أَوْ يَسُبُّ الصَّحَابَةَ أَوْ يَقْذِفُ عَائِشَةَ

قَالَ الرَّافِعِيُّ: وَهُوَ حَسَنٌ، زَادَ فِي الرَّوْضَةِ: قَاذِفُ عَائِشَةَ كَافِرٌ فَلَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ (وَلَمْ يَكُنْ أَصِرْ) أَيْ مَا أَقْدَمَ عَلَى كَبِيرَةٍ وَلَا أَصَرَّ (عَلَى صَغِيرَةٍ) وَهِيَ كُلُّ ذَنْبٍ لَيْسَ بِكَبِيرَةٍ، وَالْإِصْرَارُ عَلَيْهَا الْإِكْثَارُ مِنْ نَوْعٍ أَوْ أَنْوَاعٍ مِنْهَا فَتَنْتَفِي بِهِ الْعَدَالَةُ إلَّا أَنْ تَغْلِبَ طَاعَاتُ الْمُصِرِّ عَلَى مَا أَصَرَّ عَلَيْهِ فَلَا يَضُرُّ، وَالصَّغِيرَةُ (كَكَذِبٍ لَا ضَرَرْ فِيهِ وَلَا حَدَّ) وَقَدْ لَا يَكُونُ صَغِيرَةً كَأَنْ كَذَبَ فِي شِعْرِهِ بِمَدْحٍ وَإِطْرَاءٍ وَأَمْكَنَ حَمْلُهُ عَلَى الْمُبَالَغَةِ فَإِنَّهُ جَائِزٌ؛ لِأَنَّ غَرَضَ الشَّاعِرِ إظْهَارُ الصَّنْعَةِ لَا التَّحْقِيقُ، وَخَرَجَ بِنَفْيِ الضَّرَرِ وَالْحَدِّ الْمَزِيدُ عَلَى الْحَاوِي مَا لَوْ وُجِدَا أَوْ أَحَدُهُمَا مَعَ الْكَذِبِ فَيَصِيرُ كَبِيرَةً لَكِنَّهُ مَعَ الضَّرَرِ لَيْسَ كَبِيرَةً مُطْلَقًا بَلْ قَدْ يَكُونُ كَبِيرَةً كَالْكَذِبِ عَلَى الْأَنْبِيَاءِ وَقَدْ لَا يَكُونُ، بَلْ الْمُوَافِقُ لِتَعْرِيفِهِ كَأَصْلِهِ الْكَبِيرَةُ بِمَا مَرَّ أَنَّهُ لَيْسَ كَبِيرَةً مُطْلَقًا (وَ) مِثْلُ (لَعْنٍ) وَلَوْ لِكَافِرٍ أَوْ بَهِيمَةٍ وَكَهَجْرِ مُسْلِمٍ فَوْقَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ وَلُبْسِ حَرِيرٍ وَجُلُوسٍ عَلَيْهِ وَجُلُوسٍ مَعَ فُسَّاقٍ إينَاسًا لَهُمْ (وَهِجَا) وَلَوْ بِالتَّعْرِيضِ صِدْقًا أَوْ كَذِبًا، وَقَوْلُ الشَّيْخَيْنِ فَإِنْ هَجَا فِي شِعْرِهِ رُدَّتْ شَهَادَتُهُ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا هَجَا بِمَا يَفْسُقُ بِهِ كَأَنْ أَكْثَرَ مِنْهُ وَلَمْ تَغْلِبْ طَاعَاتُهُ بِقَرِينَةِ مَا ذَكَرَاهُ قَبْلُ

(قُلْتُ) هَذَا إذَا كَانَ (لِمُسْلِمٍ) فَإِنْ كَانَ لِكَافِرٍ جَازَ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الرُّويَانِيُّ وَغَيْرُهُ وَقَالَ الْبُلْقِينِيُّ نَصُّ الْأُمِّ يَقْتَضِيهِ بَلْ صَرَّحَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ بِأَنَّهُ مَنْدُوبٌ وَمِثْلُهُ فِي جَوَازِ الْهَجْوِ لِمُبْتَدِعٍ كَمَا ذَكَرَهُ الْغَزَالِيُّ فِي الْإِحْيَاءِ: وَالْفَاسِقُ الْمُعْلِنُ كَمَا بَحَثَهُ فِي الْمُهِمَّاتِ وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ جَوَازُ هَجْوِ الْكَافِرِ الْمُعَيَّنِ وَعَلَيْهِ فَيُفَارِقُ عَدَمَ جَوَازِ لَعْنِهِ بِأَنَّ اللَّعْنَ الْإِبْعَادُ مِنْ الْخَيْرِ، وَلَعْنُهُ لَا يَتَحَقَّقُ بُعْدُهُ مِنْهُ فَقَدْ يُخْتَمُ لَهُ بِخَيْرٍ بِخِلَافِ الْهَجْوِ وَلَيْسَ إثْمُ حَاكِيهِ كَإِثْمِ مُنْشِئِهِ (كَذَا السَّفَاهُ) بِمَعْنَى السَّفَاهَةِ (جَا) صَغِيرَةٌ وَفِي نُسْخَةٍ بَدَلُ هَذَا الْبَيْتِ

فِيهِ وَلَا حَدَّ وَهَجْوُ مُهْتَدِي ... وَاللَّعْنُ وَالسَّفَاهُ وَالتَّمَرُّدُ

(وَ) مِثْلُ (غِيبَةِ الْمُسِرِّ فِسْقًا) وَالسُّكُوتِ عَلَيْهَا وَخَرَجَ بِالْمُسِرِّ فِسْقُهُ الْمَزِيدُ عَلَى الْحَاوِي الْمُعْلِنُ فِسْقُهُ فَلَا تَحْرُمُ غِيبَتُهُ بِمَا أَعْلَنَ بِهِ، وَغَيْرُ الْفَاسِقِ فَيَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ غِيبَتُهُ كَبِيرَةً وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ مَا وَرَدَ فِيهَا مِنْ الْوَعِيدِ الشَّدِيدِ فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَمَا نَقَلَهُ الْقُرْطُبِيُّ وَغَيْرُهُ مِنْ الْإِجْمَاعِ عَلَى أَنَّهَا كَبِيرَةٌ وَهَذَا التَّفْصِيلُ أَحْسَنُ مِنْ إطْلَاقِ صَاحِبِ الْعُدَّةِ أَنَّهَا صَغِيرَةٌ وَإِنْ نَقَلَهُ الشَّيْخَانِ عَنْهُ وَأَقَرَّاهُ.

(وَ) مِثْلُ (لَعِبْ نَرْدٍ) لِخَبَرِ أَبِي دَاوُد وَصَحَّحَهُ الْحَاكِمُ «مَنْ لَعِبَ بِالنَّرْدِ فَقَدْ عَصَى اللَّهَ وَرَسُولَهُ» وَفِي خَبَرِ مُسْلِمٍ «فَكَأَنَّمَا غَمَسَ يَدَهُ فِي لَحْمِ خِنْزِيرٍ وَدَمِهِ» أَيْ وَذَلِكَ حَرَامٌ وَفَارَقَ اللَّعِبَ بِالشِّطْرَنْجِ بِأَنَّ التَّعْوِيلَ فِيهِ عَلَى مَا يُخْرِجُهُ الْكُعْبَانُ فَهُوَ كَالْأَزْلَامِ وَفِي الشِّطْرَنْجِ

ـــــــــــــــــــــــــــــS (قَوْلُهُ إلَّا أَنْ تَغْلِبَ إلَخْ) دَخَلَ فِي الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ الِاسْتِوَاءُ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْغَلَبَةَ أَمْرٌ عُرْفِيٌّ لَا حَقِيقِيٌّ، وَإِلَّا اُحْتِيجَ إلَى عَدِّ الْجَانِبَيْنِ وَالنَّظَرِ بَيْنَهُمَا، وَالْغَالِبُ تَعَذُّرُهُ (قَوْلُهُ: وَقَدْ لَا يَكُونُ) أَيْ الْكَذِبُ الَّذِي لَا ضَرَرَ فِيهِ إلَخْ (قَوْلُهُ: كَالْكَذِبِ عَلَى الْأَنْبِيَاءِ) أَيْ مَعَ ضَرَرٍ (قَوْلُهُ بِمَا مَرَّ) أَيْ وَهُوَ مَا أَوْجَبَ الْحَدَّ (قَوْلُهُ أَنَّهُ لَيْسَ كَبِيرَةً مُطْلَقًا) إذْ لَا حَدَّ فِي الْكَذِبِ ذِي الضَّرَرِ مُطْلَقًا (قَوْلُهُ وَهِجَاءٍ) قَدْ يُقَالُ: الْهِجَاءُ نَوْعٌ مِنْ الْغِيبَةِ فَلِمَ أَفْرَدَهُ وَقَدْ تَقَرَّرَ أَنَّ الْغِيبَةَ قَدْ تَكُونُ كَبِيرَةً؟ فَيُمْكِنُ أَنْ يُحْمَلَ قَوْلُ الشَّيْخَيْنِ عَلَى مَا يَكُونُ مِنْهَا كَبِيرَةً (قَوْلُهُ قُلْت هَذَا) أَيْ عَدُّ الْهِجَاءِ إذَا كَانَ أَيْ الْهِجَاءُ (قَوْلُهُ فَإِنْ كَانَ لِكَافِرٍ جَازَ) حَيْثُ لَا ذِمَّةَ لَهُ وَلَا عَهْدَ إذَا كَانَ حَيًّا وَلَا قَرِيبَ لَهُ مُسْلِمٌ يَتَأَذَّى بِهَجْوِهِ إذَا كَانَ مَيِّتًا عَلَى الْأَوْجَهِ حَجَرٌ وَقَوْلُهُ: وَلَا قَرِيبَ لَهُ مُسْلِمٌ يُخْرِجُ الْكَافِرَ حَتَّى مَنْ لَهُ ذِمَّةٌ أَوْ عَهْدٌ، وَقَدْ يَتَوَقَّفُ فِيهِ (قَوْلُهُ وَمِثْلُهُ فِي جَوَازِ الْهَجْوِ الْمُبْتَدِعُ) قَدْ يَتَوَقَّفُ فِيهِ بِأَنْ لَا يَنْقُصَ عَنْ كَافِرٍ ذِمِّيٍّ (قَوْلُهُ وَالْفَاسِقُ الْمُعْلِنُ) هَلْ يَتَقَيَّدُ جَوَازُ هَجْوِهِ بِمَا أَعْلَنَ بِهِ كَمَا قَالُوا فِي جَوَازِ غِيبَتِهِ، وَقَدْ يَتَقَيَّدُ خُصُوصًا، وَالْهَجْوُ نَوْعٌ مِنْ الْغِيبَةِ (قَوْلُهُ كَذَا السِّفَاهُ)

ـــــــــــــــــــــــــــــQخَطِيبٌ عَلَى الْمِنْهَاجِ (قَوْلُهُ الْمُبْتَدِعُ) أَيْ إذَا هَجَاهُ بِبِدْعَتِهِ كَمَا قَالَهُ زي وَظَاهِرُهُ وَإِنْ لَمْ يَنْزَجِرْ وَفِي ظَنِّي خِلَافُهُ فَرَاجِعْهُ (قَوْلُهُ: وَلَيْسَ إثْمُ إلَخْ) أَيْ إذَا اسْتَوَيَا أَمَّا لَوْ أَنْشَأَهُ وَلَمْ يُذِعْهُ وَأَذَاعَهُ الْحَاكِي وَأَشْهَرَهُ فَهُوَ أَشَدُّ إثْمًا بِلَا شَكٍّ. اهـ. م ر فِي حَاشِيَةِ شَرْحِ الرَّوْضِ (قَوْلُهُ وَفَارَقَ اللَّعِبُ بِالشِّطْرَنْجِ) أَيْ بِدُونِ مُقَابِلٍ وَإِلَّا حُرِّمَ وَكَالشِّطْرَنْجِ الْمُنَقَّلَةُ وَالطَّاوِلَةُ وَالطَّابُ كَالنَّرْدِ (قَوْلُهُ الْكُعْبَانُ) أَيْ الْحَصَى وَنَحْوِهِ شَرْحُ الرَّوْضِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015