(ش) : أى [وليحذر] الراوى من [اللّحن] وَهُوَ عدم الجرى على القوانين المستنبطة من اللِّسَان العربى حِين اخْتِلَاط الْعَجم وَنَحْوهم بالعرب واضطراب الْعَرَبيَّة بِسَبَب ذَلِك، وَأول من تكلم [/ 61] فِيهِ أَبُو الْأسود الدؤلى أحد أَصْحَاب على بن أَبى طَالب - رضى الله عَنهُ - وَأَشد اللّحن مَا غير الْمَعْنى، وَكَذَا ليحذر من [التَّصْحِيف] وَهُوَ تَبْدِيل اللَّفْظ و [التَّغْيِير] وَهُوَ إِبْدَال اللَّفْظ بِغَيْرِهِ و [التحريف] وَهُوَ تَبْدِيل الحركات والسكنات والشدات، كل ذَلِك [خوفًا من الدُّخُول فى الْوَعيد] الْوَارِد فِيمَن كذب على النَّبِي [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] فقد قَالَ أَبُو دَاوُد السنجى سَمِعت الأصمعى يَقُول: " إِن أخوف مَا أَخَاف على طَالب الْعلم إِذا لم يعرف النَّحْو أَن يدْخل فى جملَة قَول النَّبِي [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] : " من كذب على مُتَعَمدا فليتبوء مَقْعَده من النَّار " لِأَنَّهُ [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] لم يكن يلحن فمهما روى عَنهُ ولحن فِيهِ فقد كذب عَلَيْهِ وروينا عَن سَالم بن قُتَيْبَة قَالَ: " كنت عِنْد ابْن هُبَيْرَة الْأَكْبَر فَجرى ذكر الْعَرَبيَّة فَقَالَ: " وَالله مَا اسْتَوَى رجلَانِ دينهما وَاحِد، وحسبهما وَاحِد، ومرؤتهما وَاحِدَة، أَحدهمَا يلحن وَالْآخر لَا يلحن، لِأَن أفضلهما فى الدُّنْيَا وَالْآخِرَة الذى لَا يلحن. فَقلت: أصلح الله الْأَمِير هَذَا أفضل فى الدُّنْيَا لفضل فَصَاحَته وعربيته، أمراتب الْآخِرَة مَا لَهُ أفضل فِيهَا؟ قَالَ: إِنَّه يقْرَأ كتاب الله على مَا أنزلهُ، وَإِن الذى يلحن يحملهُ لحنه على أَن يدْخل فِيهِ مَا لَيْسَ مِنْهُ وَيخرج مَا هُوَ فِيهِ ".
قلت: صدق الْأَمِير وبر، فيحق على طَالب الحَدِيث كَمَا قَالَ ابْن الصّلاح أَن يتَعَلَّم من النَّحْو واللغة مَا يتَخَلَّص بِهِ عَن شَيْئَيْنِ: اللّحن، والتحريف، ومعرفتهما وَإِلَى ذَلِك [/ 62] أَشَارَ النَّاظِم بقوله: [فَليعلم النَّحْو] وَهُوَ ظَاهر فى الْوُجُوب، وَقد صرح الْعِزّ بن عبد السَّلَام حَيْثُ قَالَ فى آخر " الْقَوَاعِد ": " الْبِدْعَة خَمْسَة أَقسَام: فالواجبة