بِفَتْحِ الْحَاءِ وَالْكَافِ أَيْ وَحُكْمُ الْحَكَمِ عَلَى الرَّاضِي بِحُكْمِهِ بِشَرْطِ أَهْلِيَّتِهِ لِلْقَضَاءِ إذْ التَّحْكِيمُ جَائِزٌ فَقَدْ حَكَّمَ عُمَرُ وَأُبَيُّ وَزَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ وَحَكَّمَ عُثْمَانُ وَطَلْحَةُ جُبَيْرَ بْنَ مُطْعِمٍ وَرُوِيَ «مَنْ حُكِّمَ بَيْنَ اثْنَيْنِ تَرَاضَيَا بِهِ فَلَمْ يَعْدِلْ فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ» سَوَاءٌ كَانَ ثَمَّ قَاضٍ أَمْ لَا وَسَوَاءٌ كَانَ الْحُكْمُ فِي الْأَمْوَالِ أَمْ فِي غَيْرِهَا، إلَّا فِي عُقُوبَاتِ اللَّهِ تَعَالَى إذْ لَيْسَ لَهَا طَالِبٌ مُعَيَّنٌ. وَهَلْ يُشْتَرَطُ كَوْنُ الْمُتَحَاكِمَيْنِ مِمَّنْ يَحْكُمُ الْحَكَمُ لِكُلٍّ مِنْهُمَا حَتَّى يَمْتَنِعَ فِيمَا لَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا بَعْضَهُ؟ وَجْهَانِ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا وَالْقِيَاسُ الِاشْتِرَاطُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَزِيدُ عَلَى الْقَاضِي، وَأَفْهَمَ قَوْلُهُ عَلَى الرَّاضِي أَنَّهُ لَا يَحْكُمُ عَلَى غَيْرِهِ، فَلَا يَحْكُمُ بِضَرْبِ دِيَةِ الْخَطَأِ عَلَى الْعَاقِلَةِ إذَا لَمْ يَرْضَوْا بِحُكْمِهِ وَإِنْ رَضِيَ الْقَاتِلُ وَلَا بُدَّ مِنْ رِضَا الْخَصْمَيْنِ وَإِنْ أَفْهَمَ كَلَامُهُ خِلَافَهُ، نَعَمْ إنْ كَانَ أَحَدُهُمَا الْقَاضِيَ لَمْ يُشْتَرَطْ رِضَا الْآخَرِ عَلَى الْمَذْهَبِ وَلْيَكُنْ هَذَا مَبْنِيًّا عَلَى جَوَازِ الِاسْتِخْلَافِ فَإِنْ جَازَ فَالْحَكَمُ نَائِبُ الْقَاضِي، ذَكَرَهُ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا وَرَدَّهُ فِي الْكِفَايَةِ بِأَنَّ ابْنَ الصَّبَّاغِ وَغَيْرَهُ قَالُوا: لَيْسَ التَّحْكِيمُ تَوْلِيَةً فَلَا يَحْسُنُ الْبِنَاءُ، وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ مَحَلَّ هَذَا إذَا صَدَرَ التَّحْكِيمُ مِنْ غَيْرِ قَاضٍ فَيَحْسُنُ الْبِنَاءُ، وَاسْتَثْنَى الْبُلْقِينِيُّ مِمَّا ذُكِرَ الْوَكِيلَيْنِ فَلَا يَكْفِي تَحْكِيمُهُمَا بَلْ الْمُعْتَبَرُ تَحْكِيمُ الْمُوَكِّلَيْنِ وَالْوَلِيَّيْنِ فَلَا يَكْفِي تَحْكِيمُهُمَا إذَا كَانَ مَذْهَبُ الْمُحَكَّمِ يَضُرُّ بِأَحَدِهِمَا، وَالْمَحْجُورُ عَلَيْهِ بِالْفَلَسِ فَلَا يَكْفِي رِضَاهُ إذَا كَانَ مَذْهَبُ الْمُحَكَّمِ يَضُرُّ بِغُرَمَائِهِ، وَالْمَأْذُونُ لَهُ فِي التِّجَارَةِ، وَعَامِلُ الْقِرَاضِ لَا يَكْفِي تَحْكِيمُهُمَا بَلْ لَا بُدَّ مِنْ رِضَا الْمَالِكِ وَإِنْ كَانَ هُنَاكَ دُيُونٌ فَلَا بُدَّ مِنْ رِضَا الْغُرَمَاءِ، وَالْمُكَاتَبِ إذَا كَانَ مَذْهَبُ الْمُحَكَّمِ يَضُرُّ بِهِ لَا بُدَّ مِنْ رِضَا السَّيِّدِ، وَالْمَحْجُورُ عَلَيْهِ بِالسَّفَهِ لَا أَثَرَ لِتَحْكِيمِهِ (مِنْ غَيْرِ حَبْسٍ) مِنْ الْحَكَمِ لِمَنْ عَلَيْهِ الْحَقُّ، بَلْ غَايَتُهُ الْإِثْبَاتُ وَالْحُكْمُ، وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ التَّرْسِيمُ (وَ) مِنْ غَيْرِ (عِقَابٍ) بَعْدَ إثْبَاتِهِ لِمَا فِيهِ مِنْ الِافْتِيَاتِ عَلَى الْوُلَاةِ وَيَلْزَمُ حُكْمُهُ (بِرِضَى فِي أَوَّلٍ) أَيْ بِالرِّضَا بِهِ قَبْلَهُ وَلَا يَتَوَقَّفُ عَلَى الرِّضَى بَعْدَهُ كَحُكْمِ الْحَاكِمِ، وَمَهْمَا رَجَعَ أَحَدُهُمَا قَبْلَ الْحَكَمِ امْتَنَعَ الْحُكْمُ

(وَنَافِذٌ هَذَا الْقَضَا) الصَّادِرُ مِنْ الْقَاضِي أَوْ الْمُحَكَّمِ فِيمَا بَاطِنُ الْأَمْرِ فِيهِ بِخِلَافِ ظَاهِرِهِ بِأَنْ تَرَتَّبَ عَلَى أَصْلٍ كَاذِبٍ (فِي ظَاهِرٍ) لَا بَاطِنٍ فَلَوْ حَكَمَ بِشَهَادَةِ زُورٍ بِنَاءً عَلَى ظَاهِرِ الْعَدَالَةِ لَمْ يَحْصُلْ بِحُكْمِهِ الْحِلُّ بَاطِنًا سَوَاءٌ الْمَالُ وَالنِّكَاحُ وَغَيْرُهُمَا لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «إنَّمَا أَنَا بَشَرٌ وَإِنَّكُمْ تَخْتَصِمُونَ إلَيَّ وَلَعَلَّ بَعْضَكُمْ أَنْ يَكُونَ أَلْحَنَ بِحُجَّتِهِ مِنْ بَعْضٍ فَأَقْضِيَ لَهُ عَلَى نَحْوِ مَا أَسْمَعُ فَمَنْ قَضَيْت لَهُ بِشَيْءٍ مِنْ حَقِّ أَخِيهِ فَلَا يَأْخُذْهُ إنَّمَا أَقْطَعُ لَهُ قِطْعَةً مِنْ نَارٍ» وَمَا بَاطِنُ الْأَمْرِ فِيهِ كَظَاهِرِهِ بِأَنْ تَرَتَّبَ عَلَى أَصْلٍ صَادِقٍ يَنْفُذُ الْقَضَاءُ فِيهِ فِي الْبَاطِنِ أَيْضًا قَطْعًا إنْ كَانَ فِي مَحَلِّ اتِّفَاقِ الْمُجْتَهِدِينَ وَعَلَى الْأَصَحِّ عِنْدَ الْبَغَوِيّ وَغَيْرِهِ إنْ كَانَ فِي مَحَلِّ اخْتِلَافِهِمْ وَإِنْ كَانَ الْقَضَاءُ لِمَنْ لَا يَعْتَقِدُهُ لِتَتَّفِقَ الْكَلِمَةُ وَيَتِمَّ الِانْتِفَاعُ وَقِيلَ لَا لِتَعَارُضِ الْأَدِلَّةِ

ـــــــــــــــــــــــــــــSبِشَاهِدٍ وَيَمِينِ الشَّرِيكِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ؛ لِأَنَّ الْمَنْصُوصَ أَنَّهُ لَا يُشَارِكُهُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ وَذَكَرَهُ شَيْخُنَا فِي تَصْحِيحِ الْمِنْهَاجِ وَقَالَ لَمْ أَرَ مَنْ تَعَرَّضَ لَهُ اهـ وَبِهِ تَعْلَمُ مُرَادَ الشَّارِحِ بِرّ

(قَوْلُهُ: أَهْلِيَّتِهِ لِلْقَضَاءِ) بِأَنْ يَكُونَ أَهْلًا لِلِاجْتِهَادِ، وَلَوْ فِي تِلْكَ الْوَاقِعَةِ فَقَطْ عَلَى الْأَوْجَهِ، إذْ الرَّاجِحُ جَوَازُ تَجَزُّؤِ الِاجْتِهَادِ وَلَهُ أَنْ يَقْضِيَ بِعِلْمِهِ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُمَا، لَكِنْ تَرَدَّدَ فِيهِ الْأَذْرَعِيُّ وَجَزَمَ غَيْرُهُ بِالْمَنْعِ لِانْحِطَاطِ رُتْبَتِهِ، وَفِيهِ وَقْفَةٌ. ثُمَّ رَأَيْت شَيْخَنَا قَالَ: وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِمْ أَنَّ لِلْمُحَكَّمِ أَنْ يَحْكُمَ بِعِلْمِهِ وَهُوَ ظَاهِرٌ وَإِنْ زَعَمَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ أَنَّ الرَّاجِحَ خِلَافُهُ وَقَوْلُ الْأَذْرَعِيِّ: لَمْ أَرَ فِيهِ شَيْئًا أَيْ صَرِيحًا فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُجْتَهِدًا لَمْ يَجُزْ تَحْكِيمُهُ مَعَ وُجُودِ قَاضٍ، كَذَا أَطْلَقُوهُ وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْقَاضِي الْأَهْلِ وَغَيْرِهِ لَكِنْ بَحَثَ جَوَازَ تَحْكِيمِ غَيْرِ الْأَهْلِ مَعَ وُجُودِ الْقَاضِي غَيْرِ الْأَهْلِ حَجَرٌ (قَوْلُهُ: وَقَدْ يُجَابُ إلَخْ) هَذَا الْجَوَابُ فِيهِ بُعْدٌ فَتَأَمَّلْ بِرّ وَقَوْلُهُ: بِأَنَّ هَذَا أَيْ الَّذِي قَالُوهُ (قَوْلُهُ قَبْلَ الْحُكْمِ) ظَاهِرُهُ، وَلَوْ بَعْدَ الشُّرُوعِ

ـــــــــــــــــــــــــــــQوَصِيُّهُ لَكِنَّ الَّذِي فِي شَرْحِ م ر صِحَّةُ حُكْمِهِ لِمَنْ هُوَ وَصِيُّهُ.

(قَوْلُهُ طَالِبٌ مُعَيَّنٌ) أَيْ حَتَّى يَقَعَ مِنْهُ التَّحْكِيمُ (قَوْلُهُ: فَلَا يَحْكُمُ بِضَرْبِ إلَخْ) بِأَنْ ادَّعَى شَخْصٌ عَلَى آخَرَ أَنَّهُ يَسْتَحِقُّ عَلَيْهِ دِمَاءً فَتَنَازَعَا فِي إثْبَاتِهِ فَحَكَّمَا شَخْصًا يَحْكُمُ فَحَكَمَ بِأَنَّ الْقَتْلَ خَطَأٌ، فَلَا يَنْفُذُ حُكْمُهُ، إلَّا بِرِضَا عَاقِلَةِ الْجَانِي. اهـ. بُجَيْرِمِيٌّ عَلَى م ر (قَوْلُهُ مِنْ رِضَا الْخَصْمَيْنِ) أَيْ قَبْلَ الْحُكْمِ، فَلَا يَكْفِي بَعْدَهُ بج (قَوْلُهُ وَقَدْ يُجَابُ إلَخْ) فِي الْحَاوِي إذَا تَحَاكَمَ الْإِمَامُ وَخَصْمُهُ إلَى بَعْضِ الرَّعِيَّةِ وَلَمْ يُقَلِّدْهُ، خُصُوصُ النَّظَرِ فِي ذَلِكَ لَا بُدَّ مِنْ رِضَا الْخَصْمِ. اهـ. م ر فِي حَاشِيَةِ شَرْحِ الرَّوْضِ وَهُوَ يُفِيدُ أَنَّ التَّحْكِيمَ مِنْهُ لَيْسَ تَوْلِيَةً

(قَوْلُهُ وَالنِّكَاحُ) وَيَلْزَمُهَا الْهَرَبُ وَالِامْتِنَاعُ مَا أَمْكَنَهَا فَإِنْ أَكْرَهَهَا لَمْ تَأْثَمْ هِيَ لِشُبْهَةِ الْحُكْمِ وَبِهِ فَارَقَ مَا مَرَّ أَنَّ الْإِكْرَاهَ لَا يُبِيحُ الزِّنَا. اهـ. شَرْحُ الْإِرْشَادِ لِحَجَرٍ (قَوْلُهُ وَالنِّكَاحُ) وَلَا يُحَدُّ الْوَاطِئُ لِشُبْهَةٍ خِلَافَ أَبِي حَنِيفَةَ شَرْحُ إرْشَادٍ (قَوْلُهُ أَلْحَنَ) أَيْ أَقْدَرَ ع ش (قَوْلُهُ وَإِنْ كَانَ الْقَضَاءُ لِمَنْ لَا يَعْتَقِدُهُ) ؛ لِأَنَّهُ مَتَى حَكَمَ الْحَاكِمُ صَارَ الْحُكْمُ مِنْ أَحْكَامِ الْمَذْهَبِ الْمُخَالِفِ؛ لِأَنَّ صَاحِبَهُ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015