الْمَرْدُودَةُ كَالْبَيِّنَةِ وَإِلَّا فَلَا قَالَ.

الرَّافِعِيُّ بَعْدَ ذِكْرِهِ الطَّرِيقِينَ: وَفِي كُلٍّ مِنْهُمَا حَسِيكَةٌ، أَمَّا الْأَوَّلُ؛ فَلِأَنَّ قَضِيَّةَ الْبِنَاءِ عَلَى الْأَصْلَيْنِ سَمَاعُ الدَّعْوَى عَلَيْهِ لِإِقَامَةِ الْبَيِّنَةِ وَالتَّحْلِيفِ جَمِيعًا وَهُمْ إنَّمَا تَكَلَّمُوا فِي التَّحْلِيفِ، وَأَمَّا الثَّانِي فَلِأَنَّ ظَاهِرَهُ تَعَلُّقُ الْأَرْشِ بِالرَّقَبَةِ بِإِقَامَةِ الْبَيِّنَةِ فِي وَجْهِ الْعَبْدِ لَكِنَّ الرَّقَبَةَ لِلسَّيِّدِ فَيَنْبَغِي أَنْ تُقَامَ فِي وَجْهِهِ أَوْ وَجْهِ نَائِبِهِ قَالَ: وَالْمُتَّجَهُ أَنَّهَا تُسْمَعُ عَلَيْهِ لِإِثْبَاتِ الْأَرْشِ فِي ذِمَّتِهِ تَفْرِيعًا عَلَى الْأَصْلَيْنِ لَا لِتَعَلُّقِهِ بِرَقَبَتِهِ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ فَيَخْرُجُ مِنْهُ أَنَّ الْأَصَحَّ أَنَّهَا لَا تُسْمَعُ عَلَيْهِ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْأَصَحَّ أَنَّهُ لَا يَتَعَلَّقُ بِالذِّمَّةِ وَلَا تُسْمَعُ الدَّعْوَى بِالْمُؤَجَّلِ وَمَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ فِي مَطْلَبِهِ بَعْدَ رَدِّهِ قَوْلَ الرَّافِعِيِّ أَنَّهُمْ إنَّمَا تَكَلَّمُوا فِي التَّحْلِيفِ إلَى طَرِيقِ التَّهْذِيبِ قَالَ فَتُسْمَعُ الدَّعْوَى عَلَى الْأَصَحِّ إنْ كَانَ لِلْمُدَّعِي بَيِّنَةٌ وَقَدْ يَمْتَنِعُ إقْرَارُ الشَّخْصِ بِالشَّيْءِ وَتُسْمَعُ الدَّعْوَى بِهِ عَلَيْهِ لِإِقَامَةِ الْبَيِّنَةِ فَإِنَّ السَّفِيهَ لَا يُقْبَلُ إقْرَارُهُ بِالْمَالِ وَكَذَا بِالْجِنَايَةِ عَلَى رَأْيٍ وَتُسْمَعُ الدَّعْوَى عَلَيْهِ لِأَجْلِ إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ قَالَ: بَلْ قَالُوا إنَّ الدَّعْوَى بِجِنَايَةِ الْخَطَأِ عَلَى الْحُرِّ تُسْمَعُ وَتُقَامُ عَلَيْهِ الْبَيِّنَةُ وَتُؤَاخَذُ الْعَاقِلَةُ بِهَا وَإِنْ قُلْنَا بِوُجُوبِ الدِّيَةِ عَلَيْهِمْ ابْتِدَاءً؛ لِأَنَّ الْمُدَّعَى بِهِ فَعَلَهُ وَهَذَا مَوْجُودٌ هُنَا

(وَ) طَالَبَ الْقَاضِي بِالْجَوَابِ (فِي) دَعْوَى. (النِّكَاحِ امْرَأَةً وَ) وَلِيًّا. (مُجْبِرَا) لَهَا لِقَبُولِ إقْرَارِهِمَا بِهِ فَإِنْ ادَّعَى بِهِ عَلَيْهِمَا طَالَبَهُمَا بِالْجَوَابِ مَعًا أَوْ عَلَى أَحَدِهِمَا فَقَطْ طَالَبَهُ فَقَطْ وَيَحْلِفُ الْوَلِيُّ وَإِنْ كَانَتْ الْمَرْأَةُ بَالِغَةً عَلَى الْأَصَحِّ وَلِلْمُدَّعِي بَعْدَ تَحْلِيفِهِ تَحْلِيفُهَا فَإِنْ نَكَلَتْ حَلَّفَ الْمُدَّعِي الْمَرْدُودَةَ وَثَبَتَ النِّكَاحُ فَإِنْ كَانَ الْوَلِيُّ غَيْرَ مُجْبِرٍ فَلَا تُسْمَعُ الدَّعْوَى عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُقْبَلُ إقْرَارُهُ بِهِ نَعَمْ فِي فَتَاوَى الْقَاضِي أَنَّهُ لَوْ ادَّعَى نِكَاحَ مُكَاتَبَةٍ فَالدَّعْوَى عَلَيْهَا وَعَلَى السَّيِّدِ جَمِيعًا؛ لِأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ اجْتِمَاعِهِمَا عَلَى التَّزْوِيجِ فَلَوْ أَقَرَّ أَحَدُهُمَا وَأَنْكَرَ الْآخَرُ حَلَفَ الْآخَرُ فَإِنْ نَكَلَ وَحَلَفَ الْمُدَّعِي حُكِمَ لَهُ بِالنِّكَاحِ وَظَاهِرُ كَلَامِ الْجُمْهُورِ يُخَالِفُ مَا قَالَهُ مَعَ أَنَّ تَعْلِيلَهُ يَجْرِي فِي نِكَاحِ كُلِّ امْرَأَةٍ يُحْتَاجُ إلَى اسْتِئْذَانِهَا

(وَلَا يُقَدِّمْ) أَيْ: الْقَاضِي فِيمَا لَوْ ادَّعَى اثْنَانِ نِكَاحَ امْرَأَةٍ تَحْتَ أَحَدِهِمَا وَأَقَامَ كُلٌّ مِنْهُمَا حُجَّةً بِمُدَّعَاهُ (حُجَّةَ الَّذِي وَجَدْ ذِي) أَيْ: الْمَرْأَةَ. (تَحْتَهُ) لِمَا زَادَهُ بِقَوْلِهِ. (فَالْحُرُّ لَيْسَ) أَيْ: لَا يَدْخُلُ. (تَحْتَ يَدْ) بَلْ تَتَعَارَضَانِ وَتَتَسَاقَطَانِ إلَّا أَنْ تُؤَرَّخَا بِتَارِيخَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ فَيُقَدَّمُ الْأَسْبَقُ تَارِيخًا كَمَا لَوْ أَقَامَ كُلٌّ مِنْهُمَا بَيِّنَةً بِنِكَاحِ خَلِيَّةٍ وَيُؤْخَذُ مِمَّا زَادَهُ أَنَّ الدَّعْوَى لَا تَتَوَجَّهُ عَلَى مَنْ الْمَرْأَةُ تَحْتَهُ وَهُوَ الْأَصَحُّ كَمَا لَا تَتَوَجَّهُ عَلَى الْآخَرِ وَتَعْلِيلُهُمْ بِأَنَّ الْحُرَّ لَا يَدْخُلُ تَحْتَ الْيَدِ جَرْيٌ عَلَى الْغَالِبِ إذْ الْأَمَةُ كَالْحُرَّةِ فِي ذَلِكَ كَمَا لَا يَخْفَى وَلَوْ قَالُوا: فَالزَّوْجَةُ لَا تَدْخُلُ تَحْتَ يَدِ الزَّوْجِ كَانَ أَوْلَى

(وَحُجَّةُ النِّكَاحِ قَدِّمَنْهَا عَلَى شُهُودِ الِاعْتِرَافِ مِنْهَا) فَلَوْ أَقَامَ أَحَدُهُمَا حُجَّةً بِالنِّكَاحِ وَالْآخَرُ حُجَّةً بِاعْتِرَافِهَا لَهُ بِهِ قُدِّمَتْ حُجَّةُ النِّكَاحِ كَمَا لَوْ أَقَامَ رَجُلٌ حُجَّةً بِأَنَّ زَيْدًا غَصَبَ مِنْهُ كَذَا وَأَقَامَ آخَرُ حُجَّةً بِأَنَّ زَيْدًا أَقَرَّ لَهُ بِهِ فَإِنَّ الْأُولَى تُقَدَّمُ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ حُجَّةَ النِّكَاحِ وَالْغَصْبِ تَشْهَدُ بِمُحَقَّقٍ وَحُجَّةَ الْإِقْرَارِ تَشْهَدُ بِإِخْبَارٍ يَحْتَمِلُ الصِّدْقَ وَالْكَذِبَ وَلَوْ أَقَامَ حُجَّةً بِالنِّكَاحِ وَامْرَأَةٌ حُجَّةً بِأَنَّهَا زَوْجَةُ غَيْرِهِ عُمِلَ بِحُجَّتِهِ إذْ حَقُّهُ فِي النِّكَاحِ أَقْوَى؛ لِأَنَّ التَّصَرُّفَ فِيهِ إلَيْهِ فَأَشْبَهَ صَاحِبَ الْيَدِ مَعَ غَيْرِهِ وَقَضِيَّةُ التَّعْلِيلِ السَّابِقِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ تَقْدِيمِ بَيِّنَةِ النِّكَاحِ

ـــــــــــــــــــــــــــــSأَيْ وَالرَّقَبَةُ لَيْسَتْ بِحَقِّ الْعَبْدِ الَّذِي هُوَ أَحَدُ الْمُتَدَاعِيَيْنِ بِرّ. (قَوْلُهُ: عَلَى الْأَصْلَيْنِ) هُمَا تَعَلُّقُ الْأَرْشِ بِذِمَّتِهِ أَيْضًا وَسَمَاعُ الدَّعْوَى بِالدَّيْنِ الْمُؤَجَّلِ. (قَوْلُهُ: وَهَذَا مَوْجُودٌ هُنَا) قَدْ يُفَرَّقُ بِأَنَّ الْوَاجِبَ قَدْ يَتَعَلَّقُ بِالْجَانِي بِآخِرَةِ الْأَمْرِ بِخِلَافِ مَسْأَلَةِ الْعَبْدِ نَعَمْ إنْ أَرَادَ سَمَاعَهَا لِإِثْبَاتِ الْأَرْشِ فِي الذِّمَّةِ تَفْرِيعًا عَلَى الْأَصْلَيْنِ فَمُسَلَّمٌ وَحِينَئِذٍ فَهُوَ عَيْنُ بَحْثِ الرَّافِعِيِّ السَّابِقِ لَكِنَّهُ لَمْ يُرِدْ هَذَا وَإِنَّمَا أَرَادَ السَّمَاعَ وَتَعَلُّقَ الْأَرْشِ بِالرَّقَبَةِ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ التَّهْذِيبِ بِرّ

(قَوْلُهُ: وَثَبَتَ النِّكَاحُ) وَظَاهِرٌ أَنَّ الْعَكْسَ كَذَلِكَ بِرّ. (قَوْلُهُ: نَعَمْ فِي فَتَاوَى الْقَاضِي إلَخْ) اسْتِدْرَاكٌ عَلَى مَا ذَكَرَهُ فِي غَيْرِ الْمُجِيزِ فَإِنَّ السَّيِّدَ بِمَنْزِلَتِهِ. (قَوْلُهُ فَالدَّعْوَى عَلَيْهَا وَعَلَى السَّيِّدِ جَمِيعًا) ظَاهِرُ عِبَارَتِهِ أَنَّ الدَّعْوَى تَكُونُ عَلَيْهِمَا مَعًا وَفِيهِ نَظَرٌ بِرّ. (قَوْلُهُ: يُخَالِفُ مَا قَالَهُ) مِمَّا يُؤَيِّدُ الْمُخَالَفَةَ أَنَّ السَّيِّدَ فِي الْمُكَاتَبَةِ غَايَتُهُ أَنَّهُ كَوَلِيٍّ غَيْرِ مُجْبِرٍ وَهُوَ لَا تُسْمَعُ الدَّعْوَى عَلَيْهِ وَلَا يُعْتَبَرُ إقْرَارُهُ وَكَلَامُ الْقَاضِي مُصَرِّحٌ بِسَمَاعِ الدَّعْوَى عَلَى السَّيِّدِ وَبِقَبُولِ إقْرَارِهِ عَلَيْهَا وَإِنْ نَكَلَتْ فَهُوَ مُخَالِفٌ لِمُقْتَضَى كَلَامِ الْجُمْهُورِ فِي الْأَمْرَيْنِ. (فَائِدَةٌ)

مِمَّا يُغْفَلُ عَنْهُ فِي الشَّهَادَةِ بِالنِّكَاحِ بَيَانُ التَّارِيخِ وَقَدْ صَرَّحَ ابْنُ الْعِمَادِ فِي تَوْقِيفِ الْحُكَّامِ فَقَالَ مَا نَصُّهُ. (فَرْعٌ)

يَجِبُ عَلَى شُهُودِ النِّكَاحِ ضَبْطُ التَّارِيخِ بِالسَّاعَاتِ وَاللَّحَظَاتِ وَلَا يَكْفِي الضَّبْطُ بِيَوْمِ الْعَقْدِ فَلَا يَكْفِي أَنَّ النِّكَاحَ عُقِدَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ مَثَلًا بَلْ لَا بُدَّ أَنْ يَزِيدُوا عَلَى ذَلِكَ بَعْدَ الشَّمْسِ مَثَلًا بِلَحْظَةٍ أَوْ لَحْظَتَيْنِ أَوْ قَبْلَ الْعَصْرِ أَوْ الْمَغْرِبِ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّ النِّكَاحَ يَتَعَلَّقُ بِهِ لَحَاقُ الْوَلَدِ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ وَلَحْظَتَيْنِ مِنْ حِينِ الْعَقْدِ فَعَلَيْهِمْ ضَبْطُ التَّارِيخِ بِذَلِكَ لِحَقِّ النَّسَبِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. اهـ.

(قَوْلُهُ: تَقْدِيمِ بَيِّنَةِ النِّكَاحِ) أَيْ تَقْدِيمِهَا تَارِيخَ النِّكَاحِ الَّذِي شَهِدَتْ بِهِ عَلَى تَارِيخِ النِّكَاحِ الَّذِي شَهِدَتْ بِهِ بَيِّنَةُ الْإِقْرَارِ

ـــــــــــــــــــــــــــــQمَا يَتَعَلَّقُ بِذِمَّتِهِ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَأْتِي فِيهِ الْوَجْهَانِ فِي الدَّعْوَى بِالْمُؤَجَّلِ تَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: وَالْمُتَّجَهُ أَنَّهَا تُسْمَعُ) أَيْ: الدَّعْوَى لِإِثْبَاتِ الْأَرْشِ فِي ذِمَّتِهِ أَيْ: بِإِقْرَارِهِ أَوْ نُكُولِهِ وَحَلِفِ الْخَصْمِ أَوْ الْبَيِّنَةِ هَذَا هُوَ الظَّاهِرُ. (قَوْلُهُ: تَفْرِيعًا عَلَى الْأَصْلَيْنِ) يَعْنِي عَلَى أَنَّ ذَلِكَ يَتَعَلَّقُ بِالذِّمَّةِ وَأَنَّ الدَّعْوَى تُسْمَعُ بِالْمُؤَجَّلِ. اهـ. شَرْحُ الرَّوْضِ. (قَوْلُهُ: وَمَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ إلَخْ) مَا مَالَ إلَيْهِ اخْتَارَهُ ابْنُ الْمُقْرِي فِي بَابِ الْإِقْرَارِ مِنْ الرَّوْضِ وَاخْتَارَ هُنَا مَا اسْتَوْجَهَهُ الرَّافِعِيُّ

(قَوْلُهُ وَقَضِيَّةُ التَّعْلِيقِ السَّابِقِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ إلَخْ) هُوَ كَذَلِكَ وَقَوْلُهُ وَقَضِيَّةُ تَعْلِيلِ الْبَغَوِيّ إلَخْ لَا مُخَالَفَةَ بَيْنَهُمَا؛ لِأَنَّ كَلَامَ الْبَغَوِيّ صُورَتُهُ أَنَّهَا أَقَرَّتْ لِشَخْصٍ بِأَنَّهُ نَكَحَهَا مِنْ سَنَةٍ وَأَقَامَ آخَرُ بَيِّنَةً أَنَّهُ نَكَحَهَا مِنْ شَهْرٍ وَعِبَارَتُهُ كَمَا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015