وقال غيره: معناه جاد على محلتك السحاب فأخصبت ولا ماشية لك، فذلك أشد لهمك وغمك، ويكون المعنى حينئذ كقول الآخر:

وخيفاء ألقى الغيث فيها ذراعه ... فسرت وساءت كل ماش ومصرم

أي: فسرت كل ماشية، وساءت كل فقير.

وأنشد أبو عبد الله أيضاً:

إني على كل إيسار ومعسرة ... أدعو حبيشاً كما تدعى ابنة الجبل

وروى المبرد: أدعو حنيفاً يريد أنه يجيب بسرعة كالصدى، وهو ابنة الجبل، وقيل: ابنة الجبل الصخرة المنحدرة من أعلاه، وزاد أبو زيد في روايته بيتاً، وهو:

إن تدعه موهناً يعجل بجابته ... عاري الأشاجع يسعى غير مشتمل

فهذا مدح لا محالة، ومنهم من حمله على قول الآخر:

كأني إذ دعوت بني حنيف ... دعوت بدعوتي لهم الجبالا

ورواه قوم: بني سليم فمن مدح جعله كالأول في سرعة الإجابة، ومن ذم نسبهم إلى الثقل عن إجابته مثل الجبال.

ومن الدعاء الذي يدخل في هذا الباب قول الآخر:

تفرقت غنمي يوماً فقلت لها: ... يا رب سلط عليها الذئب والضبعا

قيل: إنهما إذا اجتمعا لم يؤذيا، وشغل كل واحد منهما الآخر، وإذا تفرقا آذيا، وقيل: إن معناه في الدعاء عليها قتل الذئب الأحياء عيثاً، وأكل الضبع الأموات، فلم يبق منها بقية.

ومن لطيف ما وقع في هذا الباب قول النابغة الذبياني:

يصد الشاعر الثنيان عني ... صدود البكر عن قرم هجان

طور بواسطة نورين ميديا © 2015