وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ فَيَكُونُ صُورَةُ الْكِنَايَةِ الصِّيغَةَ وَحْدَهَا فَيَصِحُّ الْعَقْدُ بِهَا مَعَ ذِكْرِ الْعِوَضِ بَلْ قِيلَ: أَوْ مَعَ نِيَّتِهِ، وَهُوَ قَضِيَّةُ كَلَامِ الْقَاضِي مُجَلِّي، وَاَلَّذِي فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا تَصْوِيرُهَا بِالصِّيغَةِ مَعَ ذِكْرِ الْعِوَضِ، وَالْأَوَّلُ أَوْجَهُ وَخَرَجَ بِلَفْظِ الْهِبَةِ مَا فِي مَعْنَاهُ كَأَعْمَرْتُكَ وَأَرْقَبْتُك فَلَا يَنْعَقِدُ بِهِ الْبَيْعُ كَذَا جَزَمَ بِهِ فِي التَّعْلِيقِ تَبَعًا لِأَبِي عَلِيٍّ الطَّبَرِيِّ وَقَالَ ابْنُ كَجٍّ: لَا يَبْعُدُ عِنْدِي جَوَازُهُ وَظَاهِرٌ أَنَّ الْخِلَافَ فِي صَرَاحَتِهِ؛ إذْ لَا تَوَقُّفَ فِي أَنَّهُ كِنَايَةٌ (لَا) لَفْظِ (سَلَمِ) كَأَسْلَمْتُ إلَيْك هَذَا الثَّوْبَ فِي هَذَا الْعَبْدِ، فَلَا يَنْعَقِدُ بَيْعًا، وَلَا سَلَمًا، وَإِنْ نَوَى الْبَيْعَ؛ لِأَنَّ لَفْظَ السَّلَمِ مَوْضُوعٌ لِلدَّيْنِ وَمُقْتَضَى الدَّيْنِ يُنَافِي الْعَيْنَ

وَشَرْطُ الْعَاقِدِ التَّكْلِيفُ إلَّا السَّكْرَانَ، وَالرُّشْدُ كَمَا يُعْلَمَانِ مِنْ بَابِ الْحَجْرِ، وَالِاخْتِيَارُ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ بَابِ الطَّلَاقِ، وَالْإِسْلَامُ فِي بَعْضِ صُوَرٍ كَمَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ: (وَبِهُدَى) أَيْ: إنَّمَا يَنْعَقِدُ الْبَيْعُ بِمَا مَرَّ وَبِإِسْلَامِ (مَنْ يُشْتَرَى لَهُ السُّنَنْ) أَيْ: الْأَحَادِيثَ أَيْ: كُتُبَهَا (وَمُصْحَفٌ)

ـــــــــــــــــــــــــــــSالْقَبُولِ وَعِلْمِهِ بِمَجْلِسِ الْقَبُولِ (تَنْبِيهٌ)

قَوْلُ الرَّوْضِ: حَالَ الِاطِّلَاعِ قَدْ يَشْمَلُ الِاطِّلَاعَ بِغَيْرِ الْكِتَابَةِ كَأَنْ سَبَقَ شَخْصٌ وَأَخْبَرَهُ أَنَّ فُلَانًا كَتَبَ إلَيْهِ بِالْبَيْعِ، وَقَدْ يَلْتَزِمُ بَلْ قَدْ يُقَالُ بَلْ لَوْ لَمْ يُخْبِرْهُ أَحَدٌ فَقَبِلَ قَبْلَ مَجِيءِ الْكِتَابِ عَبَثًا فَتَبَيَّنَ الْحَالُ انْعَقَدَ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْعِبْرَةَ فِي الْعُقُودِ بِمَا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ، ثُمَّ رَأَيْت فِي الرَّوْضِ، وَلَوْ بَاعَ مِنْ غَائِبٍ فَقَبِلَ حِينَ بَلَغَهُ الْخَبَرُ صَحَّ وَقَالَ فِي شَرْحِهِ حِينَ بَلَغَهُ الْخَبَرُ مِمَّنْ أَرْسَلَهُ إلَيْهِ الْبَائِعُ أَوْ مِنْ غَيْرِهِ. اهـ. وَقَدْ يُؤْخَذُ مِنْهُ الِاكْتِفَاءُ بِالِاطِّلَاعِ بِغَيْرِ الْكِتَابَةِ عَلَى أَنَّهُ لَا يَبْعُدُ أَنَّهُ لَوْ قَبِلَ بِلَا اطِّلَاعٍ مِنْ أَحَدٍ صَحَّ اعْتِبَارًا بِمَا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ كَمَا تَقَرَّرَ. (قَوْلُهُ: فَلَا تَوَقُّفَ فِي أَنَّهُ كِنَايَةٌ) الْمُعْتَمَدُ خِلَافُهُ م ر

(قَوْلُهُ: وَبِهَدْيِ مَنْ يَشْتَرِي لَهُ السُّنَنَ) لَوْ شَكَّ فِي إسْلَامِهِ فَإِنْ كَانَ بِدَارِ الْإِسْلَامِ فَيُتَّجَهُ الصِّحَّةُ؛ لِأَنَّهُ مَحْكُومٌ شَرْعًا بِإِسْلَامِهِ، وَإِنْ كَانَ فِي دَارِ الْكُفْرِ فَهَلْ يَصِحُّ أَيْضًا؛ لِأَنَّ الْكُفْرَ مَانِعٌ، وَالْأَصْلُ عَدَمُ الْمَانِعِ أَوْ لَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّ الْإِسْلَامَ شَرْطٌ فِي صِحَّةِ هَذَا الْبَيْعِ وَهُوَ مَشْكُوكٌ فِيهِ وَلِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ مَحْكُومٌ بِكُفْرِ مَنْ بِدَارِ الْكُفْرِ بِدَلِيلِ أَنَّهُ يَحْكُمُ بِكُفْرِ اللَّقِيطِ، إذَا لَمْ يُعْلَمْ بِهَا مُسْلِمٌ؟ فِيهِ نَظَرٌ وَلَعَلَّ الْمُتَّجَهَ الثَّانِي فَلْيُتَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ: أَيْ الْأَحَادِيثَ) يَنْبَغِي وَلَوْ ضَعِيفَةً

ـــــــــــــــــــــــــــــQالْجَزْمُ بِأَنَّ الْمَفْعُولَ مِنْ الصِّيغَةِ فَتَكْفِي مُقَارَنَةُ النِّيَّةِ لَهُ إنْ قُلْنَا بِكِفَايَةِ مُقَارَنَتِهَا لِلْجُزْءِ وَفِيهِ تَرَدُّدٌ فِي سم عَلَى الْمَنْهَجِ.

(قَوْلُهُ: وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ) وَعَلَيْهِ فَلَا تَكْفِي النِّيَّةُ عِنْدَ ذِكْرِ الْعِوَضِ مَعَ خُلُوِّ نَحْوِ جَعَلْته لَك عَنْ النِّيَّةِ وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ أَنَّ الْأَوَّلَ هُوَ الْأَصَحُّ قَدْ يُخَالِفُهُ مَا تَقَدَّمَ أَيْ لمر مِنْ أَنَّ مَأْخَذَ الصَّرَاحَةِ الِاشْتِهَارُ، وَالتَّكَرُّرُ عَلَى لِسَانِ حَمَلَةِ الشَّرْعِ. (قَوْلُهُ: فَتَكُونُ) تَفْرِيعٌ عَلَى قَوْلِهِ: وَالْأَوَّلُ إلَخْ.

(قَوْلُهُ: فَتَكُونُ صُورَةُ الْكِنَايَةِ الصِّيغَةَ وَحْدَهَا) أَيْ: وَأَمَّا مَعَ الْعِوَضِ فَهِيَ صَرِيحَةٌ كَذَا أَشَارَ إلَيْهِ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَفِيهِ نَظَرٌ لِوُضُوحِ الْفَرْقِ بَيْنَ مَا هُنَا، وَالْخُلْعِ؛ لِأَنَّ أَلْفَاظَ الْخُلْعِ، وَالطَّلَاقِ يَغْلِبُ عَلَيْهَا التَّعَبُّدُ وَمِنْ ثَمَّ كُنَّ مَلْحَظَ الصَّرَاحَةِ، ثُمَّ الْوُرُودِ مَعَ التَّكَرُّرِ لَا الِاشْتِهَارِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ وُرُودٌ وَمَا مَرَّ مِنْ الْكِنَايَاتِ لَمْ يَشْتَهِرْ فِي الْبَيْعِ وَإِنْ ذُكِرَ مَعَهُ الْعِوَضُ فَلَمْ يَكُنْ صَرِيحًا فِيهِ وَأَمَّا مَعَ عَدَمِ ذِكْرِهِ فَهُوَ لَا يَحْتَمِلُ الْبَيْعَ أَصْلًا وَإِنَّمَا يَحْتَمِلُهُ عِنْدَ ذِكْرِهِ فَاَلَّذِي يُتَّجَهُ أَنَّ الْكِنَايَةَ الصِّيغَةُ مَعَ ذِكْرِهِ كَمَا صَوَّرَهَا الْأَصْحَابُ بِذَلِكَ فَلَا يَلْحَقُهَا ذِكْرُهُ بِالصَّرِيحِ وَلَا يَصِحُّ الْبَيْعُ بِهَا مَعَ نِيَّةِ الْعِوَضِ خِلَافًا لِمَا يَقْتَضِيهِ مَا مَرَّ عَنْ مُجَلِّي فِي مَلَّكْتُك وَإِنْ أَمْكَنَ تَوْجِيهُ كَلَامِهِ بِأَنَّ الْكِنَايَةَ لَمَّا قَبِلْت نِيَّةَ الْبَيْعِ قَبِلْت نِيَّةَ الْعِوَضِ تَبَعًا، بِخِلَافِ الصَّرِيحِ فَإِنَّهُ لَمَّا لَمْ يَقْبَلْ نِيَّةَ الْبَيْعِ لَمْ يَقْبَلْ نِيَّةَ الْعِوَضِ إذْ لَا شَيْءَ يَسْتَتْبِعُ نِيَّتَهُ فَانْدَفَعَ إلْزَامُ الزَّرْكَشِيّ لَهُ بِأَنَّهُ يَلْزَمُهُ الْقَوْلُ بِذَلِكَ فِيمَا إذَا أَتَيَا بِصَرِيحٍ وَنَوَيَا الْعِوَضَ. اهـ. شَرْحُ عب لِحَجَرٍ.

(قَوْلُهُ: فَيَصِحُّ) تَفْرِيعٌ عَلَى قَوْلِهِ الصِّيغَةُ وَحْدَهَا. اهـ. ع ش عَلَى م ر. (قَوْلُهُ: إلَّا السَّكْرَانَ) قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: السَّكْرَانُ مُكَلَّفٌ عِنْدَ الْفُقَهَاءِ غَيْرُ مُكَلَّفٍ عِنْدَ الْأُصُولِيِّينَ فَنَفْيُ التَّكْلِيفِ عَنْهُ وَاعْتِبَارُ تَصَرُّفَاتِهِ خَلْطُ طَرِيقَةٍ بِطَرِيقَةٍ. اهـ. عَمِيرَةُ عَلَى الْمَحَلِّيِّ (قَوْلُهُ: وَالرُّشْدُ) وَهُوَ أَنْ يَبْلُغَ مُصْلِحًا لِدِينِهِ وَمَالِهِ قَالَ الْبَغَوِيّ: الصَّلَاحُ فِي الدِّينِ أَنْ يَكُونَ مُجْتَنِبًا لِلْفَوَاحِشِ، وَالْمَعَاصِي الْمُسْقِطَةِ لِلْعَدَالَةِ. اهـ. عَمِيرَةُ عَلَى الْمَحَلِّيِّ

(قَوْلُهُ: وَمُصْحَفٍ) الْمُرَادُ بِهِ مَا فِيهِ قُرْآنٌ، وَلَوْ قَلِيلًا وَأَجَازَ ابْنُ عَبْدِ الْحَقِّ التَّمِيمَةَ، وَالرِّسَالَةَ اقْتِدَاءً بِفِعْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. اهـ. ق ل عَلَى الْجَلَالِ وَقَالَ حَجَرٌ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ: مَا فِيهِ قُرْآنٌ، وَلَوْ بَعْضَ آيَةٍ، وَلَوْ كُتِبَ لِغَيْرِ الدِّرَاسَةِ؛ لِبَقَاءِ احْتِرَامِهَا بِالنِّسْبَةِ لِتَمَلُّكِ الْكَافِرِ لَهَا وَإِنْ زَالَ بِالنِّسْبَةِ لِحِلِّ مَسِّهَا مَعَ الْحَدَثِ؛ لِأَنَّ هَذَا يُحْتَاطُ لَهُ أَكْثَرُ؛ إذْ مَسُّ الْمُصْحَفِ لَيْسَ فِيهِ مِنْ الِامْتِهَانِ مَا فِي اسْتِيلَاءِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015