يُسْتَقْبَحُ مِنْ شَخْصٍ مَا لَا يُسْتَقْبَحُ مِنْ غَيْرِهِ وَلَيْسَ اللَّعِبُ بِالشِّطْرَنْجِ مَثَلًا فِي الْخَلْوَةِ مِرَارًا كَاللَّعِبِ بِهِ فِي الطَّرِيقِ أَوْ السُّوقِ مَثَلًا مَرَّةً عَلَى مَلَإٍ مِنْ النَّاسِ (وَ) مِثْلُ (حِرْفَةٍ دَنِيئَةٍ) بِالْهَمْزِ كَحِجَامَةٍ وَكَنْسٍ وَدَبْغٍ فَمَنْ ارْتَكَبَ شَيْئًا مِنْهَا سَقَطَتْ مُرُوءَتُهُ لِإِشْعَارِهِ بِالدَّنَاءَةِ وَالْخِسَّةِ نَعَمْ إنْ اعْتَادَهَا وَكَانَتْ حِرْفَةَ أَبِيهِ فَلَا تَسْقُطُ عَلَى الْأَصَحِّ فِي الْمِنْهَاجِ كَأَصْلِهِ وَالشَّرْحِ الصَّغِيرِ وَجَرَى عَلَيْهِ النَّاظِمُ حَيْثُ زَادَ قَوْلَهُ (لَيْسَتْ لِأَبْ) وَقَالَ فِي الرَّوْضَةِ لَمْ يَتَعَرَّضْ الْجُمْهُورُ لِهَذَا الْقَيْدِ وَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَتَقَيَّدَ بِصَنْعَةِ آبَائِهِ بَلْ يَنْظُرُ هَلْ يَلِيقُ بِهِ هُوَ أَمْ لَا؟ وَالتَّوْبَةُ مِمَّا يُخِلُّ بِالْمُرُوءَةِ بِسُنَّةٍ كَمَا فِي الْمَعَاصِي ذَكَرَهُ فِي التَّنْبِيهِ (لَمْ يُتَّهَمْ بِالْجَرِّ وَالدَّفْعِ) أَيْ عَدْلًا لَهُ مُرُوءَةٌ غَيْرُ مُتَّهَمٍ بِجَرِّ نَفْعٍ إلَيْهِ أَوْ دَفْعِ ضَرَرٍ عَنْهُ بِشَهَادَتِهِ
(فَلَا تُقْبَلُ أَنْ يَشْهَدَ) بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ أَيْ شَهَادَتُهُ (لِبَعْضٍ) لَهُ مِنْ أَصْلٍ وَفَرْعٍ وَإِنْ قُبِلَتْ عَلَيْهِ وَمِنْهُ أَنْ تَتَضَمَّنَ شَهَادَتُهُ دَفْعَ ضَرَرٍ عَنْهُ كَأَنْ يَشْهَدَ لِلْأَصِيلِ الَّذِي ضَمَّنَهُ بَعْضَهُ بِالْأَدَاءِ أَوْ الْإِبْرَاءِ نَعَمْ لَوْ ادَّعَى السُّلْطَانُ عَلَى شَخْصٍ بِمَالٍ لِبَيْتِ الْمَالِ فَشَهِدَ لَهُ بِهِ أَصْلُهُ أَوْ فَرْعُهُ قَبْلَ كَمَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ لِعُمُومِ الْمُدَّعَى بِهِ وَلَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ الْوَارِثِ لِمُوَرِّثِهِ وَلَا الْغَرِيمِ لِلْمَيِّتِ وَلَا لِلْمُفْلِسِ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ وَتُقْبَلُ شَهَادَتُهُ لِغَرِيمِهِ الْمُوسِرِ وَكَذَا الْمُعْسِرُ قَبْلَ الْحَجْرِ عَلَيْهِ وَلَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ الضَّامِنِ لِلْمَضْمُونِ عَنْهُ بِالْأَدَاءِ (وَ) لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ (عَلَى عَدُوِّهِ) وَإِنْ قُبِلَتْ لَهُ لِلتُّهْمَةِ بِقَيْدٍ زَادَهُ بِقَوْلِهِ (دُنْيَا) وَخَرَجَ بِهِ عَدُوُّهُ دِينًا فَتُقْبَلُ شَهَادَةُ الْمُسْلِمِ عَلَى الْكَافِرِ وَالسُّنِّيِّ عَلَى الْمُبْتَدِعِ وَعَكْسُهُ إلَّا الْخَطَابِيَّةَ بِتَفْصِيلٍ فِيهِمْ تَقَدَّمَ (وَذَا مَنْ حَزِنَا بِفَرَحٍ مِنْهُ وَعَكْسٍ) أَيْ وَعَدُوُّهُ مَنْ يَحْزَنُ بِفَرَحِهِ وَيَفْرَحُ بِحُزْنِهِ وَذَلِكَ قَدْ يَكُونُ مِنْ الْجَانِبَيْنِ وَقَدْ يَكُونُ مِنْ أَحَدِهِمَا فَيَخْتَصُّ بِرَدِّ شَهَادَتِهِ عَلَى الْآخَرِ وَإِنْ أَفْضَتْ الْعَدَاوَةُ إلَى الْفِسْقِ رُدَّتْ شَهَادَتُهُ مُطْلَقًا كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ، وَمَنْ خَاصَمَ مَنْ يُرِيدُ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْهِ وَبَالَغَ فَلَمْ يُجِبْهُ ثُمَّ شَهِدَ عَلَيْهِ قُبِلَتْ شَهَادَتُهُ وَإِلَّا لَاتُّخِذَ ذَلِكَ ذَرِيعَةً إلَى إسْقَاطِ الشَّهَادَاتِ (كَزِنَا عِرْسِهْ) بِإِسْكَانِ الْهَاءِ أَيْ كَشَهَادَةِ الزَّوْجِ بِزِنَا زَوْجَتِهِ وَلَوْ مَعَ ثَلَاثَةٍ فَلَا تُقْبَلُ؛ لِأَنَّ شَهَادَتَهُ عَلَيْهَا بِذَلِكَ تَدُلُّ عَلَى كَمَالِ الْعَدَاوَةِ بَيْنَهُمَا وَلِأَنَّهُ نَسَبَهَا إلَى خِيَانَةٍ فِي حَقِّهِ فَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ كَالْمُودِعِ وَفِي غَيْرِ هَذِهِ تُقْبَلُ شَهَادَةُ كُلٍّ مِنْهُمَا عَلَى الْآخَرِ كَسَائِرِ الْأَجَانِبِ
وَقَوْلُهُ: كَزِنَا عُرْسِهْ مِثَالٌ لِشَهَادَةِ الْعَدُوِّ كَمَا تَقَرَّرَ وَيَجُوزُ كَوْنُهُ نَظِيرًا لَهَا أَيْ لَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ الْعَدُوِّ عَلَى عَدُوِّهِ كَمَا لَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ الزَّوْجِ عَلَى زَوْجَتِهِ بِالزِّنَا وَهَذَا أَوْلَى لِيُنَاسِبَ أَنْ يَعْطِفَ عَلَيْهِ قَوْلَهُ (وَكَالشَّهَادَةِ الْمُعَادَهْ) مِنْ الْمُسِرِّ بِفِسْقِهِ وَالْمُعْلِنِ بِهِ وَمِنْ السَّيِّدِ لِعَبْدِهِ وَالْعَدُوِّ عَلَى عَدُوِّهِ وَالْوَارِثِ لِمُوَرِّثِهِ يَخْرُجُ قَبْلَ الْبُرْءِ (بَعْدَ زَوَالِ الْفِسْقِ وَالسِّيَادَهْ أَوْ الْمُعَادَاةِ) أَوْ الْبُرْءِ فَإِنَّهَا لَا تُقْبَلُ لِمَا زَادَهُ بِقَوْلِهِ (لِدَفْعِ الْعَارِ) أَيْ لِاتِّهَامِهِمْ بِدَفْعِ عَارِ رَدِّ شَهَادَتِهِمْ الْأُولَى عَنْهُمْ وَمَا تَقَرَّرَ فِي الْمُعْلِنِ بِفِسْقِهِ هُوَ الْأَصَحُّ عِنْدَ الْأَكْثَرِينَ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا قَالَا وَإِنَّمَا يَجِيءُ الْوَجْهَانِ إذَا أَصْغَى الْقَاضِي إلَى شَهَادَتِهِ
ـــــــــــــــــــــــــــــSالْمُسْقِطَةُ لِلْإِثْمِ لَا الْمُتَعَلِّقُ بِهَا الشَّهَادَةُ فِي غَيْرِ الْمَعْصِيَةِ الْقَوْلِيَّةِ فَلْيُتَأَمَّلْ
(قَوْلُهُ فَلَا يُقْبَلُ أَنْ يَشْهَدَ لِبَعْضٍ) لَوْ ادَّعَى أَنَّ زَيْدًا وَكَّلَهُ وَشَهِدَ لَهُ بِذَلِكَ أَصْلُ زَيْدٍ أَوْ فَرْعُهُ قُبِلَتْ قَالَهُ ابْنُ الصَّبَّاغِ وَمَنَعَ ذَلِكَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ وَرَجَّحَ الْبُلْقِينِيُّ الْأَوَّلَ (فَرْعٌ) شَهَادَةُ الْمُودِعِ بِمِلْكِ الْعَيْنِ عِنْدَ نِزَاعِ أَجْنَبِيٍّ غَيْرِهِ مَقْبُولَةٌ؛ لِأَنَّهَا تَمْنَعُ ضَرَرَ رَفْعِ يَدِهِ عَنْهَا بِرّ (قَوْلُهُ وَإِنْ قُبِلَتْ عَلَيْهِ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ لَوْ شَهِدَ لِأَحَدِ ابْنَيْهِ عَلَى الْآخَرِ لَمْ يُقْبَلْ وَبِهِ جَزَمَ الْغَزَالِيُّ لَكِنْ جَزَمَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ بِقَبُولِهَا إلَى آخِرِ مَا أَطَالَ بِهِ (قَوْلُهُ: وَلَا تُقْبَلُ) أَيْ فِي الْجُمْلَةِ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي شَهَادَةُ الْوَارِثِ (قَوْلُهُ، وَكَذَا الْمُعْسِرُ قَبْلَ الْحَجْرِ عَلَيْهِ) أَيْ؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ يَتَعَلَّقُ الْحَقُّ بِذِمَّتِهِ لَا بِعَيْنِ أَمْوَالِهِ بِخِلَافِ بَعْدَ الْحَجْرِ عَلَيْهِ، لَا يُقَالُ تَخْصِيصُ الْمُعْسِرِ بِالتَّقْيِيدِ بِقَبْلَ الْحَجْرَ عَلَيْهِ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي الْمُوسِرِ وَهُوَ مُشْكِلٌ؛ لِأَنَّ الْمُوسِرَ لَا يُحْجَرُ عَلَيْهِ إذْ شَرْطُ الْحَجْرِ زِيَادَةُ الدَّيْنِ عَلَى الْمَالِ، وَلَوْ سَلِمَ لَمْ يَتَّجِهْ التَّخْصِيصُ؛ لِأَنَّا نَمْنَعُ دَعْوَى الِاقْتِضَاءِ الْمَذْكُورِ، بَلْ التَّخْصِيصَ بِالتَّقْيِيدِ لِعَدَمِ تَأَتِّيهِ فِي الْمُوسِرِ إذْ لَا يَتَأَتَّى الْحَجْرُ عَلَيْهِ، نَعَمْ لَعَلَّ هَذَا بِاعْتِبَارِ الْغَالِبِ، وَإِلَّا فَقَدْ يُحْجَرُ عَلَى الْمُوسِرِ كَمَا ذَكَرُوهُ فِي أَوَّلِ بَابِ الْحَجْرِ فَلْيُتَأَمَّلْ
(قَوْلُهُ وَلَا عَلَى عَدُوِّهِ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ: وَلَا يُشْتَرَطُ ظُهُورُ الْعَدَاوَةِ، بَلْ يَكْفِي مَا يَدُلُّ عَلَيْهَا مِنْ الْمُخَاصَمَةِ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْمُخْتَصَرِ فَقَالَ: وَلَا تَجُوزُ شَهَادَتُهُ عَلَى خَصْمِهِ؛ لِأَنَّ الْخُصُومَةَ مَوْضِعُ عَدَاوَةٍ اهـ قَالَ الْجَوْجَرِيُّ: وَهَذَا الَّذِي أَفْهَمَهُ النَّصُّ مِنْ الِاكْتِفَاءِ بِالْمَظِنَّةِ هُوَ الْمُوَافِي لِلْقَوَاعِدِ وَهُوَ حَسَنٌ لِمَا فِيهِ مِنْ الِاحْتِيَاطِ بِرّ وَحَجَرٌ (قَوْلُهُ لِيُنَاسِبَ أَنْ يَعْطِفَ عَلَيْهِ إلَخْ) إذْ لَيْسَ مِثَالًا لَهَا (قَوْلُهُ أَوْ الْبُرْءِ) عَطْفٌ عَلَى زَوَالِ
ـــــــــــــــــــــــــــــQالشَّهَادَةِ الَّتِي لَمْ تَتِمَّ كَمَا فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ لِحَجَرٍ (قَوْلُهُ كَاللَّعِبِ فِي الطَّرِيقِ إلَخْ) ظَاهِرُهُ أَنَّ الْمَرَّةَ حِينَئِذٍ مُسْقِطَةٌ لِلْمُرُوءَةِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْفَاعِلُ عَظِيمًا وَيَنْبَغِي تَقْيِيدُهُ حِينَئِذٍ بِالتَّكَرُّرِ ع ش وَظَاهِرُهُ عَدَمُ اشْتِرَاطِ التَّكَرُّرِ فِي الْعَظِيمِ، بَلْ الْمَنْقُولُ عَنْ الْمَاوَرْدِيِّ الْإِطْلَاقُ رَاجِعْ م ر (قَوْلُهُ: وَحِرْفَةٍ دَنِيئَةٍ) يُحْمَلُ جَعْلُهَا مِنْ خَوَارِمِ الْمُرُوءَةِ عَلَى مَنْ اخْتَارَهَا لِنَفْسِهِ مَعَ حُصُولِ الْكِفَايَةِ بِغَيْرِهِ، فَلَا يُنَافِي كَوْنَهَا فَرْضَ كِفَايَةٍ. اهـ. حَاشِيَةُ شَرْحِ الرَّوْضِ
(قَوْلُهُ وَلَا لِلْمُفْلِسِ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ) أَيْ إنْ كَانَ الْغَرِيمُ يُضَارِبُ مَعَ الْغُرَمَاءِ لِحُلُولِ دَيْنِهِ وَتَقَدُّمِهِ عَلَى الْحَجْرِ فَإِنْ لَمْ يُضَارِبْ فِيمَا شَهِدَ بِهِ لِتَأْجِيلِ دَيْنِهِ أَوْ؛ لِأَنَّهُ عَامَلَهُ بَعْدَ الْحَجْرِ عَالِمًا بِحَالِهِ أَوْ شَهِدَ لَهُ بِعَيْنٍ هِيَ رَهْنٌ عِنْدَ بَعْضِ الْغُرَمَاءِ يَسْتَغْرِقُهَا دَيْنُهُ قُبِلَتْ شَهَادَتُهُ لِضَعْفِ التُّهْمَةِ وَعَدَمِ عَوْدِ النَّفْعِ إلَيْهِ غَالِبًا. اهـ. م ر فِي حَوَاشِي شَرْحِ الرَّوْضِ (قَوْلُهُ كَشَهَادَةِ الزَّوْجِ إلَخْ) هَلْ يَجِبُ حِينَئِذٍ الْحَدُّ؟ (قَوْلُهُ أَوْ الْبُرْءِ)