وَتَأْخِيرِهَا.
وَقَضِيَّةُ تَعْلِيلِ الْبَغَوِيّ بِأَنَّ إقْرَارَهَا بِالزَّوْجِيَّةِ بَعْدَ قِيَامِ الْبَيِّنَةِ عَلَيْهَا لِوَاحِدٍ لَا يُسْمَعُ أَنَّهُ لَوْ تَقَدَّمَتْ بَيِّنَةُ الْإِقْرَارِ قُدِّمَتْ وَبِهِ صَرَّحَ الْبَغَوِيّ فِي فَتَاوِيهِ وَنَقَلَهُ عَنْهُ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا وَأَقَرَّاهُ فَلَوْ أُطْلِقَتْ الْبَيِّنَتَانِ أَوْ إحْدَاهُمَا قُدِّمَتْ بَيِّنَةُ النِّكَاحِ (وَلَوْ بِقَوْلِهِ لِي الدَّعْوَى أَتَى) أَيْ: طَالَبَ الْقَاضِي الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِالْجَوَابِ وَلَوْ أَتَى بِقَوْلِهِ أَنَا الْمُدَّعِي تَقْدِيمًا لِلسَّابِقِ كَمَا تَقَدَّمَ (ثُمَّ) بَعْدَ جَوَابِهِ. (ادَّعَى) إنْ شَاءَ مَا لَمْ يَسْبِقْهُ غَيْرُهُ هَذَا إنْ بَدَرَ أَحَدُهُمَا بِالدَّعْوَى فَإِنْ تَنَازَعَا أَخَذَ بِقَوْلِ الْعَوْنِ الثِّقَةِ فَمَنْ أَحْضَرَهُ فَهُوَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَكَذَا إذَا أَقَامَ أَحَدُهُمَا بَيِّنَةً أَنَّهُ أَحْضَرَ الْآخَرَ لِيَدَّعِيَ عَلَيْهِ فَإِنْ اسْتَوَيَا أُقْرِعَ بَيْنَهُمَا
. (فَإِنْ أَقَرَّ) الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِالْحَقِّ لِلْمُدَّعِي (ثَبَتَا) أَيْ: الْحَقُّ لِلْمُدَّعِي مِنْ غَيْرِ افْتِقَارٍ لِحُكْمِ الْقَاضِي بِخِلَافِ مَا لَوْ قَامَتْ بِهِ بَيِّنَةٌ؛ لِأَنَّ دَلَالَةَ الْإِقْرَارِ ظَاهِرَةٌ وَالْبَيِّنَةُ يُحْتَاجُ فِي قَبُولِهَا إلَى نَظَرٍ وَاجْتِهَادٍ وَمَعَ ذَلِكَ لِلْمُدَّعِي أَنْ يَطْلُبَ مِنْ الْقَاضِي الْحُكْمَ عَلَى الْمُقِرِّ فَيَحْكُمَ بِقَوْلِهِ لَهُ اُخْرُجْ مِنْ حَقِّهِ أَوْ كَلَّفْتُك الْخُرُوجَ مِنْ حَقِّهِ أَوْ أَلْزَمْتُك بِالْخُرُوجِ مِنْ حَقِّهِ أَوْ نَحْوَهَا وَهَلْ يَثْبُتُ بِحَلِفِ الْمُدَّعِي الْيَمِينَ الْمَرْدُودَةَ يُبْنَى عَلَى أَنَّهَا كَالْإِقْرَارِ أَوْ كَالْبَيِّنَةِ (وَلِسِوًى إنْ لَمْ يُكَذَّبْ أَوْ جُهِلْ) أَيْ: وَإِنْ أَقَرَّ بِهِ لِغَيْرِ الْمُدَّعِي مِنْ حَاضِرٍ أَوْ غَائِبٍ وَلَمْ يُكَذِّبْهُ الْمُقَرُّ لَهُ وَلَمْ يَكُنْ مَجْهُولًا وَكَانَ مِمَّنْ تُمْكِنُ مُخَاصَمَتُهُ وَتَحْلِيفُهُ انْصَرَفَتْ عَنْهُ
ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: أَنَّهُ لَوْ تَقَدَّمَتْ بَيِّنَةُ الْإِقْرَارِ) أَيْ مِنْ حَيْثُ تَارِيخُ النِّكَاحِ الْمُقَرِّ بِهِ قُدِّمَتْ وَكَتَبَ أَيْضًا مِثْلُ الْجَوْجَرِيِّ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ كَمَا إذَا ادَّعَى رَجُلٌ نِكَاحَ امْرَأَةٍ فَأَقَرَّتْ بِأَنَّهَا زَوْجَتُهُ مُنْذُ سَنَةٍ وَأَقَامَ آخَرُ بَيِّنَةً بِأَنَّهَا زَوْجَتُهُ مُنْذُ شَهْرٍ وَعُلِّلَ بِأَنَّهُ قَدْ ثَبَتَ بِإِقْرَارِهَا نِكَاحُ الْأَوَّلِ فَمَا لَمْ يَثْبُتْ الطَّلَاقُ لَا حُكْمَ لِنِكَاحِ الثَّانِي اهـ وَلَوْ قَالَ، ثُمَّ أَقَامَ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ كَانَ أَوْلَى عَلَى أَنَّهُ كَانَ يَنْبَغِي أَنْ يُمَثِّلَ بِالْبَيِّنَتَيْنِ لِيُطَابِقَ الْمُمَثَّلَ لَهُ، ثُمَّ لَا يَخْفَى عَلَيْك أَنَّ الْمُرَادَ بِالتَّقَدُّمِ فِي كَلَامِ الشَّارِحِ هُوَ التَّقَدُّمُ فِي التَّارِيخِ لَا فِي الْإِقَامَةِ أَيْضًا بِدَلِيلِ قَوْلِهِ بَعْدُ فَلَوْ أُطْلِقَتْ الْبَيِّنَتَانِ إلَخْ وَلَكِنَّ صَدْرَ كَلَامِهِ كَالصَّرِيحِ فِي أَنَّ الْمُرَادَ التَّقَدُّمُ فِي الْإِقَامَةِ بِرّ. (قَوْلُهُ تَقْدِيمًا لِلسَّابِقِ) قَدْ يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ أَثْبَتَ الْقَائِلُ أَنَّهُ الْمُدَّعِي ذَلِكَ قُدِّمَ إلَّا أَنْ يُرَادَ بِالسَّابِقِ السَّابِقُ بِالدَّعْوَى لَكِنَّهُ لَا يُنَاسِبُ قَوْلَهُ كَمَا تَقَدَّمَ تَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ اسْتَوَيَا) بِأَنْ لَمْ يَتَرَجَّحْ أَحَدُهُمَا بِشَيْءٍ مِمَّا ذُكِرَ
(قَوْلُهُ فَإِنْ أَقَرَّ ثَبَتَا) أَيْ حَيْثُ ثَبَتَ الْإِقْرَارُ بِأَنْ قَامَتْ بِهِ بَيِّنَةٌ أَوْ كَانَ فِي مَجْلِسِ الْحُكْمِ وَكَانَ فِيهِ مَنْ يَثْبُتُ بِشَهَادَتِهِ، أَمَّا لَوْ كَانَ بِحَضْرَةِ الْقَاضِي فَقَطْ فَهَذَا مِنْ قَبِيلِ عِلْمِ الْقَاضِي كَمَا سَيَأْتِي فِي شَرْحِ قَوْلِهِ لَا فِي حُدُودِ رَبِّنَا الْعَظِيمِ أَنَّهُمْ مَثَّلُوا الْعِلْمَ بِمَا إذَا سَمِعَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَقَرَّ بِذَلِكَ فَإِنْ كَانَ الْقَاضِي مِمَّنْ يَسُوغُ قَضَاؤُهُ بِالْعِلْمِ قَضَى بِعِلْمِهِ وَلَيْسَ ذَلِكَ حِينَئِذٍ مِنْ بَابِ الثُّبُوتِ بِالْإِقْرَارِ وَإِنْ كَانَ مِمَّنْ لَا يَسُوغُ قَضَاؤُهُ بِالْعِلْمِ كَقَاضِي الضَّرُورَةِ عِنْدَ شَيْخِنَا الشِّهَابِ الرَّمْلِيِّ فَإِنَّهُ اعْتَمَدَ أَنَّهُ لَا يَقْضِي بِعِلْمِهِ لَمْ يَثْبُتْ الْحَقُّ حِينَئِذٍ إذْ لَا إقْرَارَ تَثْبُتُ بِهِ لِعَدَمِ ثُبُوتِهِ وَلَا قَضَاءَ بِالْعِلْمِ لِامْتِنَاعِهِ م ر. (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ مَا لَوْ قَامَتْ بِهِ بَيِّنَةٌ) أَيْ فَلَا يَثْبُتُ إلَّا إنْ قَضَى بِهِ الْقَاضِي. (قَوْلُهُ: وَمَعَ ذَلِكَ) أَيْ الثُّبُوتِ. (قَوْلُهُ: وَهَلْ يَثْبُتُ) أَيْ الْحَقُّ
ـــــــــــــــــــــــــــــQنَقَلَهَا عَنْهُ صَاحِبُ الرَّوْضِ لَوْ أَقَرَّتْ لِرَجُلٍ بِنِكَاحٍ مِنْ سَنَةٍ وَأَثْبَتَ آخَرُ أَيْ: أَقَامَ بَيِّنَةً بِنِكَاحِهَا مِنْ شَهْرٍ حُكِمَ لِلْمُقَرِّ لَهُ. اهـ. قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ:؛ لِأَنَّهُ قَدْ ثَبَتَ بِإِقْرَارِهَا النِّكَاحُ الْأَوَّلُ فَمَا لَمْ يَثْبُتْ الطَّلَاقُ لَا حُكْمَ لِلنِّكَاحِ الثَّانِي. اهـ. لَكِنَّ الَّذِي فِي الرَّوْضَةِ بَدَلُ قَوْلِهِ وَأَثْبَتَ آخَرُ، ثُمَّ أَقَامَ آخَرُ بَيِّنَةً وَحِينَئِذٍ فَيُحْمَلُ التَّعْلِيلُ الْأَوَّلُ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَتَقَدَّمْ ثُبُوتُ الْمُقَرِّ بِهِ بِالْإِقْرَارِ خَالِيًا عَنْ الْمُعَارِضِ بِأَنْ أُطْلِقَ الْبَيِّنَتَانِ أَوْ إحْدَاهُمَا أَوْ أُرِّخَا بِتَارِيخٍ مُتَّحِدٍ فَتُقَدَّمُ بَيِّنَةُ النِّكَاحِ لِلتَّعْلِيلِ الْأَوَّلِ لِصَلَاحِيَتِهِ حِينَئِذٍ لِلتَّرْجِيحِ بِخِلَافِ مَا إذَا تَقَدَّمَ ثُبُوتُهُ خَالِيًا عَنْ الْمُعَارِضِ؛ لِأَنَّهُ يَمْنَعُ مِنْهُ ثُبُوتُ الْمُقَرِّ بِهِ بِالْإِقْرَارِ خَالِيًا عَنْ الْمُعَارِضِ فَلَا تَرْتَفِعُ إلَّا بِثُبُوتِ الطَّلَاقِ فَقَوْلُ الشَّارِحِ فَلَوْ أُطْلِقَتْ إلَخْ بَيَانٌ لِمَحَلِّ الْعَمَلِ بِالْعِلَّةِ الْأُولَى فَيَكُونُ إشَارَةً لِلْجَمْعِ بَيْنَهُمَا فَلْيُتَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ: قُدِّمَتْ بَيِّنَةُ النِّكَاحِ) أَيْ: تَقَدَّمَتْ فِي الْوُجُودِ أَوْ تَأَخَّرَتْ وَعِبَارَةُ الْإِرْشَادِ وَشَرْحَيْهِ لِحَجَرٍ وَتُقَدَّمُ فِيمَا إذَا أَقَامَ أَحَدُ مُتَدَاعِيَيْنِ لِنِكَاحِهَا بَيِّنَةً بِهِ وَالْآخَرُ بَيِّنَةً بِإِقْرَارِهَا لَهُ بِهِ بَيِّنَةُ نِكَاحٍ عَلَى بَيِّنَةِ إقْرَارٍ بِهِ إنْ لَمْ يَسْبِقْ ذَلِكَ الْإِقْرَارُ عَقْدَ النِّكَاحِ بِأَنْ سَبَقَ النِّكَاحُ أَوْ لَمْ يُعْرَفْ السَّابِقُ فَتُقَدَّمُ بَيِّنَةُ النِّكَاحِ؛ لِأَنَّهَا تَشْهَدُ بِأَمْرٍ مُحَقَّقٍ وَبَيِّنَةَ الْإِقْرَارِ تَشْهَدُ بِأَمْرٍ مُحْتَمِلٍ لِلصِّدْقِ وَالْكَذِبِ، أَمَّا إذَا سَبَقَ الْإِقْرَارُ كَأَنْ ادَّعَى رَجُلٌ نِكَاحَهَا فَأَقَرَّتْ أَنَّهَا زَوْجَتُهُ مُدَّةَ سَنَةٍ فَجَاءَ آخَرُ وَادَّعَى نِكَاحَهَا مِنْ شَهْرٍ فَيُحْكَمُ لِلْمُقَرِّ لَهُ بِثُبُوتِ نِكَاحِهِ بِإِقْرَارِهَا فَمَا لَمْ يَثْبُتْ طَلَاقٌ لَا حُكْمَ لِلنِّكَاحِ الثَّانِي اهـ وَقَوْلُهُ إنْ لَمْ يَسْبِقْ ذَلِكَ الْإِقْرَارُ إلَخْ يُفِيدُ أَنَّ الْمَدَارَ هُوَ سَبْقُ الْإِقْرَارِ أَوْ النِّكَاحِ لَا إقَامَةُ الْبَيِّنَةِ فَيَكُون التَّقْدِيمُ لِلْأَسْبَقِ تَارِيخًا كَمَا هُوَ قِيَاسُ نَظَائِرِهِ وَإِنْ تَأَخَّرَ إقَامَةٌ فَتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: تَقْدِيمًا لِلسَّابِقِ) أَيْ: السَّابِقِ إلَى مَجْلِسِ الْحُكْمِ مِنْ الْمُدَّعِيَيْنِ؛ لِأَنَّ الثَّانِيَ حَيْثُ قَالَ لِي الدَّعْوَى كَانَ مُدَّعِيًا أَيْضًا لَكِنَّ الشَّارِحَ اقْتَصَرَ فِي بَيَانِ سَبْقِهِ عَلَى قَوْلِهِ إنْ بَدَرَ أَحَدُهُمَا فَكَأَنَّهُ أَقَامَ مُبَادَرَتَهُ بِالدَّعْوَى مَعَ سُكُوتِ الْآخَرِ مَقَامَ سَبْقِهِ تَأَمَّلْ
(قَوْلُهُ: يَنْبَنِي إلَخْ) فَإِنْ قُلْنَا: كَالْإِقْرَارِ ثَبَتَ وَإِلَّا احْتَاجَ لِحُكْمِ الْقَاضِي وَهَلْ يَحْتَاجُ فِي الثُّبُوتِ بِالْيَمِينِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا كَالْإِقْرَارِ إلَى كَوْنِ مَنْ يُثْبِتُ الْحَقَّ بِشَهَادَتِهِ فِي مَجْلِسِ الْحُكْمِ كَالْإِقْرَارِ يُحَرَّرُ. (قَوْلُهُ: وَلَمْ يَكُنْ مَجْهُولًا) لَعَلَّهُ إشَارَةٌ إلَى حَذْفِ كَانَ وَاسْمِهَا وَإِبْقَاءِ الْخَبَرِ وَقَدَّرَهُ مُضَارِعًا لِصَلَاحِيَتِهِ لِلنَّفْيِ بِلَمْ بِخِلَافِ جَهْلٍ وَقَدْ يُقَالُ يُغْتَفَرُ فِي التَّابِعِ كَمَا قِيلَ بِهِ فِي قَوْله تَعَالَى {أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ - وَوَضَعْنَا} [الشرح: 1 - 2] . (قَوْلُهُ: انْصَرَفَتْ عَنْهُ الْخُصُومَةُ) فَلَوْ كَانَ عِنْدَ الْمُدَّعِي بَيِّنَةٌ