قَبْلَ أَنْ يُشْهِدَ أَوْ امْتَنَعَ مِنْ الْإِشْهَادِ أَوْ الرَّهْنِ أَوْ مَاتَ الْكَفِيلُ أَوْ امْتَنَعَ أَوْ تَلِفَ الرَّهْنُ أَوْ أَعْتَقَهُ الْمُشْتَرِي أَوْ دَبَّرَهُ (وَعَيْبٍ) لِمَا يُمْكِنُ تَعَيُّبُهُ مِنْهَا وَهُوَ الرَّهْنُ (خُيِّرَا) أَيْ الْبَائِعُ لِفَوَاتِ شَرْطِهِ وَالْخِيَارُ عَلَى الْفَوْرِ؛ لِأَنَّهُ خِيَارُ نَقْصٍ وَلَا يُجْبَرُ الْمُشْتَرِي عَلَى الْقِيَامِ بِمَا شَرَطَ لِزَوَالِ الضَّرَرِ بِالْفَسْخِ وَلَا يَقُومُ رَهْنٌ أَوْ كَفِيلٌ آخَرُ مَقَامَ الْمُعَيَّنِ، أَمَّا افْتِقَارُ الْكَفِيلِ فَلَا يَثْبُتُ بِهِ خِيَارٌ (لَا إنْ تَعَيَّبْ) أَيْ: الرَّهْنُ (بَعْدَ قَبْضٍ) لَهُ (أَوْ حَصَلْ) لَهُ بَعْدَ قَبْضِهِ (هُلْكٌ) وَقَدْ اطَّلَعَ فِيهِ الْبَائِعُ عَلَى عَيْبٍ قَدِيمٍ فَلَا يُخَيَّرُ إذْ الْفَسْخُ إنَّمَا يَثْبُتُ إذَا أَمْكَنَهُ رَدُّ الرَّهْنِ كَمَا أَخَذَهُ وَلَا أَرْشَ لَهُ أَيْضًا.
(وَ) لَا شَرْطُ (تَخْيِيرُ ثَلَاثٍ) مِنْ الْأَيَّامِ (وَأَقَلْ) مِنْهَا فَإِنَّهُ لَا يُبْطِلُ الْبَيْعَ لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ «ذُكِرَ رَجُلٌ لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ يُخْدَعُ فِي الْبُيُوعِ فَقَالَ لَهُ مَنْ بَايَعَتْ فَقُلْ لَهُ لَا خِلَابَةَ» وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ بِلَفْظِ «إذَا بَايَعَتْ فَقُلْ: لَا خِلَابَةَ، ثُمَّ أَنْتَ بِالْخِيَارِ فِي كُلِّ سِلْعَةٍ ابْتَعْتهَا ثَلَاثَ لَيَالٍ» وَفِي رِوَايَةٍ لِلدَّارَقُطْنِيِّ عَنْ عُمَرَ «فَجَعَلَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عُهْدَةً ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ» وَسُمِّيَ الرَّجُلُ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ حِبَّانَ بْنَ مُنْقِذٍ بِفَتْحِ الْمُهْمَلَةِ وَبِالْمُوَحَّدَةِ وَفِي الَّتِي قَبْلَهَا مُنْقِذًا وَالِدُهُ بِالْمُعْجَمَةِ وَبِهِ جَزَمَ الْبُخَارِيُّ فِي تَارِيخِهِ وَصَحَّحَهُ النَّوَوِيُّ فِي مُبْهَمَاتِهِ وَبِالْأَوَّلِ جَزَمَ الْبَيْهَقِيُّ وَالنَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ وَهُمَا صَحَابِيَّانِ أَنْصَارِيَّانِ، وَخِلَابَةُ بِكَسْرِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ: الْغَبْنُ وَالْخَدِيعَةُ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا اُشْتُهِرَ فِي الشَّرْعِ أَنَّ مَعْنَى لَا خِلَابَةَ اشْتِرَاطُ الْخِيَارِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فَإِنْ لَمْ يَعْلَمْهُ الْعَاقِدَانِ أَوْ أَحَدُهُمَا لَمْ يَثْبُتْ الْخِيَارُ وَاَلَّذِي فِي الْخَبَرِ
ـــــــــــــــــــــــــــــSقَبْلَ الرَّهْنِ كَمَوْتِهِ قَبْلَ الْإِشْهَادِ، أَوْ يُفَرَّقُ بِتَعَيُّنِ الْمَرْهُونِ بِخِلَافِ الشُّهُودِ فَإِنَّهُمْ وَإِنْ عُيِّنُوا لَا يَتَعَيَّنُونَ فِيهِ نَظَرٌ وَالْأَوَّلُ غَيْرُ بَعِيدٍ.
(قَوْلُهُ: أَوْ مَاتَ الْكَفِيلُ) يَنْبَغِي قَبْلَ الْكَفَالَةِ فَلَا أَثَرَ لِمَوْتِهِ بَعْدَهَا كَتَلَفِ الرَّهْنِ بَعْدَ الْقَبْضِ. (قَوْلُهُ: أَوْ أَعْتَقَهُ الْمُشْتَرِي) أَيْ: قَبْلَ الْقَبْضِ، أَمَّا بَعْدَهُ فَإِنْ كَانَ مُعْسِرًا لَمْ يَنْفُذْ، أَوْ مُوسِرًا فَقِيَاسُ مَا تَقَرَّرَ فِي الرَّهْنِ فِي غَيْرِ هَذِهِ الصُّورَةِ أَنَّهُ يَنْفُذُ وَيَغْرَمُ قِيمَتَهُ لِتَكُونَ رَهْنًا مَكَانَهُ لَكِنْ هَلْ يَتَخَيَّرُ هُنَا أَوْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ. (قَوْلُهُ: أَوْ تَلِفَ الرَّهْنُ) أَيْ: قَبْلَ الْقَبْضِ لِمَا يَأْتِي. (قَوْلُهُ: أَوْ دَبَّرَهُ) أَيْ: قَبْلَ الْقَبْضِ ح ج ش ع. (قَوْلُهُ: وَعَيْبٍ) أَيْ: قَبْلَ الْقَبْضِ. (قَوْلُهُ: لَا إنْ تَعَيَّبَ إلَخْ) عِبَارَةُ شَرْحِ الرَّوْضِ أَمَّا إذَا تَلِفَ، أَوْ تَعَيَّبَ بَعْدَ الْقَبْضِ فَلَا خِيَارَ لَهُ نَعَمْ إنْ اسْتَنَدَ إلَى سَبَبٍ سَابِقٍ كَرِدَّةٍ وَسَرِقَةٍ سَابِقَتَيْنِ فَلَهُ الْخِيَارُ. (قَوْلُهُ: وَقَدْ اطَّلَعَ إلَخْ) كَأَنَّ وَجْهَ هَذَا التَّقْيِيدِ الَّذِي تَرَكَهُ الْمُصَنِّفُ أَنَّ هَذِهِ الْحَالَةَ هِيَ الَّتِي يُتَوَهَّمُ فِيهَا ثُبُوتُ الْخِيَارِ حَتَّى يُحْوِجَ إلَى نَفْيِهِ فَلْيُتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: فَلَا يُخَيَّرُ إلَخْ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ نَعَمْ إنْ كَانَ الْهَلَاكُ يُوجِبُ الْقِيمَةَ فَأَخَذَهَا الْمُرْتَهِنُ رَهْنًا ثُمَّ عَلِمَ بِالْعَيْبِ فَلَهُ الْخِيَارُ كَمَا جَزَمَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ اهـ ثُمَّ قَالَ وَهَلَاكُ بَعْضِ الْمَرْهُونِ بَعْدَ قَبْضِهِ كَهَلَاكِ كُلِّهِ فَلَوْ ارْتَهَنَ عَبْدَيْنِ مَثَلًا وَقَبَضَ أَحَدَهُمَا وَتَلِفَ فِي يَدِهِ وَتَلِفَ الْآخَرُ فِي يَدِ الرَّاهِنِ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ فَلَا خِيَارَ لَهُ لِفَوَاتِ رَدِّ مَا تَلِفَ فِي يَدِهِ اهـ أَيْ: وَكَذَا لَوْ تَلِفَ الْآخَرُ فِي يَدِهِ هُوَ أَوْ بَقِيَ فِيهَا أَخْذًا مِنْ الْعِلَّةِ وَفِي الْعُبَابِ وَإِذَا أَسْقَطَ الرَّهْنَ، أَوْ الضَّمَانَ مُسْتَحِقُّهُمَا سَقَطَا أَيْ: كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الشَّيْخَيْنِ وَصَرَّحَ بِهِ غَيْرُهُمَا وَكَذَا لَوْ أَسْقَطَهُمَا الدَّائِنُ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا مُسْتَقِلٌّ فَجَازَ إفْرَادُ شَرْطِهِ بِالْإِسْقَاطِ وَبِهِ فَارَقَ إسْقَاطَ الْأَجَلِ؛ لِأَنَّهُ صِفَةٌ تَابِعَةٌ فَلَمْ يُمْكِنْ إسْقَاطُهُ مَعَ بَقَاءِ مَتْبُوعِهِ.
(قَوْلُهُ: وَالِدَهُ) بِالنَّصْبِ بَدَلٌ أَوْ بَيَانٌ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ يَعْلَمْهُ الْعَاقِدَانِ، أَوْ أَحَدُهُمَا لَمْ يَثْبُتْ الْخِيَارُ) كَذَا عَبَّرَ الشَّيْخَانِ وَهُوَ يُشْعِرُ بِصِحَّةِ الْبَيْعِ عِنْدَ جَهْلِ الْعَاقِدَيْنِ، أَوْ أَحَدِهِمَا بِمَعْنَاهَا لَكِنْ عَبَّرَ فِي الْعُبَابِ بِقَوْلِهِ فَإِنْ أَطْلَقَهَا الْمُتَبَايِعَانِ صَحَّ الْبَيْعُ وَخُيِّرَا ثَلَاثًا إنْ عَلِمَا مَعْنَاهَا وَإِلَّا بَطَلَ اهـ
ـــــــــــــــــــــــــــــQالدُّنْيَا فَإِنَّهُ مَأْخُوذٌ مِنْ الْأَدِلَّةِ فَالظَّنُّ فِيهِ أَقْوَى. اهـ. ع ش عَلَى م ر. (قَوْلُهُ: أَوْ أَعْتَقَهُ الْمُشْتَرِي) أَوْ عَلَّقَ عِتْقَهُ بِصِفَةٍ. اهـ. ق ل عَلَى الْجَلَالِ عَنْ الْإِسْنَوِيِّ وَيَرُدُّهُ مَا قَالَهُ الشَّارِحُ آخِرًا. (قَوْلُهُ: أَوْ امْتَنَعَ) أَيْ: أَوْ أَعْسَرَ. اهـ. سم وَفِي ق ل عَلَى الْجَلَالِ أَوْ ظَهَرَ أَنَّهُ مُعْسِرٌ اهـ وَاعْتُرِضَ بِأَنَّ تَعْلِيلَهُمْ بِأَنَّ الْمُشَاهَدَةَ تُؤَدِّي إلَى مَعْرِفَةِ حَالِ الشَّخْصِ صُعُوبَةً وَسُهُولَةً يَقْتَضِي عَدَمَ الْخِيَارِ سِيَّمَا مَعَ قَوْلِ بَعْضِهِمْ: إنَّهُ مُقَصِّرٌ بِتَرْكِ الْبَحْثِ عَنْهُ. (قَوْلُهُ: وَعَيْبٍ) أَيْ: وُجِدَ قَبْلَ الْقَبْضِ لَا بَعْدَهُ إلَّا أَنْ اسْتَنَدَ لِسَبَبٍ قَبْلَهُ كَقَتْلِهِ بِرِدَّةٍ سَابِقَةٍ أَوْ بِظُهُورِ عَيْبٍ قَدِيمٍ جَهِلَهُ الْبَائِعُ وَلَوْ بَعْدَ الْقَبْضِ كَأَنْ بَانَ جَانِيًا وَإِنْ تَابَ وَفَدَى لَهُ. اهـ. شَرْحُ الْإِرْشَادِ لِحَجَرٍ (قَوْلُهُ: بَعْدَ قَبْضِهِ إلَخْ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ لَوْ أُخِّرَ بَعْدَ قَبْضٍ عَنْهُمَا كَانَ أَوْلَى.
(قَوْلُهُ: مِنْ الْأَيَّامِ) أَيْ: فَلَا تُعْتَبَرُ اللَّيَالِيُ حَتَّى لَوْ كَانَتْ الْمُدَّةُ ثَلَاثَةً مِنْ الْأَيَّامِ وَلَيْلَتَيْنِ لَمْ تَصِحَّ الزِّيَادَةُ. اهـ. شَيْخُنَا وَتَدْخُلُ الثَّلَاثُ الْمَشْرُوطَةُ لِلضَّرُورَةِ نَعَمْ لَوْ شُرِطَ ثَلَاثَةٌ مِنْ طُلُوعِ الْفَجْرِ لَمْ تَدْخُلْ اللَّيْلَةُ التَّالِيَةُ لِلْيَوْمِ الثَّالِثِ بِخِلَافِ نَظِيرِهِ مِنْ مَسْحِ الْخُفِّ اهـ شَرْحُ م ر اهـ جَمَلٌ فَإِنْ وَقَعَ الِاشْتِرَاطُ فِي نِصْفِ اللَّيْلِ انْقَضَى بِغُرُوبِ شَمْسِ يَوْمِ تَالِيهِ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ اهـ مِنْهُ أَيْضًا وَكَتَبَ ق ل عَلَى قَوْلِ الْمَحَلِّيِّ وَتَدْخُلُ اللَّيَالِيُ لِلضَّرُورَةِ هُوَ حَيْثُ كَانَتْ اللَّيَالِيُ دَاخِلَةً فِي الْمُدَّةِ وَإِلَّا فَلَا فَلَوْ شُرِطَ وَقْتَ الْفَجْرِ الْخِيَارُ يَوْمًا لَمْ تَدْخُلْ اللَّيْلَةُ الَّتِي تَلِيهِ أَوْ يَوْمَيْنِ لَمْ تَدْخُلْ اللَّيْلَةُ الثَّانِيَةُ أَوْ ثَلَاثًا لَمْ تَدْخُلْ اللَّيْلَةُ الثَّالِثَةُ فَإِنْ شُرِطَ دُخُولُ وَاحِدَةٍ مِنْهَا بَطَلَ الْعَقْدُ وَفَارَقَ دُخُولَهَا فِي مَسْحِ الْخُفِّ بِالنَّصِّ عَلَيْهَا فِيهِ اهـ وَقَوْلُهُ بَطَلَ مُسَلَّمٌ فِي الصُّورَةِ الثَّالِثَةِ فَقَطْ. اهـ. شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ: «لَا خِلَابَةَ» ) فِي الْمِصْبَاحِ خَلَبَهُ يَخْلِبُهُ مِنْ بَابَيْ ضَرَبَ وَقَتَلَ خَدَعَهُ وَالِاسْمُ الْخِلَابَةُ بِالْكَسْرِ. اهـ. جَمَلٌ. (قَوْلُهُ: عُهْدَةً) أَيْ رَجْعَةٌ. (قَوْلُهُ: وَبِالْمُوَحَّدَةِ) أَيْ مَعَ الدَّالِ الْمُهْمَلَةِ اهـ.