مِنْ ذَلِكَ (فَرُخْصَةٌ) مِنْ النَّهْيِ عَنْ بَيْعِ الرُّطَبِ بِالتَّمْرِ لِأَنَّهُ «- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَهَى عَنْ بَيْعِ الثَّمَرِ بِالتَّمْرِ وَرَخَّصَ فِي الْعَرَايَا أَنْ تُبَاعَ بِخَرْصِهَا يَأْكُلُهَا أَهْلُهَا رُطَبًا» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ وَرَوَيَا أَيْضًا أَنَّهُ «أَرْخَصَ فِي بَيْعِ الْعَرَايَا بِخَرْصِهَا فِيمَا دُونَ خَمْسَةِ أَوْسُقٍ أَوْ فِي خَمْسَةِ أَوْسُقٍ» ، شَكَّ دَاوُد بْنُ الْحُصَيْنِ أَحَدُ رُوَاتِهِ فَأَخَذَ الشَّافِعِيُّ بِالْأَقَلِّ وَقِيسَ بِالتَّمْرِ الْعِنَبُ بِجَامِعِ أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا زَكَوِيٌّ يُمْكِنُ خَرْصُهُ وَيُدَّخَرُ يَابِسُهُ، وَمِثْلُهُمَا الْبُسْرُ كَمَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ بِخِلَافِ سَائِرِ الثِّمَارِ كَالْجَوْزِ وَاللَّوْزِ؛ لِأَنَّهَا مُتَفَرِّقَةٌ مَسْتُورَةٌ بِالْأَوْرَاقِ فَلَا يُمْكِنُ خَرْصُهَا (لَا) فِي (الزَّائِدِ) عَلَى مَا دُونَ النِّصَابِ (فِي صَفْقَةٍ) وَاحِدَةٍ فَلَا يُرَخَّصُ فِيهِ فَيَبْطُلُ الْبَيْعُ فِي الْكُلِّ لِلْخَبَرِ السَّابِقِ بِخِلَافِ الزَّائِدِ فِي صَفْقَتَيْنِ فَأَكْثَرَ سَوَاءٌ تَعَدَّدَتْ الصَّفْقَةُ بِتَعَدُّدِ الْعَاقِدِ أَمْ بِتَعَدُّدِ الْعَقْدِ وَلَا يَضُرُّ زِيَادَتُهُ عَلَى ذَلِكَ رَطَبًا إذَا كَانَ دُونَهُ يَابِسًا كَمَا أَفْهَمَهُ قَوْلُهُ فِي يَابِسٍ وَمَا تَقَرَّرَ ثَابِتٌ (لِمُعْدِمٍ) مِنْ أَعْدَمَ الرَّجُلُ أَيْ افْتَقَرَ أَيْ لِفَقِيرٍ (وَوَاجِدِ) أَيْ غَنِيٍّ لِإِطْلَاقِ الْأَخْبَارِ فِيهِ وَمَا رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ وَالْبَيْهَقِيُّ عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ: «أَنَّ رِجَالًا مُحْتَاجِينَ مِنْ الْأَنْصَارِ شَكَوْا إلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّ الرُّطَبَ يَأْتِي وَلَا نَقْدَ بِأَيْدِيهِمْ يَبْتَاعُونَ بِهِ رُطَبًا يَأْكُلُونَهُ مَعَ النَّاسِ وَعِنْدَهُمْ فَضْلُ قُوتِهِمْ مِنْ التَّمْرِ فَرَخَّصَ لَهُمْ أَنْ يَبْتَاعُوا الْعَرَايَا بِخَرْصِهَا مِنْ التَّمْرِ» أُجِيبَ عَنْهُ بِأَنَّ هَذَا حِكْمَةُ الْمَشْرُوعِيَّةِ، ثُمَّ قَدْ يَعُمُّ الْحُكْمُ كَمَا فِي الرَّمَلِ وَالِاضْطِبَاعِ فِي الطَّوَافِ وَسَكَتَ عَنْ اشْتِرَاطِ التَّقَابُضِ وَالتَّمَاثُلِ لِلْعِلْمِ بِهِ مِمَّا مَرَّ، فَإِنْ تَلِفَ الرُّطَبُ بِأَكْلٍ أَوْ غَيْرِهِ فَذَاكَ وَإِنْ يَبِسَ وَظَهَرَ تَفَاوُتٌ بَيْنَهُ وَبَيْنَ التَّمْرِ فَإِنْ كَانَ قَدْرَ مَا يَقَعُ بَيْنَ الْكَيْلَيْنِ لَمْ يَضُرَّ وَإِلَّا فَالْبَيْعُ بَاطِلٌ وَقَبْضُ مَا عَلَى الشَّجَرِ بِالتَّخْلِيَةِ وَمَا عَلَى الْأَرْضِ بِالْكَيْلِ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا سَيَأْتِي وَقَوْلُهُ: لِمُعْدَمٍ وَوَاجِدٍ مِنْ زِيَادَتِهِ، وَعُلِمَ مِمَّا تَقَرَّرَ أَنَّهُ يَمْتَنِعُ بَيْعُ كُلٍّ مِنْ الرُّطَبِ وَالْعِنَبِ بِمِثْلِهِ عَلَى الشَّجَرِ أَوْ الْأَرْضِ لِانْتِفَاءِ حَاجَةِ الرُّخْصَةِ وَهِيَ تَحْصِيلُ الرُّطَبِ وَالْعِنَبِ، وَأَنَّهُ يَمْتَنِعُ بَيْعُهُ عَلَى الْأَرْضِ بِمِثْلِهِ يَابِسًا إذْ مِنْ جُمْلَةِ الْمَعَانِي فِيهَا أَكْلُهُ طَرِيًّا عَلَى التَّدْرِيجِ وَهُوَ مُنْتَفٍ هُنَا وَأَنَّهُ يَمْتَنِعُ بَيْعُهُ عَلَى الشَّجَرِ بِمِثْلِهِ يَابِسًا خَرْصًا؛ لِئَلَّا يَعْظُمَ الْغَرَرُ فِي الْبَيْعِ، وَالْعَرَايَا جَمْعُ عَرِيَّةٍ وَهِيَ لُغَةً النَّخْلَةُ؛ لِأَنَّهَا أُعْرِيَتْ أَيْ أُفْرِدَتْ مِنْ بَاقِي النَّخِيلِ فَتَسْمِيَةُ الْعَقْدِ بِذَلِكَ مَجَازٌ عَنْ أَصْلِ مَا عُقِدَ عَلَيْهِ.

وَلَمَّا قَدَّمَ اعْتِبَارَ الْمُمَاثَلَةِ فِي الْجِنْسِ الْوَاحِدِ وَعَدَمَ اعْتِبَارِهَا فِي غَيْرِهِ أَخَذَ فِي بَيَانِهِمَا فَقَالَ (وَمَا يُخَالِفْ لِسِوَاهُ) بِزِيَادَةِ اللَّامِ أَيْ وَمَا يُخَالِفُ غَيْرَهُ (فِي اسْمِهِ) وَإِنْ اتَّحَدَ أَصْلُهُمَا كَقَلْبِ الْغَنَمِ مَعَ كَبِدِهِ وَسَنَامِ الْإِبِلِ مَعَ مُخِّهِ (أَوْ) يُخَالِفُهُ فِي (أَصْلِهِ) وَإِنْ اتَّحَدَ اسْمُهُمَا كَلَحْمِ الْغَنَمِ مَعَ لَحْمِ الْبَقَرِ وَالْبَرِّيِّ مَعَ الْبَحْرِيِّ وَالْأَهْلِيِّ مَعَ الْوَحْشِيِّ وَدَقِيقِ الْبُرِّ مَعَ دَقِيقِ الشَّعِيرِ وَدُهْنِ الْجَوْزِ مَعَ دُهْنِ اللَّوْزِ وَخَلِّ الْعِنَبِ مَعَ خَلِّ الرُّطَبِ (فَغَيْرُ جِنْسٍ سَمِّهِ) فَهُمَا جِنْسَانِ فَيُبَاعُ أَحَدُهُمَا بِالْآخَرِ مُتَفَاضِلًا وَعُلِمَ مِنْ كَلَامِهِ بِالْمَنْطُوقِ بِجَعْلِ أَوْ مَانِعَةَ خُلُوٍّ وَبِمَفْهُومِ الْأَوْلَى حُصُولُ التَّغَايُرِ بِاخْتِلَافِ الِاسْمِ وَالْأَصْلِ مَعًا وَأَمَّا لَحْمُ الْمُتَوَلِّدِ بَيْنَ بَقَرٍ وَغَنَمٍ مَثَلًا فَهَلْ يُجْعَلُ جِنْسًا بِرَأْسِهِ أَوْ يُجْعَلُ مَعَ لَحْمِ أَبَوَيْهِ كَالْجِنْسِ الْوَاحِدِ احْتِيَاطًا فَيَحْرُمُ بَيْعُ لَحْمِهِ بِلَحْمِهِمَا مُتَفَاضِلًا؟ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ لَمْ يَتَعَرَّضُوا لَهُ وَيَظْهَرُ الثَّانِي لِضِيقِ الْبَابِ.

(وَسُكَّرًا) أَحْمَرَ وَنَبَاتًا (وَالْقَطْرَ) النَّبَاتَ وَالْمُكَرَّرَ (وَالطَّبَرْزَذَا) بِالذَّالِ الْمُعْجَمَةِ أَيْ: السُّكَّرَ الْأَبْيَضَ الْمُعْتَادَ (وَحِّدْ) أَيْ: اُحْكُمْ بِأَنَّهَا جِنْسٌ وَاحِدٌ؛ لِاتِّحَادِ

ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: وَرَخَّصَ فِي الْعَرَايَا) الْمُنَاسِبُ إرَادَةُ الْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ (قَوْلُهُ: فِي الْكُلِّ) وَلَا تُفَرَّقُ الصَّفْقَةُ (قَوْلُهُ: وَمَا عَلَى الْأَرْضِ بِالْكَيْلِ) لَعَلَّ اعْتِبَارَ الْكَيْلِ لِحُصُولِ الْقَبْضِ الْمُفِيدِ لِحِلِّ التَّصَرُّفِ لَا لِمُجَرَّدِ صِحَّةِ الْعَقْدِ وَالْخُرُوجِ عَنْ الرِّبَا إذْ يَكْفِي فِي ذَلِكَ الْقَبْضُ الْمُفِيدُ لِلضَّمَانِ وَلَا يَتَوَقَّفُ عَلَى نَحْوِ الْكَيْلِ كَمَا تَقَدَّمَ (قَوْلُهُ: وَهُوَ مُنْتَفٍ هُنَا) فِيهِ بَحْثٌ إذْ لَوْ اشْتَرَى عَلَى التَّدْرِيجِ مَا يَأْكُلُهُ أَوَّلًا فَأَوَّلًا لَمْ يَنْتِفْ عَنْهُ ذَلِكَ الْمَعْنَى فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: بِمِثْلِهِ يَابِسًا خَرْصًا) أَيْ بِأَنْ يُحْزَرَ قَدْرُ الْيَابِسِ مِنْ غَيْرِ كَيْلٍ لَهُ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ تَعْبِيرُ شَرْحِ الرَّوْضِ بِقَوْلِهِ وَأَفْهَمَ قَوْلُهُ: كَيْلًا أَنَّهُ يَمْتَنِعُ بَيْعُهُ بِقَدْرِهِ يَابِسًا خَرْصًا وَهُوَ كَذَلِكَ؛ لِئَلَّا يَعْظُمَ الْغَرَرُ فِي الْبَيْعِ اهـ وَبِهَذَا يَظْهَرُ أَنَّهُ لَا اشْتِبَاهَ لِهَذَا بِقَوْلِهِ السَّابِقِ بِمِثْلِهِ عَلَى الشَّجَرِ؛ لِأَنَّ الثَّمَنَ هُنَاكَ الرُّطَبُ، وَالثَّمَنَ هُنَا التَّمْرُ الْيَابِسُ لَكِنَّهُ لَمْ يَكْمُلْ بَلْ حُزِرَ قَدْرُهُ (قَوْلُهُ: خَرْصًا) أَيْ: أَوْ عَلَى الشَّجَرِ كَمَا اقْتَضَاهُ تَقْيِيدُ الشَّيْخَيْنِ التَّمْرَ وَالزَّبِيبَ بِكَوْنِهِمَا عَلَى الْأَرْضِ وَقَدْ يُقَالُ قَوْلُهُ: خَرْصًا يَشْمَلُ مَا عَلَى الشَّجَرِ (قَوْلُهُ: مَجَازٌ عَنْ أَصْلِ مَا عُقِدَ عَلَيْهِ) هَذَا ظَاهِرٌ بِحَسَبِ اللُّغَةِ، أَمَّا بِحَسَبِ اصْطِلَاحِ الْفُقَهَاءِ فَقَدْ يُقَالُ: إنَّ إطْلَاقَهَا عَلَى الْعَقْدِ حَقِيقَةٌ.

(قَوْلُهُ: فِي اسْمِهِ) قَالَ فِي الرَّوْضِ: وَالْكَبِدُ وَالطِّحَالُ وَالْقَلْبُ وَالْكِرْشُ وَالرِّئَةُ وَالْمُخُّ أَجْنَاسٌ أَيْ: وَلَوْ كَانَتْ مِنْ حَيَوَانٍ وَاحِدٍ كَمَا فِي شَرْحِهِ وَشَحْمُ الظَّهْرِ، أَوْ الْبَطْنِ وَالسَّنَامُ أَجْنَاسٌ وَكَذَا الرَّأْسُ وَالْأَكَارِعُ أَيْ: جِنْسَانِ (قَوْلُهُ: وَيَظْهَرُ الثَّانِي) اعْتَمَدَهُ م ر.

ـــــــــــــــــــــــــــــQمِنْهُمَا. اهـ. نَاشِرِيٌّ (قَوْلُهُ: خَرْصًا) وَيَكْفِي خَارِصٌ وَاحِدٌ ثِقَةٌ فَإِنْ تُرِكَ حَتَّى جَفَّ فَظَهَرَ فِيهِ تَفَاوُتٌ فَوْقَ مَا يَقَعُ بَيْنَ الْكَيْلَيْنِ بَانَ بُطْلَانُ الْعَقْدِ. اهـ. شَرْحُ الْإِرْشَادِ لِحَجَرٍ وَقَوْلُهُ وَيَكْفِي خَارِصٌ وَاحِدٌ أَيْ: هُنَا بِخِلَافِ الزَّكَاةِ وَيَكْفِي الْوَاحِدُ هُنَا وَلَوْ كَانَ أَحَدُ الْمُتَعَاقِدَيْنِ. اهـ. نَاشِرِيٌّ. (قَوْلُهُ: فِي يَابِسٍ) وَلَوْ عَلَى الشَّجَرِ بِأَنْ يَبِيعَ بِهِ مُكَايَلَةً (قَوْلُهُ: فِي يَابِسٍ) لَعَلَّهُ مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ دُونَ نِصَابِ الزَّكَاةِ، وَعِبَارَةُ الْحَاوِي: وَالْعَرَايَا فِي الرُّطَبِ وَالْعِنَبِ دُونَ نِصَابِ الزَّكَاةِ فِي الْجَفَافِ رُخْصَةٌ. (قَوْلُهُ: الْبُسْرُ) بَعْدَ بُدُوِّ صَلَاحِهِ. اهـ. شَرْحُ الْإِرْشَادِ لِحَجَرٍ. (قَوْلُهُ: عَلَى ذَلِكَ) أَيْ: مَا دُونَ النِّصَابِ وَقَوْلُهُ دُونَهُ أَيْ: النِّصَابِ. (قَوْلُهُ: كَمَا أَفْهَمَهُ قَوْلُهُ: فِي يَابِسٍ) يُفِيدُ أَنَّهُ مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ دُونَ نِصَابٍ أَيْ الْعَرَايَا رُخْصَةٌ فِي الرُّطَبِ إذَا كَانَ دُونَ نِصَابٍ مِنْ يَابِسٍ وَهُوَ خِلَافُ مَا قَرَّرَهُ الْمُحَشِّي فَانْظُرْهُ

(قَوْلُهُ: بِالذَّالِ) أَيْ: الْأَخِيرَةُ، أَمَّا الَّتِي قَبْلَهَا فَهِيَ زَايٌ فِي جَمِيعِ مَا رَأَيْته إلَّا فِي

طور بواسطة نورين ميديا © 2015