الدولة. ووافق ذلك كراهة من السلطان له فبعث إلى نائب لحج وأمره بمصادرته فصادره مصادرة شاقة وعذبه عذاباً شديداً. ثم حصل من استعطف له قلب السلطان فأمر باطلاعه إلى تعز. فطلع وهو الميم من شدة الضرب فتوفي بالهشمة في شهر رمضان من السنة المذكورة رحمه الله تعالى.
وفي هذه السنة توفي الفقيه شرف الدين احمد بن الفقيه علي الجنيد بن الفقيه أحمد بن الفقيه محمد بن منصور بن الجنيد وكان مولده في صفر من سنة تسع وخمسين وستمائة. وكان فقيهاً حافظاً حاذقاً عارفاً تولى إعادة الأسدية في مدينة تعز بعد أن كان أبوه فقيهاً. وكان الفقيه أبو بكر بن محمد بن عمر اليحيوي يحسن النظر في حاله وحال اخوته مراعاة لصحبة أبيهم ثم إن السلطان الملك المؤَيد دعته نفسه إلى القراءة في أيام أبيه الملك المظفر فسأل عن فقيه صالح فارشد إلى الفقيه محمد بن عباس الشعبي. فسأَله أن يقرئهُ فاعتذر وأشار إلى هذا ابن الجنيد. فاستدعاه المؤَيد وعرفه بغرضه فقال له أشتور والدي يعني الفقيه أبا بكر بن محمد بن عمر اليحيوي فقال له ألم تذكر لنا إن والدك قد توفي فاخبره بمن يعني فاستشار الفقيه. فأشار عليه فقراَّ عليه المؤَيد فحصل بينهما من الألفة والمحبة والأنس ما حصل بحيث صار يركب بركوب السلطان. وطلع معه إلى صنعاء على بغلة بزنار كما يركب الوزراء وكان الناس في صنعاءَ يقبلون بابه ويصيحون عليه. ولم يزل معه حتى سافر إلى الشحر بسنة أربع وتسعين وستمائة. فلما توفي المظفر وحصل من الأشراف المؤَيد ما حصل من النزاع واسر الملك المؤَيد تفرق أصحابه فلحق هذا بشيخه فأقام عند الفقهاء بني النخلي. فلما صار الملك إلى الملك المؤَيد وصل إليه الفقيه ورجع على حالته الأولى. ولم يزل على شفقة المؤَيد وكان فقيهاً أصولياً نحوياً لغوياً. وله في الشعر يد حسنة وله في التصوف كلام مرضي ولأهل السمكر فيه اعتقاد حسن. وتوفي يوم الأربعاء ثاني عشر جمادى الأولى من السنة المذكورة رحمه الله تعالى.
وفي هذه السنة توفي الفقيه الفاضل أبو عيسى محمد بن خليفة وكان فقيهاً كبيراً متورعاً ما قرأَ عليه أحد إلا انتفع وربما بلغ طريقة الاجتهاد أو قريباً منها وكان يلبس