وَلَا عَلَى عَاقِلَةِ الْآخَرَيْنِ لِمَا مَرَّ مِنْ اعْتِبَارِهِمْ كَوْنَهُمْ أَوْلِيَاءَ لِلنِّكَاحِ مِنْ الْفِعْلِ إلَى الْفَوَاتِ أَمَّا أَرْشُ الْجُرْحِ فَعَلَى السَّيِّدِ كَمَا سَيَأْتِي وَعَلَى عَاقِلَةِ الْآخَرَيْنِ عِنْدَ الْجُرْحِ نَعَمْ إنْ عَادَ الْمُرْتَدُّ إلَى الْإِسْلَامِ قَبْلَ مَوْتِ الْجَرِيحِ فَقَوْلَانِ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا بِلَا تَرْجِيحِ أَحَدِهِمَا مَا مَرَّ عَلَيْهِ الْقُونَوِيُّ وَغَيْرُهُ وَثَانِيهِمَا جَمِيعُ الدِّيَةِ عَلَى الْعَاقِلَةِ اعْتِبَارًا بِالطَّرَفَيْنِ قَالَ الرَّبِيعُ وَهُوَ الْأَصَحُّ عِنْدِي وَبِهِ قَطَعَ جَمَاعَةٌ إنْ عَادَ قَرِيبًا وَعَلَيْهِ يُسْتَثْنَى ذَلِكَ مِنْ اعْتِبَارِ كَوْنِ الْعَاقِلَةِ أَوْلِيَاءَ لِلنِّكَاحِ مِنْ الْفِعْلِ إلَى الْفَوَاتِ وَلَوْ عَادَ الْجَارِحُ فِي الْأَخِيرَةِ وَجَرَحَهُ فِي الْإِسْلَامِ أَيْضًا وَمَاتَ بِالْجُرْحَيْنِ فَنِصْفُ الدِّيَةِ عَلَى عَاقِلَتِهِ الْمُسْلِمِينَ وَنِصْفُهَا عَلَى عَاقِلَتِهِ الذِّمِّيِّينَ إنْ لَمْ يَكُنْ الْأَرْشُ دُونَ النِّصْفِ، وَإِلَّا فَعَلَيْهِمْ الْأَرْشُ، وَالزَّائِدُ عَلَى الْجَانِي وَلَوْ كَانَ جُرْحُ الْإِسْلَامِ مُذَفِّفًا قَالَ الشَّيْخُ أَبُو عَلِيٍّ وَغَيْرُهُ: أَرْشُ جُرْحِ الْكُفْرِ عَلَى الذِّمِّيِّينَ، وَالْبَاقِي إلَى تَمَامِ الدِّيَةِ عَلَى الْمُسْلِمِينَ وَفِي النِّهَايَةِ، وَالْبَيَانِ أَنَّ هَذَا تَفْرِيعٌ عَلَى قَوْلِ ابْنِ سُرَيْجٍ فِيمَنْ جُرِحَ، ثُمَّ قُتِلَ أَنَّهُ لَا يَدْخُلُ أَرْشُ جُرْحِهِ فِي الدِّيَةِ أَمَّا عَلَى الْقَوْلِ بِدُخُولِهِ فِيهَا وَهُوَ الصَّحِيحُ فَالْجَمِيعُ عَلَى عَاقِلَتِهِ الْمُسْلِمِينَ وَتَنَصُّرُ الْيَهُودِيِّ وَتَهَوُّدُ النَّصْرَانِيِّ وَتَمَجُّسُ أَحَدِهِمَا كَالرِّدَّةِ فِيمَا ذُكِرَ
وَلِاحْتِيَاجِ صُورَةِ الْعَبْدِ إلَى بَيَانٍ خَصَّهَا بِالذِّكْرِ فَقَالَ: (فَالْعَبْدُ إنْ يَقْطَعْ يَدَ الْإِنْسَانِ قُلْتُ الْمُرَادُ) قَطْعًا (خَطَأً فَحَرِّرَا) بِأَنْ أَعْتَقَهُ سَيِّدُهُ (فَذَلِكَ الْقَطْعُ إلَى النَّفْسِ سَرَى) أَيْ: فَسَرَى الْقَطْعُ إلَى النَّفْسِ (كَانَ عَلَى سَيِّدِهِ أَنْ يَفْدِيَهْ بِالْأَنْزَرِ الْقِيمَةِ) أَيْ: بِالْأَقَلِّ مِنْ قِيمَتِهِ (أَوْ نِصْفِ الدِّيَهْ) ؛ لِأَنَّ بِإِعْتَاقِهِ مُلْتَزِمٌ لِلْفِدَاءِ (وَنِصْفَهَا) أَيْ: الدِّيَةِ كَذَا عَبَّرَ كَأَصْلِهِ، وَالْأَوْلَى لِيَشْمَلَ مَا إذَا كَانَتْ الْقِيمَةُ دُونَ النِّصْفِ أَنْ يُقَالَ: وَالزَّائِدُ (يَغْرَمُ جَانِي الْقَتْلِ) لِمَا مَرَّ لَوْ حَفَرَ بِئْرًا عُدْوَانًا ثُمَّ تَرَدَّى فِيهَا إنْسَانٌ، أَوْ رَمَى إلَى صَيْدٍ فَعَتَقَ، ثُمَّ أَصَابَ إنْسَانًا فَالدِّيَةُ عَلَيْهِ وَكَالْخَطَإِ فِيمَا ذُكِرَ شِبْهُ الْعَمْدِ وَقَوْلُهُ: قُلْت الْمُرَادُ خَطَأٌ لَيْسَ مِنْ زِيَادَتِهِ بَلْ مَذْكُورٌ فِي الْحَاوِي بِقَوْلِهِ: فَلَوْ قَطَعَ يَدًا خَطَأً فَأَعْتَقَهُ
(وَ) مُعْقِبُ التَّلَفِ لِنَفْسٍ كَامِلَةٍ (فِي تَعَمُّدٍ) يُوجِبُ مِائَةً مُعَجَّلَةً مُثَلَّثَةً عَلَى الْجَانِي كَمَا سَيَأْتِي وَقَوْلُهُ: (بِقَصْدِ الْفِعْلِ، وَالشَّخْصُ خَالِصٌ بِأَنْ يَهْلِكَ فِي غَلَبَةٍ) تَفْسِيرٌ لِلْعَمْدِ وَخَالِصٌ صِفَةُ تَعَمُّدٍ وَمَا بَعْدَهُ بَيَانٌ لَهُ أَيْ: فِي تَعَمُّدٍ مَحْضٍ بِأَنْ يَقْصِدَ الْفِعْلَ، وَالشَّخْصَ مَعَ كَوْنِ الْفِعْلِ يُهْلِكُ بِجَارِحٍ، أَوْ غَيْرِهِ غَالِبًا، أَوْ بِجَارِحٍ كَثِيرًا كَمَا سَيَأْتِي فَخَرَجَ بِقَصْدِ مَا ذُكِرَ الْخَطَأُ وَبِمَا بَعْدَهُ شِبْهُ الْعَمْدِ، وَقَدْ مَرَّ بَيَانُهُمَا، وَاعْلَمْ أَنَّ لِإِفْضَاءِ الْفِعْلِ إلَى الْهَلَاكِ ثَلَاثَ مَرَاتِبَ: غَالِبٌ وَكَثِيرٌ وَنَادِرٌ، وَالْكَثِيرُ هُوَ الْمُتَوَسِّطُ بَيْنَ الْغَالِبِ، وَالنَّادِرِ مِثَالُهُ الصِّحَّةُ، وَالْمَرَضُ، وَالْجُذَامُ فَالصِّحَّةُ هِيَ الْغَالِبَةُ فِي النَّاسِ، وَالْمَرَضُ كَثِيرٌ لَيْسَ بِغَالِبٍ، وَالْجُذَامُ نَادِرٌ فَإِنْ ضَرَبَهُ بِهِ بِمَا يَقْتُلُ غَالِبًا جَارِحًا، أَوْ مُثَقَّلًا فَعَمْدٌ، أَوْ بِمَا يَقْتُلُ كَثِيرًا فَكَذَلِكَ إنْ كَانَ جَارِحًا كَسِكِّينٍ صَغِيرٍ وَإِنْ كَانَ مُثَقَّلًا كَسَوْطٍ وَعَصًا فَشِبْهُ عَمْدٍ وَبِمَا يَقْتُلُ نَادِرًا فَلَا قَوَدَ مُثَقَّلًا كَانَ، أَوْ جَارِحًا كَغَرْزِ إبْرَةٍ لَا يُعْقِبُ أَلَمًا وَلَا وَرَمًا وَاكْتَفَى بِالْكَثِيرِ غَيْرِ الْغَالِبِ فِي الْجَارِحِ دُونَ الْمُثَقَّلِ؛ لِأَنَّ الْجِرَاحَةَ لَهَا أَثَرٌ فِي الْبَاطِنِ قَدْ يَخْفَى؛ وَلِأَنَّ الْجَرْحَ هُوَ طَرِيقُ الْإِهْلَاكِ غَالِبًا
وَهَذَا وَجْهٌ اخْتَارَهُ الْغَزَالِيُّ وَتَبِعَهُ عَلَيْهِ النَّاظِمُ كَأَصْلِهِ وَاَلَّذِي ذَكَرَهُ الْجُمْهُورُ أَنَّهُ إنْ ضَرَبَهُ عَمْدًا بِمَا يَقْتُلُ غَالِبًا فَعَمْدٌ، أَوْ بِمَا لَا يَقْتُلُ غَالِبًا فَشِبْهُ عَمْدٍ حَكَاهُ وَمَا قَبْلَهُ الرَّافِعِيُّ، ثُمَّ قَالَ: وَيُمْكِنُ رَدُّهُمَا إلَى شَيْءٍ وَاحِدٍ وَمَثَّلَ النَّاظِمُ لِغَيْرِ الْجَارِحِ مِمَّا يُهْلِكُ غَالِبًا بِأَمْثِلَةٍ فَقَالَ: (كَالسِّحْرِ) بِمَا يَقْتُلُ غَالِبًا (إنْ يَعْتَرِفْ) بِهِ السَّاحِرُ بِأَنْ يَقُولَ: قَتَلْته بِسِحْرِي وَسِحْرِي يَقْتُلُ غَالِبًا فَإِنْ قَالَ يَقْتُلُ نَادِرًا فَشِبْهُ عَمْدٍ أَوْ أَخْطَأْت مِنْ اسْمِ غَيْرِهِ إلَى اسْمِهِ فَخَطَأٌ وَإِنَّمَا اُعْتُبِرَ اعْتِرَافُهُ؛ لِأَنَّ الْقَتْلَ بِالسَّحَرِ لَا يَثْبُتُ إلَّا بِهِ وَلَا دَخْلَ لِلْبَيِّنَةِ فِيهِ؛ لِأَنَّهَا لَا تُشَاهِدُ تَأْثِيرَهُ وَلَا تَعْلَمُ قَصْدَ السَّاحِرِ نَعَمْ يَثْبُتُ بِهَا تَأْثِيرُهُ فِيمَا إذَا شَهِدَ سَاحِرَانِ بَعْدَ التَّوْبَةِ أَنَّ مَا اعْتَرَفَ بِهِ فُلَانٌ يَقْتُلُ غَالِبًا قَالَهُ فِي الْكِفَايَةِ وَالْأَصَحُّ أَنَّ تَعَلُّمَ السِّحْرِ حَرَامٌ كَالْكِهَانَةِ، وَالتَّنْجِيمِ، وَالضَّرْبِ بِالرَّمَلِ، وَالشَّعِيرِ، وَالْحَصَى، وَالشَّعْبَذَةِ (وَ) مِثْلُ (أَنْ يُجِيعَ جَائِعًا، وَ) أَنْ (يُظْمِي ظَمْآنَ) بِأَنْ يَحْبِسَهُمَا وَيَمْنَعَ الْأَوَّلَ الطَّعَامَ، وَالثَّانِي الشَّرَابَ مُدَّةً
ـــــــــــــــــــــــــــــSالْجَانِي وَلَا يَنْزِعُ شَيْئًا مِنْ الَّذِي دَفَعَهُ لِوَلِيِّ الدَّمِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الدِّيَةَ تَجِبُ عَلَيْهِ ابْتِدَاءً ثُمَّ يَتَحَمَّلُهَا الْعَاقِلَةُ وَهُوَ الرَّاجِحُ بِرّ (قَوْلُهُ:، أَمَّا أَرْشُ الْجُرْحِ إلَخْ) لَوْ كَانَ الْأَرْشُ قَدْرَ الدِّيَةِ فَأَكْثَرَ كَقَطْعِ الْيَدَيْنِ أَوْ الْيَدَيْنِ، وَالرِّجْلَيْنِ كَانَ جَمِيعُ الْوَاجِبِ وَهُوَ الدِّيَةُ عَلَى الْعَاقِلَةِ بِرّ (قَوْلُهُ: إذَا لَمْ يَكُنْ دُونَ النِّصْفِ) بِأَنْ كَانَ النِّصْفُ فَأَكْثَرُ بِرّ (قَوْلُهُ: وَالزَّائِدُ) أَيْ: إلَى تَمَامِ النِّصْفِ ثُمَّ لَا يَخْفَى أَنَّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ غَيْرُ مُسْتَثْنَاةٍ مِنْ اشْتِرَاطِ كَوْنِ الْعَاقِلَةِ أَوْلِيَاءَ مِنْ الْفِعْلِ إلَى الْفَوَاتِ؛ لِأَنَّ كُلَّ عَاقِلَةٍ إنَّمَا ضَمِنَتْ مُوجِبَ الْجُرْحِ الْوَاقِعِ فِي زَمَنِ عَقْلِهَا كَذَا يُقَالُ فِي الْمَسْأَلَةِ بَعْدَهَا فَتَأَمَّلْ بِرّ (قَوْلُهُ: أَرْشُ جُرْحِ الْكُفْرِ إلَخْ) أَيْ: وَلَا تُقَيَّدُ ذَلِكَ بِمَا قُيِّدَتْ بِهِ الْمَسْأَلَةُ قَبْلَهَا كَمَا هُوَ قَضِيَّةُ إطْلَاقِهِ، وَالْمَعْنَى يَشْهَدُ بِأَنَّهُ مُرَادُهُ نَعَمْ لَوْ كَانَ الْجُرْحُ قَدْرَ الدِّيَةِ فَمَا أَدْرِي مَاذَا يَقُولُ بِرّ
؟ (قَوْلُهُ: إلَى شَيْءٍ وَاحِدٍ) يُمْكِنُ
ـــــــــــــــــــــــــــــQ، وَالرَّوْضِ فَقَوْلُهُ: فَمَا زَادَ إلَخْ أَيْ إنْ لَمْ يَكُنْ الْأَرْشُ قَدْرَ الدِّيَةِ، أَوْ أَكْثَرَ (قَوْلُهُ: مَا مَرَّ) مُعْتَمَدٌ اهـ.
حَجَرٌ
(قَوْلُهُ: وَتَبِعَهُ) أَيْ فِيمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: أَنَّ تَعَلُّمَ السِّحْرِ حَرَامٌ) قَالَ شَيْخُنَا ذ فَإِنْ كَانَ سِحْرُ مَنْ يُنْسِبُ لِلْأَفْلَاكِ، وَالْكَوَاكِبِ تَأْثِيرًا لِكَوْنِهَا آلِهَةً، أَوْ أَنَّ الْإِلَهَ فَوَّضَ تَدْبِيرَ الْعَالَمِ إلَيْهَا، أَوْ سِحْرُ مَنْ يَزْعُمُ أَنَّ الْإِنْسَانَ يَبْلُغُ بِالتَّصْفِيَةِ إلَى حَيْثُ يَقْدِرُ عَلَى الْإِيجَادِ، وَالْإِعْدَامِ، وَالْإِحْيَاءِ، وَالْإِمَاتَةِ كَانَ تَعَلُّمُهُ كُفْرًا أَيْضًا اهـ.
وَلَعَلَّهُ؛ لِأَنَّ تَعَلُّمَهُ لَا يَكُونُ إلَّا بِمُكَفِّرٍ (قَوْلُهُ:، وَالشَّعْبَذَةُ) هِيَ إظْهَارُ الْأُمُورِ الْعَجِيبَةِ بِوَاسِطَةِ تَرْتِيبِ آلَاتٍ هَنْدَسِيَّةٍ وَخِفَّةِ