والجهل والعجز والسنة والنوم والعبث ... إلخ.
إلا أن منهج القرآن في النفي أن لا ينفي نفياً محضاً، فلا ينفي القرآن صفة نقص عن الله إلا إذا كانت متضمنة صفة مدح وكمال، فلا ينفي نفياً مجرداً، كما تفعل بعض الفرق (?) ، فقوله تعالى: (الله لا إله إلاَّ هو الحيُّ القيُّوم لا تأخذهُ سنةٌ ولا نومٌ لَّه ما في السَّماوات وما في الأرض من ذا الذَّي يشفع عنده إلاَّ بإذنه يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم ولا يحيطون بشيءٍ من علمه إلاَّ بما شاء وسع كرسيُّه السَّماوات والأرض ولا يَؤُودُهُ حفظهما) [البقرة: 255] فيه نفي السنة والنوم عن الله تعالى، ونفيهما يتضمن كمال الحياة والقيام، فمن كمال حياته: ألا تأخذه سنة (وهي أوائل النوم) ولا نوم، وقوله: (ولا يَؤُودُهُ حفظهما) [البقرة: 255] مستلزم لكمال قدرته وتمامها، إذ المعنى (لا يكرثه ولا يثقله) .
ومثل ذلك قوله: (لا يعزب عنه مثقال ذرَّةٍ في السَّماوات ولا في الأرض) [سبأ: 3] فإن نفي العزوب مستلزم لعلمه بكل ذرة في السماوات والأرض.
وكذلك قوله: (ولقد خلقنا السَّماوات والأرض وما بينهما في ستَّة أيامٍ وما مسَّنا من لُّغوبٍ) [ق: 38] فإن نفي اللغوب (وهو التعب والإعياء) دل على كمال القدرة ونهاية القوة. وكذلك قوله: (لاَّ تُدركه الأبصار) [الأنعام: 103] أي: لا تحيط به الأبصار فهو وإن رئي في الآخرة، ولكنه لعظمته - سبحانه - لا تحيط به الأبصار.
وكذلك كل ما نفاه الله عن نفسه، فإنه يستلزم صفة ثبوتية يمدح الله بها.
ولم يصف الله نفسه بنفي محض لا يستلزم صفة ثبوتية، وبذلك يتضح أن الذين يتجهون إلى الإكثار من النفي (أو ما يسمونه السلوب) أخطؤوا؛