غلمان السلطان وللسلطان عليه وعلى أخيه عون بن طلحة شفقةُ تامة. وكان محمد بن طلحة شرس الأخلاق سفَّاكاً فتَّاكاً فاشتكوه إلى السلطان فطرده السلطان وأهمله وقلاه. فانضم إلى الإمام وكثر سواده وتكلم في حضرته بما أراد ونزل معه إلى زبيد واطلعه على كثير من عورات البلاد ثم رجع إلى تعز مستخفياً فعلم عليه فأُخذ كما ذكرنا. وأَرسل به الطواشي إلى السلطان في دار السلام فأمر به السلطان إلى السجن في حصن تعز فاطلع إلى حصن التعكر من يومه ذلك. وأقام السلطان في دار السلام إلى العاشر من شوال. ثم طلع الشوافي وأَمر بالمحطة على الرازجيّ صاحب حصن سافة من أعمال خدد. فلما اشتد القتال وضاق ضيقاً شديداً سأَل ذمةً شاملة من التسليم وبذل تسليم الحصن فأجيب إلى ذلك فنزل بأولاده ونسائه وخدمه وقبض منه الحصن المذكور يوم السادس عشر من شوال. وأقام السلطان هنالك أياماً قلائل ثم نزل على السحول ورجع إلى دار السلام من جبلة فأقام فيه إلى الرابع عشر من القعدة ثم توجه إلى تعز فدخلها يوم الخامس عشر من القعدة ثم تقدم إلى زبيد يوم الجمعة السادس عشر.
وفي هذا التاريخ قتل العبد منصور مقدم عسكر الإمام وكان قتله في حدود الوادي مور. وكان سبب قتله أن الإمام لما رجع من محطة نعم في السابع والعشرين من شهر رمضان كما ذكرنا أقام في ذمار إلى أن مضت أيام من شوال. ثم جرد الإمام عسكراً إلى تهامة فنزلوا على حرض وكان فيه من المقدمين العبد منور ويحيى بن الباقر الحمزي وقاسم بن المهدي في عدة من فرسان العرب ووجوه الشرف. وكان وصولهم حرضاً يوم التاسع من ذي القعدة فأقاموا فيها أياماً قلائل وخرجوا يريدون المحالب. وكان خروجهم يوم الثلاثاء الثالث عشر من ذي القعدة.
وكان الأمير بهاء الدين الشمسي يومئذ في المحالب فأتاه الخبر يوم الخميس الخامس عشر بخروج العبد منصور ومن معه من حَرض إلى الساحل يريدون المحالب وإن جمعهم دون كل مرة فجمع الأمير أصحابه وعرَّفهم بكل ما وصل إليه من الخبر وقال لهم هذه غنيمة ساقها الله لكم فالحزم الحزم العزم العزم. وخرج آخر