ثم قال: (أم خلقوا السماوات والأرض بل لا يوقنون) [الطور: 36] وذلك شيء لا يمكنهم أن يدّعوه بوجه، فهم منقطعون والحجة قائمة عليهم ".

وهذا الذي قرر الخطابي أن الكفار لا يمكن أن يدعوه فائدة ذكره والسؤال عنه قطع الحجاج والخصام؛ إذ قد يوجد جاحد مكابر يقول: " أنا خلقت نفسي " كما زعم مثيل له من قبل بأنه يحي ويميت (ألم تر إلى الذي حاجَّ إبراهيم في ربه أن آتَاهُ الله الملك إذ قال إبراهيم ربي الذي يحي ويميت قال أنا أُحْيِي وأميت) [البقرة: 258] .

فماذا كان الجواب؟ سؤال آخر أبان عجزه وأكذبه في زعمه الأول (قال إبراهيم فإنَّ الله يأتي بالشمس من المشرق فأت بها من المغرب) [البقرة: 258] فكانت النتيجة: (فبهت الذي كفر والله لا يهدي القوم الظَّالمين) [البقرة: 258] .

وهنا هَبْ شخصاً قال: " أنا خلقت نفسي " فهل يستطيع أن يزعم أنّه خلق السماوات والأرض؟! فإذا كان العدم لا يُوجِد سماء ولا أرضاً، وإذا كانت السماء والأرض لم توجدا نفسيهما، وإذا كان هؤلاء لا يستطيعون الادعاء بأنّهم أوجدوا ذلك كله، فإنّه لا بدّ لهذا كله من موجد، وهذا الموجد هو الله سبحانه وتعالى.

موقف العلوم التجريبية من هذا القانون:

إنّ طاقة البشر وطبيعة المخلوق، أعجز من أن تحصي مراحل الأسباب مرحلة مرحلة، وتتابع سلسلتها حلقة حلقة، حتى تشهد بداية العالم، ولذلك يئست العلوم التجريبية من معرفة أصول الأشياء، وأعلنت عدولها عن هذه المحاولة، وكان قصاراها أن تخطو خطوات معدودة إلى الوراء، تاركة ما بعد ذلك إلى ساحة الغيب التي يستوي في الوقوف دونها العلماء والجهلاء.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015