ليلة الجمعة السادس عشر وفرقهم ثلاث فرق فلما أصبح الصباح أَقبل العبد منصور وأصحابه وفي ظنهم أن الشمسي وأصحابه قد صاروا في المهجم فلما صار العبد وأصحابه في البرزة حقق لهم وقوف الشمسي فيمن معه من أصحابه من العسكر فالتفت العيد منصور إلى أصحابه وقال أَرى المصلحة أن نرجع إلى حرض من غير قتال وننتظر ما يأْتينا من المدد. وكان رأْياً صائباً لو قبلوهُ. فقال له ابن الباقر وما خوفنا منهم والله لو قد رأَوا وجه فرس منا ما وقفوا وان وقفوا فأنا أكفيكهم فتراجعوا بالكلام ورجع من اخبر الشمسي بوصولهم فاستنهض أصحابه وعبي كل طائفة في موضع وسار هو في القلب فتواجه العسكران فحمل يحيى بن الباقر وحمل معه طائفة من أصحابه وقصدوا القلب فوقع يحيى علي مملوك من العسكر فقتله وأقبل أصحاب الميمنة وأصحاب الميسرة جميعاً فانهزم وأصحابه هزيمة شنيعة وضيّقت عليهم الخيل من كل مكان فقتلوا من الخيل والرجل شيئاً كثيراً وقتل العبد منصور ولم يعرفه قاتلوه وقتل قاسم بن المهدي وولده ومات كثير من الناس عطشاً ونهبت دوابهم وسلاحهم وأَزوادهم ولم يرجع منهم إلا الأقل وكان ذلك يوم الجمعة السادس عشر من ذي القعدة المذكور.
وفي ذلك النهار خرج السلطان من تعز يريد زبيد فدخلها يوم الأحد التاسع عشر واجهه الخبر بهزيمتهم إلى حيس.
وفي يوم الجمعة التاسع والعشرين من ذي القعدة تقدم القائد علي بن سعد بعلم الحج المنصور الأشرفي من مدينة زبيد واتصل العلم انه دخل جُدَّة يوم الخميس السادس من ذي الحجة. فكان مسيره من زبيد إلى جُدّة سبعة أيام وهذا شيء ما علمنا بمثله في زماننا ولا فيما قرب منه. وعيَّد السلطان عيد الأضحى في مدينة زبيد.
وفي هذه السنة توفي الفقيه الصالح المشهور محمد الصامت. وكان رجلاً خيراً ورعاً وإنما سمي الصامت لأنه كان لا يكلم أحداً ولا يتكلم إلا بالدعاء والذكر وما لا