؛ لِأَنَّ الْمَاءَ يَمْنَعُ الْعِلْمَ بِالْمُمَاثَلَةِ وَيَجُوزُ بَيْعُ كُلٍّ مِنْ خَلِّ الرُّطَبِ وَخَلِّ الْعِنَبِ بِمِثْلِهِ وَبِخَلِّ الْآخَرِ، وَكَذَا خَلُّ الرُّطَبِ بِخَلِّ الزَّبِيبِ وَخَلُّ الْعِنَبِ بِخَلِّ التَّمْرِ، وَإِنْ كَانَ الْمَاءُ فِي إحْدَاهُمَا؛ لِأَنَّ الْمُمَاثَلَةَ بَيْنَهُمَا غَيْرُ مُعْتَبَرَةٍ؛ لِأَنَّهَا جِنْسَانِ (وَ) مِثْلِ (سَائِرِ الثِّمَارِ) أَيْ: بَاقِيهَا (وَ) مِثْلِ (اللَّحْمِ إذَا جَفَّ بِدُونِ الْعَظْمِ) ؛ إذْ لَا يَتَعَلَّقُ بِبَقَائِهِ فِيهِ صَلَاحٌ، وَحَكَى الْمَاوَرْدِيُّ فِي بَيْعِ الطَّلْعِ بِالرُّطَبِ وَبِالتَّمْرِ ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ: أَصَحُّهَا جَوَازُهُ بِطَلْعِ الذُّكُورِ دُونَ الْإِنَاثِ وَيُشْتَرَطُ تَنَاهِي جَفَافِ اللَّحْمِ وَكُلِّ مَا يُوزَنُ، بِخِلَافِ التَّمْرِ وَكُلِّ مَا يُكَالُ؛ لِأَنَّ بَاقِي رُطُوبَةِ الْمَكِيلِ لَا تَظْهَرُ فِي الْكَيْلِ. وَقَلِيلُ الرُّطُوبَةِ يَظْهَرُ فِي الْوَزْنِ وَتَجُوزُ بَيْعُ الزَّيْتُونِ بِمِثْلِهِ حَالَ رُطُوبَتِهِ، وَإِنْ كَانَ لَا يَجِفُّ فَهُوَ مُسْتَثْنًى وَقَوْلُهُ: إذَا جَفَّ يَجُوزُ جَعْلُهُ قَيْدًا لِلَّحْمِ وَلِلثِّمَارِ وَيَجُوزُ جَعْلُهُ قَيْدًا لِلَّحْمِ فَقَطْ وَيُكْتَفَى عَنْهُ فِي الثِّمَارِ بِقِرَاءَتِهَا بِالْمُثَنَّاةِ (وَ) مِثْلِ (الْحَبِّ) كَالْبُرِّ، وَالشَّعِيرِ (كَذَا) أَيْ: جَافًّا.
(وَ) مِثْلِ (الْجَوْزِ، وَاللَّوْزِ) بِقَيْدٍ صَرَّحَ بِهِ مِنْ زِيَادَتِهِ بِقَوْلِهِ: (كَذَا) أَيْ: جَافَّيْنِ فَيُبَاعُ كُلٌّ مِنْهُمَا بِمِثْلِهِ (بِوَزْنِهِ) وَقِيلَ بِكَيْلِهِ وَقِيلَ بِالْوَزْنِ فِي الْجَوْزِ وَبِالْكَيْلِ فِي اللَّوْزِ؛ لِأَنَّ الْجَوْزَ أَكْبَرُ جِرْمًا مِنْ التَّمْرِ وَهَذَا هُوَ الْأَصَحُّ وَبِهِ جَزَمَ الشَّيْخَانِ (وَ) مِثْلِ (اللُّبِّ مِنْ هَذَا وَذَا) أَيْ: مِنْ الْجَوْزِ، وَاللَّوْزِ (وَ) مِثْلِ (دُهْنِهِ) أَيْ: دُهْنِ لُبِّهِمَا فَعُلِمَ أَنَّهُ قَدْ يَكُونُ لِلشَّيْءِ حَالَتَا كَمَالٍ فَأَكْثَرُ كَالْجَوْزِ يُعْتَبَرُ كَمَالُهُ
ـــــــــــــــــــــــــــــSفِيهِمَا بِئْرَانِ فَإِنَّ الْبَيْعَ صَحِيحٌ كَذَا كَتَبَهُ شَيْخُنَا الشِّهَابُ وَيُمْكِنُ أَنْ يُجَابَ عَنْ الْأَوَّلِ بِأَنَّ مَحَلَّ مَا سَيَأْتِي، إذَا كَانَ الضِّمْنِيُّ خَلْفَهُ؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ غَيْرُ مُتَمَيِّزٍ فِي الْوَاقِعِ وَعَنْ الثَّانِي بِأَنَّ مَاءَ الْبِئْرِ لَيْسَ مَقْصُودًا بِالذَّاتِ وَلَا كَالْجُزْءِ مِنْ الْمَقْصُودِ بِالذَّاتِ بِخِلَافِ مَاءِ الْخَلِّ.
(قَوْلُهُ: فَيَمْتَنِعُ بَيْعُ خَلِّ كُلٍّ مِنْهُمَا بِمِثْلِهِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ) يَنْبَغِي أَنْ لَا يُفَرَّقَ بَيْنَ كَوْنِ الْمَاءِ عَذْبًا، أَوْ غَيْرَ عَذْبٍ؛ لِأَنَّ الْجِنْسَ وَاحِدٌ، فَقَدْ وُجِدَ رِبَوِيٌّ وَاحِدٌ مِنْ الْجَانِبَيْنِ وَمَعَهُ شَيْءٌ آخَرُ وَذَلِكَ مِنْ قَاعِدَةِ مُدِّ عَجْوَةٍ؛ إذْ لَا فَرْقَ فِيهَا بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الشَّيْءُ الْآخَرُ رِبَوِيًّا، أَوْ لَا، وَأَمَّا فِي الصُّورَةِ الثَّالِثَةِ فَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ الْمَاءُ عَذْبًا لِيَكُونَ رِبَوِيًّا فَيَكُونُ الْجِنْسُ الْوَاحِدُ وَهُوَ الْمَاءُ فِي الْجَانِبَيْنِ وَمَعَهُ شَيْءٌ آخَرُ وَهُوَ الْخَلُّ فَتُحَقَّقُ الْقَاعِدَةُ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْمَاءَ يَمْنَعُ إلَخْ) هَذَا ظَاهِرٌ فِي الصُّوَرِ الثَّلَاثِ الْأُوَلِ، وَأَمَّا الْأَخِيرَتَانِ فَعَلَّلَهُمَا الرَّافِعِيُّ بِوُجُودِ الْمُفَاضَلَةِ وَهُوَ ظَاهِرٌ كَذَا كَتَبَ شَيْخُنَا الشِّهَابُ، وَقَدْ يُقَالُ مَنْعُ الْعِلْمِ بِالْمُمَاثَلَةِ صَادِقٌ بِوُجُودِ الْمُفَاضَلَةِ فَكَلَامُ الشَّارِحِ شَامِلٌ فَلْيُتَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ: لِأَنَّهُمَا جِنْسَانِ) فَهَذِهِ عَشْرُ مَسَائِلَ قَالَ الْجَوْجَرِيُّ: وَيَأْتِي مِثْلُهَا فِي عَصِيرِ ذَلِكَ بِرّ. (قَوْلُهُ: وَسَائِرِ الثِّمَارِ) فِي الْعُبَابِ كَالرَّوْضِ وَغَيْرِهِ وَمَا لَا يُكَالُ وَلَا يُوزَنُ كَبِطِّيخٍ وَقِثَّاءٍ أَيْ: وَسَفَرْجَلٍ وَأُتْرُجٍّ وَرُمَّانٍ وَنَحْوِهِمَا كَمَا قَالَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ يُبَاعُ بِغَيْرِ جِنْسِهِ مُتَفَاضِلًا، وَأَمَّا بِجِنْسِهِ فَإِنْ كَانَ مِمَّا يَجِفُّ، وَلَوْ نَادِرًا كَمِشْمِشٍ وَخَوْخٍ، وَكُمَّثْرَى مُفَلَّقٍ بِيعَ بَعْضُهُ بِبَعْضٍ جَافٍّ، وَإِنْ نُزِعَ نَوَاهُ لَا رَطْبًا كَمَا لَا يَجِفُّ مِنْهُ، وَمِنْ رُطَبٍ وَعِنَبٍ إلَّا الزَّيْتُونَ. اهـ. وَقَوْلُهُ: بِيعَ بَعْضُهُ بِبَعْضٍ قَالَ شَيْخُنَا الشِّهَابُ فِي شَرْحِهِ: وَهَلْ مِعْيَارُ مَا ذُكِرَ حِينَئِذٍ الْكَيْلُ، أَوْ الْوَزْنُ؟ فِيهِ نَظَرٌ وَاَلَّذِي يُتَّجَهُ مُرَاعَاةُ حَالِ بَلَدِ الْبَيْعِ فِيهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ أَكْبَرَ جِرْمًا مِنْ التَّمْرِ وَإِلَّا فَالْوَزْنُ. ثُمَّ رَأَيْت الرَّافِعِيَّ رَجَّحَ عَلَى الضَّعِيفِ الْقَائِلِ بِجَوَازِ بَيْعِ بَعْضِهِ بِبَعْضٍ رَطْبًا أَنَّهُ إنْ لَمْ يُمْكِنْ كَيْلُهُ كَالْبِطِّيخِ، وَالْقِثَّاءِ بِيعَ وَزْنًا، وَإِنْ أَمْكَنَ كَالتُّفَّاحِ، وَالتِّينِ بِيعَ كَيْلًا. اهـ. وَهَذَا يُخَالِفُ مَا مَرَّ لَهُ إنَّمَا كَانَ أَكْبَرَ جِرْمًا مِنْ التَّمْرِ مِعْيَارُهُ الْوَزْنُ فَالْأَوْجَهُ مَا ذَكَرْته. اهـ. وَنَظَرَ فِي قَوْلِهِ: كَغَيْرِهِ كَمِشْمِشٍ وَمَا بَعْدَهُ بِأَنَّهَا مُقَدَّرَةٌ، وَالْمُقْسَمُ مَا لَمْ يُقَدَّرْ بِكَيْلٍ وَلَا وَزْنٍ، ثُمَّ أَوَّلُ ذَلِكَ. (قَوْلُهُ: وَمِثْلِ اللَّحْمِ، إذَا جَفَّ) قَالَ فِي الرَّوْضِ
ـــــــــــــــــــــــــــــQلِإِفْرَاطِ التَّفَاوُتِ فِي الِاسْمِ، وَالصِّفَةِ قَالَهُ الشَّيْخَانِ وَكَذَا بَيْعُ الزَّبِيبِ بِخَلِّ الْعِنَبِ وَجَزَمَ السُّبْكِيُّ بِمَنْعِ بَيْعِ الزَّبِيبِ بِخَلِّ الْعِنَبِ؛ لِعَدَمِ صِحَّةِ بَيْعِ الشَّيْءِ بِمَا اُتُّخِذَ مِنْهُ وَيُؤْخَذُ مِمَّا قَالَهُ الشَّيْخَانِ أَنَّ مَحَلَّ امْتِنَاعِ بَيْعِ الشَّيْءِ بِمَا اتَّخَذَ مِنْهُ مَا لَمْ يَكُونَا كَامِلَيْنِ وَيُفْرَطُ التَّفَاوُتُ بَيْنَهُمَا فِيمَا ذَكَرَاهُ مِنْ الِاسْمِ، وَالصِّفَةِ، وَالْمَقْصُودِ. اهـ. حَجَرٌ لَكِنَّ السُّبْكِيَّ رَدَّ تَجْوِيزَ الشَّيْخَيْنِ الْمَذْكُورَ بِأَنَّهُمَا تَبِعَا مَا رَجَّحَهُ الْإِمَامُ وَأَنَّ قَضِيَّةَ كَلَامِ ابْنِ الصَّبَّاغِ أَنَّهُمَا جِنْسٌ وَاحِدٌ وَأَنَّ هَذَا هُوَ الْأَصَحُّ قَالَ: وَلَا يَلْزَمُ مِنْ كَوْنِهِمَا بِحَالَةِ الْكَمَالِ أَنَّهُمَا جِنْسَانِ. اهـ. لَكِنَّ الَّذِي صَحَّحَهُ الشَّيْخَانِ الْأَوَّلُ. اهـ. عَمِيرَةُ عَلَى الْمَنْهَجِ وَمَالَ إلَيْهِ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ، لَكِنْ نَقَلَ الْعَلَّامَةُ الْعَبَّادِيُّ عَنْ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ فِي حَاشِيَةِ الْعُبَابِ الْبُطْلَانَ وَهُوَ وَجِيهٌ. اهـ. ق ل عَلَى الْجَلَالِ وَمَا نُقِلَ عَنْ السُّبْكِيّ فِي خَلِّ الْعِنَبِ نَقَلَهُ عَنْهُ ق ل فِي عَصِيرِهِ أَيْضًا قَالَ: وَيُقَاسُ بِهِ خَلُّ الرُّطَبِ وَعَصِيرُهُ مَعَ التَّمْرِ وَعَكْسُهُمَا أَيْ: بَيْعُ الرُّطَبِ، وَالْعِنَبِ بِخَلِّ التَّمْرِ، وَالزَّبِيبِ. اهـ. وَقَالَ ح ل عَلَى الْمَنْهَجِ مَحَلُّ امْتِنَاعِ بَيْعِ الشَّيْءِ بِمَا اتَّخَذَ مِنْهُ إذَا كَانَ الْمَأْخُوذُ مِنْهُ مُشْتَمِلًا عَلَى الْمَأْخُوذِ كَالشَّيْرَجِ مَعَ السِّمْسِمِ، بِخِلَافِ مَا لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ كَالشَّيْرَجِ مَعَ الْكَسْبِ؛ لِأَنَّ الْكَسْبَ لَيْسَ مُشْتَمِلًا عَلَيْهِ. اهـ. وَهَذَا ظَاهِرٌ فِي الْعَصِيرِ مَعَ الْعِنَبِ دُونَ الْخَلِّ مَعَ الْعَصِيرِ؛ إذْ الْعَصِيرُ لَيْسَ مُشْتَمِلًا عَلَى الْخَلِّ وَلِذَا جَزَمَ ح ل بِصِحَّةِ بَيْعِ عَصِيرِ الْعِنَبِ مِثْلًا بِخَلِّهِ فَرَاجِعْهُ.
(قَوْلُهُ: وَسَائِرِ الثِّمَارِ) بِالْمُثَنَّاةِ كَمَا يُفِيدُهُ كَلَامُ الشَّرْحِ الْآتِي، وَلَوْ قُرِئَ بِالْمُثَلَّثَةِ لِيَشْمَلَ نَحْوَ الْقِثَّاءِ إذَا جَفَّ عَلَى نُدُورٍ فَإِنَّهُ يَصِحُّ بَيْعُ بَعْضِهِ بِبَعْضٍ عَلَى الْمُعْتَمَدِ كَمَا أَفَادَهُ شَيْخُنَا ذ لَكَانَ أَفْيَدَ. (قَوْلُهُ: أَصَحُّهُمَا جَوَازُهُ إلَخْ) وَيَنْبَغِي أَنْ يُعْلَمَ امْتِنَاعُ طَلْعِ الذُّكُورِ بِمِثْلِهِ. اهـ. سم عَلَى التُّحْفَةِ رَاجِعْهُ. (قَوْلُهُ: بِطَلْعِ الذُّكُورِ) أَيْ: فِي طَلْعِ الذُّكُورِ أَيْ: فِي بَيْعِهِ بِالرُّطَبِ وَمَا بَعْدَهُ. اهـ. وَعِبَارَةُ الرَّوْضِ أَصَحُّهَا جَوَازُهُ فِي طَلْعٍ إلَخْ.
(قَوْلُهُ: وَيُشْتَرَطُ تَنَاهِي إلَخْ) فِيهِ إشَارَةٌ لِلِاعْتِرَاضِ عَلَى الْمُصَنِّفِ حَيْثُ سَوَّى بَيْنَ اللَّحْمِ، وَالثِّمَارِ، وَالْحَبِّ فِي مُطْلَقِ الْجَفَافِ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ لَا يَجِفُّ) أَيْ: لَا يَحْصُلُ لَهُ جَفَافٌ أَصْلًا مَعَ أَنَّ أَصْلَ الْجَفَافِ شَرْطٌ فِي الْمَكِيلِ وَمِنْهُ الزَّيْتُونُ. (قَوْلُهُ: فَهُوَ مُسْتَثْنًى) أَيْ: مِنْ فَسَادِ بَيْعِ غَيْرِ مَا لَا يَحْصُلُ لَهُ جَفَافٌ وَإِنْ كَانَ مَا فِيهِ دُهْنِيَّةٌ لَا مَائِيَّةٌ فَإِنَّ ذَلِكَ إنَّمَا