وَالِانْتِفَاعِ فَهُوَ مُؤَكِّدٌ لِمُقْتَضَاهُ.
(لَا شَرْطُ إشْهَادٍ) فَإِنَّهُ لَا يُبْطِلُ الْعَقْدَ وَإِنْ لَمْ تَعْلَمْ الشُّهُودُ لِلْأَمْرِ بِهِ قَالَ تَعَالَى {وَأَشْهِدُوا إِذَا تَبَايَعْتُمْ} [البقرة: 282] وَلِأَنَّهُ مِنْ مَصْلَحَةِ الْعَقْدِ (وَحُكْمُ الْمُرْتَهَنْ) بِفَتْحِ الْهَاءِ بِمَعْنَى الرَّهْنِ كَمَا عَبَّرَ بِهِ الْحَاوِي (كَذَا) أَيْ يَبْطُلُ بِشَرْطٍ مَقْصُودٍ لَا يُوجِبُهُ عَقْدُ الرَّهْنِ كَشَرْطِ أَنْ يَنْتَفِعَ الْمُرْتَهِنُ بِالْمَرْهُونِ أَوْ لَا يَتَقَدَّمَ بِثَمَنِهِ عَلَى الْغُرَمَاءِ أَوْ لَا يُبَاعُ عِنْدَ الْحَاجَةِ وَإِنْ أُزِيلَ الشَّرْطُ لَا بِشَرْطِ الْإِشْهَادِ.
(وَ) لَا شَرْطُ (مَعْلُومِ كَفِيلٌ بِالثَّمَنْ وَ) مَعْلُومِ (أَجَلٍ وَرَهْنِ غَيْرِ الْمُشْتَرَى) بِفَتْحِ الرَّاءِ لِلْحَاجَةِ إلَى ذَلِكَ فِي مُعَامَلَةِ مَنْ لَا يَرْضَى إلَّا بِهِ وَقَالَ تَعَالَى {إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى} [البقرة: 282] أَيْ مُعَيَّنٍ {فَاكْتُبُوهُ} [البقرة: 282] وَقَالَ تَعَالَى {فَرِهَانٌ مَقْبُوضَةٌ} [البقرة: 283] وَخَرَجَ بِمَعْلُومِ الثَّلَاثَةُ مَجْهُولُهَا وَفَرَّقُوا بَيْنَهَا وَبَيْنَ الشُّهُودِ بِتَفَاوُتِ الْأَغْرَاضِ فِيهَا بِخِلَافِهِمْ إذْ الْحَقُّ يَثْبُتُ بِأَيِّ شُهُودٍ كَانُوا وَلَمْ يُبَالُوا بِكَوْنِ بَعْضِ الشُّهُودِ قَدْ يَكُونُ أَوْجَهَ وَقَوْلُهُ: أَسْرَعُ قَبُولًا وَالْعِلْمُ فِي الرَّهْنِ بِمُشَاهَدَةِ الْمَرْهُونِ أَوْ وَصْفِهِ بِصِفَاتِ السَّلَمِ وَفِي الْكَفِيلِ بِمُشَاهَدَتِهِ أَوْ بِذِكْرِ اسْمِهِ وَنَسَبِهِ وَلَا يَكْفِي وَصْفُهُ كَمُوسِرٍ ثِقَةٍ قَالَ الرَّافِعِيُّ وَتَبِعَهُ فِي الرَّوْضَةِ: وَلَوْ قِيلَ الِاكْتِفَاءُ بِالْوَصْفِ أَوْلَى مِنْ الِاكْتِفَاءِ بِمُشَاهَدَةِ مَنْ لَا يُعْرَفُ حَالُهُ لَمْ يَكُنْ بَعِيدًا وَيُعْتَبَرُ كَوْنُ الثَّمَنِ فِي الذِّمَّةِ كَمَا فِي الْمِنْهَاجِ وَغَيْرِهِ لِيَخْرُجَ الْمُعَيَّنُ كَأَنْ قَالَ بِعْتُك بِهَذِهِ الدَّرَاهِمِ عَلَى أَنْ يَكْفُلَك بِهَا فُلَانٌ أَوْ تُسَلِّمَهَا لِي وَقْتَ كَذَا أَوْ تَرْهَنَ بِهَا كَذَا فَإِنَّ الْعَقْدَ بَاطِلٌ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهَا رِفْقٌ شُرِعَ لِتَحْصِيلِ الْحَقِّ، وَالْمُعَيَّنُ حَاصِلٌ وَكَالثَّمَنِ فِي ذَلِكَ الْمُثَمَّنُ بِخِلَافِ غَيْرِهِمَا كَأَنْ شَرَطَ كَفِيلًا بِدَيْنٍ آخَرَ فَيَبْطُلُ؛ لِأَنَّهُ شَرْطٌ مَقْصُودٌ لَا يُوجِبُهُ الْعَقْدُ وَلَيْسَ مِنْ مَصَالِحِهِ فَعُلِمَ أَنَّهُ لَا يَتَقَيَّدُ الْحُكْمُ بِالثَّمَنِ، وَلَوْ سَلِمَ تَقْيِيدُهُ بِهِ فَلَا يَخْتَصُّ بِالْكَفِيلِ وَلِهَذَا أَخَّرَهُ الْحَاوِي عَنْ الثَّلَاثَةِ وَخَرَجَ بِغَيْرِ الْمُشْتَرِي رَهْنُ الْمُشْتَرَى أَيْ الْمَبِيعِ فَلَا يَصِحُّ، فَلَوْ شَرَطَ رَهْنَهُ بِالثَّمَنِ بَطَلَ الْبَيْعُ لِاشْتِمَالِهِ عَلَى شَرْطِ رَهْنِ مَا لَمْ يَمْلِكْهُ بَعْدُ وَلِأَنَّ مُقْتَضَى الْعَقْدِ تَمَكُّنُ الْمُشْتَرِي مِنْ التَّصَرُّفِ وَهُوَ مُنَافٍ لَهُ سَوَاءٌ شَرَطَ أَنْ يُرْهِنَهُ إيَّاهُ بَعْدَ قَبْضِهِ أَمْ قَبْلَهُ فَإِنْ رَهَنَهُ بَعْدَ قَبْضِهِ بِلَا شَرْطٍ صَحَّ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا سَيَأْتِي وَكَلَامُهُ كَغَيْرِهِ يَقْتَضِي صِحَّةَ التَّأْجِيلِ بِأَلْفِ سَنَةٍ وَنَحْوِهَا لَكِنْ نَقَلَ الرَّافِعِيُّ عَنْ الرُّويَانِيِّ أَنَّ تَأْجِيلَ الثَّمَنِ بِأَلْفِ سَنَةٍ لَا يَصِحُّ وَوَافَقَهُ النَّوَوِيُّ وَجَعَلَ الْمَعْنَى فِيهِ كَوْنَ هَذِهِ الْمُدَّةِ مِمَّا يَبْعُدُ بَقَاءُ الدُّنْيَا إلَيْهَا وَفِي الْكِفَايَةِ لِابْنِ الرِّفْعَةِ فِي بَابِ الْإِجَارَةِ عَنْ بَعْضِهِمْ أَنَّهُ حُكِيَ عَنْ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ أَنَّ أَكْثَرَ مَا يُؤَجَّلُ بِهِ الثَّمَنُ خَمْسُمِائَةِ سَنَةٍ.
(وَبِتَعَذُّرٍ) لِمَا يُمْكِنُ تَعَذُّرُهُ مِنْ الْمَذْكُورَاتِ وَهُوَ الْإِشْهَادُ وَالْكَفِيلُ وَالرَّهْنُ كَأَنْ مَاتَ الْمُشْتَرِي
ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: وَقَالَ تَعَالَى) {فَرِهَانٌ مَقْبُوضَةٌ} [البقرة: 283] قَدْ يُقَالُ لَا دَلَالَةَ فِيهِ إلَّا مُجَرَّدُ جَوَازِ الرَّهْنِ وَالْإِقْبَاضِ لَا عَلَى جَوَازِ شَرْطِهِ فِي الْعَقْدِ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ الْأَوَّلِ الثَّانِي اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّهُ دَلَّ عَلَى جَوَازِ الرَّهْنِ وَهُوَ أَعَمُّ مِنْ الْمَشْرُوطِ فَيَدُلُّ عَلَى جَوَازِ الشَّرْطِ.
(قَوْلُهُ: أَوْ يَذْكُرُ اسْمَهُ وَنَسَبَهُ) يَنْبَغِي عِنْدَ الْعِلْمِ بِهِ لَا مُطْلَقًا وَإِلَّا كَانَ مَجْهُولًا. (قَوْلُهُ: لَا يَتَقَيَّدُ الْحُكْمُ) أَيْ: جَوَازُ الشَّرْطِ وَقَوْلُهُ: بِالثَّمَنِ، بَلْ يَجْرِي أَيْضًا فِي الْمُثَمَّنِ. (قَوْلُهُ: فَلَا يَخْتَصُّ إلَخْ) فَكَيْفَ خَصَّصَهُ الْمُصَنِّفُ بِالْكَفِيلِ؟ (قَوْلُهُ: بِالْكَفِيلِ) بَلْ يَتَجَاوَزُهُ إلَى الْأَجَلِ وَالرَّهْنِ. (قَوْلُهُ: وَلِهَذَا أَخَّرَهُ) أَيْ: الثَّمَنَ. (قَوْلُهُ: أَيْ: الْمَبِيعِ) لَك أَنْ تَقُولَ الثَّمَنُ كَالْمَبِيعِ فِي ذَلِكَ بِأَنْ يَكُونَ مُعَيَّنًا وَالْبَيْعُ فِي الذِّمَّةِ فَيُشْتَرَطُ رَهْنُ الثَّمَنِ عَلَى الْمَبِيعِ فَهَلَّا حَمَلَ الْمُشْتَرَى عَلَى مَا يَشْمَلُ الثَّمَنَ. (قَوْلُهُ: لَكِنْ نَقَلَ الرَّافِعِيُّ إلَخْ) اعْتَمَدَهُ م ر. (قَوْلُهُ: بِأَلْفِ سَنَةٍ لَا يَصِحُّ إلَخْ) وَاسْتُشْكِلَ مَنْعُ التَّأْجِيلِ بِهَذِهِ الْمُدَّةِ بِأَنَّا نَعْلَمُ أَنَّ الْأَجَلَ يَسْقُطُ قَبْلَهَا بِمَوْتِ الْمَدِينِ وَيَنْتَقِلُ الْحَقُّ لِصَاحِبِهِ أَيْ: فَلَا يُؤَثِّرُ التَّأْجِيلُ بِهَا وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْمُرَادَ أَنَّ التَّأْجِيلَ بِهَا فَاسِدٌ لِاسْتِحَالَتِهِ لِعِلْمِنَا بِسُقُوطِ الْأَجَلِ قَبْلَ تَمَامِهِ مَعَ مَا فِيهِ مِنْ الْغَرَرِ.
(قَوْلُهُ: وَبِتَعَذُّرٍ لِمَا يُمْكِنُ) احْتِرَازٌ عَنْ الْأَجَلِ إذْ لَا يُتَصَوَّرُ تَعَذُّرُهُ. (قَوْلُهُ: كَأَنْ مَاتَ الْمُشْتَرِي قَبْلَ أَنْ يُشْهِدَ) تَصْرِيحٌ بِأَنَّ وَارِثَ الْمُشْتَرِي لَا يَقُومُ مَقَامَهُ وَأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ الْبَائِعَ قَبُولُ إشْهَادِ الْوَارِثِ، بَلْ لَهُ الْفَسْخُ مَعَ بَذْلِ الْوَارِثِ الْإِشْهَادَ وَيَأْتِي أَنَّهُ لَا خِيَارَ لَهُ بِمَوْتِ الْمُشْتَرِي قَبْلَ إعْتَاقِ الْمَبِيعِ الْمَشْرُوطِ إعْتَاقُهُ وَيُمْكِنُ الْفَرْقُ بِتَشَوُّفِ الشَّارِعِ إلَى الْعِتْقِ وَهَلْ مَوْتُ الْمُشْتَرِي
ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: لَا شَرْطُ إشْهَادٍ) مِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ الشَّرْطَ فِي صُلْبِ الْعَقْدِ فَيَكُونُ الْمُرَادُ شَرْطَ الْإِشْهَادِ عَلَى الْإِقْرَارِ بِالْعَقْدِ بَعْدَ جَرَيَانِهِ إذْ لَا يُمْكِنُ أَنْ يُشْرَطَ فِي الْعَقْدِ الْإِشْهَادُ عَلَى صُدُورِهِ، وَعِبَارَةُ ق ل عَلَى الْمَحَلِّيِّ قَوْلُهُ: وَبِشَرْطِ الْإِشْهَادِ أَيْ: عَلَى جَرَيَانِهِ الْعَقْدَ وَهِيَ تُفِيدُ مَا ذُكِرَ اهـ جَمَلٌ.
(قَوْلُهُ: وَبَيْنَ الشُّهُودِ) حَتَّى لَوْ عُيِّنُوا لَمْ يَتَعَيَّنُوا وَجَازَ إبْدَالُهُمْ وَلَوْ حَالَ شَهَادَتِهِمْ ق ل. (قَوْلُهُ: وَفِي الْكَفِيلِ بِمُشَاهَدَتِهِ) لِأَدَائِهَا غَالِبًا لِمَعْرِفَةِ حَالِ الشَّخْصِ صُعُوبَةً وَسُهُولَةً وَبِهَذَا فَارَقَ عَدَمَ الِاكْتِفَاءِ بِمُشَاهَدَةِ الْقُرْآنِ فِي الصَّدَاقِ فِيمَا إذَا أَصْدَقَهَا تَعْلِيمَ آيَاتٍ مِنْ الْقُرْآنِ حَيْثُ قَالَ الرَّافِعِيُّ: لَا بُدَّ مِنْ عِلْمِهَا فَإِنْ أَرَاهَا مِقْدَارًا مِنْ الْمُصْحَفِ فَقَالَ مِنْ هُنَا إلَى هُنَا فَقَالَ أَبُو الْفَرَجِ الرَّازِيّ يَكْفِي ذَلِكَ وَلَك أَنْ تَقُولَ: لَا يَكْفِي إذَا لَمْ تَعْرِفْ صُعُوبَتَهُ وَلَا سُهُولَتَهُ زَادَ النَّوَوِيُّ فِي الرَّوْضَةِ فَقَالَ الصَّوَابُ أَنَّهُ لَا يَكْفِي اهـ ق ل وَنَاشِرِيٌّ (قَوْلُهُ: وَلَا يَكْفِي وَصْفُهُ إلَخْ) إذْ الْأَحْرَارُ لَا تَلْزَمُ فِي الذِّمَّةِ لِانْتِفَاءِ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِمْ بِخِلَافِ الْمَرْهُونِ فَإِنَّهُ يَثْبُتُ فِي الذِّمَّةِ وَهَذَا جَرَى عَلَى الْغَالِبِ وَإِلَّا فَقَدْ يَكُونُ الضَّامِنُ رَقِيقًا مَعَ صِحَّةِ الْتِزَامِهِ فِي الذِّمَّةِ وَصِحَّةِ ضَمَانِهِ بِإِذْنِ سَيِّدِهِ وَأَيْضًا فَكَمْ مِنْ مُوسِرٍ يَكُونُ مُمَاطِلًا فَالنَّاسُ مُخْتَلِفُونَ فِي الْإِيفَاءِ وَإِنْ اتَّفَقُوا يَسَارًا وَعَدَالَةً فَانْدَفَعَ بَحْثُ الرَّافِعِيِّ الْمَذْكُورُ. اهـ. شَرْحُ م ر عَلَى الْمِنْهَاجِ. (قَوْلُهُ: فَإِنَّ الْعَقْدَ بَاطِلٌ) وَهَذَا فِي غَيْرِ ضَمَانِ الدَّرْكِ فَإِنَّهُ يَصِحُّ مَعَهُ الْعَقْدُ. اهـ. ق ل عَلَى الْجَلَالِ. (قَوْلُهُ: وَكَالثَّمَنِ فِي ذَلِكَ) أَيْ: فِي شَرْطِ الْكَفِيلِ وَالرَّهْنِ وَالْأَجَلِ وَقَوْلُهُ: الْمُثَمَّنُ أَيْ: فِي الذِّمَّةِ وَلَا يُقَالُ إنَّهُ سَلَمٌ وَسَيَأْتِي؛ لِأَنَّ الْمُعْتَمَدَ انْعِقَادُ بَيْعِ مَا بِيعَ فِي الذِّمَّةِ بِلَفْظِ الْبَيْعِ بَيْعًا لَا سَلَمًا. اهـ. قُوَيْسَنِيٌّ. اهـ. مَرْصِفِيٌّ. (قَوْلُهُ: بَعْدَ) أَيْ: بَعْدَمَا مَضَى وَهُوَ الْآنَ. اهـ. شِهَابٌ. (قَوْلُهُ: خَمْسَمِائَةِ سَنَةٍ) وَإِنْ تُيُقِّنَ سُقُوطُهُ بِمَوْتِ الْمُشْتَرِي إذْ هُوَ ظَنٌّ نَاشِئٌ مِنْ الْعَادَةِ وَهِيَ غَيْرُ قَطْعِيَّةٍ بِخِلَافِ عَدَمِ بَقَاءِ.