الْقَوَدُ أَوْ الدِّيَةُ كَمَا سَيَأْتِي؛ لِأَنَّ ظَنَّهُ ذَلِكَ لَا يَقْتَضِي إبَاحَةَ الْقَتْلِ (فِي كَامِلِ النَّفْسِ) وَهُوَ الْمُسْلِمُ الْحُرُّ الذَّكَرُ غَيْرُ الْجَنِينِ أَيْ: مُعْقِبُ تَلَفِ مَعْصُومٍ يُوجِبُ الضَّمَانَ فِي النَّفْسِ الْكَامِلَةِ (لَدَى الْمَوْتِ) أَيْ عِنْدَهُ وَإِنْ كَانَتْ نَاقِصَةً عِنْدَ الْإِصَابَةِ، أَوْ بَعْدَهَا كَأَنْ جَرَحَ ذِمِّيًّا، أَوْ مُسْلِمًا فَارْتَدَّ، ثُمَّ أَسْلَمَا وَمَاتَا.
قَوْلُهُ: (مِائَهْ) بَدَلٌ مِنْ الضَّمَانِ أَيْ: مُعْقِبُ التَّلَفِ يُوجِبُ فِي النَّفْسِ الْكَامِلَةِ الضَّمَانَ مِائَةً مِنْ الْإِبِلِ (قَدْ خُمِّسَتْ) عِشْرِينَ (بِنْتُ مَخَاضٍ مُجْزِئَهْ) أَيْ: كَافِيَةٌ بِأَنْ تَكُونَ سَلِيمَةً مِنْ الْعُيُوبِ (وَوَلَدَيْ لَبُونَةٍ) أَيْ: وَعِشْرِينَ بِنْتَ لَبُونٍ وَعِشْرِينَ ابْنَ لَبُونٍ (وَ) عِشْرِينَ (حَقَّهْ وَ) عِشْرِينَ (جَذَعَةً فِي الْخَطَإِ) أَيْ: خُمِّسَتْ فِي الْقَتْلِ الْخَطَإِ وَهُوَ أَنْ لَا يَقْصِدَ الْفِعْلَ كَمَا لَوْ زَلَقَ فَسَقَطَ عَلَى غَيْرِهِ، أَوْ يَقْصِدَهُ دُونَ الشَّخْصِ كَمَا لَوْ رَمَى إلَى هَدَفٍ فَأَصَابَ إنْسَانًا، أَوْ إلَى إنْسَانٍ فَأَصَابَ آخَرَ وَكَذَا لَوْ قَصَدَ إنْسَانًا ظَنَّهُ شَجَرَةً، أَوْ أَرَادَ ضَرْبَهُ بِالسَّيْفِ صَفْحًا فَأَخْطَأَ وَأَصَابَهُ بِحَدِّهِ وَقَوْلُهُ: مُجْزِئَةٌ مِنْ زِيَادَتِهِ وَكَذَا قَوْلُهُ: (اسْتَحَقَّهْ) أَيْ اسْتَحَقَّ الْقَتِيلُ مَا ذُكِرَ لِخَبَرِ التِّرْمِذِيِّ وَغَيْرِهِ بِذَلِكَ مِنْ رِوَايَةِ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالُوا وَأَخَذَ بِهِ الشَّافِعِيُّ؛ لِأَنَّهُ أَقَلُّ مَا قِيلَ وَاخْتَارَ الْبُلْقِينِيُّ عَلَى أَصْلِ الشَّافِعِيِّ فِي الْأَخْذِ بِأَقَلِّ مَا قِيلَ وُجُوبُ عِشْرِينَ بَنِي مَخَاضٍ بَدَلَ بَنِي اللَّبُونِ فَقَدْ قَالَ بِهِ ابْنُ مَسْعُودٍ: وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ لَمْ يَبْلُغْ ذَلِكَ الشَّافِعِيَّ قَالَ الشَّارِحُ وَسَبَقَهُ لِاخْتِيَارِ ذَلِكَ لِهَذَا الْمُدْرَكِ ابْنُ الْمُنْذِرِ وَلَمْ يَصِحَّ فِي ذَلِكَ حَدِيثٌ وَاعْتُبِرَ فِي قَدْرِ الضَّمَانِ حَالَ الْمَوْتِ؛ لِأَنَّهُ بَدَلُ التَّالِفِ فَاعْتُبِرَ فِيهِ حَالُ التَّلَفِ وَنَظَرُ الْقَتْلِ خَطَأٌ فِي النَّفْسِ الْكَامِلَةِ عِنْدَ الْمَوْتِ بِقَوْلِهِ: (كَعَبْدِهِ) الْمُسْلِمِ حَيْثُ (يَعْتِقُ)
(وَالْحَرْبِيّ) إذَا (أَسْلَمَ وَالْمُرْتَدِّ) إذَا أَسْلَمَ (بَعْدَ الرَّمْيِ) مِنْ السَّيِّدِ فِي الْأُولَى وَالْمُلْتَزِمِ فِي الْأَخِيرَتَيْنِ وَقَبْلَ الْإِصَابَةِ فَتَجِبُ دِيَةُ الْخَطَإِ مِائَةٌ مِنْ الْإِبِلِ مُخَمَّسَةٌ؛ لِأَنَّ النَّفْسَ كَامِلَةٌ عِنْدَ الْمَوْتِ فَقَوْلُهُ: بَعْدَ الرَّمْيِ تَنَازَعَهُ يَعْتِقُ وَأَسْلَمَ وَأَلْحَقُوا ذَلِكَ بِالْخَطَإِ تَنْزِيلًا لِعُرُوضِ الْعِتْقِ وَالْعِصْمَةِ مَنْزِلَةَ اعْتِرَاضِ الْإِنْسَانِ فِي مُرُورِ السَّهْمِ إلَى الْهَدَفِ وَيَتَفَرَّعُ عَلَى أَنَّ الِاعْتِبَارَ بِالْكَمَالِ عِنْدَ الْمَوْتِ مَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ: (كَجَرْحِهِ) وَعِبَارَةُ الْحَاوِي فَإِنْ جَرَحَ (عَبْدًا) مُسْلِمًا (لِغَيْرٍ فَعَتَقْ، ثُمَّ سَرَى) جُرْحُهُ إلَى نَفْسِهِ (فَمِائَةً) مِنْ الْإِبِلِ (أَدَّى) لِمُسْتَحِقِّهَا؛ لِأَنَّهُ أَتْلَفَ نَفْسًا كَامِلَةً عِنْدَ الْمَوْتِ (وَحَقْ سَيِّدِهِ مِنْهَا أَقَلُّ) الْأَمْرَيْنِ مِنْ (مَا وَجَبْ بَعْدُ) أَيْ: آخِرًا (بِمَا جَنَى) أَيْ: بِالْجِنَايَةِ (عَلَى مِلْكٍ) لَهُ (ذَهَبْ) أَيْ: زَالَ بِالْعِتْقِ (وَ) مِنْ (أَرْشِ مَا جَنَاهُ حَالَ الْمِلْكِ) ؛ لِأَنَّ السِّرَايَةَ لَمْ تَقَعْ فِي مِلْكِهِ حَتَّى تُعْتَبَرَ فِي حَقِّهِ (أَوْ قِيمَتِهِ) أَيْ: حَقُّ السَّيِّدِ مِنْ الْمِائَةِ الْأَقَلُّ مِنْ الْأَمْرَيْنِ كَمَا تَقَرَّرَ، أَوْ قِيمَةُ الْأَقَلِّ مِنْهُمَا (وَخِيرَةَ الْجَانِي) فِي ذَلِكَ (رَأَوْا) فَإِنْ شَاءَ أَعْطَاهُ الْإِبِلَ؛ لِأَنَّهَا الْوَاجِبَةُ آخِرًا وَإِنْ شَاءَ أَعْطَاهُ قِيمَتَهَا؛ لِأَنَّهَا الْوَاجِبَةُ لَهُ بِحَقِّ الْمِلْكِ وَقِيلَ تَتَعَيَّنُ الْإِبِلُ؛ لِأَنَّهَا الْوَاجِبُ الْمُعَيَّنُ نَقَلَهُمَا فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا عَنْ الْإِمَامِ وَاقْتَضَى كَلَامُهُمَا تَرْجِيحَ الْأَوَّلِ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ وَكَلَامُهُمَا
ـــــــــــــــــــــــــــــSإنْ قَتَلَهُ بِدَارِنَا، بَلْ قَضِيَّةُ عِبَارَةِ الْإِرْشَادِ وُجُوبُ الدِّيَةِ مُطْلَقًا، وَارْتَضَاهُ صَاحِبُ الْإِسْعَادِ، وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ قَتَلَهُ بِدَارِنَا وَهُوَ عَلَى زِيِّهِمْ كَقَتْلِهِ بِدَارِهِمْ، أَوْ صَفِّهِمْ، وَعِبَارَةُ شَيْخِنَا الشِّهَابِ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ الصَّغِيرِ مَا نَصُّهُ، أَوْ إنْ عَهِدَهُ حَرْبِيًّا فَقَتَلَهُ بِدَارِنَا وَلَيْسَ عَلَيْهِ زِيُّ الْكُفَّارِ، فَلَا قَوَدَ أَوْ وَعَلَيْهِ زِيُّهُمْ، أَوْ قَتَلَهُ بِدَارِهِمْ، أَوْ صَفِّهِمْ فَلَا قَوَدَ عَلَيْهِ وَلَا دِيَةَ عَلَى الْمُعْتَمَدِ لِعُذْرِهِ. اهـ. وَعِبَارَتُهُ فِي شَرْحِهِ الْكَبِيرِ أَيْ: وَلَا إنْ عَهِدَهُ حَرْبِيًّا فَقَتَلَهُ، وَهُوَ عَلَى زِيِّ الْكُفَّارِ بِدَارِنَا، أَوْ دَارِهِمْ، أَوْ صَفِّهِمْ فَبَانَ مُسْلِمًا، فَلَا قَوَدَ عَلَيْهِ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الشَّرْحِ الصَّغِيرِ، وَرَجَّحَهُ الزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُ لِعُذْرِهِ، وَكَذَا لَا دِيَةَ عَلَى الْأَوْجَهِ، وَإِنْ اقْتَضَى كَلَامُ الْمُصَنِّفِ وُجُوبَهَا، وَارْتَضَاهُ فِي الْإِسْعَادِ. اهـ. وَيَبْقَى الْكَلَامُ فِيمَا لَوْ قَتَلَهُ بَعْدَ سَمَاعِ إسْلَامِهِ، وَادَّعَى أَنَّهُ تَقِيَّةٌ كَمَا وَقَعَ لِبَعْضِ الصَّحَابَةِ.
(قَوْلُهُ: قَالُوا وَأَخَذَ بِهِ الشَّافِعِيُّ) قَدْ يُقَالُ: أَخَذَ الشَّافِعِيُّ بِهِ لِلْخَبَرِ لَا لِكَوْنِهِ أَقَلَّ مَا قِيلَ: وَمَعَ وُجُودِهِ لَا يَأْخُذُ بِأَقَلَّ مَا قِيلَ: وَبِهَذَا يُجَابُ عَمَّا يَأْتِي عَنْ الْبُلْقِينِيِّ وَغَيْرِهِ
(قَوْلُهُ: وَأَلْحَقُوا ذَلِكَ بِالْخَطَأِ) فَلَيْسَ خَطَأً حَقِيقَةً، وَقَوْلُهُ: تَنْزِيلًا إلَخْ وَلِهَذَا قَالَ الشَّارِحُ: فَإِنَّهُ تَجْرِي عَلَيْهِ أَحْكَامُ الْخَطَأِ فِي إيجَابِ دِيَةٍ مُخَمَّسَةٍ، وَلَيْسَ خَطَأً وَإِنْ أَوْهَمَتْ عِبَارَةُ النَّظْمِ، وَأَصْلِهِ خِلَافَهُ فَهُوَ تَنْظِيرٌ لَا تَمْثِيلٌ لِلْخَطَأِ. اهـ. (قَوْلُهُ: أَوْ قِيمَةُ الْأَقَلِّ) عِبَارَةُ الشَّارِحِ أَقَلُّ الْأَمْرَيْنِ مِمَّا وَجَبَ آخِرًا بِالْجِنَايَةِ عَلَى الْمِلْكِ أَوَّلًا، وَمِنْ أَرْشِ الْجِنَايَةِ حَالَ الْمِلْكِ إمَّا مِنْ الْإِبِلِ، أَوْ قِيمَتِهَا. اهـ. وَهُوَ صَرِيحٌ فِي أَنَّهُ إذَا كَانَ الْأَقَلُّ أَرْشَ الْجِنَايَةِ حَالَ الْمِلْكِ إنْ شَاءَ دَفْعَهُ مِنْ الْإِبِلِ، وَإِنْ شَاءَ دَفَعَهُ مِنْ النَّقْدِ.
(قَوْلُهُ: وَخِيرَةُ الْجَانِي رَأَوْا) مِنْهُ تَعْلَمْ أَنَّ الْوَارِثَ لَوْ قَالَ: أَنَا أَتَسَلَّمُ الْإِبِلَ لِنَفْسِي وَأَدْفَعُ لِلسَّيِّدِ مَا يَسْتَحِقُّهُ نَقْدًا لَمْ يَجِبْ لِأَنَّا لَا نَقُولُ هُنَا: أَنَّ الْإِبِلَ تَرِكَتُهُ مَرْهُونَةٌ لِحَقِّ
ـــــــــــــــــــــــــــــQظَنِّ حِرَابَتِهِ وَهُوَ كَذَلِكَ كَمَا فِي الْخَطِيبِ عَلَى الْمِنْهَاجِ قَالَ: أَمَّا إذَا ظَنَّهُ ذِمِّيًّا فَسَيَأْتِي فِي كَلَامِهِ أَنَّ الْمَذْهَبَ وُجُوبُ الْقِصَاصِ اهـ.
(قَوْلُهُ: وَيَتَفَرَّعُ إلَخْ) أَيْ كَمَا يُفِيدُهُ عِبَارَةُ الْحَاوِي (قَوْلُهُ: وَمِنْ أَرْشِ مَا جَنَاهُ) مُرَادُهُ بِالْأَرْشِ مَا يَشْمَلُ قِيمَتَهُ إنْ لَمْ يَكُنْ لِجُرْحِهِ أَرْشٌ مُقَدَّرٌ وَأَرْشُهُ إنْ كَانَ لَهُ أَرْشٌ مُقَدَّرٌ رَاجِعْ الْمَنْهَجَ وَشَرْحَهُ (قَوْلُهُ: وَقِيلَ يَتَعَيَّنُ إلَخْ) ضَعِيفٌ (قَوْلُهُ: الْمُعَيَّنُ) أَيْ لِلْوَرَثَةِ