السوامق وَأشْهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَحده لَا شريك لَهُ رب المغارب والمشارق وَأشْهد أَن مُحَمَّدًا عَبده وَرَسُوله الْمُؤَيد بالمعجزات الخوارق الموضح لسبيل الْحق فِي الجلائل والدقائق صلى الله عَلَيْهِ وعَلى آله وَسلم صَلَاة وتسليما باقيين مَا بقيت الْخَلَائق
أما بعد فَإِن الله سُبْحَانَهُ علم مَا عَلَيْهِ بَنو آدم من كَثْرَة الِاخْتِلَاف والافتراق وتباين الْعُقُول والأخلاق حَيْثُ خلقُوا من طبائع ذَات تنافر وابتلوا بتشعب الأفكار والخواطر فَبعث الله الرُّسُل مبشرين ومنذرين ومبينين للْإنْسَان مَا يضله ويهديه وَأنزل مَعَهم الْكتاب بِالْحَقِّ ليحكم بَين النَّاس فِيمَا اخْتلفُوا فِيهِ وَأمرهمْ بالاعتصام بِهِ حذرا من التَّفَرُّق فِي الدّين وحضهم عِنْد التَّنَازُع على الرَّد إِلَيْهِ وَإِلَى رَسُوله الْمُبين وَعذرهمْ بعد ذَلِك فِيمَا يتنازعون فِيهِ من دقائق الْفُرُوع العلمية لخفاء مدركها وخفة مسلكها وَعدم إفضائها إِلَى بلية وحضهم على المناظرة والمشاورة لاستخراج الصَّوَاب فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة حَيْثُ يَقُول لمن رَضِي دينهم {وَأمرهمْ شُورَى بَينهم} كَمَا أَمرهم بالمجادلة والمقاتلة لمن عدل عَن السَّبِيل العادلة حَيْثُ يَقُول آمرا وناهيا لنَبيه وَالْمُؤمنِينَ لبَيَان مَا يرضاه مِنْهُ وَمِنْهُم {وجادلهم بِالَّتِي هِيَ أحسن} {وَلَا تجادلوا أهل الْكتاب إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أحسن إِلَّا الَّذين ظلمُوا مِنْهُم} فَكَانَ أَئِمَّة الْإِسْلَام ممتثلين لأمر المليك