تشبه صفة الخلق، فيكون قلبه متنجساً بأقذار التشبيه، لا يقدّر الله حق قدره، ولا يعظم الله حق عظمته، حيث يسبق إلى ذهنه أن صفة الخالق تشبه صفة المخلوق، فيكون أولا نجس القلب متقذراً بأقذار التشبيه، فيدعوه شؤم هذا التشبيه إلى أن ينفي صفة الخالق - جلّ وعلا - عنه، بادعاء أنها تشبه صفات المخلوق، فيكون أولاً مشبهاً، وثانياً معطلاً، فصار ابتداء وانتهاءً متهجماً على رب العالمين، ينفي صفاته عنه بادعاء أن تلك الصفة لا تليق به.

وذكر الشيخ - رحمه الله تعالى - قاعدة أصولية أطبق عليها من يعتد به من أهل العلم. وهي أن النبي صلى الله عليه وسلم لا يجوز في حقه تأخير البيان عن وقت الحاجة، ولا سيما في العقائد. ولو مشينا على فرضهم الباطل، أن ظاهر آيات الصفات الكفر، فالنبي صلى الله عليه وسلم لم يؤول الاستواء (بالاستيلاء) ، ولم يؤول شيئاً من هذه التأويلات، ولو كان المراد بها هذه التأويلات لبادر النبي صلى الله عليه وسلم إلى بيانها؛ لأنه لا يجوز في حقه تأخير البيان عن وقت الحاجة.

وبين الشيخ - رحمه الله تعالى - أن الواجب على المسلم إذا سمع وصفاً وصف به خالق السماوات والأرض نفسه، أو وصفه به رسوله صلى الله عليه وسلم أن يملأ صدره من التعظيم، ويجزم بأن ذلك الوصف بالغ من غايات الكمال والجلال والشرف والعلو ما يقطع جميع علائق أوهام المشابهة بينه وبين صفات المخلوقين، فيكون القلب منزّها معظما له جلّ وعلا، غير متنجس بأقذار التشبيه، فتكون أرض قلبه قابلة للإيمان والتصديق بصفات الله التي تمدّح بها، وأثنى عليه بها نبيه صلى الله عليه وسلم، على غرار قوله: (ليس كمثله شيءٌ وهو السَّميع البصير) [الشورى: 11] ، والشر كل الشر في عدم تعظيم الله، وأن يسبق في ذهن الإنسان أن صفة الخالق تشبه صفة المخلوق، فيضطر المسكين أن ينفي صفة الخالق بهذه الدعوى الكاذبة الخائنة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015