تعرض سفينته للغرق: ولما أبحروا من المهدية قاصدين السواحل المصرية تجددت لهم النكبة بهياج البحر عليهم، فوقعوا من ذلك في حادث استحسنت أن يقف القارئ على وصفه من قلم ابن العربي نفسه عندما ألف تفسيره (قانون التأويل) (?) قال: " وقد سبق في علم الله أن يعظم علينا البحر بِزَوْله (?) ويغرقنا في هوله. فخرجنا من البحر، خروج الميت من القبر. وانتهينا بعد خطب طويل- إلى بيوت بني كعب بن سُليم- ونحن من السغب، على عطب. ومن العري، في أقبح زي.
وقد قذف البحر زقاق زيت مزقت الحجارة منيئتها (?) ودسَّمت الأدهان وبرها وجلدتها. فاحتزمناها أُزُرا، واشتملناها لُفعا (?) تمجنا الأبصار، وتخذلنا الأنصار. فعطف أميرهم علينا، فأوينا إليه فآوانا، وأطعمنا الله على يديه وسقانا وأكرم مثوانا، وكسانا بأمر (?) حقير ضعيف، وفن من العلم ظريف. وشرحه أنا لما وقفنا على بابه ألفيناه يدير أعواد الشاة (?) فعل السامد اللاه. فدنوت منه في تلك الأطمار، وسمح لي بياذقته (?) إذ كنت من الصغر في حد يسمح فيه للأغمار. ووقفت بإزائهم أنظر إلى تصرفهم من ورائهم، إذ كان علق بنفسي بعض ذلك من بعض القرابة في خُلس بطالة، مع غلبة الصبوة والجهالة. فقلت للبياذقة: الأمير أعلم من صاحبه. فلمحوني شزرا، وعظمتُ في عيونهم بعد أن كنت نزرا. وتقدم إلى الأمير من نقل إليه الكلام. فاستدناني، فدنوت منه. وسألني: هل لي بما هم فيه بصر؟ فقلت: "لي فيه بعض نظر، سيبدو لك