مَعَ ظُهُورِ فِسْقِهِ ثُمَّ رَدَّهَا وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ إذَا لَمْ يُصْغِ إلَيْهَا تُقْبَلُ بِنَاءً عَلَى الْأَصَحِّ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ وَأَصْلِ الرَّوْضَةِ أَنَّ الْقَاضِيَ لَا يُصْغِي إلَيْهِ كَمَا لَا يُصْغِي إلَى الْعَبْدِ وَالصَّبِيِّ فَمَا أَتَى بِهِ أَوَّلًا لَيْسَ بِشَهَادَةٍ فِي الْحَقِيقَةِ كَمَا أَفْهَمَهُ لَفْظُ الْمُعَادَةِ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا وَلَا تُقْبَلُ الشَّهَادَةُ الْمُعَادَةُ مِمَّنْ شَهِدَ غَالِطًا فِي شَهَادَتِهِ الْأُولَى (لَا) كَالشَّهَادَةِ الْمُعَادَةِ مِنْ الرَّقِيقِ وَالْكَافِرِ وَالصَّبِيِّ وَالْمُبَادِرِ بِشَهَادَةِ غَيْرِ الْحِسْبَةِ بِعُذْرِ زَوَالِ (الرِّقِّ وَالْكُفْرِ) وَ (الصِّبَا) وَ (الْبِدَارِ أَيْ فِي) شَهَادَةِ (سِوَى الْحِسْبَةِ) فَإِنَّهَا تُقْبَلُ؛ لِأَنَّهُمْ لَا يَتَعَيَّرُونَ بِحَالِهِمْ الْأَوَّلِ فَلَا يُتَّهَمُونَ وَلِأَنَّ شَهَادَتَهُمْ الْأُولَى لَمْ تَكُنْ فِي الْحَقِيقَةِ شَهَادَةً حَتَّى تُوصَفَ بِالرَّدِّ وَالْقَبُولِ نَعَمْ الْمُسِرُّ بِكُفْرِهِ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ الْمُعَادَةُ كَالْمُسِرِّ بِفِسْقِهِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَالْأَشْبَهُ قَبُولُ الشَّهَادَةِ الْمُعَادَةِ مِمَّنْ شَهِدَ وَبِهِ خَرَسٌ ثُمَّ زَالَ. اهـ.

وَمِثْلُهُ الْمُعَادَةُ مِمَّنْ شَهِدَ وَبِهِ عَمًى ثُمَّ زَالَ أَمَّا الْمُبَادِرُ بِشَهَادَةِ الْحِسْبَةِ فَتُقْبَلُ شَهَادَتُهُ كَمَا سَيَأْتِي (وَ) كَشَهَادَةِ (الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ بِالْقَتْلِ عَلَى الشُّهُودِ) الشَّاهِدَيْنِ عَلَيْهِ بِذَلِكَ كَأَنْ شَهِدَ اثْنَانِ عَلَى اثْنَيْنِ بِقَتْلِ زَيْدٍ فَشَهِدَ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِمَا عَلَى الشَّاهِدَيْنِ بِأَنَّهُمَا قَتَلَاهُ فَإِنَّهَا لَا تُقْبَلُ لِلتُّهْمَةِ؛ لِأَنَّهَا تَدْفَعُ ضَرَرَ مُوجِبِ الشَّهَادَةِ عَلَيْهِمَا وَلِأَنَّهُمَا صَارَا عَدُوَّيْنِ لِلْأَوَّلَيْنِ بِشَهَادَتِهِمَا فَيُرَاجِعُ وَلِيُّ الدَّمِ فَإِنْ صَدَّقَ الْأَوَّلَيْنِ خَاصَّةً ثَبَتَ الْحَقُّ أَوْ الْأَخِيرَيْنِ بَطَلَتْ الْأُولَى لِلتَّكْذِيبِ وَالثَّانِيَةُ لِمَا مَرَّ أَوْ كِلَيْهِمَا بَطَلَتَا إذْ فِي تَصْدِيقِ كُلٍّ تَكْذِيبُ الْأُخْرَى، وَإِنْ كَذَّبَهُمَا فَكَذَلِكَ وَهُوَ ظَاهِرٌ وَاعْتُرِضَ بِأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ تَقَدُّمِ دَعْوَى عَلَى مُعَيَّنٍ فَكَيْفَ يُرَاجَعُ الْمُدَّعِي بَعْدَ الشَّهَادَةِ؟ وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ يَدَّعِي ثُمَّ يَشْهَدُ الْأَوَّلَانِ فَيُبَادِرُ الْأَخِيرَانِ فَيُورِثُ ذَلِكَ رِيبَةً فَيُرَاجَعُ احْتِيَاطًا فَإِنْ اسْتَمَرَّ عَلَى التَّصْدِيقِ فَذَاكَ وَإِلَّا بَطَلَتْ الدَّعْوَى لِلتَّنَاقُضِ وَبِأَنْ يُوَكِّلَ وَكِيلَيْنِ فِي إثْبَاتِ الْقَتْلِ مِنْ غَيْرِ تَعْيِينِ مَنْ هُوَ عَلَيْهِ فَيَدَّعِي كُلٌّ مِنْهُمَا وَيُقِيمُ بَيِّنَةً وَخَرَجَ بِالْقَتْلِ الْمَالُ فَإِنْ كَانَ مُعَيَّنًا فَكَالْقَتْلِ أَوْ غَيْرَ مُعَيَّنٍ كَأَلْفٍ فَلَا خَلَلَ لِجَوَازِ اجْتِمَاعِ الْأَلْفَيْنِ إلَّا أَنْ يَشْهَدَ الْأَخِيرَانِ مُبَادَرَةً (وَ) كَشَهَادَةِ (حَامِلِي الْعَقْلِ) أَيْ الدِّيَةِ وَهُمْ الْعَاقِلَةُ (بِفِسْقِ شَاهِدِي) قَتْلٍ (خُطًا) بِالْإِسْكَانِ لِلْوَزْنِ أَوْ شِبْهِ عَمْدٍ فَلَا تُقْبَلُ (وَلَوْ) كَانُوا مُتَّصِفِينَ (بِالْفَقْرِ) لِتُهْمَةِ دَفْعِ تَحَمُّلِهِمْ الْعَقْلَ (لَا) شَهَادَةِ (الْأَبَاعِدِ) مِنْهُمْ وَفِي الْأَقْرَبِينَ وَفَاءً بِالْوَاجِبِ فَإِنَّهَا تُقْبَلُ، وَفَارَقُوا الْفُقَرَاءَ بِأَنَّ تَوَقُّعَ الْغِنَا أَقْرَبُ مِنْ تَوَقُّعِ مَوْتِ الْقَرِيبِ بِالْمُحْوِجِ إلَى التَّحَمُّلِ فَالتُّهْمَةُ لَا تَتَحَقَّقُ فِيهِ، أَمَّا شَهَادَةُ الْعَاقِلَةِ بِفِسْقِ شُهُودِ قَتْلِ الْعَمْدِ أَوْ الْإِقْرَارِ بِالْقَتْلِ وَلَوْ خَطَأً فَمَقْبُولَةٌ لِانْتِفَاءِ تَحَمُّلِهِمْ الْعَقْلَ

وَلَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ غُرَمَاءِ مُفْلِسٍ بِفِسْقِ شُهُودِ دَيْنٍ آخَرَ لِتُهْمَةِ دَفْعِ ضَرَرِ الْمُزَاحَمَةِ (وَ) كَشَهَادَةِ (وَارِثٍ بِجُرْحِ مَوْرُوثٍ) لَهُ (لَدَى شَهَادَةٍ) أَيْ عِنْدَ شَهَادَتِهِ فَلَا تُقْبَلُ قَبْلَ الْبُرْءِ وَإِنْ بَرِئَ بَعْدَهَا لِلتُّهْمَةِ فَإِنَّهُ لَوْ مَاتَ أَخَذَ الْأَرْشَ فَكَأَنَّهُ شَهِدَ لِنَفْسِهِ، وَمِثْلُهَا شَهَادَتُهُ بِتَزْكِيَةِ شُهُودِ جُرْحِ مُوَرِّثِهِ قَالَهُ الشَّيْخَانِ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ: وَلَوْ كَانَ الْجَرِيحُ عَبْدًا ثُمَّ أَعْتَقَهُ سَيِّدُهُ بَعْدَ الْجُرْحِ وَادَّعَى بِهِ عَلَى الْجَارِحِ وَأَنَّهُ الْمُسْتَحِقُّ لِأَرْشِهِ؛ لِأَنَّهُ كَانَ مِلْكَهُ فَشَهِدَ لَهُ وَارِثُ الْجَرِيحِ قُبِلَتْ شَهَادَتُهُ لِعَدَمِ الْمَعْنَى الْمُقْتَضِي لِلرَّدِّ، وَدَخَلَ فِي كَوْنِهِ مَوْرُوثًا لَهُ عِنْدَ شَهَادَتِهِ مَا لَوْ شَهِدَ بِذَلِكَ أَخُو الْجَرِيحِ وَهُوَ وَارِثٌ لَهُ ثُمَّ وُلِدَ لِلْجَرِيحِ ابْنٌ فَلَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ وَخَرَجَ بِهِ مَا لَوْ شَهِدَ وَلِلْجَرِيحِ ابْنٌ ثُمَّ مَاتَ الِابْنُ فَتُقْبَلُ شَهَادَتُهُ ثُمَّ إنْ صَارَ وَارِثًا وَقَدْ حُكِمَ بِشَهَادَتِهِ لَمْ تُنْقَضْ كَمَا لَوْ طَرَأَ الْفِسْقُ أَوَّلًا فَلَا يُحْكَمُ بِهَا، أَمَّا شَهَادَتُهُ بَعْدَ الْبُرْءِ فَمَقْبُولَةٌ لِانْتِفَاءِ التُّهْمَةِ (لَا إنْ بِمَالٍ شَهِدَا) أَيْ لَا إنْ شَهِدَ الْوَارِثُ لِمُوَرِّثِهِ الْجَرِيحِ أَوْ غَيْرِهِ وَلَيْسَ بَعْضًا لَهُ بِمَالٍ وَلَوْ قَبْلَ الْبُرْءِ فَإِنَّهَا تُقْبَلُ، وَفَارَقَ شَهَادَتَهُ بِالْجُرْحِ بِأَنَّ الْجُرْحَ سَبَبٌ لِلْمَوْتِ النَّاقِلِ لِلْحَقِّ إلَيْهِ بِخِلَافِ الْمَالِ (وَ) لَا إنْ شَهِدَ الْمَشْهُودُ لَهُ (بِوَصِيَّةٍ مِنْ الْمَالِ لِمَنْ يَشْهَدُ بِالْمِثْلِ) أَيْ لِمَنْ شَهِدَ (لَهُ) بِمِثْلِهَا مِنْ ذَلِكَ الْمَالِ كَأَنْ شَهِدَ اثْنَانِ لِاثْنَيْنِ بِوَصِيَّةٍ مِنْ تَرِكَةٍ فَشَهِدَ الْمَشْهُودُ لَهُمَا لِلشَّاهِدَيْنِ بِوَصِيَّةٍ مِنْ تِلْكَ التَّرِكَةِ فَتُقْبَلُ الشَّهَادَتَانِ؛ لِأَنَّ كُلَّ شَهَادَةٍ مُنْفَصِلَةٌ عَنْ الْأُخْرَى مِنْ غَيْرِ تُهْمَةٍ، وَاحْتِمَالُ الْمُوَاطَأَةِ مُنْدَفِعٌ بِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُهَا وَلَوْ عَبَّرَ بَدَلَ الْمَالِ بِشَيْءٍ كَانَ أَعَمَّ (وَلَا كَأَنْ يَشْهَدْ) بِالْجَزْمِ فِي لُغَةٍ (لِقَطْعِ الطُّرُقِ) أَيْ وَلَا كَأَنْ تَشْهَدَ (رُفْقَةٌ) مِنْ الْقَافِلَةِ فِي قَطْعِ الطَّرِيقِ لِأُخْرَى مِنْهَا بِمِثْلِ مَا شَهِدَتْ لَهَا بِهِ الْأُخْرَى فَتُقْبَلُ

ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ مَعَ ظُهُورِ فِسْقِهِ) ، عِبَارَةُ شَرْحِ الرَّوْضِ: نَعَمْ إنْ لَمْ يُصْغِ الْقَاضِي إلَى شَهَادَةِ الْمُعْلِنِ قُبِلَتْ شَهَادَتُهُ الْمُعَادَةُ بِنَاءً إلَخْ (قَوْلُهُ وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهَا إذَا لَمْ يُصْغِ إلَيْهَا تُقْبَلُ) هَلْ يَجْرِي هَذَا فِي السَّيِّدِ وَالْعَدُوِّ وَالْوَارِثِ؟ (قَوْلُهُ: أَوْ؛ لِأَنَّ شَهَادَتَهُمْ الْأُولَى إلَخْ) إذْ الْقَاضِي لَا يَجُوزُ لَهُ حَتَّى فِي ذِي الْفِسْقِ الْمُعْلِنِ كَمَا مَرَّ الْإِصْغَاءُ إلَيْهَا فَإِنْ أَصْغَى إلَيْهَا لَمْ تُقْبَلْ مِنْهُ الْمُعَادَةُ فِيمَا يَظْهَرُ وَإِنْ حَرُمَ عَلَيْهِ الْإِصْغَاءُ إلَيْهِ لِاتِّهَامِهِ بِالتَّدَارُكِ حِينَئِذٍ حَجَرٌ (قَوْلُهُ بِجُرْحِ مَوْرُوثٍ) ، وَلَوْ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ مُسْتَغْرِقٌ؛ لِأَنَّ الدَّيْنَ لَا يَمْنَعُ الْإِرْثَ. نَبَّهَ عَلَيْهِ الْبُلْقِينِيُّ رَدًّا عَلَى ابْنِ أَبِي عَصْرُونٍ بِرّ م ر (قَوْلُهُ الْجَرِيحِ أَوْ غَيْرِهِ) قَالَ فِي الرَّوْضِ، وَلَوْ هُوَ مَرِيضٌ

ـــــــــــــــــــــــــــــQأَيْ أَوْ بَعْدَ الْبُرْءِ (قَوْلُهُ فَيُبَادِرُ الْأَخِيرَانِ إلَخْ) قَدْ يُقَالُ إنَّ الْبِدَارَ وَحْدَهُ مُبْطِلٌ لِلشَّهَادَةِ، إلَّا أَنْ يُقَالَ لَا مَانِعَ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015