وبالتالي: فالتراث الإسلامي ذو منشأ تاريخي ولا علاقة له بسلطة متعالية أي: الله أو الوحي في نظر مؤرخ الفكر الإسلامي (!!). قال: وعلى الرغم من أن تراثا كهذا هو ذو منشأ تاريخي واضح ويمكن تحديده بدقة، فإنه يدعي صفة التعالي على التاريخ أو تخطي التاريخ لأنه منغرس (متجذر) داخل الوعي ويعبر عن تعاليه وتنزيهه. لكن الواقع التاريخي يناقض هذا الزعم التيولوجي (اللاهوتي) (?).
وهكذا مسألة وجود الله، فإن البشر هم الذين أوجدوه، وليس العكس في نظر سيادة المؤرخ، ولذلك فالله هو بحاجة دائما إلى وساطة بشرية ليحصل تصوره (?). وعلماء الدين هم الذين كانوا يبلورون تصورا عن الله ويفرضونه فرضا على المجتمع، وبالتالي فلا يمكن الوصول إلى الله إلا عن طريقهم هم (?). وتوهم البشر طيلة أجيال وأجيال سواء المسلمون أو المسيحيون أن الله حاضر بينهم (?).
وفي نظر أركون إن الوسطاء (الأنبياء وأتباعهم) هم الذين فرضوا وجود الله وهم الذين حكوا ذلك بلغة معينة قابلة للتأويل والتفسير.
ثم شرح لنا أركون كيف أنه إذا رددنا مسألة وجود الله إلى أصلها ظهرت تاريخيته، قال: فلكي تتحرر من شيء ما ينبغي أن تكشف عن أصله أو جذره الأول (أي: كيف تشكل وانبنى لأول مرة). ومن المعلوم أن الشيء يخفي سره أو أصله بكل الوسائل، وذلك لكي يقدم نفسه بشكل طبيعي بدهي، لا يقبل النقاش، ثم لكي يقدم نفسه وكأنه كان دائما