فهدمها، ثم اتخذوا (اللات) بالطائف وهي أحدث من مناة، وكانت صخرة مربعة، وكانت سدنتها من ثقيف، وكانوا قد بنوا عليها، وكانت قريش وجميع العرب يعظمونها، وبها كانت تسمى زيد اللات، وتيم اللات، وكانت في موضع منارة مسجد الطائف اليسرى اليوم، فم تزل كذلك حتى بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم المغيرة ابن شعبة، وأبا سفيان بن حرب لما أسلمت ثقيف، فهدماها وحرقاها بالنار.
غير أن ابن جرير يروي في تفسيره عن مجاهد في قوله تعالى: (أَفَرَأَيْتُمُ الَّلات والعُزَّى) [النجم: 19] قال: كان اللات يلت السويق للحاج، فمات فعكفوا على قبره، وكذلك قال أبو الجوزاء عن ابن عباس: كان يلتّ السويق للحاج. رواه البخاري بنحوه.
ثم اتخذوا (العزى) وهي أحدث من اللات، اتخذها ظالم بن سعد بوادي نخلة فوق ذات عرق، وبنوا عليها بيتاً، فكانوا يسمعون منها الصوت، قال الكلبي فيما يرويه عن ابن عباس قال: كانت للعزى شيطانة تأتي ثلاث سمرات ببطن نخلة.
فلما فتح رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة بعث خالد بن الوليد فقال: ائت بطن نخلة، فإنك ستجد ثلاث سمرات، فاعضد الأولى، فأتاها فعضدها، فلما جاء إليه قال: هل رأيت شيئاً؟ قال: لا. قال: فاعضد الثانية، فعضدها، ثم أتى النبي صلى الله عليه وسلم قال: هل رأيت شيئاً؟ قال لا، قال: فاعضد الثالثة، فأتاها فإذا هو بحبشية نافشة شعرها واضعة يديها على عاتقها تضرب بأنيابها وخلفها سادنها، فقال خالد:
كفرانك لا سبحانك، إني رأيت الله قد أهانك.
ثم ضربها ففلق رأسها فإذا هي حممة، ثم عضد الشجرة، وقتل السادن، ثم أتى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره، فقال: (تلك العزى، ولا عزى بعدها للعرب) . وكانت العزى لأهل مكة في موضع قريب من عرفات، وكانت شجرة يذبحون عندها ويدعون.