الْحُكْمِ بِالْحَقِّ فَحَرَامٌ مُطْلَقًا
. (وَخَطَأً قَطْعًا وَظَنًّا نَقَضَا) أَيْ: وَيَنْقُضُ الْقَاضِي وُجُوبًا الْحُكْمَ إذَا عَرَفَ الْخَطَأَ فِيهِ قَطْعًا لِمُخَالَفَتِهِ لِكِتَابٍ أَوْ سُنَّةٍ مُتَوَاتِرَةٍ أَوْ إجْمَاعٍ أَوْ ظَنًّا. (بِخَبَرِ) أَيْ: بِمُخَالَفَتِهِ لِخَبَرِ. (الْوَاحِدِ مَهْمَا عَرَضَا وَبِالْقِيَاسِ) أَيْ أَوْ بِمُخَالَفَتِهِ لِلْقِيَاسِ. (إنْ يَكُنْ غَيْرَ خَفِيَ) أَيْ: جَلِيًّا وَهُوَ مَا يُعْرَفُ بِهِ مُوَافَقَةُ الْفَرْعِ لِلْأَصْلِ بِحَيْثُ يَمْتَنِعُ أَوْ يَبْعُدُ احْتِمَالُ الْفَارِقِ كَقِيَاسِ الضَّرْبِ عَلَى التَّأْفِيفِ فِي قَوْله تَعَالَى {فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ} [الإسراء: 23] وَمَا فَوْقَ الذَّرَّةِ عَلَيْهَا فِي قَوْلِهِ {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ} [الزلزلة: 7] وَسَائِرِ التَّغَيُّرَاتِ الْمُزْعِجَةِ عَلَى الْغَضَبِ فِي خَبَرِ «لَا يَقْضِي الْقَاضِي وَهُوَ غَضْبَانُ» أَوْ يَرِدُ النَّصُّ عَلَى عِلَّتِهِ كَقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «إنَّمَا نَهَيْتُكُمْ عَنْ ادِّخَارِ لُحُومِ الْأَضَاحِيِّ مِنْ أَجْلِ الدَّافَّةِ عَلَيْكُمْ» وَمِنْ هَذَا تَرْتِيبُ الْأَحْكَامِ عَلَى الْمَعَانِي كَقَوْلِهِ سَهَا فَسَجَدَ وَزَنَى مَاعِزٌ فَرُجِمَ وَسَوَاءٌ فِي ذَلِكَ حُكْمُ نَفْسِهِ وَغَيْرِهِ إلَّا أَنَّهُ لَا يَتَتَبَّعُ أَحْكَامَ غَيْرِهِ الصَّالِحِ لِلْحُكْمِ بَلْ إذَا رُفِعَ إلَيْهِ نُقِضَ، أَمَّا الْقِيَاسُ الْخَفِيُّ كَقِيَاسِ الْأُرْزِ عَلَى الْبُرِّ فِي بَابِ الرِّبَا بِعِلَّةِ الطَّعْمِ وَقِيَاسِ الشَّبَهِ الْمُلْحَقِ فِيهِ مَا أَشْبَهَ أَصْلَيْنِ بِأَكْثَرِهِمَا شَبَهًا فَلَا نَقْضَ بِهِ؛ لِأَنَّ الظُّنُونَ الْمُتَقَارِبَةَ لَا اسْتِقْرَارَ لَهَا فَيَشُقُّ النَّقْضُ بِهَا
وَعَنْ عُمَرَ أَنَّهُ شَرَّكَ الشَّقِيقَ فِي الْمُشَرَّكَةِ بَعْدَ حُكْمِهِ بِحِرْمَانِهِ وَلَمْ يَنْقُضْ الْأَوَّلَ وَقَالَ ذَاكَ عَلَى مَا قَضَيْنَا وَهَذَا عَلَى مَا نَقْضِي. (مِثْلَ خِيَارِ مَجْلِسٍ حَيْثُ نُفِيَ كَذَا الْعَرَايَا وَذَكَاةَ الْحَمْلِ بِالْأُمِّ) أَيْ: وَمَظْنُونُ الْخَطَأِ بِمُخَالَفَتِهِ لِخَبَرِ الْوَاحِدِ مِثْلَ الْحُكْمِ بِنَفْيِ خِيَارِ الْمَجْلِسِ وَبِنَفْيِ صِحَّةِ بَيْعِ الْعَرَايَا وَبِنَفْيِ ذَكَاةِ الْجَنِينِ بِذَكَاةِ أُمِّهِ فَيُنْقَضُ قَضَاءُ الْحَنَفِيَّةِ فِيهَا بِذَلِكَ لِظُهُورِ الْأَخْبَارِ فِي خِلَافِهِ وَبُعْدِهَا عَنْ التَّأْوِيلَاتِ الَّتِي ذَكَرُوهَا. (أَوْ نَفْيِ قِصَاصِ الثِّقْلِ) بِكَسْرِ الْمُثَلَّثَةِ. (أَوْ بَعْدَ أَرْبَعٍ مِنْ السِّنِينَا تَنْكِحُ مَنْ قَدْ فَقَدَتْ قَرِينَا) أَيْ: وَمَظْنُونُ الْخَطَأِ بِمُخَالَفَتِهِ لِلْقِيَاسٍ الْجَلِيِّ مِثْلَ الْحُكْمِ بِنَفْيِ الْقِصَاصِ فِي الْقَتْلِ بِالْمُثْقَلِ وَمِثْلَ الْحُكْمِ بِصِحَّةِ نِكَاحِ امْرَأَةِ الْمَفْقُودِ بَعْدَ أَرْبَعِ سِنِينَ وَمُدَّةِ الْعِدَّةِ فَيُنْقَضُ أَيْضًا قَضَاؤُهُمْ فِيهِمَا بِذَلِكَ لِمُخَالَفَتِهِ الْقِيَاسَ الْجَلِيَّ فِي عِصْمَةِ النُّفُوسِ فِي الْأُولَى وَفِي جَعْلِ الْمَفْقُودِ مَيِّتًا مُطْلَقًا أَوْ حَيًّا كَذَلِكَ فِي الثَّانِيَةِ وَهُمْ جَعَلُوهُ فِيهَا مَيِّتًا فِي النِّكَاحِ دُونَ الْمَالِ. .
(خِلَافَ) الْحُكْمِ بِصِحَّةِ. (تَزْوِيجٍ بِلَا وَلِيِّ وَشَاهِدٍ مَا هُوَ بِالْمَرْضِيِّ) أَيْ: أَوْ بِشَاهِدٍ غَيْرِ مَرْضِيٍّ كَفَاسِقٍ مَعَ مِثْلِهِ أَوْ مَعَ عَدْلٍ فَلَا يُنْقَضُ كَمُعْظَمِ الْمَسَائِلِ الْمُخْتَلَفِ فِيهَا وَمَا ذَكَرَهُ أَوَّلًا مِنْ نَقْضِ الْحُكْمِ فِي الصُّوَرِ الْخَمْسِ هُوَ مَا رَجَّحَهُ جَمْعٌ مِنْهُمْ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَالْقَمُولِيُّ وَحَكَاهُ الرَّافِعِيُّ عَنْ الْإِمَامِ وَالْغَزَالِيِّ قَالَ: وَبِمِثْلِهِ أَجَابَ مُحَقِّقُونَ فِي الْحُكْمِ بِصِحَّةِ النِّكَاحِ بِلَا وَلِيٍّ وَذُكِرَ مَعَهَا تَمَامُ عَشْرِ صُوَرٍ، ثُمَّ حُكِيَ عَنْ بَعْضِ الْأَصْحَابِ مَنْعُ النَّقْضِ قَالَ: وَصَحَّحَهُ الرُّويَانِيُّ؛ لِأَنَّهَا مَسَائِلُ اجْتِهَادِيَّةٌ وَالْأَدِلَّةُ فِيهَا مُتَقَارِبَةٌ وَكَلَامُ الرَّوْضَةِ يَمِيلُ إلَى مُوَافَقَةِ الرُّويَانِيِّ وَكَذَا كَلَامُ الرَّافِعِيِّ فِي تَذْنِيبِهِ حَيْثُ قَالَ فِي الْحُكْمِ بِالنَّقْضِ: هَذَا وَجْهٌ، وَمِنْ الْأَصْحَابِ مَنْ ذَهَبَ إلَى الْمَنْعِ وَرَجَّحَهُ مُرَجِّحُونَ وَقَدْ قَالَ فِي نَقْضِ الْحُكْمِ بِقَتْلِ الْمُسْلِمِ بِالْكَافِرِ وَالْحُرِّ بِالْعَبْدِ الْأَوْجَهُ الْمَنْعُ وَفِي نَقْضِ الْحُكْمِ بِتَحْرِيمِ رَضْعَةٍ الظَّاهِرُ الْمَنْعُ فَظَهَرَ أَنَّ الْأَوْجَهَ عِنْدَ الشَّيْخَيْنِ عَدَمُ النَّقْضِ فِي الصُّوَرِ الْمَذْكُورَةِ مَعَ أَنَّ الْأَوْجَهَ فِي بَعْضِهَا كَالثَّلَاثَةِ الْأُوَلِ مَا فِي النَّظْمِ وَأَصْلِهِ لِمَا فِي عَدَمِ النَّقْضِ مِنْ مُخَالَفَةِ الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ هَذَا كُلُّهُ فِي الصَّالِحِ لِلْحُكْمِ أَمَّا غَيْرُهُ فَيُنْقَضُ جَمِيعُ أَحْكَامِهِ وَلَوْ أَصَابَ فِيهَا إلَّا أَنْ يُوَلِّيَهُ ذُو شَوْكَةٍ بِحَيْثُ يَنْفُذُ حُكْمُهُ مَعَ الْجَهْلِ فَلَا يُنْقَضُ مَا أَصَابَ فِيهِ
. (وَلْيَسْكُتْ أَوْ يَقُلْ مَنْ الدَّعْوَى لَهُ فَلْيَتَكَلَّمْ) أَيْ: وَإِذَا حَضَرَ الْخَصْمَانِ عِنْدَهُ فَيَسْكُتُ حَتَّى يَتَكَلَّمَ الْمُدَّعِي مِنْهُمَا أَوْ يَقُولُ لِيَتَكَلَّمَ الْمُدَّعِي مِنْكُمَا بِقَيْدٍ زَادَهُ النَّاظِمُ بِقَوْلِهِ. (إنْ عَرَتْ) أَيْ: وُجِدَتْ. (جَهَالَهْ) مِنْ الْقَاضِي لَهُ بِأَنْ لَمْ يَعْرِفْ عَيْنَهُ فَإِنْ عَرَفَ عَيْنَهُ قَالَ لَهُ تَكَلَّمْ كَذَا
ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ إذَا عَرَفَ الْخَطَأَ فِيهِ قَطْعًا) الْجَوْجَرِيُّ مِثَالُ مَا يُخَالِفُ النَّصَّ الْقَاطِعَ مَا لَوْ حَكَمَ بِحُصُولِ الْفُرْقَةِ فِي اللِّعَانِ بِأَكْثَرِ الْكَلِمَاتِ. (قَوْلُهُ: بِمُخَالَفَتِهِ لِكِتَابٍ أَوْ سُنَّةٍ مُتَوَاتِرَةٍ أَوْ إجْمَاعٍ) لَا يَخْفَى أَنَّ هَذِهِ الثَّلَاثَةَ لَا يَلْزَمُ أَنْ تُفِيدَ الْقَطْعَ بِالْخَطَأِ. (قَوْلُهُ: «مِنْ أَجْلِ الدَّافَّةِ عَلَيْكُمْ» ) الدَّافَّةُ الْجَلِيسُ يَدَفُّونَ نَحْوَ الْعَدُوِّ وَالدَّفِيفُ الدَّبِيبُ صِحَاحٌ وَقَامُوسٌ. (قَوْلُهُ: لَا يَتْبَعُ أَحْكَامَ غَيْرِهِ) عِبَارَةُ الرَّوْضِ فَصَّلَ فِي جَوَازِ تَتَبُّعِ الْقَاضِي حُكْمَ مَنْ قَبْلَهُ أَيْ مِنْ الْقُضَاةِ الصَّالِحِينَ لِلْقَضَاءِ كَمَا فِي شَرْحِهِ وَجْهَانِ اهـ وَبَيَّنَ فِي شَرْحِهِ أَنَّ الْمَنْعَ مُقْتَضَى كَلَامِ أَصْلِهِ فِي الْبَابِ الْآتِي. (قَوْلُهُ: بَلْ إذَا رُفِعَ إلَيْهِ نُقِضَ) وَالْمَمْنُوعُ إنَّمَا هُوَ تَتَبُّعُ قَضَاءِ غَيْرِهِ كَمَا مَرَّ عَنْ شَرْحِ الرَّوْضِ. (قَوْلُهُ مَنْ قَدْ فَقَدَتْ قَرِينًا) أَيْ زَوْجًا. (قَوْلُهُ: مِثْلَ الْحُكْمِ بِنَفْيِ الْقِصَاصِ فِي الْقَتْلِ) جَعَلَ الْمَحَلِّيُّ فِي شَرْحِ جَمْعِ الْجَوَامِعِ قِيَاسَ الْقَتْلِ بِمُثْقَلٍ عَلَى الْقَتْلِ بِمُحَدَّدٍ مِنْ أَمْثِلَةِ الْقِيَاسِ الْخَفِيِّ فَحِينَئِذٍ يُتَّجَهُ أَنْ يُقَالَ اخْتِلَافُ أَئِمَّتِنَا فِي نَقْضِ حُكْمِ الْحَنَفِيِّ بِذَلِكَ يَرْجِعُ إلَى النَّظَرِ فِي هَذَا الْقَرْعِ هَلْ خَالَفَ الْقِيَاسَ الْجَلِيَّ أَوْ لَا؟ بِرّ. (قَوْلُهُ: فِي الصُّوَرِ الْمَذْكُورَةِ) يَعْنِي الْخَمْسَ الْمَذْكُورَةَ أَمَّا مَا خَالَفَ نَصًّا أَوْ سُنَّةً مُتَوَاتِرَةً أَوْ إجْمَاعًا فَإِنَّهُ يُنْقَضُ بِلَا نِزَاعٍ وَأَضَافَ ابْنُ الْمُقْرِي لِذَلِكَ تَبَعًا لِغَيْرِهِ مَا خَالَفَ الْقِيَاسَ الْجَلِيَّ فَاعْتَمَدَ النَّقْضَ فِيهِ وَمَثَّلَ لَهُ بِنِكَاحِ زَوْجَةِ الْمَفْقُودِ لِأَرْبَعِ سِنِينَ وَعِبَارَةُ الْمِنْهَاجِ وَإِذَا حَكَمَ بِاجْتِهَادٍ، ثُمَّ بَانَ خِلَافَ نَصِّ الْكِتَابِ أَوْ السُّنَّةِ أَوْ الْإِجْمَاعِ أَوْ قِيَاسٍ جَلِيٍّ نَقَضَهُ هُوَ وَغَيْرُهُ لَا خَفِيَ. اهـ. بِرّ.
ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: لَا اسْتِقْرَارَ لَهَا) فَلَوْ نُقِضَ بَعْضُهَا بِبَعْضٍ لَمَا اسْتَمَرَّ حُكْمٌ وَلَشَقَّ الْأَمْرُ عَلَى النَّاسِ شَرْحُ الرَّوْضِ. (قَوْلُهُ: هُوَ مَا رَجَّحَهُ إلَخْ) أَشَارَ م ر فِي حَاشِيَةِ شَرْحِ الرَّوْضِ إلَى تَصْحِيحِهِ