الكفر مُستَنكَر مستعجب مع وضوح الأدلة:

ولذلك يسأل القرآن سؤالاً يشي بالعجب من كفر الكافرين مع وضوح الأدلة والبراهين (كيف تكفرون بالله وكنتم أمواتاً فأحياكم ثمَّ يميتكم ثمَّ يحييكم ثُمَّ إليه ترجعون) [البقرة: 28] .

ويسأل في آية أخرى (يا أيها الإنسان ما غرَّك بربك الكريم - الذي خلقك فسوَّاك فعدلك - في أي صورة ما شاء ركَّبك) [الانفطار: 6-8] .

إن مقتضى نظر الإنسان في نفسه وفي الكون من حوله يوجب عليه التوجه إلى خالقه وتعظيمه، ولذلك كان غريباً كفر الكافرين وجحد الجاحدين (مَّا لكم لا ترجون لله وقاراً - وقد خلقكم أطواراً - ألم تروا كيف خلق الله سبع سمواتٍ طباقاً - وجعل القمر فيهنَّ نوراً وجعل الشَّمس سراجاً - والله أنبتكم من الأرض نباتاً - ثم يعيدكم فيها ويخرجكم إخراجاً) [نوح: 13-18] .

4- الذين ينتفعون بآيات الكون هم أولو الألباب

إن آيات الله في الكون لا تتجلى على حقيقتها الموحية إلا للقلوب الذاكرة العابدة؛ لأن هذه القلوب انكشفت عنها الحجب وتفتحت واتصلت بالكون العجيب، فالقرآن أقام الوصلة بين القلب البشري وإيقاعات هذا الكون الهائل الجميل، وهذه الوصلة هي التي تجعل للنظر في كتاب الكون والتعرف إليه أثراً في هذا القلب البشري، وقيمة في الحياة البشرية. هذه هي الوصلة التي يقيمها القرآن بين المعرفة والعلم وبين الإنسان الذي يعلم ويعرف، ولذلك نصّ القرآن على أن الذي يهتدي بآيات الكون هم صنف معين من الناس (إنَّ في خلق السَّماوات والأرض واختلاف الليل والنَّهار لآياتٍ لأولي الألباب - الَّذين يذكرون الله قياماً وقعوداً وعلى جنوبهم ويتفكَّرون في خلق السَّماوات والأرض ربَّنا ما خلقت هذا باطلاً سُبحانك فقنا عذاب النَّار) [آل عمران: 190-191] .

طور بواسطة نورين ميديا © 2015