بداية الانحراف:
ويذكر لنا ابن إسحاق كيف كانت بداية الانحراف عند العرب من نسل إسماعيل عليه السلام في عبادتهم الأحجار، فقد كان ((أول أمرهم أنهم كانوا يعظمون الحرم، فلا يرتحلون منه حتى كثروا وضاق بهم، فأخذوا يرتحلون عنه طالبين السعة والفسح في البلاد، فكان لا يظعن ظاعن منهم عن الحرم إلى غيره إلا حمل معه حجراً من حجارة الحرم تعظيماً له، فحيث ما نزلوا وضعوه، فطافوا به كطوافهم بالكعبة، ثم أدى بهم ذلك إلى عبادة هذه الأحجار، ثم كانوا يعبدون ما استحسنوا من الحجارة)) (?) .
وانظر إلى ما صار إليه أمرهم وحالهم: عن أبي رجاء العطاردي قال: " كنا نعبد الحجر في الجاهلية، فإذا وجدنا حجراً أحسن منه نلقي ذلك ونأخذه، فإذا لم نجد حجراً جمعنا حثية من تراب، ثم جئنا بغنم فحلبنا عليه ثم طفنا به ".
ومن عجائب أمر الجاهلية أن الرجل منهم كان إذا سافر حمل معه أربعة أحجار، ثلاثة لقدره والرابع يعبده.
أصنام العرب:
واتخذوا الأصنام والأوثان، قال هشام بن محمد السائب الكلبي: " وكان من أقدم أصنامهم (مناة) ، وكان منصوباً على ساحل البحر الأحمر من ناحية (المشلل) بقديد بين مكة والمدينة، وكانت العرب جميعاً تعظمه، وكانت الأوس والخزرج ومن ينزل المدينة ومكة وما قارب من المواضع يعظمونه ويذبحون له، ويهدون له، ولم يكن أحد أشد إعظاماً له من الأوس والخزرج، وبلغ من تعظيم الأوس ومن جاورهم من عرب يثرب له أنهم كانوا يحجون، فيقفون مع الناس المواقف كلها، ولا يحلقون رؤوسهم، فإذا نفروا أتوه فحلقوا عنده رؤوسهم، وأقاموا عنده لا يرون لحجمهم تماماً إلا بذلك.
وكانت (مناة) لهذيل وخزاعة فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم علياً عام الفتح