ويظهر. حرِّك تلك القطعة" ففعل، وعارضه صاحبه، فأمرته أن يحرك أخرى، وما زالت الحركات بينهم تترى، حتى هزمهم الأمير، وانقطع التدبير. فقالوا: ما أنت بصغير. وكان في أثناء تلك الحركات قد ترنم ابن عم الأمير منشدا:
وأحلى الهوى ما شك في الوصل ربه ... وفي الهجر , فهو الدهر يرجو ويتقي
فقال: لعن الله أبا الطيب، أويشكُّ الرب؟ ! فقلت له في الحال: ليس كما ظن صاحبك أيها الأمير، إنما أراد بالرب هنا الصاحب. يقول: ألذ الهوى ما كان المحب فيه من الوصال، وبلوغ الغرض من الآمال، على ريب. فهو في وقته كله على رجاء لما يؤمله، وتقاة لما يقطع به، كما قال:
إذا لم يكن في الحب سخط ولا رضا ... فأين حلاوات الرسائل والكتب
وأخذنا نضيف إلى ذلك من الأغراض، في طرفي الإبرام والانتقاض، ما حرَّك منهم إلى جهتي داعي الانتهاض. وأقبلوا يتعجبون مني، ويسألونني كم سني؟ ويكشفونني عني. فبقرت لهم حديثي، وذكرت لهم نجيثي (?) . وأعلمت الأمير بأن أبي معي، فاستدعاه، وقمنا الثلاثة إلى مثواه (?) . فخلع علينا خلعه، وأسبل علينا أدمعه. وجاء كل خوان، بأفنان الألوان. فانظر إلى هذا العلم الذي هو إلى الجهل أقرب (?) مع تلك الصبابة اليسيرة من الأدب، كيف أنقذانا من العطب. وهذا الذي يرشدكم- إن غفلتم- إلى الطلب. وسرنا، حتى انتهينا إلى ديار مصر.