَعَ الْعِتْقِ الْوَلَاءَ لَهُ لَمْ يَصِحَّ الْبَيْعُ لِمُخَالَفَتِهِ مَا تَقَرَّرَ فِي الشَّرْعِ مِنْ أَنَّ الْوَلَاءَ لِمَنْ أَعْتَقَ، وَأَمَّا قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي خَبَرِ بَرِيرَةَ لِعَائِشَةَ: «وَاشْتَرِطِي لَهُمْ الْوَلَاءَ» فَأَجَابَ عَنْهُ الْأَقَلُّ بِأَنَّ رَاوِيَهُ هِشَامًا تَفَرَّدَ بِهِ فَيُحْتَمَلُ عَلَى وَهْمٍ وَقَعَ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَا يَأْذَنُ فِيمَا لَا يَجُوزُ وَالْأَكْثَرُ بِأَنَّ الشَّرْطَ لَمْ يَقَعْ فِي الْعَقْدِ وَبِأَنَّهُ خَاصٌّ بِقِصَّةِ عَائِشَةَ لِمَصْلَحَةِ قَطْعِ عَادَتِهِمْ كَمَا خَصَّ فَسْخَ الْحَجِّ إلَى الْعُمْرَةِ بِالصَّحَابَةِ لِمَصْلَحَةِ بَيَانِ جَوَازِهَا فِي أَشْهُرِهِ وَبِأَنَّ لَهُمْ بِمَعْنَى عَلَيْهِمْ كَمَا فِي {وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا} [الإسراء: 7] (تَنْبِيهٌ) .

قَضِيَّةُ كَلَامِ النَّظْمِ كَأَصْلِهِ صِحَّةُ بَيْعِ بَعْضِ الْعَبْدِ بِشَرْطِ إعْتَاقِهِ وَهُوَ ظَاهِرٌ لَكِنْ نُقِلَ عَنْ الْمَعِينِ لِلْيَمَنِيِّ التَّصْرِيحُ بِبُطْلَانِهِ وَلَمْ أَرَهُ فِيهِ وَلِمَا حَكَاهُ الْأَذْرَعِيُّ عَنْ حِكَايَةِ بَعْضِهِمْ لَهُ قَالَ إنْ صَحَّ فَهُوَ فِي غَيْرِ الْمُبَعَّضِ وَفِي غَيْرِ مَنْ لَهُ بَاقِيهِ اهـ وَمِثْلُ مَنْ لَهُ بَاقِيهِ مَنْ لَيْسَ لَهُ بَاقِيهِ وَهُوَ مُوسِرٌ (لَا) أَنْ يُشْرَطَ إعْتَاقُهُ (غَدًا) أَوْ نَحْوَهُ فَلَا يَصِحُّ بَيْعُهُ (عَلَى الصَّحِيحِ وَ) لَا أَنْ يُشْرَطَ (الْوَقْفَ وَ) لَا (التَّدْبِيرَ وَ) لَا (الْمُكَاتَبَهْ) لَهُ إذْ لَمْ يَحْصُلْ فِي كُلٍّ مِنْهَا مَا يَتَشَوَّفُ إلَيْهِ الشَّارِعُ مِنْ الْعِتْقِ النَّاجِزِ وَلِأَنَّ الْعَقْدَ لَا يَقْتَضِيهَا بِخِلَافِ الْعِتْقِ النَّاجِزِ كَمَا فِي الْقَرِيبِ وَقِيلَ يَصِحُّ فِي الصُّوَرِ الْأَرْبَعِ كَشَرْطِ الْعِتْقِ فَلَوْ أَخَّرَ عَنْهَا كُلِّهَا قَوْلَهُ مِنْ زِيَادَتِهِ عَلَى الصَّحِيحِ لَأَفَادَ ذَلِكَ (وَلِلَّذِي بَاعَ بِهِ) أَيْ: بِشَرْطِ الْإِعْتَاقِ (الْمُطَالَبَهْ) أَيْ مُطَالَبَةُ الْمُشْتَرِي بِالْإِعْتَاقِ إذَا لَمْ يَعْتِقْ سَوَاءٌ قُلْنَا إنَّ الْحَقَّ فِيهِ لَهُ وَهُوَ ظَاهِرٌ أَمْ لِلَّهِ تَعَالَى كَالْمُلْتَزِمِ بِالنَّذْرِ وَهُوَ الْأَصَحُّ؛ لِأَنَّهُ يُثَابُ عَلَى شَرْطِهِ وَلَهُ غَرَضٌ فِي تَحْصِيلِهِ وَلِذَلِكَ قَدْ يُسَامَحُ فِي الثَّمَنِ (وَيُجْبِرُ الْقَاضِي) الْمُشْتَرِيَ عَلَى الْإِعْتَاقِ إنْ امْتَنَعَ مِنْهُ وَلَا يَثْبُتُ الْخِيَارُ لِلْبَائِعِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْحَقَّ فِيهِ لِلَّهِ تَعَالَى فَإِنْ أَصَرَّ عَلَى الِامْتِنَاعِ صَارَ كَالْمُولِي فَيَعْتِقُ عَلَيْهِ الْقَاضِي كَمَا قَالَهُ الْقَاضِي وَالْمُتَوَلِّي وَقَوَّاهُ فِي الْمَجْمُوعِ وَقِيلَ يَحْبِسُهُ حَتَّى يُعْتِقَهُ (وَلَيْسَ مُجْزِئًا) عَنْ الْإِعْتَاقِ

ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: لَكِنْ يُشْتَرَطُ تَعْيِينُ إلَخْ) قَدْ يُتَّجَهُ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ عِتْقَ بَعْضِ الْمَمْلُوكِ لِلْمُعْتِقِ مُعَيَّنًا كَانَ أَوْ مُبْهَمًا يَسْرِي إلَى الْبَاقِي فَالْمَقْصُودُ مِنْ عِتْقِ الْجَمِيعِ حَاصِلٌ عَلَى التَّقْدِيرَيْنِ وَكَانَ كَشَرْطِ عِتْقِ الْجَمِيعِ إلَّا أَنْ يُوَجَّهَ الِاشْتِرَاطُ بِتَفَاوُتِ الْغَرَضِ وَالْمُطَالَبَةِ الثَّابِتَةِ لِلْحَاكِمِ وَالْبَائِعِ بِالتَّعْيِينِ وَالْإِبْهَامِ فَيَفْسُدُ الْبَيْعُ عَلَى هَذَا عِنْدَ عَدَمِ التَّعْيِينِ كَسَائِرِ الشُّرُوطِ الْمَجْهُولَةِ. (قَوْلُهُ: بِأَنَّ الشَّرْطَ لَمْ يَقَعْ فِي الْعَقْدِ) قَدْ يُقَالُ هَذَا لَا يُخَلِّصُ مِنْ الْإِشْكَالِ؛ لِأَنَّ الشَّرْطَ خَارِجُ الْعَقْدِ إمَّا لَغْوٌ أَوْ مُمْتَنِعٌ وَكِلَاهُمَا يُنَزَّهُ عَنْ الْإِذْنِ فِيهِ مَقَامُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَلْيُتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: لَأَفَادَ ذَلِكَ) قَدْ يُجَابُ بِأَنَّ الْقَيْدَ الْمُتَوَسِّطَ يَجُوزُ رُجُوعُهُ لِمَا بَعْدَهُ أَيْضًا. (قَوْلُهُ: وَلَيْسَ مُجْزِئًا إلَخْ) لَكِنْ لَوْ مَاتَ قَبْلَ الْإِعْتَاقِ عَتَقَتْ بِالْإِيلَادِ وَأَجْزَأَ عِتْقُهَا حِينَئِذٍ عَنْ الْإِعْتَاقِ الْمَشْرُوطِ م ر.

ـــــــــــــــــــــــــــــQوَإِلَّا صَحَّ.

(قَوْلُهُ: وَلَوْ شَرَطَ مَعَ الْعِتْقِ الْوَلَاءَ لَهُ لَمْ يَصِحَّ الْبَيْعُ) قَالَ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ هَذَا فِي غَيْرِ الْبَيْعِ الضِّمْنِيِّ، أَمَّا فِيهِ كَأَعْتِقْ عَبْدَك عَنِّي عَلَى كَذَا بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ الْوَلَاءُ لَك فَيَصِحُّ الْعَقْدُ وَيَلْغُو الشَّرْطُ وَيَقَعُ الْعِتْقُ عَنْ الْمُسْتَدْعِي وَتَلْزَمُهُ الْقِيمَةُ ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ فِي بَابِ الْكَفَّارَةِ نَقْلًا عَنْ التَّتِمَّةِ اهـ قَالَ الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ فِي حَوَاشِي الرَّوْضِ: لَا اسْتِثْنَاءَ لِأَنَّهُ حَيْثُ لَزِمَتْ الْقِيمَةُ كَانَ لُزُومُهَا دَلِيلًا عَلَى فَسَادِ الْبَيْعِ اهـ قَالَ ع ش أَيْ: فَيَعْتِقُ فِي الْبَيْعِ الضِّمْنِيِّ لِإِتْيَانِهِ بِصِيغَةِ الْعِتْقِ وَكَثِيرًا مَا تَجِبُ الْقِيمَةُ مُتَرَتِّبَةً عَلَى الْعِتْقِ بِدُونِ الْبَيْعِ اهـ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: الْمُتَّجَهُ الصِّحَّةُ) وَلَهُ بَيْعُ مَا لَمْ يَشْتَرِطْ عِتْقَهُ مِنْهُ قَبْلَ عِتْقِ مَا شَرَطَهُ اهـ ق ل عَلَى الْجَلَالِ وَلَوْ اشْتَرَى بَعْضَهُ بِشَرْطِ عِتْقِ بَعْضِهِ صَحَّ أَيْضًا. (قَوْلُهُ: فَأَجَابَ عَنْهُ الْأَقَلُّ إلَخْ) هَذَا مَنْقُولٌ عَنْ الشَّافِعِيِّ فِي الْأُمِّ وَرَأَيْته عَنْهُ فِي الْمَعْرِفَةِ لِلْبَيْهَقِيِّ. اهـ. قَسْطَلَّانِيٌّ عَلَى الْبُخَارِيِّ (قَوْلُهُ: بِأَنَّ الشَّرْطَ لَمْ يَقَعْ فِي الْعَقْدِ) لَعَلَّ مَعْنَاهُ أَنَّهُ لَمْ يَقَعْ شَرْطٌ فِي الْعَقْدِ حَتَّى يَفْسُدَ، وَالْأَمْرُ فِي الْحَدِيثِ لِلْإِبَاحَةِ وَهُوَ عَلَى وَجْهِ التَّنْبِيهِ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ لَا يَنْفَعُهُمْ فَوُجُودُهُ كَعَدَمِهِ وَكَأَنَّهُ قَالَ: اشْتَرِطِي أَوْ لَا تَشْتَرِطِي فَذَلِكَ لَا يُفِيدُهُمْ.

وَيُؤَيِّدُ هَذَا قَوْلُهُ: فِي رِوَايَةٍ «اشْتَرِيهَا وَدَعِيهِمْ يَشْتَرِطُونَ مَا شَاءُوا» ، وَأَمَّا قَوْلُهُ: وَبِأَنَّهُ خَاصٌّ إلَخْ تَعَقَّبَهُ ابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ بِأَنَّ التَّخْصِيصَ لَا يَثْبُتُ إلَّا بِدَلِيلٍ. اهـ. قَسْطَلَّانِيٌّ عَلَى الْبُخَارِيِّ مَعَ تَغْيِيرٍ وَقَدْ يُقَالُ النَّهْيُ عَنْ بَيْعِ وَشَرْطِ الْمُتَقَدِّمِ دَلِيلٌ لِلتَّخْصِيصِ فَتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: وَبِأَنَّهُ خَاصٌّ إلَخْ) قَالَ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ هَذَا أَحْسَنُ الْأَجْوِبَةِ. اهـ. قُوَيْسَنِيٌّ. (قَوْلُهُ: وَبِأَنَّ لَهُمْ بِمَعْنَى عَلَيْهِمْ) قَالَ النَّوَوِيُّ تَأْوِيلُ اللَّامِ بِمَعْنَى عَلَى هُنَا ضَعِيفٌ؛ لِأَنَّهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - أَنْكَرَ الِاشْتِرَاطَ وَلَوْ كَانَتْ بِمَعْنَى عَلَى لَمْ يُنْكِرْهُ اهـ ق س. (قَوْلُهُ: صِحَّةُ بَيْعِ الْعَبْدِ إلَخْ) أَيْ: وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُبَعَّضًا وَبِيعَ لِغَيْرِ مَنْ لَهُ بَاقِيهِ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ. اهـ. سم وَهُوَ ظَاهِرُ قَوْلِ م ر وَلَوْ بَاعَ بَعْضَهُ بِشَرْطِ إعْتَاقِهِ صَحَّ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الْبَهْجَةِ وَأَصْلِهَا.

(قَوْلُهُ: كَمَا فِي التَّقْرِيبِ) يَعْنِي أَنَّ الْبَيْعَ بِشَرْطِ الْعِتْقِ كَمَا يُعَلَّلُ بِتَشَوُّفِ الشَّارِعِ يُعَلَّلُ بِمُشَابَهَتِهِ لِلْبَيْعِ لِمَنْ يَعْتِقُ عَلَيْهِ مِنْ حَيْثُ اقْتِضَاءُ الْعَقْدِ الْعِتْقَ اهـ. (قَوْلُهُ: وَلِلَّذِي بَاعَ إلَخْ) وَمِنْهُ وَارِثُهُ وَالْحَاكِمُ لَا غَيْرُهُمْ مِنْ الْآحَادِ خِلَافًا لِمَا يُوهِمُهُ كَلَامُ الْمَنْهَجِ. اهـ. ق ل عَلَى الْجَلَالِ وَمِثْلُهُ شَرْحُ م ر خِلَافًا لِبَعْضِهِمْ اهـ قَالَ سم عَلَى الْمَنْهَجِ وَهُوَ مُتَّجَهٌ مَعَ قَوْلِنَا لَا يَجِبُ الْإِعْتَاقُ عَلَى الْفَوْرِ فَإِنَّهُ لَا مَعْصِيَةَ لِيَكُونَ مِنْ بَابِ الْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ. (قَوْلُهُ: وَلَيْسَ مُجْزِئًا إلَخْ)

طور بواسطة نورين ميديا © 2015