الشَّهَادَتَانِ إذَا عَزَتْ كُلٌّ مِنْهُمَا مَا شَهِدَتْ بِهِ إلَى الْأُخْرَى فَإِنْ عَزَتْهُ إلَيْهِمَا مَعًا كَقَوْلِهَا: أَخَذَ مَالَنَا، لَمْ تُقْبَلْ لِلتُّهْمَةِ وَزَادَ (فَقَطْ) تَكْمِلَةً.

(وَبِتَغَافُلٍ) عَطْفٌ عَلَى بِالْجَرِّ أَيْ لَمْ يُتَّهَمْ بِجَرِّ نَفْعٍ وَلَا بِتَغَفُّلٍ (بِإِمْكَانِ الْغَلَطْ) أَيْ مَعَ إمْكَانِ غَلَطِهِ عَادَةً فِيمَا شَهِدَ بِهِ فَلَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ الْمُغَفَّلِ الَّذِي لَا يَحْفَظُ وَلَا يَضْبِطُ أَوْ يَكْثُرُ غَلَطُهُ وَنِسْيَانُهُ إذْ لَا يَوْثُقُ بِقَوْلِهِ بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يُمْكِنْ ذَلِكَ بِأَنْ فَسَّرَ شَهَادَتَهُ وَبَيَّنَ وَقْتَ التَّحَمُّلِ وَمَكَانَهُ، وَزَالَتْ التُّهْمَةُ وَلَا يَضُرُّ السَّهْوُ وَالْغَلَطُ الْقَلِيلَانِ إذْ لَا يَسْلَمُ مِنْهُمَا أَحَدٌ (وَ) لَمْ يُتَّهَمْ (بِالْبِدَارِ) إلَى الشَّهَادَةِ (قَبْلَ أَنْ يَطْلُبَ) الْخَصْمُ شَهَادَتَهُ وَلَوْ بَعْدَ الدَّعْوَى فَلَوْ شَهِدَ قَبْلَ طَلَبِهَا لَمْ تُقْبَلْ لِتُهْمَتِهِ بِالْحِرْصِ عَلَيْهَا وَفِي خَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ فِي مَعْرِضِ الذَّمِّ «ثُمَّ يَجِيءُ قَوْمٌ يَشْهَدُونَ وَلَا يُسْتَشْهَدُونَ» وَأَمَّا خَبَرُ مُسْلِمٍ «أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِخَيْرِ الشُّهَدَاءِ؟ الَّذِي يَأْتِي بِشَهَادَتِهِ قَبْلَ أَنْ يُسْأَلَهَا» فَمَحْمُولٌ عَلَى مَا يَجُوزُ الْبِدَارُ إلَيْهِ وَهُوَ شَهَادَةُ الْحِسْبَةِ فَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ صَاحِبُ الْحَقِّ بِهِ فِيمَا لَا يَجُوزُ فِيهِ الْبِدَارُ أَعْلَمَهُ الشَّاهِدُ حَتَّى يُدْعَى وَيُسْتَشْهَدَ فَيَشْهَدُ، وَقَدْ بَيَّنَ الْبِدَارَ الْجَائِزَ بِقَوْلِهِ (لَا مَا فِيهِ حَقٌّ آكَدٌ لِذِي الْعُلَا) أَيْ لَا الْبِدَارُ إلَى الشَّهَادَةِ بِمَا فِيهِ حَقٌّ مُؤَكَّدٌ لِلَّهِ تَعَالَى وَهُوَ مَا لَا يَتَأَثَّرُ بِرِضَى الْآدَمِيِّ فَإِنَّهُ يُقْبَلُ فِيهِ كَمَا يُقْبَلُ فِي مَحْضِ حَقِّهِ تَعَالَى

، الْمَفْهُومُ بِالْأَوْلَى كَالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ وَالصَّوْمِ كَأَنْ يَشْهَدَ بِتَرْكِهَا وَذَلِكَ (كَالْعَفْوِ فِي الْقِصَاصِ) أَيْ عَنْهُ (وَالطَّلَاقِ وَالْخُلْعِ وَالرَّضَاعِ وَالْعَتَاقِ وَنَسَبٍ) وَالثَّابِتُ بِذَلِكَ فِي الْخُلْعِ الْفِرَاقُ دُونَ الْمَالِ كَمَا قَالَهُ الْإِمَامُ وَغَيْرُهُ وَلِلْإِمَامِ احْتِمَالٌ بِثُبُوتِ الْمَالِ أَيْضًا لِئَلَّا يَتَعَطَّلَ حَقُّ الزَّوْجِ بِالْكُلِّيَّةِ، وَاحْتِمَالٌ آخَرُ بِثُبُوتِ الْفِرَاقِ دُونَ الْبَيْنُونَةِ، وَكَالْعَتَاقِ الِاسْتِيلَادُ دُونَ التَّدْبِيرِ، وَتَعْلِيقُ الْعِتْقِ قَالَ الرَّافِعِيُّ وَكَأَنَّ الْفَرْقَ تَحَقُّقُ إفْضَائِهِ لِلْعِتْقِ بِخِلَافِهِمَا وَدُونَ الْكِتَابَةِ فَإِنْ أَدَّى النَّجْمَ الْأَخِيرَ شَهِدَ بِالْعِتْقِ، وَطَرِيقُ شَهَادَةِ الْحِسْبَةِ أَنْ يَقُولَ الشُّهُودُ ابْتِدَاءً لِلْقَاضِي: نَشْهَدُ عَلَى فُلَانٍ بِكَذَا فَأَحْضِرْهُ لِنَشْهَدَ عَلَيْهِ فَإِنْ ابْتَدَءُوا وَقَالُوا: فُلَانٌ زَنَى، فُهِمَ قَذْفُهُ وَإِنَّمَا تُسْمَعُ عِنْدَ الْحَاجَةِ إلَيْهَا فَلَوْ شَهِدَ اثْنَانِ أَنَّ فُلَانًا أَعْتَقَ عَبْدَهُ أَوْ أَنَّهُ أَخُو فُلَانَةَ مِنْ الرَّضَاعِ لَمْ يَكْفِ حَتَّى يَقُولَا وَهُوَ يَسْتَرِقُّهُ أَوْ يُرِيدُ نِكَاحَهَا أَوْ مُتَزَوِّجٌ بِهَا وَمَا يُقْبَلُ فِيهِ الْبِدَارُ هَلْ تُسْمَعُ فِيهِ دَعْوَى الْحِسْبَةِ؟ وَجْهَانِ أَحَدُهُمَا وَبِهِ قَطَعَ الْقَفَّالُ لَا اكْتِفَاءً بِالْبَيِّنَةِ وَلِأَنَّهُ لَا حَقَّ لِلْمُدَّعِي فِيهِ وَمَنْ لَهُ الْحَقُّ لَمْ يَأْذَنْ فِي الطَّلَبِ وَالثَّانِي وَبِهِ قَالَ الْقَاضِي، نَعَمْ؛ لِأَنَّ الْبَيِّنَةَ قَدْ لَا تُسَاعِدُ وَيُرَادُ اسْتِخْرَاجُ الْحَقِّ بِإِقْرَارِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ كَذَا فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا هُنَا، وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِمَا فِي السَّرِقَةِ وَآخِرِ الْقَضَاءِ تَرْجِيحُ الثَّانِي وَصَحَّحَهُ الْبُلْقِينِيُّ وَيَجِبُ حَمْلُهُ عَلَى غَيْرِ حُدُودِ اللَّهِ تَعَالَى فَقَدْ جَزَمَ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا فِي الدَّعَاوَى بِعَدَمِ سَمَاعِهَا فِيهَا

ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ إذَا عَزَتْ كُلٌّ مِنْهُمَا مَا شَهِدَتْ بِهِ الْأُخْرَى) بِأَنْ يَقُولَ: أَخَذُوا مَالَ هَذَا شَرْحٌ رَوْضٌ (قَوْلُهُ كَقَوْلِهَا أَخَذَ مَالَنَا لَمْ تُقْبَلْ) بَحَثَ الْإِسْنَوِيُّ قَبُولَهَا فِيمَا لَا يَتَعَلَّقُ بِالشَّاهِدِ بِرّ وَكَتَبَ أَيْضًا يَنْبَغِي أَنْ يَجْرِيَ هُنَا نَظِيرُ مَا قِيلَ فِي شَهَادَةِ الشَّرِيكِ قَالَ فِي الرَّوْضِ وَشَرِيكٌ أَيْ وَتَرِدُ شَهَادَةُ شَرِيكٍ فِيمَا هُوَ شَرِيكٌ فِيهِ بِأَنْ قَالَ: هَذِهِ الدَّارُ بَيْنَنَا اَ هـ

قَالَ فِي شَرْحِهِ فَلَوْ قَالَ هَذِهِ الدَّارُ لِزَيْدٍ وَلِي قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: فَالظَّاهِرُ أَخْذًا مِنْ التَّصْوِيرِ الْمَذْكُورِ الصِّحَّةُ فِي نَصِيبِ زَيْدٍ دُونَ نَصِيبِهِ كَمَا لَوْ شَهِدَ لِفَرْعِهِ وَأَجْنَبِيٍّ وَمَا بَحَثَهُ يَأْتِي فِي مَسْأَلَةِ التَّصْوِيرِ أَيْضًا فَالْمُتَّجَهُ حَمْلُ ذَلِكَ كُلِّهِ عَلَى مَا يَأْتِي عَنْ الْمَطْلَبِ اهـ. ثُمَّ قَالَ فِي الرَّوْضِ فَلَوْ شَهِدَ بِنَصِيبِ شَرِيكِهِ وَحْدَهُ قُبِلَتْ اهـ. قَالَ فِي شَرْحِهِ اسْتَشْكَلَهُ فِي الْمَطْلَبِ بِأَنَّ الشَّرِكَةَ قَدْ تَكُونُ مِنْ إرْثٍ وَنَحْوِهِ وَلَمْ يَتَّصِلْ بِهَا قَبْضٌ فَلِأَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ مُشَارَكَةُ الْآخَرِ فِيمَا يَقْبِضُهُ فَلَا تُسْمَعُ شَهَادَتُهُ، وَقَدْ أَطْلَقَ الْأَصْحَابُ أَنَّ الشَّهَادَةَ لِلشَّرِيكِ غَيْرُ مَقْبُولَةٍ، وَالْأَحْسَنُ أَنْ يُقَالَ إنْ كَانَ مَا يَشْهَدُ بِهِ لِشَرِيكِهِ يَسْتَلْزِمُ حُصُولَ شَيْءٍ لَهُ فِيهِ لَمْ تُسْمَعْ شَهَادَتُهُ وَعَلَيْهِ يُنَزَّلُ إطْلَاقُ الْأَصْحَابِ، وَإِلَّا سُمِعَتْ وَعَلَيْهِ يُنَزَّلُ كَلَامُ الرَّافِعِيِّ وَمَنْ تَبِعَهُ اهـ. ثُمَّ قَالَ فِي الرَّوْضِ، وَلَوْ شَهِدَ لِوَالِدِهِ وَلِأَجْنَبِيٍّ قُبِلَتْ لِلْأَجْنَبِيِّ فَقَطْ، قَالَ فِي شَرْحِهِ: وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ قَوْلِهِ: هَذَا لِوَالِدِي وَلِفُلَانٍ وَعَكْسِهِ. قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ قَالَ: وَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ الْخِلَافُ فِيمَا إذَا قَدَّمَ الْأَجْنَبِيَّ فَإِنْ قَدَّمَ الْآخَرَ فَيَحْتَمِلُ الْقَطْعُ بِالْبُطْلَانِ لِلْأَجْنَبِيِّ مِنْ جِهَةِ الْعَطْفِ عَلَى الْبَاطِلِ إلَخْ اهـ. (قَوْلُهُ: إفْضَائِهِ) أَيْ الِاسْتِيلَادِ (قَوْلُهُ فَهُمْ قَذَفَةٌ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ، نَعَمْ إنْ وَصَلُوا شَهَادَتَهُمْ بِهِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُمْ لَيْسُوا بِقَذَفَةٍ لَكِنَّ كَلَامَ الرُّويَانِيِّ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَا فَرْقَ اهـ.

(قَوْلُهُ بِلَا مُنَازِعٍ) ، عِبَارَةُ الرَّوْضِ فَصْلٌ مَنْ رَأَى رَجُلًا يَتَصَرَّفُ فِي شَيْءٍ فِي يَدِهِ مُمَيِّزًا أَيْ عَنْ أَمْثَالِهِ كَالدَّارِ وَالْعَبْدِ وَاسْتَفَاضَ فِي النَّاسِ أَنَّهُ مِلْكُهُ جَازَ أَنْ يَشْهَدَ لَهُ بِذَلِكَ، وَكَذَا لَوْ انْضَمَّ إلَى الْيَدِ تَصَرُّفُ مُدَّةٍ طَوِيلَةٍ بِغَيْرِ الِاسْتِفَاضَةِ قَالَ فِي شَرْحِهِ: وَخَرَجَ بِالْمُتَمَيِّزِ

ـــــــــــــــــــــــــــــQمِنْ اجْتِمَاعِ سَبَبَيْنِ لِلْبُطْلَانِ الْبِدَارِ وَالتُّهْمَةِ (قَوْلُهُ أَوْ يَكْثُرُ غَلَطُهُ) يَشْمَلُ التَّسَاوِي. اهـ. رَشِيدِيٌّ وَيُؤَيِّدُهُ التَّعْبِيرُ فِيمَا سَيَأْتِي بِالْقَلِيلَيْنِ (قَوْلُهُ لَمْ تُقْبَلْ) لَكِنْ لَوْ أَعَادَهَا بَعْدَ الطَّلَبِ، وَلَوْ فِي الْمَجْلِسِ قُبِلَتْ. اهـ. شَرْحُ الرَّوْضِ (قَوْلُهُ كَمَا قَالَهُ الْإِمَامُ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ (قَوْلُهُ وَكَانَ الْفَرْقُ إلَخْ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ مَحَلَّ الْمَنْعِ إذَا شَهِدَا عَلَى الْمُدَبَّرِ فِي حَيَاتِهِ أَوْ عَلَى الْمُعَلَّقِ قَبْلَ وُجُودِ الصِّفَةِ أَمَّا لَوْ شَهِدَا بِذَلِكَ بَعْدَ مَوْتِهِ أَوْ بَعْدَ وُجُودِ الصِّفَةِ قُبِلَتْ لَا مَحَالَةَ. اهـ. م ر فِي حَاشِيَةِ شَرْحِ الرَّوْضِ عَنْ الْأَذْرَعِيِّ (قَوْلُهُ حَتَّى يَقُولَا إلَخْ) قَالَ الْغَزِّيِّ: مِنْ الْحَاجَةِ قَطْعُ سَلْطَنَةِ السَّيِّدِ بِإِزَالَةِ الرِّقِّ عَنْ الْعَبْدِ فَتَقْيِيدُ السَّمَاعِ بِالِاسْتِرْقَاقِ مَمْنُوعٌ. اهـ نَقَلَهُ م ر فِي حَاشِيَةِ شَرْحِ الرَّوْضِ وَسَكَتَ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ الْبِدَارُ) أَيْ شَهَادَةُ الْحِسْبَةِ (قَوْلُهُ وَبِهِ قَطَعَ الْقَفَّالُ) جَزَمَ بِهِ الرَّافِعِيُّ هُنَا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015