يُعْلِمَ الْغَرِيمَ بِأَنَّهُ أَخَذَ مِنْ مَالِ غَرِيمِهِ حَتَّى إذَا طَالَبَهُ الْغَرِيمُ بَعْدُ كَانَ هُوَ الظَّالِمَ.

(وَضَمِنَا) أَيْ: الْآخِذُ مَا أَخَذَهُ إنْ تَلِفَ قَبْلَ بَيْعِهِ؛ لِأَنَّهُ أَخَذَهُ لِغَرَضِ نَفْسِهِ كَالْمُسْتَامِ وَأَوْلَى لِعَدَمِ إذْنِ الْمَالِكِ فَيَنْبَغِي أَنْ يُبَادِرَ إلَى بَيْعِهِ بِقَدْرِ الْإِمْكَانِ فَإِنْ قَصَّرَ حَتَّى نَقَصَتْ قِيمَتُهُ ضَمِنَ نَقْصَهَا وَكَذَا إنْ نَقَصَتْ بِانْخِفَاضِ السِّعْرِ وَلَمْ يَرُدَّ الْمَأْخُوذَ لِتَلَفٍ أَوْ بَيْعٍ أَوْ نَحْوِهِمَا كَالْغَاصِبِ وَلَيْسَ لَهُ الِانْتِفَاعُ بِعَيْنِهِ وَلَا إبْقَاؤُهُ رَهْنًا (لَا النَّقْبَ) لِلْجِدَارِ أَيْ: لَا يَضْمَنُهُ إنْ تَعَيَّنَ طَرِيقًا لِوُصُولِهِ إلَى حَقِّهِ كَمَا فِي دَفْعِ الصَّائِلِ وَكَذَا كَسْرُ الْبَابِ.

قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَهَذَا مُقَيَّدٌ بِأَنْ يَكُونَ الْجِدَارُ أَوْ الْبَابُ لِلْمَدِينِ وَغَيْرِ مَرْهُونٍ وَأَنْ لَا يَكُونَ مَحْجُورًا عَلَيْهِ بِفَلَسٍ لِتَعَلُّقِ حَقِّ الْغُرَمَاءِ بِهِ (وَ) لَا يَضْمَنُ. (الزَّائِدَ) عَلَى قَدْرِ حَقِّهِ إنْ تَعَيَّنَ طَرِيقًا لِوُصُولِهِ إلَى حَقِّهِ بِأَنْ لَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْ أَخْذِهِ إلَّا بِأَخْذِ شَيْءٍ تَزِيدُ قِيمَتُهُ عَلَيْهِ إذْ لَمْ يَأْخُذْهُ لِحَقِّهِ مَعَ الْعُذْرِ بِخِلَافِ قَدْرِ الْحَقِّ فَإِنْ لَمْ يَتَعَيَّنْ مَا ذُكِرَ طَرِيقًا لِذَلِكَ ضَمِنَهُ فَقَوْلُهُ. (إنْ تَعَيَّنَا طَرِيقُهُ) شَرْطٌ لِلنَّقْبِ وَأَخْذِ الزَّائِدِ الْعَائِدِ إلَيْهِمَا أَلِفُ تَعَيَّنَا. (وَبَاعَهُ) أَيْ: وَبَاعَ الْآخِذُ مَا أَخَذَهُ مِنْ غَيْرِ جِنْسِ حَقِّهِ بِنَقْدِ الْبَلَدِ وَإِنْ كَانَ غَيْرَ جِنْسِ حَقِّهِ؛ لِأَنَّ الْغَرِيمَ بِامْتِنَاعِهِ سَلَّطَهُ عَلَى الْبَيْعِ كَالْأَخْذِ وَلَا يَلْزَمُهُ الرَّفْعُ إلَى الْقَاضِي إلَّا أَنْ يَعْلَمَ الْقَاضِي بِالْحَالِ فَالْمَذْهَبُ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ أَنَّهُ لَا يَبِيعُهُ إلَّا بِإِذْنِهِ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَلَعَلَّهُ فِيمَا إذَا لَمْ تَحْصُلْ مُؤْنَةٌ وَمَشَقَّةٌ فَوْقَ الْعَادَةِ وَإِلَّا فَلَا يَبْعُدُ أَنْ يَسْتَقِلَّ بِالْبَيْعِ كَمَا يَسْتَقِلُّ بِأَخْذِ الْجِنْسِ وَغَيْرِهِ قَالَ الشَّارِحُ فِي تَحْرِيرِهِ: وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَسْتَقِلُّ بِالْبَيْعِ أَيْضًا مَعَ وُجُودِ الْبَيِّنَةِ بَلْ هِيَ أَوْلَى مِنْ عِلْمِ الْقَاضِي؛ لِأَنَّ الْحُكْمَ بِعِلْمِهِ مُخْتَلَفٌ فِيهِ بِخِلَافِهِ بِهَا (وَحَصَّلَا) أَيْ الْآخِذُ بِثَمَنِ الْمَبِيعِ أَوْ بِبَعْضِهِ (جِنْسًا لَهُ) أَيْ: جِنْسَ دَيْنِهِ إنْ لَمْ يَكُنْ الثَّمَنُ جِنْسَهُ وَالْفَاضِلُ يَرُدُّهُ إلَى غَرِيمِهِ بِهِبَةٍ أَوْ نَحْوِهَا وَعَدَلَ إلَى مَا قَالَهُ عَنْ قَوْلِ الْحَاوِي وَلَهُ بَيْعُهُ وَتَمَلُّكُ جِنْسِهِ لِإِيهَامِهِ جَوَازَ بَيْعِهِ بِجِنْسِ دَيْنِهِ وَهُوَ وَإِنْ جَرَى عَلَيْهِ أَكْثَرُ شُرَّاحِ الْحَاوِي وَحَكَاهُ الْإِمَامُ عَنْ مُحَقِّقِي بَعْضِ الْأَصْحَابِ مُخَالِفٌ لِلْمَشْهُورِ الَّذِي جَرَى عَلَيْهِ فِي الْعُجَابِ مِنْ بَيْعِهِ بِنَقْدِ الْبَلَدِ كَمَا تَقَرَّرَ مَعَ نَقْلِهِ فِيهِ كَلَامَ الْإِمَامِ وَإِذَا تَمَلَّكَ جِنْسَ دَيْنِهِ بَعْدَ الْبَيْعِ، ثُمَّ وَفَّرَ الْخَصْمُ دَيْنَهُ قَالَ الرَّافِعِيُّ: فَعَنْ الْإِمَامِ وُجُوبُ رَدِّ قِيمَةِ الْمَأْخُوذِ كَمَا لَوْ ظَفِرَ الْمَالِكُ بِغَيْرِ جِنْسِ الْمَغْصُوبِ وَبَاعَهُ ثُمَّ رَدَّ الْغَاصِبُ الْمَغْصُوبَ كَانَ عَلَى الْمَالِكِ رَدُّ قِيمَةِ مَا أَخَذَهُ وَبَاعَهُ، ثُمَّ قَالَ: لَكِنَّ بَيْعَ الْآخِذِ وَتَمَلُّكَهُ نَازِلٌ مَنْزِلَةَ دَفْعِ الْغَرِيمِ وَمَا دَامَ الْمَغْصُوبُ بَاقِيًا فَهُوَ الْمُسْتَحَقُّ وَالْقِيمَةُ تُؤْخَذُ لِلْحَيْلُولَةِ وَهُنَا الْمُسْتَحَقُّ الدَّيْنُ فَإِذَا بَاعَ وَأَخَذَ فَمَا يَنْبَغِي أَنْ يَرُدَّ شَيْئًا وَلَا أَنْ يُوَفَّرَ عَلَيْهِ شَيْءٌ اهـ.

وَتَبِعَهُ فِي الرَّوْضَةِ

ـــــــــــــــــــــــــــــSيَعْنِي وَهُوَ مَا ذَكَرَهُ هُنَا بِقَوْلِهِ وَلَا يَمْنَعُ مِنْ ذَلِكَ رَدُّ عَمْرٍو وَإِقْرَارُ بَكْرٍ لَهُ. (قَوْلُهُ: كَالْمُسْتَامِ) قَدْ يُقَالُ قَضِيَّةُ التَّشْبِيهِ بِالْمُسْتَامِ وَالْغَاصِبِ كَمَا يَأْتِي ضَمَانُ نَقْصِ الْقِيمَةِ وَإِنْ لَمْ يُقَصِّرْ. (قَوْلُهُ لَا النَّقْبَ وَالزَّائِدَ) قَضِيَّتُهُ كَالرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا عَدَمُ الضَّمَانِ وَلَوْ قَدَرَ عَلَى التَّحْصِيلِ بِالْبَيِّنَةِ وَأَطَالَ الْعِرَاقِيُّ فِي اسْتِشْكَالِهِ. (قَوْلُهُ: وَغَيْرِ مَرْهُونٍ) عَطْفٌ عَلَى لِلْمَدِينِ. (قَوْلُهُ: وَمَشَقَّةٌ) أَوْ ضَرُورَةٌ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ. (قَوْلُهُ: مَعَ وُجُودِ الْبَيِّنَةِ) يَنْبَغِي إلَّا أَنْ يَحْصُلَ مُؤْنَةٌ أَوْ مَشَقَّةٌ أَوْ ضَرَرٌ لَا يُحْتَمَلُ. (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ الْحُكْمَ بِعِلْمِهِ مُخْتَلَفٌ فِيهِ إلَخْ) هَذَا قَدْ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِقَوْلِهِ إلَّا أَنْ يَعْلَمَ الْقَاضِي بِالْحَالِ إلَّا أَنْ يَعْلَمَ ثُبُوتَ الْحَقِّ وَبِوُجُودِ الْبَيِّنَةِ وُجُودَ الْبَيِّنَةِ بِالْحَقِّ لَكِنَّ عِبَارَةَ الرَّوْضِ وَلَهُ إنْ لَمْ يُطْلِعْ الْقَاضِيَ بَيْعُ غَيْرِهِ أَيْ غَيْرِ جِنْسِ حَقِّهِ اهـ وَالْمُتَبَادَرُ مِنْ إطْلَاقِ الْقَاضِي خِلَافُ ذَلِكَ وَهُوَ الظَّاهِرُ. (قَوْلُهُ: وَلَا أَنْ يُوَفِّرَ عَلَيْهِ) الضَّمِيرُ يَرْجِعُ إلَى الظَّافِرِ وَالْمَعْنَى وَلَا أَنْ يُعْطِيَ الْمَدِينُ الظَّافِرَ الْمَذْكُورَ شَيْئًا بِرّ

ـــــــــــــــــــــــــــــQلَكِنْ لَيْسَ لَهُ نَقْبُ جِدَارِهِ وَكَسْرُ بَابِهِ قَالَهُ الْخَطِيبُ عَلَى الْمِنْهَاجِ. (قَوْلُهُ وَضَمِنَا) حَتَّى إذَا قَصَّرَ فِيهِ كَأَنْ أَخَّرَ بَيْعَهُ مَعَ التَّمَكُّنِ مِنْهُ فَتَلِفَ ضَمِنَهُ بِأَقْصَى قِيمَةٍ مِنْ أَخْذِهِ إلَى تَلَفِهِ وَإِنْ لَمْ يُقَصِّرْ ضَمِنَهُ بِقِيمَةِ يَوْمِ تَلَفِهِ. اهـ. شَرْحُ الْإِرْشَادِ لِحَجَرٍ. (قَوْلُهُ: كَالْمُسْتَامِ) التَّشْبِيهُ فِي أَصْلِ الضَّمَانِ وَإِلَّا فَالْمُسْتَامُ يَضْمَنُ بِقِيمَةِ يَوْمِ التَّلَفِ وَهُنَا الضَّمَانُ بِأَقْصَى الْقِيَمِ كَالْغَاصِبِ اهـ. بُجَيْرِمِيٌّ. (قَوْلُهُ: فَيَنْبَغِي أَنْ يُبَادِرَ إلَخْ) أَيْ: حَتَّى لَا يَضْمَنَ قِيمَتَهُ إنْ لَمْ يُقَصِّرْ وَلَمْ يَنْخَفِضْ السِّعْرُ وَلَا نَقْصَهَا إنْ نَقَصَتْ إنْ قَصَّرَ أَوْ انْخَفَضَ السِّعْرُ تَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ: وَلَمْ يَرُدَّ الْمَأْخُوذَ) بِخِلَافِ مَا إذَا رَدَّهُ قَبْلَ بَيْعِ غَيْرِ الْجِنْسِ وَتَمَلُّكِ الْجِنْسِ لِلْمَالِكِ وَهَذَا رَاجِعٌ لِمَا بَعْدَ كَذَا، أَمَّا إنْ قَصَّرَ وَنَقَصَتْ فَيَضْمَنُ وَإِنْ رَدَّ الْمَأْخُوذَ. (قَوْلُهُ: أَنَّهُ لَا يَبِيعُهُ إلَّا بِإِذْنِهِ) فَإِنْ قُلْت: مَا فَائِدَةُ عَدَمِ وُجُوبِ الرَّفْعِ إلَى الْقَاضِي حِينَئِذٍ عِنْدَ الْأَخْذِ؟ قُلْت فَائِدَتُهُ فِيمَا إذَا ظَفِرَ بِالْجِنْسِ. اهـ. حَاشِيَةُ شَرْحِ الرَّوْضِ. (قَوْلُهُ: وَالظَّاهِرُ إلَخْ) أَشَارَ م ر إلَى تَصْحِيحِهِ. (قَوْلُهُ: وَإِذَا تَمَلَّكَ إلَخْ) يُفِيدُ أَنَّهُ إذَا ظَفِرَ بِغَيْرِ جِنْسِ حَقِّهِ وَبَاعَهُ وَاشْتَرَى جِنْسَ حَقِّهِ لَا بُدَّ مِنْ تَمَلُّكِهِ وَجَرَى عَلَيْهِ ق ل قَالَ: وَمِثْلُهُ مَا إذَا أَخَذَ مَا هُوَ دُونَ صِفَةِ حَقِّهِ كَمُكَسَّرٍ عَنْ صَحِيحٍ لَا بُدَّ مِنْ تَمَلُّكِهِ بِلَفْظٍ. اهـ. (قَوْلُهُ رَدَّ قِيمَةَ الْمَأْخُوذِ) لَوْ زَادَ الثَّمَنُ الَّذِي بَاعَهُ بِهِ عَلَى حَقِّهِ فَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّهُ يَرُدُّ الْفَاضِلَ فَالْقِيَاسُ هُنَا أَنْ يَرُدَّ الثَّمَنَ جَمِيعَهُ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015