لَكِنَّ مَحَلَّهُ كَمَا قَالَ ابْنُ الصَّبَّاغِ وَالْبَنْدَنِيجِيُّ وَالْمَاوَرْدِيُّ وَغَيْرُهُمْ إذَا لَمْ يَتَعَلَّقْ بِهَا حَقُّ آدَمِيٍّ فَتُسْمَعُ فِي السَّرِقَةِ إذَا لَمْ يَبْرَأْ السَّارِقُ مِنْ الْمَالِ بِرَدٍّ وَنَحْوِهِ وَإِلَّا فَلَا تُسْمَعُ لِتَمَحُّضِ الْحَقِّ لِلَّهِ تَعَالَى كَالزِّنَا فَالْمُعْتَمَدُ سَمَاعُهَا إلَّا فِي مَحْضِ حُدُودِ اللَّهِ تَعَالَى.

(لَا الْوَقْفِ وَالْوَصِيَّهْ مَا لَمْ يَعُمَّا) فَلَا تُقْبَلُ فِيهِمَا شَهَادَةُ الْحِسْبَةِ بِخِلَافِ مَا إذَا عَمَّا وَلَوْ آخِرًا لِيَدْخُلَ نَحْوُ مَا أَفْتَى بِهِ الْبَغَوِيّ مِنْ أَنَّهُ لَوْ وَقَفَ دَارًا عَلَى أَوْلَادِهِ ثُمَّ عَلَى الْفُقَرَاءِ فَاسْتَوْلَى عَلَيْهَا وَرَثَتُهُ وَتَمَلَّكُوهَا فَشَهِدَ شَاهِدَانِ حِسْبَةً قَبْلَ انْقِرَاضِ أَوْلَادِهِ بِوَقْفِيَّتِهَا قُبِلَتْ شَهَادَتُهُمَا؛ لِأَنَّ آخِرَهُ عَلَى الْفُقَرَاءِ وَذِكْرُ الْوَصِيَّةِ مَعَ التَّقْيِيدِ بِمَا لَمْ يَعُمَّا مَزِيدٌ عَلَى الْحَاوِي (وَ) لَا (شِرَا الْبَعْضِيَّهْ) مِنْ أَصْلٍ وَفَرْعٍ فَلَا تُقْبَلُ فِيهِ شَهَادَةُ الْحِسْبَةِ وَإِنْ تَضَمَّنَ الْعِتْقَ لِكَوْنِهَا عَلَى الْمِلْكِ، وَالْعِتْقُ تَبَعٌ وَلَيْسَ كَالْخُلْعِ؛ لِأَنَّ الْمَالَ فِيهِ تَابِعٌ وَفِي الشِّرَاءِ مَقْصُودٌ فَإِثْبَاتُهُ دُونَ الْمَالِ مُحَالٌ، وَعُلِمَ مِمَّا تَقَرَّرَ قَبُولُ شَهَادَةِ مَنْ اخْتَبَى فِي زَاوِيَةٍ لِلتَّحَمُّلِ وَلَا يُحْمَلُ عَلَى الْحِرْصِ فَإِنَّ الْحَاجَةَ قَدْ تَدْعُو إلَيْهِ وَيُسْتَحَبُّ إعْلَامُ الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ لِئَلَّا يُبَادِرَ إلَى تَكْذِيبِهِ فَيُعَزِّرُهُ الْقَاضِي

ثُمَّ لَا بُدَّ لِلشَّهَادَةِ مِنْ مُسْتَنَدٍ، وَالْأَصْلُ فِيهِ الْعِلْمُ بِالْمَشْهُودِ بِهِ قَالَ تَعَالَى {وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ} [الإسراء: 36] وَقَالَ {إِلا مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ} [الزخرف: 86] وَقَدْ يَقُومُ الظَّنُّ الْمُؤَكَّدُ مَقَامَ الْعِلْمِ لِلْحَاجَةِ مِنْ الْمَشْهُودِ بِهِ مَا يَكْفِي فِي الْإِبْصَارِ بِغَيْرِ سَمْعٍ وَهُوَ الْفِعْلُ وَمَا فِي مَعْنَاهُ كَزِنًا وَسَرِقَةٍ وَوِلَادَةٍ وَكَوْنِ الْمَالِ بِيَدِ فُلَانٍ وَمِنْهُ مَا يَحْتَاجُ إلَيْهِمَا وَهُوَ الْقَوْلُ كَالْعَقْدِ وَالْفَسْخِ وَالْإِقْرَارِ وَمِنْهُ مَا يَكْفِي فِيهِ السَّمْعُ وَهُوَ مَا يُشْهَدُ فِيهِ بِالتَّسَامُعِ، وَقَدْ أَخَذَ فِي بَيَانِهَا عَلَى هَذَا التَّرْتِيبِ فَقَالَ (رَأَى) أَيْ سَأَلَ الْحُجَّةَ ذَكَرًا مَوْصُوفًا بِمَا مَرَّ رَأَى الْفِعْلَ مَعَ فَاعِلِهِ إنْ شَهِدَ بِهِ (وَ) رَأَى (لِلْمِلْكِ) أَيْ لِلشَّهَادَةِ بِهِ (تَصَرُّفًا) فِيهِ (بِيَدْ) أَيْ مَعَ يَدِ الْمُتَصَرِّفِ تَصَرُّفَ الْمُلَّاكِ فِي الْأَمْلَاكِ (كَالْبَيْعِ وَالرَّهْنِ وَإِيجَارٍ وَهَدْ وَكَالِبنَا) وَلَوْ وَاحِدًا مِنْهَا لَكِنَّ أَكْثَرَ مِنْ مَرَّةٍ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْمِلْكَ لَا يُرَى وَلَا يُسْمَعُ فَاعْتُبِرَ رُؤْيَةُ مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ مِنْ الْيَدِ وَالتَّصَرُّفِ (بِالطُّولِ) أَيْ مَعَ طُولِ مُدَّتِهِمَا عُرْفًا بِحَيْثُ يُظَنُّ بِهَا الْمِلْكُ (أَوْ) مَعَ (تَسَامُعِ مِنْ) جَمْعٍ (غَيْرِ مَحْصُورٍ) بِأَنَّهُ مِلْكُ فُلَانٍ وَإِنْ لَمْ تَطُلْ الْمُدَّةُ (بِلَا مُنَازِعِ) فِي الْمِلْكِ لِلْمَشْهُودِ لَهُ بِهِ إذْ ظَنُّ الْمِلْكِ إنَّمَا يَحْصُلُ حَيْثُ لَا مُنَازِعَ أَمَّا إذَا رَأَى التَّصَرُّفَ وَحْدَهُ أَوْ الْيَدَ وَحْدَهَا أَوْ رَآهُمَا مَعًا وَلَمْ تَطُلْ الْمُدَّةُ وَلَمْ يَحْصُلْ تَسَامُعٌ فَلَا تَصِحُّ الشَّهَادَةُ بِالْمِلْكِ بِمَا ذُكِرَ وَأَفْهَمَ كَلَامُهُ كَأَصْلِهِ أَنَّهُ لَا يَكْفِي التَّسَامُعُ وَحْدَهُ مِنْ غَيْرِ يَدٍ

ـــــــــــــــــــــــــــــSغَيْرُهُ كَالدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ وَالْحُبُوبِ وَنَحْوِهَا مِمَّا يَتَمَاثَلُ فَلَا يَجُوزُ الشَّهَادَةُ فِيهَا بِالْمِلْكِ وَلَا بِالْيَدِ اهـ. (قَوْلُهُ وَأَفْهَمَ كَلَامُهُ كَأَصْلِهِ إلَخْ) ، عِبَارَةُ الرَّوْضِ، وَلَوْ تَجَرَّدَتْ الِاسْتِفَاضَةُ لَمْ يَشْهَدْ حَتَّى يَنْضَمَّ إلَيْهَا إمَّا يَدٌ أَوْ تَصَرُّفٌ مَعَ مُدَّةٍ طَوِيلَةٍ أَيْ فِيهَا كَمَا فِي شَرْحِهِ فَإِنْ انْضَمَّا إلَيْهَا لَمْ يُشْتَرَطْ طُولُ الْمُدَّةِ اهـ. قَالَ فِي شَرْحِهِ وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ عَدَمِ الِاكْتِفَاءِ بِالِاسْتِفَاضَةِ وَحْدَهَا هُوَ مَا نَقَلَهُ الْأَصْلُ عَنْ نَصِّهِ فِي حَرْمَلَةٍ، وَعَنْ اخْتِيَارِ الْقَاضِي وَالْإِمَامِ

ـــــــــــــــــــــــــــــQوَهُوَ الْمُعْتَمَدُ. اهـ. م ر فِي حَاشِيَةِ شَرْحِ الرَّوْضِ (قَوْلُهُ وَيُسْتَحَبُّ إلَخْ) أَيْ لِمَنْ اخْتَبَأَ

(قَوْلُهُ بِيَدٍ) إلَى قَوْلِهِ بِالطُّولِ يُسْتَثْنَى مِنْهُ الرَّقِيقُ، فَلَا تَجُوزُ الشَّهَادَةُ فِيهِ بِمُجَرَّدِ الْيَدِ وَالتَّصَرُّفِ فِي الْمُدَّةِ الطَّوِيلَةِ، إلَّا أَنْ يَنْضَمَّ لِذَلِكَ السَّمَاعُ مِنْ النَّاسِ أَنَّهُ مَمْلُوكٌ لِلِاحْتِيَاطِ فِي الْحُرْمَةِ وَكَثْرَةِ الِاسْتِخْدَامِ لِلْأَحْرَارِ. اهـ. شَرْحُ م ر عَلَى الْمِنْهَاجِ (قَوْلُهُ أَكْثَرَ مِنْ مَرَّةٍ) وَلَا يَكْفِي مَرَّتَانِ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ تَعَدُّدٍ يُظَنُّ مَعَهُ الْمِلْكُ (قَوْلُهُ رُؤْيَةُ مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ) قَالَ فِي حَوَاشِي شَرْحِ الرَّوْضِ: يُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ فِيمَنْ لَا يُبَاشِرُ أَمْلَاكَ النَّاسِ نِيَابَةً عَنْهُمْ كَجُبَاةِ أَمْلَاكِ الْأَغْنِيَاءِ الَّذِينَ يَتَصَرَّفُونَ فِيهَا بِالْإِجَارَةِ وَالْهَدْمِ وَالْبِنَاءِ وَقَبْضِ الْأُجْرَةِ وَمَنْ فِي مَعْنَاهُمْ مِنْ قِيَامِ الْأَيْتَامِ وَالْوُقُوفِ وَنَحْوِهَا؛ لِأَنَّ هَؤُلَاءِ تَطُولُ مُدَّةُ أَيْدِيهِمْ وَتَصَرُّفِهِمْ فِي أَمْلَاكِ النَّاسِ غَالِبًا، إلَّا أَنْ يُقَالَ يُشْتَرَطُ فِيمَنْ يَشْهَدُ لِهَؤُلَاءِ أَنْ يَكُونَ خَبِيرًا بِبَاطِنِ أَحْوَالِهِمْ مُمَيِّزًا بَيْنَ مَا هُوَ لَهُمْ وَمَا هُوَ لِغَيْرِهِمْ بِأَيْدِيهِمْ. اهـ (قَوْلُهُ مِنْ جَمْعٍ) أَيْ مُكَلَّفِينَ كَمَا فِي ع ش مُسْلِمِينَ كَمَا أَفْتَى بِهِ وَالِدُ م ر وَفَرَّقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ التَّوَاتُرِ بِأَنَّ مَا هُنَا يُفِيدُ الظَّنَّ بِخِلَافِ التَّوَاتُرِ فَإِنَّهُ يُفِيدُ الْعِلْمَ الضَّرُورِيَّ وَعِبَارَةُ شَرْحِ الْمَنْهَجِ مِنْ جَمْعٍ يُؤْمَنُ تَوَاطُؤُهُمْ عَلَى الْكَذِبِ فَيَقَعُ الْعِلْمُ أَوْ الظَّنُّ الْقَوِيُّ بِخَبَرِهِمْ. اهـ قَالَ سم: فَالْمُرَادُ هُنَا بِالْجَمْعِ وَبِأَمْنِ تَوَاطُئِهِمْ أَعَمُّ مِمَّا فِي التَّوَاتُرِ. اهـ وَلَعَلَّ التَّسَامُعَ الَّذِي اُخْتُلِفَ فِي كِفَايَتِهِ وَحْدَهُ غَيْرُ التَّوَاتُرِ الَّذِي هُوَ مُفِيدٌ لِلْعِلْمِ الضَّرُورِيِّ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ سم عَلَى التُّحْفَةِ وَلِذَا قَالَ الشَّارِحُ: إذَا ظَنَّ الْمِلْكَ إلَخْ وَفِي حَاشِيَةِ الْمَنْهَجِ الْفَرْقُ بَيْنَ الْخَبَرِ الْمُسْتَفِيضِ وَالْمُتَوَاتِرِ أَنَّ الْمُتَوَاتِرَ هُوَ الَّذِي بَلَغَتْ رُوَاتُهُ مَبْلَغًا أَحَالَتْ الْعَادَةُ تَوَاطُؤَهُمْ عَلَى الْكَذِبِ، وَالْمُسْتَفِيضُ الَّذِي لَا يَنْتَهِي إلَى ذَلِكَ بَلْ أَفَادَ الْأَمْنَ مِنْ التَّوَاطُؤِ عَلَى الْكَذِبِ، وَالْأَمْنُ مَعْنَاهُ الْوُثُوقُ وَذَلِكَ بِالظَّنِّ الْمُؤَكَّدِ. اهـ. دَمِيرِيٌّ (قَوْلُهُ إذَا ظَنَّ الْمِلْكَ إلَخْ) يُفِيدُ أَنَّ الْحَاصِلَ هُوَ الظَّنُّ وَهُوَ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّ التَّوَاتُرَ لَا يُفِيدُ الْعِلْمَ فِي غَيْرِ الْمَحْسُوسِ كَمَا فِي حَاشِيَةِ شَرْحِ الرَّوْضِ وَهُنَا لَمْ يَشْهَدْ بِالْعَقْدِ الَّذِي هُوَ مَحْسُوسٌ بَلْ بِالْمِلْكِ فَلَيْسَ هُوَ التَّوَاتُرُ الْمُفِيدُ لِلْعِلْمِ الضَّرُورِيِّ

(قَوْلُهُ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015