قَالَهُ الرَّافِعِيُّ وَاَلَّذِي قَالَهُ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ وَابْنُ الصَّبَّاغِ وَغَيْرُهُمَا لَا يَقُولُ لَهُ ذَلِكَ لِئَلَّا يَنْكَسِرَ قَلْبُ الْآخَرِ ذَكَرَهُ فِي الْكِفَايَةِ وَلَوْ قَالَ ذَلِكَ نَقِيبُهُ فَهُوَ أَوْلَى وَالْمُدَّعِي. (مُكَلَّفٌ مُلْتَزِمٌ) لِلْأَحْكَامِ وَلَوْ ذِمِّيًّا وَرَقِيقًا وَسَفِيهًا بِخِلَافِ غَيْرِ الْمُكَلَّفِ وَالْحَرْبِيِّ وَالْمُعَاهَدِ هَذَا مُقْتَضَى كَلَامِهِ كَغَيْرِهِ وَالْوَجْهُ صِحَّةُ دَعْوَى الْمُعَاهَدِ بَلْ وَالْحَرْبِيِّ فِي الْجُمْلَةِ فَقَدْ مَرَّ فِي الْأَمَانِ أَنَّ الْأَسِيرَ لَوْ اشْتَرَى مِنْ الْحَرْبِيِّينَ شَيْئًا لَزِمَهُ أَنْ يَبْعَثَ إلَيْهِمْ ثَمَنَهُ وَأَنَّهُمْ لَوْ أَكْرَهُوهُ عَلَى شِرَاءِ عَيْنٍ فَاشْتَرَاهَا لَزِمَهُ أَنْ يَبْعَثَهَا إلَيْهِمْ فَكَيْفَ لَا تَصِحُّ دَعْوَاهُمْ بِذَلِكَ.
(قَدْ ادَّعَى أَمْرًا خَفِيًّا) وَفِي نُسْخَةٍ تَتَبُّعًا ذِكْرٌ خَفِيٌّ فَالْمُدَّعِي مَنْ يُخَالِفُ قَوْلُهُ الظَّاهِرَ وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ مَنْ يُوَافِقُهُ وَلِذَلِكَ جُعِلَتْ الْبَيِّنَةُ عَلَى الْمُدَّعِي؛ لِأَنَّهَا أَقْوَى مِنْ الْيَمِينِ الَّذِي جُعِلَتْ عَلَى الْمُنْكَرِ لِيَنْجَبِرَ ضَعْفُ جَنْبَةِ الْمُدَّعِي بِقُوَّةِ حُجَّتِهِ وَضَعْفُ حُجَّةِ الْمُنْكِرِ بِقُوَّةِ جَنْبَتِهِ وَقِيلَ: الْمُدَّعِي مَنْ لَوْ سَكَتَ خُلِّيَ وَلَمْ يُطَالَبْ بِشَيْءٍ وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ مَنْ لَا يُخَلَّى وَلَا يَكْفِيهِ السُّكُوتُ فَإِذَا طَالَبَ زَيْدٌ عَمْرًا بِدَيْنٍ أَوْ عَيْنٍ فَأَنْكَرَ فَزَيْدٌ يُخَالِفُ قَوْلُهُ الظَّاهِرَ مِنْ بَرَاءَةِ عَمْرٍو وَلَوْ سَكَتَ تُرِكَ وَعَمْرٌو يُوَافِقُ قَوْلُهُ الظَّاهِرَ وَلَوْ سَكَتَ لَمْ يُتْرَكْ فَهُوَ مُدَّعًى عَلَيْهِ وَزَيْدٌ مُدَّعٍ عَلَى الْقَوْلَيْنِ وَلَا يَخْتَلِفُ مُوجِبُهُمَا غَالِبًا وَقَدْ يَخْتَلِفُ. (مِثْلَ) أَنْ يَقُولَ الزَّوْجُ وَقَدْ أَسْلَمَ هُوَ وَزَوْجَتُهُ قَبْلَ الْوَطْءِ. (أَسْلَمْنَا مَعًا) فَالنِّكَاحُ بَاقٍ وَقَالَتْ: بَلْ أَسْلَمْنَا مُرَتَّبًا فَالنِّكَاحُ مُرْتَفِعٌ فَالزَّوْجُ عَلَى الْأَصَحِّ مُدَّعٍ؛ لِأَنَّ وُقُوعَ الْإِسْلَامَيْنِ مَعًا خِلَافُ الظَّاهِرِ وَهِيَ مُدَّعًى عَلَيْهَا وَعَلَى الثَّانِي هِيَ مُدَّعِيَةٌ؛ لِأَنَّهَا لَوْ سَكَتَتْ تُرِكَتْ وَهُوَ مُدَّعًى عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُتْرَكُ لَوْ سَكَتَ لِزَعْمِهَا انْفِسَاخَ النِّكَاحِ، فَعَلَى الْأَوَّلِ تَحْلِفُ الزَّوْجَةُ وَيَرْتَفِعُ النِّكَاحُ، وَعَلَى الثَّانِي يَحْلِفُ الزَّوْجُ وَيَسْتَمِرُّ النِّكَاحُ فَمَا رَجَّحَهُ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا فِي نِكَاحِ الْمُشْرِكِ مِنْ تَصْدِيقِ الزَّوْجِ مَبْنِيٌّ عَلَى مَرْجُوحٍ وَالْأُمَنَاءُ الْمُصَدِّقُونَ فِي الرَّدِّ بِأَيْمَانِهِمْ مُدَّعُونَ لِزَعْمِهِمْ الرَّدَّ الَّذِي هُوَ خِلَافُ الظَّاهِرِ لَكِنْ اُكْتُفِيَ بِيَمِينِهِمْ؛ لِأَنَّهُمْ أَثْبَتُوا أَيْدِيَهُمْ لِغَرَضِ الْمَالِكِ وَقَدْ ائْتَمَنَهُمْ فَلَا يَحْسُنُ تَكْلِيفُهُمْ الْبَيِّنَةَ
. (وَجَازَ) لِأَحَدِ الْغَرِيمَيْنِ إذَا كَانَ لَهُ عَلَى الْآخَرِ مِثْلُ مَا لِلْآخَرِ عَلَيْهِ أَوْ أَكْثَرُ مِنْهُ. (جَحْدُ حَقِّهِ) أَيْ: حَقِّ الْآخَرِ (إنْ جَحَدَا) أَيْ: الْآخَرُ حَقَّهُ (ثُمَّ تَقَاصَصَا) بِفَكِّ الْإِدْغَامِ لِلْوَزْنِ وَإِنْ اخْتَلَفَ الْجِنْسُ وَلَمْ يَكُنْ مِنْ النَّقْدَيْنِ لِلضَّرُورَةِ فَإِنْ كَانَ لَهُ عَلَيْهِ دُونَ مَا لِلْآخَرِ عَلَيْهِ جُحِدَ مِنْ حَقِّهِ
ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ وَعَلَى الثَّانِي إلَخْ) وَفِي الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ بَعْدَ مِثْلِ مَا هُنَا وَإِنْ قَالَ لَهَا أَسْلَمْت قَبْلِي فَلَا نِكَاحَ بَيْنَنَا وَلَا مَهْرَ لَك وَقَالَتْ بَلْ أَسْلَمْنَا مَعًا صُدِّقَ فِي الْفُرْقَةِ بِلَا يَمِينٍ وَفِي الْمَهْرِ بِيَمِينِهِ عَلَى الْأَصَحِّ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ مَعَهُ وَصُدِّقَتْ بِيَمِينِهَا عَلَى الثَّانِي؛ لِأَنَّهَا لَا تُتْرَكُ بِالسُّكُوتِ؛ لِأَنَّ الزَّوْجَ يَزْعُمُ سُقُوطَ الْمَهْرِ فَإِذَا سَكَتَتْ وَلَا بَيِّنَةَ جُعِلَتْ نَاكِلَةً وَحَلَفَ وَسَقَطَ الْمَهْرُ. اهـ.
(قَوْلُهُ: إذَا كَانَ لَهُ عَلَى الْآخَرِ مِثْلُهُ) يُفْهَمُ تَصْوِيرُ الْمَسْأَلَةِ بِالدَّيْنِ. (قَوْلُهُ فَإِنْ كَانَ لَهُ عَلَيْهِ إلَخْ) لَهُ مُتَعَلِّقٌ بِدُونِ وَقَوْلُهُ مِنْ حَقِّهِ أَيْ الْآخَرِ وَقَوْلُهُ بِقَدْرِهِ
ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: بَلْ وَالْحَرْبِيِّ) صَرَّحَ م ر فِي شَرْحِ الْمِنْهَاجِ بِاشْتِرَاطِ الْعِصْمَةِ فِي الْمُدَّعِي وَقَالَ ع ش خَرَجَ بِهِ الْحَرْبِيُّ وَالْمُرْتَدُّ وَرَدَّهُ الرَّشِيدِيُّ فِي الْمُرْتَدِّ وَقَالَ: أَيُّ فَرْقٍ بَيْنَ الْمُرْتَدِّ وَالزَّانِي الْمُحْصَنِ بِالنِّسْبَةِ لِلْعِصْمَةِ وَعَدَمِهَا فَالْمُرَادُ الْعِصْمَةُ وَلَوْ بِجِهَةٍ مَا. (قَوْلُهُ: فِي الْجُمْلَةِ) أَيْ: بَعْضِ الصُّوَرِ كَمَا ذَكَرَهُ وَعِبَارَةُ سم عَلَى قَوْلِ التُّحْفَةِ أَنْ لَا يَكُونَ حَرْبِيًّا مَا نَصُّهُ قَدْ تُسْمَعُ دَعْوَى الْحَرْبِيِّ اهـ. وَلَعَلَّ مُرَادَهُ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ. (قَوْلُهُ فَكَيْفَ إلَخْ) قَدْ يُقَالُ لَا تَلَازُمَ بَيْنَ لُزُومِ بَعْثِ مَا ذَكَرَهُ صِحَّةَ دَعْوَاهُمْ لِتَمَكُّنِهِمْ مِنْ تَصْحِيحِهَا بِعَقْدِ الذِّمَّةِ لَهُمْ، ثُمَّ رَأَيْت فِي السِّيَرِ أَنَّهُ لَوْ تَرَافَعَ إلَيْنَا حَرْبِيَّانِ جَاهِلَانِ الْحُكْمَ بَيْنَهُمْ إذَا تَرَافَعُوا إلَيْنَا وَهُوَ صَرِيحٌ فِي صِحَّةِ كَوْنِ الْحَرْبِيِّ مُدَّعِيًا وَمُدَّعًى عَلَيْهِ وَلِذَا كَتَبَ بَعْضُهُمْ هُنَا أَنَّ عَدَمَ الْحِرَابَةِ لَا يُشْتَرَطُ فِي دُيُونِ الْمُعَامَلَاتِ. (قَوْلُهُ: الظَّاهِرُ) قِيلَ الْمُرَادُ بِهِ الظَّنُّ الْقَوِيُّ وَقِيلَ مَا عَلَيْهِ دَلِيلٌ رَاجِعْ حَاشِيَةَ شَرْحِ الرَّوْضِ. (قَوْلُهُ: فَالزَّوْجُ عَلَى الْأَصَحِّ مُدَّعٍ) يُمْكِنُ أَنْ يُعْكَسَ مَا ذَكَرُوهُ مِنْ الْبِنَاءِ وَيُقَالُ هِيَ الْمُدَّعِيَةُ لِزَعْمِهَا ارْتِفَاعَ النِّكَاحِ وَالظَّاهِرُ دَوَامُهُ كَذَا فِي حَوَاشِي شَرْحِ الرَّوْضِ. (قَوْلُهُ: مَبْنِيٌّ عَلَى مَرْجُوحٍ) قَالَ م ر فِي حَوَاشِي شَرْحِ الرَّوْضِ: تَصْدِيقُ الزَّوْجِ هُوَ الْمُعْتَمَدُ لِتَرَجُّحِ جَانِبِهِ، بِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ النِّكَاحِ فَهُوَ كَالْأَمِينِ إذَا ادَّعَى الرَّدَّ عَلَى مَنْ ائْتَمَنَهُ يَصْدُقُ بِيَمِينِهِ فَمَا رَجَّحَهُ الْأَصْلُ فِي نِكَاحِ الْمُشْرِكِ مَبْنِيٌّ عَلَى الرَّاجِحِ وَإِنْ اقْتَضَى كَلَامُهُ هُنَا خِلَافَهُ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَمَحَلُّ الْخِلَافِ مَجِيئُهُمَا مُسْلِمَيْنِ فَلَوْ جَاءَتْنَا مُسْلِمَةً، ثُمَّ جَاءَ وَادَّعَى إسْلَامَهُمَا مَعًا صُدِّقَتْ قَطْعًا اهـ.
وَقَالَ م ر فِي شَرْحِ الْمِنْهَاجِ تَصْدِيقُ الزَّوْجِ هُوَ الْمُعْتَمَدُ لِتَرَجُّحِ جَانِبِهِ بِمَا مَرَّ اهـ. وَعِبَارَةُ ق ل فِي بَابِ الدَّعْوَى الْمُعْتَمَدُ أَنَّ الَّذِي يَحْلِفَ هُوَ الزَّوْجُ عَلَى هَذَا أَيْضًا كَالثَّانِي كَمَا رَجَّحَاهُ فِي أَنْكِحَةِ الْكُفَّارِ لِقُوَّةِ جَانِبِهِ بِاسْتِمْرَارِ النِّكَاحِ وَفِي عَكْسِ مَا ذُكِرَ يُصَدَّقُ أَيْضًا. (قَوْلُهُ: مُدَّعُونَ) أَيْ: عَلَى الْأَصَحِّ، وَأَمَّا عَلَى الْقَوْلِ الثَّانِي فَهُمْ مُدَّعًى عَلَيْهِمْ؛ لِأَنَّ الْمَالِكَ هُوَ الَّذِي لَوْ سَكَتَ تَرَكَهُ شَرْحُ الرَّوْضِ وَلَعَلَّ الشَّارِحَ تَرَكَهُ هُنَا لِعَدَمِ اخْتِلَافِ الْمُوجِبِ تَدَبَّرْ
(قَوْلُهُ وَإِنْ اخْتَلَفَ الْجِنْسُ) صَرِيحٌ فِي أَنَّهُ يُجْحَدُ حَقُّ الْآخَرِ عِنْدَ اخْتِلَافِ الْجِنْسِ وَاَلَّذِي فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ أَنَّهُ حِينَئِذٍ يُجْحَدُ قَدْرُ