موجودا هكذا منذ الأزل، وسوف يظل موجودا هكذا إلى الأبد، بمعنى آخر فإنه يفعل كل شيء لكي يغطي على لحظة انبثاقه التاريخية، لكي يخفي تاريخيته. هذا ما تفعله كافة العقائد والتصورات الدوغمائية في جميع الأديان (?).

ثم تحدث أركون عن كيف ولدت فكرة الإيمان بالله وكيف صنع العرب إلههم الواحد لأول مرة (?).

ولذلك فمسألة «موت الله» التي تحدث عنها نيتشه ورغم كونها عبارة قاسية وصادمة للحساسية الجماعية لجماهير المؤمنين، إلا أنها كما قال أركون: ينبغي ألا تخيفنا كثيرا، وإنما تعني موت طريقة معينة للتعبير عن وجود الله، ولهذا فلا بد من البحث عن إله رحيم بدل إله الأديان الذي يقمعنا والذي اتفقنا أنه قد مات.

من هو إذن إله أركون الجديد؟

إنه الأمل، لنترك أستاذ تاريخ الفكر الإسلامي (!!) يحدثنا عن إلهه الجديد، قال (282): إن التصور القروسطي المظلم والقمعي عن الله والتأله قد مات، أو ينبغي أن يموت، لماذا؟ لكي يفسح المجال لتصور آخر أكثر رحابة ومحبة وغفرانا ... وهكذا محل التصور الذي يقمعنا ويسحقنا يحل التصور الآخر الذي يسامحنا ويحررنا. ويمكن القول بأن التصور الحديث لله يتجلى في الأمل، في الانفتاح على أفق الأمل: الأمل بالخلود، الأمل بالحرية، الأمل بالعدالة، الأمل بتصالح الإنسان مع ذاته. هذا هو الله بالنسبة للعالم الحديث والتصور الحديث. انتهى.

هكذا يقول، وقد مات أركون ودفن في مقبرة الشهداء، إنه شهيد العلمانية، لقد عاش حياته كلها مسفها للأديان ساخرا من خالقه كافرا به وبرسله وبدينه، فإنا لله وإنا إليه راجعون.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015