قَوْلُهُمْ يُعْتَبَرُ كَوْنُ الْمُتَحَمِّلِ وَلِيًّا لِلنِّكَاحِ
(مِنْ الْفِعْلِ إلَى الْفَوَاتِ) أَيْ فَوَاتِ النَّفْسِ، أَوْ غَيْرِهَا فَلَوْ كَانَ وَلِيًّا عِنْدَ أَحَدِهِمَا دُونَ الْآخَرِ، أَوْ عِنْدَهُمَا دُونَ مَا بَيْنَهُمَا لَمْ يُؤْخَذْ مِنْهُ شَيْءٌ فَلَوْ رَمَى ذِمِّيٌّ إلَى صَيْدٍ فَأَسْلَمَ، ثُمَّ أَصَابَ إنْسَانًا فَلَا شَيْءَ عَلَى عَاقِلَتِهِ الذِّمِّيِّينَ وَلَا الْمُسْلِمِينَ (لَا قَاضٍ) فَإِنَّهُ لَا يُؤْخَذُ مِنْهُ شَيْءٌ وَإِنْ كَانَ وَلِيًّا فِي النِّكَاحِ إذْ جِهَاتُ التَّحَمُّلِ الْقَرَابَةُ وَالْوَلَاءُ وَبَيْتُ الْمَالِ (بِفَرْضِ فَاسِقٍ مُعَدَّلَا) أَيْ: عَدْلًا لِيُؤْخَذَ مِنْهُ لِعَدَمِ تَوَقُّفِ الْمُنَاصَرَةِ عَلَى الْعَدَالَةِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ وَلِيًّا فِي النِّكَاحِ لِعَدَمِ أَهْلِيَّتِهِ لِلنَّظَرِ فِي مَصَالِحِ الْمُوَلَّى عَلَيْهَا (يُرَتَّبُونَ) تَرْتِيبَهُمْ فِي الْإِرْثِ (إنْ وَفَوْا) بِالْوَاجِبِ إذَا وُزِّعَ عَلَيْهِمْ؛ لِأَنَّ تَحَمُّلَ الْعَقْلِ حُكْمٌ مِنْ أَحْكَامِ الْعُصُوبَةِ فَيُقَدَّمُ فِيهِ الْأَقْرَبُ عَلَى الْأَبْعَدِ كَمَا فِي الْإِرْثِ وَوِلَايَةِ النِّكَاح فَإِنْ لَمْ يَفُوا بِالْوَاجِبِ أُخِذَ مِنْ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ وَيُفَارِقُ الْإِرْثُ حَيْثُ يُجَوِّزُهُ، وَالْأَقْرَبُ إذْ لَا تَقْدِيرَ لِمِيرَاثِ الْعَصَبَةِ بِخِلَافِ الْوَاجِبِ هُنَا فَإِنَّهُ مُقَدَّرٌ بِالنِّصْفِ، أَوْ الرُّبْعِ كَمَا مَرَّ وَأَمَّا ذَوُو الْأَرْحَامِ فَيَتَحَمَّلُونَ حَيْثُ يَرِثُونَ (وَحَصَّنَا بَعْضِيَّةَ الْمُعْتِقِ وَاَلَّذِي جَنَى) أَيْ: مَنَعَتْ بَعْضِيَّتُهُمَا بَعْضَهُمَا أَيْ أَصْلُهُمَا وَفَرْعُهُمَا مِنْ تَحَمُّلِ الدِّيَةِ أَيْ: جَعَلَتْهُ فِي حِصْنٍ مِنْ ذَلِكَ أَمَّا بَعْضُ الْمُعْتَقِ فَلِمَا رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ وَالْبَيْهَقِيُّ أَنَّ عُمَرَ قَضَى عَلَى عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - بِأَنْ يَعْقِلَ عَنْ مَوَالِي صَفِيَّةَ بِنْتِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ؛ لِأَنَّهُ ابْنُ أَخِيهَا دُونَ ابْنِهَا الزُّبَيْرِ وَاشْتُهِرَ ذَلِكَ بَيْنَهُمْ وَقِيسَ بِالِابْنِ غَيْرُهُ مِنْ الْأَبْعَاضِ وَأَمَّا بَعْضُ الْجَانِي فَكَالْجَانِي إذْ مَالُهُ كَمَالِهِ بِدَلِيلِ وُجُوبِ النَّفَقَةِ وَفِي رِوَايَةٍ لِأَبِي دَاوُد فِي خَبَرِ الْمَرْأَتَيْنِ الْمُتَقَدِّمِ وَبَرَّأَ الْوَالِدَ أَيْ: مِنْ الْعَقْلِ وَفِي النَّسَائِيّ «لَا يُؤْخَذُ الرَّجُلُ بِجَرِيرَةِ ابْنِهِ» وَأَفْهَمَ كَلَامُ النَّظْمِ وَأَصْلُهُ أَنَّ وَلَدَ الْجَانِيَةِ لَوْ كَانَ ابْنَ ابْنِ عَمِّهَا، أَوْ مُعْتَقِهَا لَمْ يَعْقِلْ عَنْهَا وَهُوَ الْأَصَحُّ وَإِنْ كَانَ يَلِي نِكَاحَهَا؛ لِأَنَّ الْبَعْضِيَّةَ هُنَا مَانِعَةٌ وَهُنَاكَ غَيْرُ مُقْتَضِيَةٍ لَا مَانِعَةٌ فَإِذَا وُجِدَ مُقْتَضٍ زُوِّجَ بِهِ (وَالْمُعْتِقُونَ كَامْرِئٍ) وَاحِدٍ فِي تَحَمُّلِ الدِّيَةِ عَنْ الْعَتِيقِ؛ لِأَنَّ الْوَلَاءَ يَثْبُتُ لِجَمِيعِهِمْ لَا لِكُلٍّ مِنْهُمْ فَلَا يَحْمِلُ كُلٌّ مِنْهُمْ نِصْفَ دِينَارٍ، أَوْ رُبْعَهُ وَإِنَّمَا يَحْمِلُ حِصَّتَهُ مِنْ أَحَدِهِمْ
(وَشَبِّهِ كُلَّ امْرِئٍ مِنْ عَصَبِ الْكُلِّ) أَيْ: مِنْ عَصَبَةِ كُلِّ مُعْتِقٍ (بِهِ) أَيْ: بِذَلِكَ الْمُعْتِقِ مُعْتِقٌ فَلَوْ مَاتَ، أَوْ أَحَدُ مُعْتِقَيْنِ وَلَهُ إخْوَةٌ تَحَمَّلَ كُلٌّ
ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: فَيَتَحَمَّلُونَ إلَخْ) لَا شَكَّ أَنَّ ذَلِكَ خَاصٌّ بِالذَّكَرِ مِنْهُمْ، ثُمَّ إنَّ تَحَمُّلَهُمْ يُشْكِلُ عَلَى قَوْلِهِ: حُسْنُ وَلِيٍّ لِلنِّكَاحِ بِرّ. (قَوْلُهُ: حَيْثُ يَرِثُونَ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُمْ لَا يَتَحَمَّلُونَ مَعَ وُجُودِ الْوَرَثَةِ، لِأَنَّهُمْ لَا يَرِثُونَ حِينَئِذٍ، وَفِيهِ نَظَرٌ إذَا لَمْ تَفِ الْوَرَثَةُ بِالْمَالِ، أَوْ عَدِمُوا لَا يُقَالُ: إذَا وَجَبَ الْوَرَثَةُ لَا يَرِثُ ذَوُو الْأَرْحَامِ فَلَا يَتَحَمَّلُونَ؛ لِأَنَّا نَقُولُ: التَّحَمُّلُ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى الْإِرْثِ بِالْفِعْلِ بِدَلِيلِ أَنَّ الْأَعْمَامَ تَتَحَمَّلُ إذَا لَمْ تَفِ الْإِخْوَةُ بِالْوَاجِبِ، أَوْ إذَا عُدِمُوا مَثَلًا، وَعِبَارَةُ شَرْحِ الرَّوْضِ عَنْ الْمُتَوَلِّي، فَيَتَحَمَّلُونَ أَيْ: ذَوُو الْأَرْحَامِ عِنْدَ عَدَمِ الْعَصَبَاتِ كَمَا يَرِثُونَ عِنْدَ عَدَمِهِمْ. اهـ. وَفِيهِ أَيْضًا نَظَرٌ، بَلْ الْوَجْهُ أَنَّهُمْ يَتَحَمَّلُونَ إذَا وُجِدَ الْعَصَبَاتُ وَلَمْ يَفُوا وَإِنْ لَمْ يَرِثُوا حِينَئِذٍ لِمَا ذُكِرَ فَلْيُتَأَمَّلْ ثُمَّ قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: وَإِذَا فُقِدَ بَيْتُ الْمَالِ فَعَلَى الْجَانِي مَا نَصُّهُ فَإِنْ كَانَ تَعَذَّرَ ذَلِكَ أَيْ: أُخِذَ الْكُلُّ، أَوْ الْبَاقِي مِنْهُ لِعَدَمِ انْتِظَامِ بَيْتِ الْمَالِ أُخِذَ مِنْ ذَوِي الْأَرْحَامِ قِبَلَ الْجَانِي عَلَى مَا مَرَّ. اهـ.
وَسَيَأْتِي مِثْلُهُ قَرِيبًا وَفِيهِ إشَارَةٌ إلَى تَأَخُّرِهِمْ عَنْ عَصَبَاتِ النَّسَبِ وَالْوَلَاءِ وَبَيْتِ الْمَالِ وَأَنَّهُ إذَا كَانَ التَّعَذُّرُ لِعَدَمِ وُجُودِ شَيْءٍ فِيهِ أَيْ: فِي بَيْتِ الْمَالِ لَا يُؤْخَذُ مِنْهُمْ قِبَلَ الْجَانِي وَفِيهِ نَظَرٌ يُؤْخَذُ مِمَّا تَقَرَّرَ آنِفًا فَلْيُتَأَمَّلْ وَلْيُرَاجَعْ فَإِنَّ قِيَاسَ قَوْلِهِ الْآتِي ثُمَّ إنْ فُقِدَتْ الْعَاقِلَةُ، أَوْ أَعْسَرُوا، أَوْ لَمْ يَفِ الْمُوَزَّعُ عَلَيْهِمْ بِالْوَاجِبِ تَعَلَّقَ الْجَمِيعُ، أَوْ الْبَاقِي بِبَيْتِ الْمَالِ أَنَّهُمْ يَتَحَمَّلُونَ مَعَ وُجُودِ الْوَرَثَةِ إذَا لَمْ تَفِ الْوَرَثَةُ بِالْمَالِ كَبَيْتِ الْمَالِ فَإِنَّهُ يَتَحَمَّلُ مَعَ وُجُودِ الْوَرَثَةِ إذَا لَمْ يَفُوا كَمَا صَرَّحَتْ بِهِ الْعِبَارَةُ الْمَذْكُورَةُ
ـــــــــــــــــــــــــــــQوِلَايَةِ النِّكَاحِ سِوَى الْعَدَالَةِ اهـ.
شَرْحُ الْإِرْشَادِ أَيْ؛ لِأَنَّ الْفَاسِقَ أَهْلٌ لِلنُّصْرَةِ وَإِنْ لَمْ يَلِ النِّكَاحَ وَسَيَأْتِي ذَلِكَ قَرِيبًا (قَوْلُهُ: أَوْ غَيْرِهَا) فَلَوْ مَاتَ بِجِرَاحَةِ خَطَأٍ وَقَدْ ارْتَدَّ الْجَارِحُ بَعْدَ جَرْحِهِ فَالْأَقَلُّ مِنْ أَرْشِ الْجُرْحِ، وَالدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَتِهِ الْمُسْلِمِينَ لِصَلَاحِيَتِهِمْ لِلْوِلَايَةِ مِنْ الْفِعْلِ إلَى فَوَاتِ مَا خَرَجَ، وَالْبَاقِي فِي مَالِ الْجَانِي وَسَيَأْتِي فِي الشَّرْحِ (قَوْلُهُ: فَلَا شَيْءَ عَلَى عَاقِلَتِهِ إلَخْ) ؛ لِأَنَّ الدِّيَةَ إنَّمَا يَحْمِلُهَا مَنْ كَانَ عَاقِلَةً فِي حَالَتَيْ الرَّمْيِ، وَالْإِصَابَةِ (قَوْلُهُ: وَأَمَّا ذَوُو الْأَرْحَامِ إلَخْ) وَتُقَدَّمُ الْإِخْوَةُ لِلْأُمِّ عَلَى ذَوِي الْأَرْحَامِ كَمَا اسْتَظْهَرَهُ الشَّارِحُ فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ (قَوْلُهُ: حَيْثُ يَرِثُونَ) أَيْ بِأَنْ لَمْ يَنْتَظِمْ بَيْتُ الْمَالِ ع ش وم ر لَكِنَّ عِبَارَةَ الْعِرَاقِيِّ هَكَذَا وَفِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ عَنْ الْمُتَوَلِّي مِنْ غَيْرِ مُخَالَفَةِ ذَوِي الْأَرْحَامِ يَتَحَمَّلُونَ عِنْدَ عَدَمِ الْعَصَبَاتِ إذَا قُلْنَا بِتَوْرِيثِهِمْ وَهُوَ الَّذِي صَحَّحَهُ النَّوَوِيُّ