عَلَى الْفِكْرِ وَالتَّأَمُّلِ وَأَنَّهُ يَنْفَعُ فِي تَدْبِيرِ الْحَرْبِ (وَسَمْعٍ لِشِعَارِ مَنْ شَرِبَ) أَيْ وَكَاسْتِمَاعِ شِعَارِ شَارِبِ الْمُسْكِرِ مِنْ آلَاتِ الطَّرِبِ كَطُنْبُورٍ وَعُودٍ وَصَنْجٍ وَمِزْمَارٍ عِرَاقِيٍّ وَكَذَا يَرَاعٌ كَمَا صَحَّحَهُ النَّوَوِيُّ قَالَ وَهُوَ هَذِهِ الزَّمَّارَةُ الَّتِي يُقَالُ لَهَا الشَّبَّابَةُ وَصَحَّحَ الرَّافِعِيُّ حِلَّهُ؛ لِأَنَّهُ يُنَشِّطُ عَلَى السَّيْرِ فِي السَّفَرِ (وَ) فِعْلِ شَيْءٍ مِنْ الصَّغَائِرِ (مَرَّةٍ لِعِظَمٍ فِيهِ جُرِحْ) فَاعِلُهُ فَمَحَلُّ اعْتِبَارِ الْإِصْرَارِ عَلَيْهِ فِي عَدِّهِ كَبِيرَةً إذَا لَمْ يَسْتَعْظِمْهُ أَهْلُ تِلْكَ النَّاحِيَةِ فَإِنْ اسْتَعْظَمُوا رُدَّتْ الشَّهَادَةُ بِفِعْلِهِ مَرَّةً وَصَارَ فَاعِلُهُ مَجْرُوحًا لِظُهُورِ قِلَّةِ الْمُبَالَاةِ كَذَا ذَكَرَهُ الْإِمَامُ وَتَبِعَهُ الْحَاوِي وَالنَّاظِمُ، وَالْأَصَحُّ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا مَا فِي التَّهْذِيبِ وَغَيْرِهِ اعْتِبَارُ الْإِكْثَارِ (أَوْ تَابَ) أَيْ مَنْ أَقْدَمَ عَلَى كَبِيرَةٍ وَلَا أَصَرَّ عَلَى صَغِيرَةٍ أَوْ فَعَلَ ذَلِكَ لَكِنَّهُ تَابَ (مَعَ) ظُهُورِ (قَرَائِنٍ) بِالصَّرْفِ لِلْوَزْنِ دَلَّتْ عَلَى (أَنْ) أَيْ أَنَّهُ (قَدْ صَلَحْ كَقَاذِفٍ يَقُولُ إنِّي تُبْتُ) مِنْ قَذْفِي (وَلَا أَعُودُ لِلَّذِي أَذْنَبْتُ) بِهِ مِنْ الْقَذْفِ أَوْ يَقُولُ: قَذْفِي بَاطِلٌ وَأَنَا نَادِمٌ عَلَى مَا فَعَلْتُ وَلَا أَعُودُ إلَيْهِ وَنَحْوُهُ فَيَكْفِيهِ ذَلِكَ وَلَا يُكَلَّفُ أَنْ يَقُولَ كَذَبْتُ فَرُبَّمَا كَانَ صَادِقًا فَكَيْفَ يُؤْمَرُ بِالْكَذِبِ؟ (لَا إنْ أَقَرَّ قَاذِفٌ بِكَذِبِهْ) فِي قَذْفِهِ فَلَا يَكْفِي الْقَوْلُ مَعَ الْقَرَائِنِ بَلْ يُعْتَبَرُ مَعَهُمَا مُضِيُّ مُدَّةٍ وَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُ كَأَصْلِهِ مِنْ عَدَمِ اعْتِبَارِ الْمُدَّةِ فِيمَا عَدَا هَذِهِ وَأَنَّ الْمُعْتَبَرَ حُصُولُ غَلَبَةِ الظَّنِّ بِصِدْقِهِ هُوَ مَا اخْتَارَهُ الْإِمَامُ وَالْغَزَالِيُّ وَالْأَظْهَرُ اعْتِبَارُهَا فَقِيلَ سِتَّةُ أَشْهُرٍ وَالْأَظْهَرُ سَنَةٌ؛ لِأَنَّ لِمُضِيِّ الْفُصُولِ الْأَرْبَعَةِ أَثَرًا فِي تَهْيِيجِ النُّفُوسِ لِمَا تَشْتَهِيهِ نَعَمْ مِنْ قَذْفٍ بِصُورَةِ شَهَادَةٍ لَمْ يَتِمَّ نِصَابُهَا أَوْ خَفِيَ فِسْقُهُ وَأَقَرَّ بِهِ لِيُحَدَّ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ عَقِبَ تَوْبَتِهِ، وَكَذَا مَنْ أَسْلَمَ بَعْدَ رِدَّتِهِ لِإِتْيَانِهِ بِضِدِّ الْكُفْرِ فَلَمْ يَبْقَ مَعَهُ احْتِمَالٌ وَقَيَّدَهُ الْمَاوَرْدِيُّ بِمَا إذَا أَسْلَمَ مُرْسَلًا فَإِنْ أَسْلَمَ عِنْدَ تَقْدِيمِهِ لِلْقَتْلِ اُعْتُبِرَ مُضِيُّ الْمُدَّةِ، وَتُفَارِقُ الرِّدَّةُ الْقَذْفَ بِغَيْرِ صُورَةِ الشَّهَادَةِ عَلَى الْأَظْهَرِ بِأَنَّ ضَرَرَهَا قَاصِرٌ وَضَرَرَهُ مُتَعَدٍّ، وَقَضِيَّةُ اشْتِرَاطِهِمْ التَّوْبَةَ بِالْقَوْلِ فِي الْقَذْفِ أَنَّ سَائِرَ الْمَعَاصِي الْقَوْلِيَّةِ كَشَهَادَةِ الزُّورِ وَالْغِيبَةِ وَالنَّمِيمَةِ كَذَلِكَ وَبِهِ صَرَّحَ صَاحِبُ الْمُهَذَّبِ فِي شَهَادَةِ الزُّورِ فَقَالَ: التَّوْبَةُ مِنْهَا أَنْ يَقُولَ: كَذَبْتُ فِيمَا فَعَلْتُ وَلَا أَعُودُ إلَى مِثْلِهِ، ذَكَرَهُ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا أَمَّا لَوْ قَذَفَ وَأَقَامَ بَيِّنَةً بِالزِّنَا أَوْ أَقَرَّ الْمَقْذُوفُ أَوْ لَاعَنَ زَوْجَتَهُ بَعْدَ قَذْفِهَا قُبِلَتْ شَهَادَتُهُ لِإِظْهَارِ صِدْقِهِ بِالْحُجَّةِ ثُمَّ مَا ذَكَرَ مِنْ بَيَانِ التَّوْبَةِ مَحَلُّهُ فِي التَّوْبَةِ فِي الظَّاهِرِ وَهِيَ الْمُتَعَلِّقُ بِهَا الشَّهَادَةُ وَالْوِلَايَةُ، أَمَّا التَّوْبَةُ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى وَهِيَ الَّتِي يَسْقُطُ بِهَا الْإِثْمُ فَهِيَ الْإِقْلَاعُ عَنْ الْمَعْصِيَةِ وَالنَّدَمُ عَلَيْهَا وَالْعَزْمُ عَلَى أَنْ لَا يَعُودَ إلَيْهَا وَمِنْ لَوَازِمِ الْإِقْلَاعِ الْخُرُوجُ عَنْ الْمَظَالِمِ.

(تَنْبِيهٌ) حُدُودُ اللَّهِ تَعَالَى كَالزِّنَا وَشُرْبِ الْخَمْرِ إنْ لَمْ يُظْهِرْ عَلَيْهِ أَحَدٌ فَلَهُ أَنْ يُظْهِرَهُ وَيُقِرَّ بِهِ لِيُحَدَّ وَلَهُ أَنْ يَسْتُرَ عَلَى نَفْسِهِ وَهُوَ الْأَفْضَلُ وَإِنْ ظَهَرَ فَقَدْ فَاتَ السَّتْرُ فَيَأْتِي الْإِمَامُ وَيُقِرُّ بِهِ لِيُحَدَّ (لَهُ مُرُوءَةٌ لِمَا لَا لَاقَ بِهْ) بِزِيَادَةِ اللَّامِ لِتَقْوِيَةِ الْعَامِلِ وَهُوَ (خَلَا) مِنْ التَّخْلِيَةِ بِمَعْنَى التَّرْكِ أَيْ عَدْلًا لَهُ مُرُوءَةٌ بِأَنْ تَرَكَ مَا لَا يَلِيقُ بِهِ وَهُوَ بِمَعْنَى قَوْلِ الْمِنْهَاجِ كَأَصْلِهِ وَالْمُرُوءَةُ: تَخَلُّقٌ بِخُلُقِ أَمْثَالِهِ فِي زَمَانِهِ وَمَكَانِهِ وَغَيْرُ اللَّائِقِ (كَسَمْعِ الدُّفِّ) أَيْ اسْتِمَاعِهِ وَحْدَهُ (أَوْ مَعَ صَنْجِ) بِفَتْحِ أَوَّلِهِ إذَا أَكَبَّ عَلَيْهِ وَالْمُرَادُ بِهِ الْحِلَقُ الَّتِي تُجْعَلُ دَاخِلَ الدُّفِّ وَالدَّوَائِرُ الْعِرَاضُ الَّتِي تُؤْخَذُ مِنْ صُفْرٍ وَتُوضَعُ فِي خُرُوقِ دَوَائِرِ الدُّفِّ.

، وَالْقَوْلُ بِأَنَّ الدُّفَّ فِي الثَّانِيَةِ أَشَدُّ إطْرَابًا مِنْ كَثِيرٍ مِنْ الْمَلَاهِي الْمُحَرَّمَةِ مَمْنُوعٌ (وَ) مِثْلُ (لَعِبِ الْحَمَامِ) بِالتَّطْيِيرِ وَالْمُسَابَقَةِ إذَا أَكَبَّ عَلَيْهِ (وَ) لَعِبِ (الشِّطْرَنْجِ) بِكَسْرِ أَوَّلِهِ وَفَتْحِهِ مُعْجَمًا وَمُهْمَلًا إذَا أَكَبَّ عَلَيْهِ (وَ) مِثْلُ (الرَّقْصِ) كَذَلِكَ وَهَذَا مِنْ زِيَادَةِ النَّظْمِ (أَوْ) مِثْلُ (سَمْعِ الْغِنَا) أَيْ اسْتِمَاعِهِ إذَا أَكَبَّ عَلَيْهِ، وَكُلٌّ مِنْ الْغِنَا وَاسْتِمَاعِهِ مَكْرُوهٌ وَلَوْ مِنْ أَجْنَبِيَّةٍ نَعَمْ إنْ خِيفَ مِنْ اسْتِمَاعِهِ مِنْهَا أَوْ مِنْ أَمْرَدَ أَوْ غَيْرِهِ فِتْنَةٌ حُرِّمَ فَقَوْلُهُ (إذَا أَكَبْ) أَيْ دَاوَمَ عَلَيْهِ قَيْدٌ فِي الْأَمْثِلَةِ كُلِّهَا كَمَا تَقَرَّرَ هَذَا إذْ لَمْ يَقْتَرِنْ بِهَا مَا يَقْتَضِي التَّحْرِيمَ وَإِلَّا فَذَلِكَ حَرَامٌ مُطْلَقًا، وَالْمَرْجِعُ فِي الدَّوَامِ إلَى الْعَادَةِ وَتَخْتَلِفُ بِعَادَاتِ النَّوَاحِي وَالْبِلَادِ بِالْأَمْكِنَةِ فَقَدْ

ـــــــــــــــــــــــــــــSيُحَرَّرُ تَمَيُّزُ السَّفَاهَةِ عَنْ اللَّعْنِ وَالْهَجْوِ وَالْغِيبَةِ وَالْقَذْفِ (قَوْلُهُ وَغَيْرُ الْفَاسِقِ إلَخْ) الَّذِي فِي الرَّوْضِ: وَالْوُقُوعُ فِي أَهْلِ الْعِلْمِ وَحَمَلَةِ الْقُرْآنِ قَالَ فِي شَرْحِهِ: وَهَذَا مُسْتَثْنًى مِنْ قَوْلِهِمْ: الْغِيبَةُ صَغِيرَةٌ اهـ. (قَوْلُهُ كَقَاذِفٍ إلَخْ) شَمَلَ هَذَا الْإِطْلَاقُ مَا لَوْ كَانَ الْمَقْذُوفُ غَيْرَ مُحْصَنٍ بِرّ (قَوْلُهُ وَلَا يُكَلَّفُ إلَخْ) ، وَهَذَا لَا يُنَافِي قَوْلَهُ قَبْلَ قَذْفِي بَاطِلٌ فَتَأَمَّلْ. بِرّ (قَوْلُهُ وَتُفَارِقُ الرِّدَّةُ) حَيْثُ لَمْ يُعْتَبَرْ فِي التَّوْبَةِ فِيهَا بِالْإِسْلَامِ مُضِيُّ الْمُدَّةِ كَمَا تَقَرَّرَ، وَقَوْلُهُ الْقَذْفُ أَيْ حَيْثُ اُعْتُبِرَ فِيهِ مُضِيُّ الْمُدَّةِ (قَوْلُهُ: فَهِيَ الْإِقْلَاعُ إلَخْ) لَا يَظْهَرُ أَنَّ هَذِهِ الْأُمُورَ هِيَ التَّوْبَةُ

ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ وَمِزْمَارٍ عِرَاقِيٍّ) وَهُوَ الَّذِي يُضْرَبُ بِهِ مَعَ الْأَوْتَارِ شَرْحُ الرَّوْضِ (قَوْلُهُ وَصَحَّحَ الرَّافِعِيُّ حِلَّهُ) مُقْتَضَاهُ أَنَّهُ وُجِدَ فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ قَالَ الرَّمْلِيُّ فِي حَاشِيَةِ شَرْحِ الرَّوْضِ: وَلَا أَصْلَ لَهُ وَقَدْ قَالَ الشَّافِعِيُّ وَأَصْحَابُهُ بِحُرْمَةِ أَنْوَاعِ الْمَزَامِيرِ وَمِنْهَا الشَّبَّابَةُ بَلْ هِيَ مِنْ أَعْلَى الْمَزَامِيرِ (قَوْلُهُ عَقِبَ تَوْبَتِهِ) أَيْ تَوْبَتِهِ عِنْدَ الْقَاضِي فِي صُورَةِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015