كاستعمال النَّحْو الذى يفهم بِهِ كَلَام الله عز وَجل وَرَسُوله [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] ؛ لِأَن حفظ الشَّرِيعَة وَاجِب وَلَا يَتَأَتَّى إِلَّا بذلك فَيكون من مُقَدّمَة الْوَاجِب "، وَكَذَا صرح غَيره بِالْوُجُوب أَيْضا، لَكِن لَا يجب التوغل فِيهِ، بل يَكْفِيهِ تَحْصِيل مُقَدّمَة مشيرة لمقاصده بِحَيْثُ يفهمها ويميز بهَا حركات الْأَلْفَاظ وإعرابها، لِئَلَّا يلتبس فَاعل بمفعول، أَو خبر بِأَمْر، أَو نَحْو ذَلِك، وَمِمَّنْ صرح بذلك شَيخنَا، فَقَالَ وَأَقل مَا يكفى من يُرِيد قِرَاءَة الحَدِيث أَن يعرف من الْعَرَبيَّة أَن لَا يلحن. ويستأنس لَهُ بِمَا روينَاهُ أَنهم كَانُوا يؤمرون، أَو قَالَ الْقَائِل: بتَعَلُّم الْقُرْآن ثمَّ السّنة، ثمَّ الْفَرَائِض، ثمَّ الْعَرَبيَّة الْحُرُوف الثَّلَاثَة فَسرهَا: بِالْجَرِّ وَالرَّفْع وَالنّصب انْتهى، وَذَلِكَ لِأَن التوغل فِيهِ قد يعطل عَلَيْهِ إِدْرَاك هَذَا الْفَنّ، الذى صرح أئمته بِأَنَّهُ لَا يعلق إِلَّا بِمن قصر نَفسه عَلَيْهِ، وَلم يضم غَيره إِلَيْهِ، وعَلى ذَلِك يحمل من وصف من الْأَئِمَّة باللحن كأبى دَاوُد الطيالسى، وهشيم، والدراوردى، وَمن شَاءَ الله مِمَّن لَا أطيل بِذكر أخبارهم، وَبِالْجُمْلَةِ فقد قَالَ السلفى: " وَقد كَانَ فى الرِّوَايَة على هَذَا الْوَضع قوم وَاحْتج برواياتهم فى " الصِّحَاح "، وَلَا يجوز تخطئتهم وتخطئة من أَخذ عَنْهُم "، وَقَالَ أَيْضا فى تَرْجَمَة بعض أئمتهم: " إِنَّه كَانَ قَارِئ الحَدِيث بِبَغْدَاد، والمستملى بهَا على الشُّيُوخ [/ 63] وَهُوَ فى نَفسه ثِقَة كثير السماع، وَلم يكن لَهُ ألسن بِالْعَرَبِيَّةِ، وَكَانَ يلحن لحن أَصْحَاب الحَدِيث، وَقَرَأَ الْحَافِظ عبد الْغنى على القاضى أَبى الطَّاهِر الذهبى كتابا وَقَالَ لَهُ: قرأته عَلَيْك كَمَا قرأته أَنْت؟ قَالَ: نعم إِلَّا اللحنة بعد اللحنة، فَقلت: أَيهَا القاضى فَسَمعته معربا؟ قَالَ: