فَحَكَمَ الْحَاكِمُ بِأَنَّهُ يُوَزَّعُ نَصِيبُ مَنْ مَاتَ عَنْ غَيْرِ وَلَدٍ وَلَا نَسْلٍ وَلَا عَقِبٍ عَلَى أَهْلِ دَرَجَتِهِ مِنْ أَهْلِ الْوَقْفِ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ وَأَمَرَ النَّاظِرُ الْمَرْقُومُ بِالتَّوْزِيعِ كَذَلِكَ حُكْمًا وَأَمْرًا شَرْعِيَّيْنِ بِالْتِمَاسٍ شَرْعِيٍّ وَكَتَبَ بِذَلِكَ حُجَّةً شَرْعِيَّةً فَهَلْ يُعْمَلُ بِمَضْمُونِهَا بَعْدَ ثُبُوتِهِ شَرْعًا؟
(الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَالْحَالَةُ هَذِهِ.
(أَقُولُ) وَحَاصِلُ الْمَسْأَلَةِ أَنَّهُ إذَا وَقَفَ عَلَى أَوْلَادِهِ ثُمَّ عَلَى أَوْلَادِهِمْ ثُمَّ وَثُمَّ عَلَى الْفَرِيضَةِ الشَّرْعِيَّةِ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ ثُمَّ شَرَطَ أَنَّ مَنْ مَاتَ عَقِيمًا فَنَصِيبُهُ لِأَهْلِ دَرَجَتِهِ فَإِذَا مَاتَ أَحَدُهُمْ عَقِيمًا وَفِي دَرَجَتِهِ ذُكُورٌ وَإِنَاثٌ يُوَزَّعُ نَصِيبُ الْمُتَوَفَّى بَيْنَهُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ وَإِنْ تَرَكَ الْوَاقِفُ التَّصْرِيحَ بِذَلِكَ وَلَا يُقْسَمُ بَيْنَهُمْ عَلَى السَّوِيَّةِ لِأَنَّهُ إنَّمَا يُقْسَمُ بِالسَّوِيَّةِ لَوْ لَمْ يَشْتَرِطْ الْمُفَاضَلَةَ وَهُوَ قَدْ اشْتَرَطَهَا أَوَّلًا فِي قِسْمَةِ رِيعِ الْوَقْفِ عَلَى أَوْلَادِهِ وَأَوْلَادِهِمْ وَمِنْ جُمْلَةِ ذَلِكَ قِسْمَةُ نَصِيبِ الْمُتَوَفَّى عَقِيمًا عَلَى أَهْلِ دَرَجَتِهِ فَيَنْسَحِبُ الشَّرْطُ عَلَيْهِ وَإِنْ لَمْ يُصَرِّحْ بِهِ فِيهِ لِأَنَّ قَوْلَهُ عَلَى أَنَّ إلَخْ تَفْصِيلٌ لِمَا أَجْمَلَهُ أَوَّلًا مِنْ قَوْلِهِ عَلَى أَوْلَادِي إلَخْ
وَهُوَ كَلَامٌ فِي غَايَةِ الْحُسْنِ وَيَشْهَدُ لَهُ مَا فِي فَتَاوَى الْمُحَقِّقِ ابْنِ حَجَرٍ عَنْ شَيْخِهِ الْعَلَّامَةِ شَيْخِ الْإِسْلَامِ الْقَاضِي زَكَرِيَّا مِمَّا حَاصِلُهُ أَنَّ زَيْدًا مَلَّكَ عَمْرًا الْأَجْنَبِيَّ أَرْضًا لِيَقِفَهَا عَلَيْهِ ثُمَّ عَلَى أَوْلَادِهِ فَلَمَّا مَلَكَهَا عَمْرٌو وَقَفَهَا عَلَى زَيْدٍ ثُمَّ عَلَى أَوْلَادِهِ الْخَمْسَةِ وَعَدَّهُمْ عَلَى أَنَّ مَنْ مَاتَ مِنْهُمْ عَنْ وَلَدٍ وَإِنْ سَفَلَ انْتَقَلَ نَصِيبُهُ إلَيْهِ وَمَنْ مَاتَ عَقِيمًا فَنَصِيبُهُ لِمَنْ فِي دَرَجَتِهِ ثُمَّ عَلَى أَوْلَادِهِمْ وَنَسْلِهِمْ بَطْنًا بَعْدَ بَطْنٍ فَمَاتَ زَيْدٌ ثُمَّ مَاتَ أَحَدُ أَوْلَادِهِ الْخَمْسَةِ عَنْ بِنْتٍ ثُمَّ مَاتَتْ الْبِنْتُ عَقِيمًا وَفِي دَرَجَتِهَا أَوْلَادُ أَعْمَامِهَا فَأَجَابَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ الْمَذْكُورُ بِأَنَّهُ يُحْتَمَلُ أَنْ يَنْتَقِلَ نَصِيبُهَا لِلْأَقْرَبِ إلَى الْوَاقِفِ وَهُوَ الرَّجُلُ الْأَجْنَبِيُّ الَّذِي جُعِلَ وَاسِطَةً لِانْقِطَاعِ الْوَقْفِ فِي حِصَّتِهَا عَمَلًا بِقَضِيَّةِ شَرْطِ الْوَاقِفِ فِي الْأَوْلَادِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَنْتَقِلَ لِمَنْ فِي دَرَجَتِهَا وَهُمْ أَوْلَادُ أَعْمَامِهَا تَسْوِيَةً بَيْنَ الْمُتَعَاطِفِينَ فِي الْمُتَعَلِّقِ وَإِنْ كَانَ مُتَوَسِّطًا وَهَذَا هُوَ الْأَوْجَهُ لَا لِاطِّرَادِهِ بَلْ لِلْقَرِينَةِ وَهِيَ الْغَالِبُ وَغَرَضُ الْوَاقِفِ إذْ الْغَالِبُ اتِّصَالُ الْوَقْفِ فِي مِثْلِ ذَلِكَ وَأَنْ يَكُونَ مَنَافِعُ الْمَوْقُوفِ لَهُ وَلِذُرِّيَّتِهِ مَا لَمْ يَمْنَعْ مِنْ ذَلِكَ مَانِعٌ ظَاهِرٌ. اهـ.
وَحَاصِلُهُ أَنَّ اشْتِرَاطَ انْتِقَالِ نَصِيبِ الْمُتَوَفَّى عَقِيمًا إلَى مَنْ فِي دَرَجَتِهِ إنَّمَا ذُكِرَ فِي أَوْلَادِ زَيْدٍ الْخَمْسَةِ فَقَطْ وَلَمْ يُصَرَّحْ بِهِ فِي أَوْلَادِهِمْ وَنَسْلِهِمْ لَكِنْ لَمَّا عَطَفَ أَوْلَادَهُمْ عَلَيْهِمْ اشْتَرَكُوا فِي الشَّرْطِ الْمَذْكُورِ فَصَارَ مُنْسَحِبًا عَلَى الْجَمِيعِ تَسْوِيَةً بَيْنَ الْمُتَعَاطِفَيْنِ لِلْقَرِينَةِ الْمَذْكُورَةِ وَهِيَ كَوْنُ التَّسْوِيَةِ بَيْنَهُمَا هِيَ الْغَالِبَ وَكَوْنُ غَرَضِ الْوَاقِفِ الِاتِّصَالُ وَعَدَمُ الِانْقِطَاعِ إذْ لَوْ لَمْ يُصْرَفْ نَصِيبُ الْبِنْتِ إلَى أَوْلَادِ عَمِّهَا صَارَ مُنْقَطِعَ الْوَسَطِ فَيُصْرَفُ نَصِيبُهَا إلَى الْأَقْرَبِ إلَى الْوَاقِفِ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ فَفِي ذَلِكَ تَأْيِيدٌ لِمَا أَفْتَى بِهِ الْمُؤَلِّفُ مِنْ صِحَّةِ الْحُكْمِ بِمَا مَرَّ لَا يُقَالُ يُخَالِفُ ذَلِكَ مَا فِي أَوَاخِرِ كِتَابِ الْوَقْفِ مِنْ الْفَتَاوَى الْخَيْرِيَّةِ مِمَّا حَاصِلُهُ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ رَجُلٍ وَقَفَ عَلَى نَفْسِهِ ثُمَّ عَلَى أَوْلَادِهِ شَمْسِ الدِّينِ وَرَجَبٍ وَرَهْجَةَ عَلَى الْفَرِيضَةِ الشَّرْعِيَّةِ ثُمَّ عَلَى أَوْلَادِ الذُّكُورِ الْمَذْكُورِينَ دُونَ الْأُنْثَى ثُمَّ عَلَى أَوْلَادِ أَوْلَادِهِمْ أَبَدًا مَا تَنَاسَلُوا ثُمَّ مِنْ بَعْدِهِمْ عَلَى جِهَةِ بِرٍّ فَمَاتَ الْوَاقِفُ وَمَاتَتْ بِنْتُهُ رَهْجَةُ عَقِيمًا وَمَاتَ وَلَدَاهُ شَمْسُ الدِّينِ وَرَجَبٌ عَنْ أَوْلَادٍ فَكَيْفَ يُقَسَّمُ الْوَقْفُ فَأَجَابَ بِأَنَّهُ يُقَسَّمُ عَلَى أَوْلَادِ الْمَذْكُورِينَ الْمُسْتَوِينَ فِي الدَّرَجَةِ وَلَا يَفْضُلُ الذَّكَرُ الْأُنْثَى فِيهِمْ إذْ شَرْطُ التَّفَاضُلِ فِي أَوْلَادِ الْوَاقِفِ لَا غَيْرُ وَلَمْ يَشْرِطْهُ فِي غَيْرِهِمْ فَبَقِيَ مُطْلَقًا وَفِيهِ يَسْتَوِي الذَّكَرُ وَالْأُنْثَى اهـ لِأَنَّا نَقُولُ إنَّ اشْتِرَاطَ التَّفَاضُلِ فِي مَسْأَلَتِنَا الْمَارَّةِ مَذْكُورٌ فِي أَوْلَادِ الْوَاقِفِ وَأَوْلَادِهِمْ وَنَسْلِهِمْ فَيَنْسَحِبُ ذَلِكَ الشَّرْطُ عَلَى التَّفْصِيلِ الْمُتَأَخِّرِ فِي بَيَانِ نَصِيبِ مَنْ مَاتَ عَقِيمًا إذْ هُوَ مِمَّنْ شَمَلَهُمْ الشَّرْطُ كَمَا مَرَّ بَيَانُهُ بِخِلَافِ مَا فِي الْخَيْرِيَّةِ فَإِنَّ الشَّرْطَ لَمْ يُذْكَرْ إلَّا فِي أَوْلَادِ الْوَاقِفِ فَقَطْ ثُمَّ أُطْلِقَ فِي أَوْلَادِهِمْ وَالْأَصْلُ فِي بَابِ الْوَقْفِ الْقِسْمَةُ بِالسَّوِيَّةِ إلَّا إذَا اشْتَرَطَ التَّفَاضُلَ، وَإِلَّمْ يَشْتَرِطْهُ فَلَا