لا بدّ للعقل من الاعتراف:

ولكنّ هذا اليأس الإنساني من معرفة أطوار الكائنات تفصيلاً في ماضيها ومستقبلها، يقابله يقين إجمالي ينطوي كلّ عقل على الاعتراف به طوعاً أو كرهاً، وهو أنّه مهما طالت الأسباب الممكنة، وسواء أفرضت متناهية أو غير متناهية، فلا بدّ لتفسيرها وفهمها ومعقولية وجودها من إثبات شيء آخر يحمل في نفسه سبب وجوده وبقائه، بحيث يكون هو الأول الحقيقي الذي ليس قبله شيء، وإلا لبقيت كلّ هذه الممكنات في طيّ الكتمان (إن لم يكن لها مبدأ ذو وجود مستقل) .

الرد على شبهات الملحدين في نشأة الكون (المصادفة)

نسمع ونقرأ شبهات قيلت في القديم، وتقال اليوم، يحاول أصحابها أن يعللوا بها وجود الكون، وسنحاول أن نعرض لبعض هذه الشبهات، ثم نبين ما فيها من باطل.

ا- القول بالمصادفة

بعد توضيح الدليل القرآني الذي يخاطب العقول، ويلزمها بالاعتراف بوجود الخالق المعبود، يبدو القول إنّ هذا الكون خلق مصادفة من غير خالق ليس قولاً بعيداً عن الصواب فحسب، بل قول بعيد عن المعقول يدخل صاحبه في عداد المخرفين الذين فقدوا عقولهم أو كادوا، فهم يكابرون في الدليل الذي لا يجد العقل بُدّاً من التسليم به.

لقد وجد من يقول: " لو جلست ستة من القردة على آلات كاتبة، وظلت تضرب على حروفها بلايين السنين، فلا نستبعد أن نجد في بعض الأوراق الأخيرة التي كتبتها قصيدة من قصائد شكسبير، فكذلك الكون الموجود الآن، إنما وجد نتيجة لعمليات عمياء، ظلت تدور في ((المادة)) لبلايين السنين ".

طور بواسطة نورين ميديا © 2015