له تعالى للحج عنها والزيارة فزودني أربعة آلاف درهم. ولما رجعت من الحج والزيارة سامحني في خراج ارضي ونخلى يومئذ مسامحة مستمرة مؤَيدة مستقرة. جزاه الله عني افضل الجزاء.
وفي هذه السنة توفي القاضي حمال الدين محمد بن إبراهيم الجلاد. وكان أوحد أعلام الدهر. وأوحد أعيان العصر. وكان فقيهاً عارفاً فاضلاً جواداً كاملاً له فعلات في الجود مشهورة. ومقامات في الفضل مذكورة. قرأَ على الفقيه علي بن نوح وغيره. وكان بارعاً في علم الحساب والفلك وبنى مدرسة في مدينة زبيد لأهل مذهبه أصحاب أبي حنيفة رحمه الله تعالى. وكان يحب العلماء ويجلهم. ولم يزل في خدمة السلطان حتى ولي السدود الأربعة وأقطعه السلطان الملك الأفضل حَرَض ثم اقطعه فشال. وتوفي وهو ناظر في الثغر المحروس بعدن وولي النظر والولاية بها مدة. ولم يتفق هذا لأحدٍ قبلة. وكانت وفاته في جمادى الآخرة من السنة المذكورة رحمه الله تعالى. ويروى أن ميلاده في سنة أربع وعشرين وسبعمائة والله أعلم.
وفي سنة خمس وثمانين وسبعمائة نزل السلطان تهامة في شهر المحرم فأقام بها. وفي شهر جمادى الأخرى خرج عمران السنجى إلى بلد المعازبة ووافقهم على الفساد في البلاد بعد أن كان أحد خواص السلطان فدل قبح فعله على خبث اصله. فأغار هو والمعازبة في جمع كثيف فخرج سرعان الخيل من العسكر فلحقوهم وقد نهبوا شيئاً من المواشي فعطفت عليهم تلك الجموع فقتلوا أبا بكر بن الدمرداش ودادو بن حسن بن علي الأنف ولزموا خادماً من الخدام وهو الطواشي صفي الدين جوهر الصيني ومملوكاً وعبداً حبشياً فهرب عليهم الخادم ثم عاثوا في البلاد. وأكثروا في الأرض الفساد. وكان الوقت غير مساعد بالخروج إليهم. والمحطة عليهم.
وفي هذا التاريخ استمر القاضي شرف الدين حسين بن علي الفارقي ناظراً في الثغر المحروس فكان حسن المعاشرة. جيد المباشرة.
وفي شهر شعبان تقدم الركاب العالي من تهامة إلى محروسة تعز فكان صيامه شهر رمضان في مدينة تعز.