(إذَا الْخَلْطُ انْتَفَى فِي أَحَدِ النَّوْعَيْنِ بِالْآخَرِ) بِأَنْ تَمَيَّزَ أَحَدُهُمَا عَنْ الْآخَرِ مَا إذَا وُجِدَ الْخَلْطُ كَمَا لَوْ بَاعَ صَاعَ حِنْطَةٍ بَيْضَاءَ بِمِثْلِهِ وَفِيهِمَا أَوْ فِي أَحَدِهِمَا حِنْطَةٌ سَمْرَاءُ أَوْ بَاعَ صَاعَ حِنْطَةٍ مَخْلُوطَةٍ مِنْ جَيِّدٍ وَرَدِيءٍ بِمِثْلِهِ أَوْ بِجَيِّدٍ أَوْ بِرَدِيءٍ فَيَصِحُّ؛ لِأَنَّ التَّوْزِيعَ إنَّمَا يَكُونُ عِنْدَ تَمْيِيزِ أَحَدِ النَّوْعَيْنِ عَنْ الْآخَرِ وَمَحَلُّ ذَلِكَ إذَا قَلَّتْ حَبَّاتُ الْآخَرِ بِحَيْثُ لَوْ مُيِّزَ لَمْ يَظْهَرْ فِي الْمِكْيَالِ وَمِثْلُهُ خَلْطُ أَحَدِ الْجِنْسَيْنِ بِالْآخَرِ وَإِنْ اقْتَضَتْ عِبَارَةُ النَّظْمِ وَأَصْلِهِ خِلَافَهُ فَفِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا لَوْ بَاعَ صَاعَ حِنْطَةٍ بِمِثْلِهِ وَفِيهِمَا أَوْ فِي أَحَدِهِمَا زَوَانٍ، أَوْ عُقَدُ تِبْنٍ، أَوْ مَدَرٌ، أَوْ حَبَّاتُ شَعِيرٍ لَمْ يَجُزْ.
وَضَبَطَ الْإِمَامُ الْمَنْعَ بِأَنْ يَكُونَ قَدْرًا لَوْ مُيِّزَ لَظَهَرَ فِي الْمِكْيَالِ فَإِنْ لَمْ يَظْهَرْ لَمْ يَضُرَّ، وَكَذَا لَوْ كَانَ فِيهِمَا أَوْ فِي أَحَدِهِمَا دِقَاقُ تِبْنٍ أَوْ قَلِيلُ تُرَابٍ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ لَا يَظْهَرُ فِي الْمِكْيَالِ بِخِلَافِ مَا لَوْ بَاعَ مَوْزُونًا بِجِنْسِهِ وَفِيهِمَا أَوْ فِي أَحَدِهِمَا قَلِيلُ تُرَابٍ لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّهُ يُؤَثِّرُ فِي الْوَزْنِ وَلَوْ بَاعَ حِنْطَةً بِشَعِيرٍ وَفِيهِمَا
ـــــــــــــــــــــــــــــSأَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ حَجَرٌ. (قَوْلُهُ: إذَا الْخَلْطُ إلَخْ) تَقْيِيدٌ لِلنَّوْعِ. (قَوْلُهُ: وَمَحَلُّ ذَلِكَ إلَخْ) الْمُعْتَمَدُ كَمَا قَالَ شَيْخُنَا الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ وَغَيْرُهُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ تَقِلَّ حَبَّاتُ الْآخَرِ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ وَأَنْ لَا تَقِلَّ كَذَلِكَ وَلِهَذَا عَلَّلَ الرَّافِعِيُّ الصِّحَّةَ بِأَنَّ الْعِلَّةَ فِي الْبُطْلَانِ هِيَ التَّوْزِيعُ وَلَا تَوْزِيعَ عِنْدَ الِاخْتِلَاطِ نَعَمْ هَذَا التَّقْيِيدُ مُسَلَّمٌ فِي الْجِنْسِ وَهُوَ مَنْقُولُ الْأَصْحَابِ فِيهِ وَالْفَرْقُ وَاضِحٌ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. (قَوْلُهُ: بِأَنْ يَكُونَ قَدْرًا لَوْ مُيِّزَ لَظَهَرَ إلَخْ) لَيْسَ الْمُرَادُ مِنْ هَذَا أَنْ يُنْظَرَ إلَى مَا يَحْوِيهِ كُلُّ صَاعٍ مَثَلًا فَيُعْتَبَرُ ظُهُورُهُ وَعَدَمُهُ فَإِنَّ ذَلِكَ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ مَا يَحْوِيهِ الْمِكْيَالُ فَتَارَةً قَدْ يَحْتَوِي عَلَى كَثِيرٍ مِنْ الْخَلِيطِ وَتَارَةً عَلَى الْقَلِيلِ، بَلْ الْمُرَادُ النَّظَرُ إلَى مِقْدَارِ الْخَلِيطِ الَّذِي خُلِطَ عَلَيْهِ الْمَبِيعُ لَوْ مُيِّزَ جَمِيعُهُ هَلْ يَظْهَرُ فِي الْمِكْيَالِ نَقْصٌ لَوْ كِيلَ الْخَالِصُ عَلَى انْفِرَادِهِ أَمْ لَا؟ قَالَ السُّبْكِيُّ وَلَوْ كَانَ النُّقْصَانُ لَا يَتَبَيَّنُ فِي الْمِقْدَارِ الْيَسِيرِ وَيَتَبَيَّنُ فِي الْكَثِيرِ قَالَ الْإِمَامُ فَالْمُمْتَنِعُ النُّقْصَانُ فَإِنْ كَانَ مَا اشْتَمَلَ عَلَيْهِ الْعَقْدُ بِحَيْثُ لَوْ مُيِّزَ التُّرَابُ مِنْهُ لَمْ يَبْنِ النَّقْصُ صَحَّ وَإِنْ كَانَ لَوْ جُمِعَ لَمَلَأَ صَاعًا، أَوْ آصُعًا فَالْبَيْعُ بَاطِلٌ. اهـ. بِرّ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّ ذَلِكَ لَا يَظْهَرُ فِي الْمِكْيَالِ) لَوْ كَانَ يَظْهَرُ فِيهِ لَكِنْ لَا قِيمَةَ لَهُ وَكَانَ الْخَالِصُ مِنْهُ مَعْلُوم الْمُمَاثَلَةِ فَيَنْبَغِي الصِّحَّةُ.
ـــــــــــــــــــــــــــــQفِي الْجِنْسِ وَالنَّوْعِ وَالصِّفَةِ فَهَذِهِ سَبْعٌ وَعِشْرُونَ.
(قَوْلُهُ: إذَا تَفَاوَتَا فِي الْقِيمَةِ) قَيْدٌ فِي اخْتِلَافِ الصِّفَةِ فَقَطْ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ مِنْ صَنِيعِهِ، أَمَّا اخْتِلَافُ الْجِنْسِ وَالنَّوْعِ فَالْعَقْدُ بَاطِلٌ فِيهِمَا مُطْلَقًا؛ لِأَنَّهُمَا مَظِنَّةُ الِاخْتِلَافِ. اهـ. ق ل عَلَى الْجَلَالِ. (قَوْلُهُ: أَيْضًا إذَا تَفَاوَتَا فِي الْقِيمَةِ) قَالَ الطَّبَلَاوِيُّ لَمْ يَنْظُرُوا إلَى الْقِيمَةِ فِي بَابِ الرِّبَا وَإِنَّمَا نَظَرُوا إلَى مِعْيَارِ الشَّرْعِ حَتَّى يَصِحَّ بَيْعُ الرِّبَوِيِّ بِجِنْسِهِ الْجَيِّدِ مَعَ الْمُمَاثَلَةِ إلَّا فِي قَاعِدَةِ مُدِّ عَجْوَةٍ وَدِرْهَمٍ فَإِنَّهُمْ نَظَرُوا إلَى الْقِيمَةِ عِنْدَ اخْتِلَافِ الصِّفَةِ لِيَتَأَتَّى التَّوْزِيعُ اهـ جَمَلٌ. (قَوْلُهُ: إذَا تَفَاوَتَا فِي الْقِيمَةِ) أَيْ بِالتَّقْوِيمِ فَإِنْ تَسَاوَيَا فِيهَا بِالتَّقْوِيمِ صَحَّ وَاعْتَبَرَ ق ل التَّفَاوُتَ وَالتَّسَاوِيَ بِالْوَاقِعِ وَهُوَ مُخَالِفٌ لِحَوَاشِي الْمَنْهَجِ (قَوْلُهُ: إذَا تَفَاوَتَا فِي الْقِيمَةِ) بِخِلَافِ مَا إذَا تَسَاوَيَا؛ لِأَنَّ التَّقْوِيمَ وَإِنْ كَانَ تَخْمِينًا إلَّا أَنَّ الدَّرَاهِمَ وَالدَّنَانِيرَ قِيَمُ الْأَشْيَاءِ فَهِيَ أَضْبَطُ مِنْ غَيْرِهَا. اهـ. سم عَلَى التُّحْفَةِ. (قَوْلُهُ: بِأَنْ تَمَيَّزَ أَحَدُهُمَا إلَخْ) مَعْنَى التَّمْيِيزِ أَنْ يَتَبَيَّنَ ذَلِكَ لِلنَّاظِرِ إلَيْهِ مِنْ غَيْرِ تَأَمُّلٍ، وَالْفَرْقُ أَنَّهُ عِنْدَ التَّمَيُّزِ كُلُّ نَوْعٍ مَقْصُودٌ فِي ذَاتِهِ وَعِنْدَ الِاخْتِلَاطِ الْمَقْصُودُ الْجُمْلَةُ دُونَ كُلِّ نَوْعٍ. اهـ. شَرْحُ الْمُسْنَدِ.
(قَوْلُهُ: وَمَحَلُّ ذَلِكَ إلَخْ) عِبَارَةُ ق ل عَلَى الْجَلَالِ نَعَمْ يُغْتَفَرُ فِي الْجِنْسِ الْحَبَّاتُ الْيَسِيرَةُ مِنْ جِنْسٍ آخَرَ يَحْنَثُ لَا يَظْهَرُ فِي الْمِكْيَالِ وَفِي النَّوْعِ وَإِنْ كَثُرَتْ مَا لَمْ يَتَسَاوَ مِقْدَارُ النَّوْعَيْنِ وَإِلَّا كَبَيْعِ صَاعَيْنِ مَعْقِلِيٍّ وَصَيْحَانِيٍّ مُخْتَلِطَيْنِ بِصَاعَيْنِ مَعْقِلِيٍّ وَصَيْحَانِيٍّ فَلَا يَصِحُّ خِلَافًا لِمَا قَالَهُ الرَّافِعِيُّ وَغَيْرُهُ كَذَا قَالَهُ شَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ وَاعْتَمَدَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ الصِّحَّةَ تَبَعًا لِمَنْ ذَكَرَ وَفِيهِ نَظَرٌ ظَاهِرٌ. اهـ. ق ل عَلَى الْجَلَالِ وَقَوْلُهُ: الصِّحَّةُ أَيْ: فِي اخْتِلَاطِ النَّوْعَيْنِ وَإِنْ اخْتَلَفَتْ الصِّفَةُ أَيْضًا اهـ وَحَاصِلُ الْمُعْتَمَدِ أَنَّهُ إنْ لَمْ تَكُنْ الصِّفَةُ مُخَالِفَةً فِي الْقِيمَةِ فَلَا فَسَادَ إذْ بِاسْتِوَاءِ الْقِيمَةِ مَعَ اتِّحَادِ الْجِنْسِ وَالنَّوْعِ تَنْتَفِي الْجَهَالَةُ، وَكَذَا الْإِفْسَادُ فِي الْمُخْتَلِطِ إنْ اتَّحَدَ الْجِنْسُ أَوْ قَلَّ الْخَلِيطُ بِحَيْثُ لَا يَظْهَرُ فِي الْمِيزَانِ لِانْتِفَاءِ الْجَهَالَةِ فِي الْأَوَّلِ وَاغْتِفَارِهَا فِي الثَّانِي لِمَشَقَّةِ الِاحْتِرَازِ هَذَا مَا عَلَيْهِ الْجُمْهُورُ وَقَوْلُهُ: بِحَيْثُ إلَخْ مُخَالِفٌ لِمَا عَلَيْهِ م ر لَكِنَّهُ مُوَافِقٌ لمر الْكَبِيرِ كَمَا فِي الْحَاشِيَةِ. (قَوْلُهُ: وَمِثْلُهُ إلَخْ) أَيْ فِي التَّقْيِيدِ بِعَدَمِ الْخَلْطِ إلَّا فِي ضَابِطِهِ لِمَا سَيَأْتِي.
(قَوْلُهُ: مَا لَوْ بَاعَ مَوْزُونًا بِجِنْسِهِ) فِي التُّحْفَةِ يَبْطُلُ بِبَيْعِ دِينَارٍ مَثَلًا فِيهِ ذَهَبٌ وَفِضَّةٌ بِمِثْلِهِ أَوْ بِأَحَدِهِمَا وَلَوْ خَالِصًا وَإِنْ قَلَّ الْخَلِيطُ؛ لِأَنَّهُ يُؤَثِّرُ فِي الْوَزْنِ مُطْلَقًا فَإِنْ فُرِضَ عَدَمُ تَأْثِيرِهِ فِيهِ وَلَمْ يَظْهَرْ بِهِ تَفَاوُتٌ فِي الْقِيمَةِ صَحَّ اهـ وَفِيهِ أَنَّ هَذَا مِنْ خَلْطِ أَحَدِ الْجِنْسَيْنِ بِالْآخَرِ وَشَرْطُ صِحَّتِهِ أَنْ لَا يُقْصَدَ إخْرَاجَهُ لِلِاسْتِعْمَالِ إلَّا أَنْ يُخَصَّ هَذَا بِغَيْرِ النَّقْدِ كَتَمْثِيلِ الشَّارِحِ بِقَوْلِهِ وَلَوْ بَاعَ حِنْطَةً بِشَعِيرٍ إلَخْ، وَيُوَجَّهُ بِأَنَّ التَّحْلِيلَ مِنْ النَّقْدِ مَقْصُودٌ إنْ أَثَّرَ فِي الْوَزْنِ وَفِيهِ أَيْضًا أَنَّ الْجِنْسَ لَا نَظَرَ فِيهِ لِلتَّفَاوُتِ فِي الْقِيمَةِ إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّ النَّظَرَ لَهَا هُنَا لِأَجْلِ أَنْ يَكُونَ مَقْصُودًا إلَّا لِمَا مَرَّ مِنْ أَنْ يَكُونَ مُتَمَاثِلًا أَوْ لَا فَلْيُتَأَمَّلْ فَإِنَّهُ رُبَّمَا أَفَادَ ذَلِكَ قَوْلُ شَارِحِ الْمُسْنَدِ وَأَمَّا التَّمَوُّلُ فَلِأَنَّهُ مُفْرَدًا غَيْرُ مَقْصُودٍ اهـ فَإِنَّ ذَلِكَ مُنْتَفٍ فِي النَّقْدَيْنِ. اهـ. ثُمَّ رَأَيْت شَيْخَنَا الْعَلَّامَةَ الذَّهَبِيَّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - نَقَلَ عَنْ ابْنِ النَّقِيبِ فِي السِّرَاجِ عَلَى نُكَتِ الْبَهْجَةِ وَالْمِنْهَاجِ أَنَّهُ مَتَى لَمْ يَظْهَرْ فِي الْمِيزَانِ صَحَّ الْبَيْعُ اتِّفَاقًا وَمِثْلُهُ فِي حَاشِيَةِ الشِّهَابِ عَمِيرَةَ عَلَى الْمَحَلِّيِّ قَالَ ع ش فَلَمْ يُفَصِّلْ فِي الْقَلِيلِ الَّذِي لَا يُؤَثِّرُ فِي الْوَزْنِ بَيْنَ مَا لَهُ قِيمَةٌ وَمَا لَا قِيمَةَ لَهُ.
(قَوْلُهُ: وَلَوْ بَاعَ حِنْطَةً بِشَعِيرٍ إلَخْ) يُعْلَمُ مِنْ هَذَا مَعَ قَوْلِهِ سَابِقًا لَوْ