(وَبِكِنَايَةٍ) وَهِيَ مَا يَحْتَمِلُ الْمُرَادَ، وَغَيْرَهُ أَيْ إنَّمَا يَنْعَقِدُ الْبَيْعُ بِصَرِيحِ إيجَابٍ وَقَبُولٍ كَمَا مَرَّ وَبِكِنَايَةٍ مَعَ النِّيَّةِ كَمَا ذَكَرَهَا فِي الطَّلَاقِ لِدَلَالَةِ ذَلِكَ عَلَى الرِّضَا مِثَالُهَا إيجَابًا (جَعَلْتُهُ لَكَا وَخُذْهُ، أَوْ أَدْخَلْتُهُ فِي مِلْكِكَا) وَقَبُولًا جَعَلْته لِي، أَوْ أَخَذْته، أَوْ أَدْخَلْتَهُ فِي مِلْكِي وَيُسْتَثْنَى بَيْعُ الْوَكِيلِ الْمَشْرُوطُ عَلَيْهِ الْإِشْهَادُ فِيهِ، فَلَا يَنْعَقِدُ بِهَا؛ لِأَنَّ الشُّهُودَ لَا يَطَّلِعُونَ عَلَى النِّيَّةِ فَإِنْ تَوَفَّرَتْ الْقَرَائِنُ عَلَيْهِ.

قَالَ الْغَزَالِيُّ: فَالظَّاهِرُ انْعِقَادُهُ وَأَقَرَّهُ عَلَيْهِ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا وَيُعْتَبَرُ فِي جَمِيعِ صِيَغِ الْبَيْعِ ذِكْرُ الثَّمَنِ كَمَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ: (مَعْ بِكَذَا) ؛ إذْ الثَّمَنُ رُكْنٌ، أَوْ شَرْطٌ كَمَا مَرَّ وَيَكْفِي ذِكْرُهُ فِي جَانِبِ الْمُبْتَدِئِ فَلَوْ قَالَ: بِعْتُك بِأَلْفٍ فَقَالَ قَبِلْت، أَوْ قَالَ: اشْتَرَيْته مِنْك بِأَلْفٍ فَقَالَ: بِعْتُك كَفَى (كَالْأَمْرِ بِالتَّسَلُّمِ مِنْهُ) بِأَنْ يَقُولَ لَهُ تَسَلَّمْهُ مِنِّي بِكَذَا فَإِنَّهُ كِنَايَةٌ

(وَلَفْظِ) أَيْ: وَيَنْعَقِدُ الْبَيْعُ بِلَفْظِ (هِبَةٍ) بِأَنْ يَقُولَ وَهَبْتُكَهُ بِكَذَا لِدَلَالَتِهِ عَلَى التَّمْلِيكِ مَعَ اقْتِرَانِهِ بِذِكْرِ الْعِوَضِ الَّذِي لَا تُنَافِيهِ الْهِبَةُ بَلْ غَايَتُهَا أَنَّهَا لَا تَقْتَضِيهِ. وَظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّ هَذَا كِنَايَةٌ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ هُوَ صَرِيحٌ فَلَوْ قَدَّمَهُ مَعَ الصَّرَائِحِ كَانَ أَوْلَى، وَلَا تَنْحَصِرُ صِيَغُ الْكِنَايَةِ فِيمَا ذَكَرَهُ؛ إذْ مِنْهَا سَلَّطْتُك عَلَيْهِ، أَوْ بَاعَك اللَّهُ أَوْ بَارَكَ اللَّهُ لَك فِيهِ وَمِنْهَا الْكِتَابَةُ لِغَائِبٍ فَإِنْ كَتَبَ لِحَاضِرٍ فَوَجْهَانِ قَالَ السُّبْكِيُّ: يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ أَصَحُّهُمَا الصِّحَّةَ، سَوَاءٌ كَانَتْ الْكِتَابَةُ عَلَى وَرَقٍ أَمْ غَيْرِهِ كَالنَّقْشِ عَلَى حَجَرٍ، أَوْ خَشَبٍ، وَلَا أَثَرَ لِرَسْمِ الْأَحْرُفِ عَلَى الْمَاءِ، وَالْهَوَاءِ وَهَلْ الْكِنَايَةُ الصِّيغَةُ وَحْدَهَا؟ أَوْ مَعَ ذِكْرِ الْعِوَضِ فِيهِ الْتِفَاتٌ إلَى أَنَّ مَأْخَذَ صَرَاحَةِ لَفْظِ الْخُلْعِ فِي الطَّلَاقِ ذِكْرُ الْعِوَضِ أَوْ كَثْرَةُ الِاسْتِعْمَالِ

ـــــــــــــــــــــــــــــSوَغَيْرُهُ بِرّ

(قَوْلُهُ: وَبِكِنَايَةٍ مَعَ النِّيَّةِ) هَلْ يَجْرِي فِيمَا يَقْتَرِنُ بِهِ مَا فِي الطَّلَاقِ؟ (قَوْلُهُ: وَيَكْفِي إلَخْ) التَّعْبِيرُ بِالْكِفَايَةِ لَا يُنَافِي أَنَّهُ يُشْتَرَطُ ذِكْرُهُ فِي جَانِبِ الْمُبْتَدِئِ فَلَوْ خَلَا عَنْهُ لَمْ يَصِحَّ، وَإِنْ وُجِدَ فِي الْجَانِبِ الْآخَرِ فَلَوْ قَالَ: بِعْنِي هَذَا وَلَمْ يَقُلْ بِكَذَا لَمْ يُعْتَدَّ بِهِ، لَكِنْ لَوْ أَجَابَهُ الْبَائِعُ حِينَئِذٍ بِقَوْلِ بِعْتُكَهُ بِكَذَا فَقَالَ بَعْدَهُ: اشْتَرَيْت فَيَنْبَغِي انْعِقَادُهُ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّ جَوَابَ الْبَائِعِ الْمَذْكُورِ إيجَابٌ، وَقَدْ قَبِلَهُ الْمُشْتَرِي وَلَا يَقْدَحُ فِي ذَلِكَ تَقَدُّمُ بِعْنِي كَمَا لَوْ تَقَدَّمَ أَتَبِيعُنِي.

(قَوْلُهُ: فِي جَانِبِ الْمُبْتَدِئِ) أَيْ: دُونَ غَيْرِهِ

(قَوْلُهُ: مَعَ اقْتِرَانِهِ إلَخْ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ الِاقْتِرَانِ بِذِكْرِ الْعِوَضِ، وَإِنْ تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ فِي الشِّقِّ الْآخَرِ نَعَمْ إنْ كَانَ الشِّقُّ الْآخَرُ لَفْظَ الْهِبَةِ أَيْضًا فَلَا يَبْعُدُ الِاكْتِفَاءُ بِذِكْرِهِ فِيهِ كَاتَّهَبْتُ هَذَا مِنْك هَذَا بِكَذَا فَيَقُولُ: وَهَبْتُك فَلْيُتَأَمَّلْ وَيُحْتَمَلُ الِاكْتِفَاءُ بِذِكْرِهِ فِي الْمُتَقَدِّمِ، وَلَوْ غَيْرَ لَفْظِ الْهِبَةِ.

(قَوْلُهُ: الْكِتَابَةُ لِغَائِبٍ) قَالَ فِي الرَّوْضِ: فَيُشْتَرَطُ الْقَبُولُ حَالَ الِاطِّلَاعِ، فَإِذَا قَبِلَ فَلَهُ الْخِيَارُ فِي مَجْلِسِ قَبُولِهِ، وَالْخِيَارُ لِلْكَاتِبِ إلَى أَنْ يَنْقَطِعَ خِيَارُ صَاحِبِهِ. اهـ. وَقَوْلُهُ: حَالَ الِاطِّلَاعِ اُنْظُرْ لَوْ تَأَخَّرَ الِاطِّلَاعُ عَنْ وُصُولِ الْكِتَابِ بِتَقْصِيرِ حَامِلِ الْكِتَابِ، أَوْ تَأَخَّرَ الْوُصُولُ بِتَقْصِيرِهِ بِأَنْ أَقَامَ فِي الطَّرِيقِ بِلَا عُذْرٍ مُدَّةً طَوِيلَةً هَلْ يُؤَثِّرُ ذَلِكَ؟ وَكَذَا يُقَالُ فِيمَا لَوْ بَاعَ بِاللَّفْظِ مِنْ غَائِبٍ فَأَخَّرَ الرَّسُولُ إعْلَامَهُ بَعْدَ وُصُولِهِ بِلَا عُذْرٍ وَظَاهِرُ إطْلَاقِهِمْ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ وَقَوْلُهُ: إلَى أَنْ يَنْقَطِعَ خِيَارُ صَاحِبِهِ ظَاهِرُهُ، وَإِنْ فَارَقَ هُوَ مَحَلَّهُ وَلَوْ بَعْدَ

ـــــــــــــــــــــــــــــQالْبَائِعُ: نَعَمْ، أَوْ قَالَ: بِعْتُك فَقَالَ الْمُشْتَرِي: نَعَمْ صَحَّ كَمَا ذَكَرَهُ فِي الرَّوْضَةِ فِي النِّكَاحِ اسْتِطْرَادًا وَإِنْ خَالَفَ فِي ذَلِكَ الشَّيْخَ فِي الْغُرُرِ

(قَوْلُهُ: أَوْ أَدْخَلْته فِي مِلْكِك) وَإِنَّمَا كَانَ كِنَايَةً دُونَ مَلَّكْتُك لِاحْتِمَالِ إدْخَالِهِ فِي مِلْكِهِ الْحِسِّيِّ. اهـ. شَرْحُ الْإِرْشَادِ لِحَجَرٍ.

(قَوْلُهُ: فَإِنْ تَوَفَّرَتْ الْقَرَائِنُ إلَخْ) هَلْ يُعْتَبَرُ الْجَمْعُ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ اللَّفْظِ، أَوْ الْمُرَادُ الْجِنْسُ؟ وَعَلَى كُلٍّ فَالْمُرَادُ غَيْرُ قَرِينَةِ ذِكْرِ الْعِوَضِ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِمْ: لَا يَصِحُّ بِالْكِنَايَةِ مَعَ قَوْلِهِمْ إنَّ ذِكْرَ الْعِوَضِ مَعَ الْكِنَايَةِ ظَاهِرٌ فِي إرَادَةِ الْبَيْعِ. اهـ. مِنْ هَامِشِ شَرْحِ الرَّوْضِ بِخَطِّ الشَّنَوَانِيِّ، وَفِي ع ش عَلَى م ر أَنَّ أَلْ لِلْجِنْسِ فَيَصْدُقُ بِالْقَرِينَةِ الْوَاحِدَةِ. اهـ. وَمِثْلُهُ فِي ق ل عَلَى الْجَلَالِ وَقَوْلُ الشَّنَوَانِيِّ غَيْرُ قَرِينَةِ ذِكْرِ الْعِوَضِ ذَكَرَ نَحْوَهُ شَيْخُنَا الذَّهَبِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ -

(قَوْلُهُ: وَظَاهِرُ كَلَامِهِ إلَخْ) أَيْ: لَوْلَا مَا صَنَعَهُ الشَّارِحُ مِنْ جَعْلِهِ كَلَامًا مُبْتَدَأً.

(قَوْلُهُ: وَظَاهِرُ كَلَامِهِ إلَخْ) بِخِلَافِ الْحَاوِي فَإِنَّهُ أَعَادَ لَفْظَ، أَوْ لِيَعْلَمَ أَنَّهُ مِنْ جِنْسِ مَا قَبْلَهُ. اهـ. نَاشِرِيٌّ. (قَوْلُهُ: الصِّيغَةُ وَحْدَهَا، أَوْ مَعَ ذِكْرِ الْعِوَضِ) فِي ق ل عَلَى الْجَلَالِ أَنَّهُ يَكْفِي النِّيَّةُ، وَلَوْ فِي جُزْءٍ مِنْ الصِّيغَةِ عِنْدَ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ وَقَالَ زي لَا بُدَّ مِنْ اقْتِرَانِهَا بِجَمِيعِ اللَّفْظِ؛ لِأَنَّ مَا هُنَا مُعَاوَضَةٌ مَحْضَةٌ تَفْسُدُ بِفَسَادِ الْعِوَضِ فَضُويِقَ بِمُقَارَنَتِهَا كُلَّ اللَّفْظِ، بِخِلَافِ ذَاكَ فَإِنَّهُ عَقْدٌ حَلَّ فَخَفَّ أَمْرُهُ وَمِنْ اللَّفْظِ الَّذِي يَصِحُّ، أَوْ يَجِبُ مُقَارَنَةُ النِّيَّةِ لَهُ عِنْدَهُمَا ذِكْرُ الْعِوَضِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ الصِّيغَةِ الْأَصْلِيَّةِ. اهـ. وَحِينَئِذٍ لَا يَنْفَعُ الِالْتِفَاتُ الْمَذْكُورُ فَلْيُتَأَمَّلْ وَإِنَّمَا يَنْبَنِي عَلَيْهِ الِاكْتِفَاءُ بِنْيَةِ الْعِوَضِ.

(قَوْلُهُ: الْتِفَاتٌ) أَيْ: ابْتِنَاءٌ (قَوْلُهُ: أَوْ مَعَ ذِكْرِ الْعِوَضِ) قَضِيَّةُ هَذَا التَّرْدِيدِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015