وقال الكلبي في كتابه (الأصنام) : " وكانت لقريش أصنام في جوف الكعبة وحولها، وأعظمها عندهم (هبل) ، وكان فيما بلغني من عقيق أحمر على صورة الإنسان، وكانوا إذا اختصموا في أمر أو أرادوا سفراً أتوه، فاستقسموا عنده بالقداح.
ومن أصنامهم إساف ونائلة، ويروي بعض الرواة أن رجلاً وامرأة زنيا في البيت الحرام، فمسخهما الله حجرين، ووضعتهما قريش عند الكعبة ليتعظ بهما الناس، فلما طال مكثهما وعبدت الأصنام عبدا معها.
ولما فتح الرسول صلى الله عليه وسلم مكة وجد حول البيت ثلاثمائة وستين صنماً، فجعل يطعن بقوسه في وجوهها وعيونها ويقول: (جاء الحقُّ وزهق الباطل إنَّ الباطل كان زهوقاً) [الإسراء: 81] ، (جاء الحقُّ وما يُبدئُ الباطل وما يُعيد) [سبأ: 49] وهي تتساقط على رؤوسها، ثم أمر بها فأخرجت من المسجد وحرقت. أخرجاه في الصحيحين عن ابن مسعود بنحوه ولم يذكرا " وهي تتساقط ... إلخ " وعندهما يطعنها بعود كان في يده.
وقد انتشرت عبادة الأصنام حتى إنه كان لكل دار في مكة صنم يعبده أهلها، فإذا أراد أحدهم السفر فكان أول ما يصنع في منزله أن يتمسح به، وإذا قدم من سفر كان أول ما يصنع إذا دخل منزله أن يتمسح به.
قال ابن إسحاق الكلبي: " وكان (ذو الخلصة) لدوس وخثعم وبجيلة ومن كان ببلادهم من العرب، وكان مَرْوَةً بيضاء منقوشاً عليها كهيئة التاج، وكان له بيت، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لجرير بن عبد الله البجلي: (ألا تكفيني ذا الخلصة؟) فسار إليه بأحمس، فقاتلته خثعم وباهلة، فظفر بهم، وهدم بيت ذي الخلصة وأضرم فيه النار ".
وفي البخاري ومسلم عن جرير بن عبد الله قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم (ألا تريحني من ذي الخَلصَةَ) ، وكان بيتاً في خثعم يسمى الكعبة اليمانية، فانطلقت في خمسين ومائة فارس من أحمس إلى ذي الخلصة، وكانوا