لأن النفي ليس فيه مدح ولا كمال ما لم يتضمن إثباتاً؛ لأن النفي المحض عدم محض، والعدم المحض ليس بشيء.
وقد أكثر المبتدعون من النفي المحض فقالوا: لا يتكلم، ولا يرى، وليس فوق العالم، وغلا بعضهم فقالوا: ليس بداخل العالم ولا خارجه، ولا مبايناً للعالم، ولا مخالطاً له ... إلى آخر هذا الكلام الغث الذي يجعلون الله به عدماً ... تعالى وتقدس.
القاعدة الخامسة: الألفاظ الموهمة حقاً وباطلاً (?) :
الصفات التي وردت في الكتاب والسنة حق يجب الإيمان بها، وإن لم نفقه معناها.
أما ما يطلقه الناس على الله - سبحانه - مما لم يرد في الكتاب والسنة مما يتنازع فيه الناس فلا نثبته ولا ننفيه حتى نتبين مراد قائله منه.
فمثلاً يقال لمن نفى الجهة: ماذا تعني بالجهة؟ إن كنت تعني أن الله في داخل جرم السماء، وأن السماء تحويه، فلا يجوز أن نقول: إن الله في جهة، وإن كنت تريد أن الله فوق مخلوقاته فوق السماوات فهذا حق.
وكذلك التحيز، إن كان المراد أن الله تحوزه المخلوقات فهذا باطل قطعاً، وإن أراد أنه منحاز عن المخلوقات، أي: مباين لها فهذا حق.
القاعدة السادسة: التعطيل سببه اعتقاد التشبيه أو لا:
وقد وضح هذه القاعدة العلامة الشيخ محمد الأمين الشنقيطي رحمه الله تعالى، وبين أن أصل البلاء وأسه هو تنجس القلب وتلطخه وتدنسه بأقذار التشبيه، فإذا سمع ذو القلب المتنجس بأقذار التشبيه صفة من صفات الكمال، التي أثنى الله بها على نفسه، كنزوله إلى سماء الدنيا في ثلث الليل الأخير، وكاستوائه على عرشه، وكمجيئه يوم القيامة، وغير ذلك من صفات الجلال والكمال، فإن أول ما يخطر في ذهنه أن هذه الصفة