وَقَدْ نَقَلَ الْإِمَامُ عَنْ الْحَنَفِيَّةِ مُوَافَقَتَنَا عَلَى عَوْدِ الشَّرْطِ إلَى الْكُلِّ إلَى أَنْ قَالَ لِأَنَّ الشَّرْطَ وَإِنْ تَأَخَّرَ لَفْظًا فَهُوَ مُتَقَدِّمٌ تَقْدِيرًا وَقَالَ أَيْضًا قَبْلَهُ إنْ تَوَسَّطَ الْحَرْفُ الْمَوْضُوعُ لِلتَّشْرِيكِ وَالْجَمْعِ يُجْعَلُ الْكُلُّ بِمَنْزِلَةِ جُمْلَةٍ وَاحِدَةٍ اهـ فَيَكُونُ قَوْلُ الْوَاقِفِ عَلَى أَنَّهُ رَاجِعٌ لِلْجَمِيعِ وَلَا عَارِضَ يَقْتَضِي تَخْصِيصَهُ بِأَوْلَادِ خِضْرٍ وَيُسَاعِدُ مَا ذَكَرْنَا أَنَّ الْوَاقِفَ لَمْ يَذْكُرْ التَّفْصِيلَ وَالْمَآلُ فِي أَوْلَادِ عَلِيٍّ وَشَعْبَانَ كَمَا هُوَ دَأْبُ الْوَاقِفِينَ إذَا أَرْجَعْنَاهُ لِأَوْلَادِ خِضْرٍ فَقَطْ وَيُؤَكِّدُ إرْجَاعَهُ لِكُلِّ أَهْلِ الْوَقْفِ قَوْلُهُ أَجْمَعِينَ وَبِأَجْمَعِهِمْ وَعَنْ آخِرِهِمْ وَيُعَضِّدُهُ تَصَرُّفُ النُّظَّارِ السَّابِقِينَ مِنْ عَلِيٍّ وَذُرِّيَّتِهِ الْمُدَّةَ الْمَذْكُورَةَ بِحِصَّةِ خَضْرَةَ فَفِي الْفَتَاوَى الْخَيْرِيَّةِ لَا يُحْمَلُ فِعْلُ النُّظَّارُ عَلَى الْمُخَالَفَةِ أَيْ لِشَرْطِ الْوَاقِفِ لِأَنَّهُ فِسْقٌ يَبْعُدُ عَنْ الْمُؤْمِنِ. اهـ. وَهُوَ أَيْضًا أَقْرَبُ إلَى غَرَضِ الْوَاقِفِينَ الَّذِي يَصْلُحُ مُخَصِّصًا كَمَا فِي حَاشِيَةِ الْأَشْبَاهِ لِلْعَلَّامَةِ إبْرَاهِيم بِيرِيٌّ زَادَهْ نَاقِلًا ذَلِكَ عَنْ التَّقْوِيمِ وَفِي الْأَشْبَاهِ مِنْ قَاعِدَةِ إعْمَالِ الْكَلَامِ أَوْلَى مِنْ إهْمَالِهِ إذَا تَعَارَضَ الْأَمْرُ بَيْنَ إعْطَاءِ بَعْضِ الذُّرِّيَّةِ وَحِرْمَانِهِمْ تَعَارَضَا لَا تَرْجِيحَ فِيهِ فَالْإِعْطَاءُ أَوْلَى لِأَنَّهُ لَا شَكَّ أَنَّهُ أَقْرَبُ إلَى غَرَضِ الْوَاقِفِ. اهـ. وَقَوْلُهُ الذُّكُورُ دُونَ الْإِنَاثِ خَاصٌّ بِأَوْلَادِ عَلِيٍّ وَشَعْبَانَ الصُّلْبِيَّيْنِ فَقَطْ لِأَنَّهُ وَصَفَ الْأَوْلَادَ بِهِ عَلَى مَا أَفْتَى بِهِ الْعَلَّامَةُ شَيْخُ الْإِسْلَامِ أَبُو السُّعُودِ الْعِمَادِيُّ مِنْ أَنَّهُ إذَا وَقَفَ عَلَى أَوْلَادِهِ فَقَطْ يُحْمَلُ عَلَى أَوْلَادِ الصُّلْبِ.

وَمِثْلُهُ فِي الْخَانِيَّةِ وَعِبَارَتُهَا رَجُلٌ وَقَفَ أَرْضًا عَلَى أَوْلَادِهِ وَجَعَلَ آخِرَهُ لِلْفُقَرَاءِ فَمَاتَ بَعْضُهُمْ قَالَ هِلَالٌ يُصْرَفُ الْوَقْفُ إلَى الْبَاقِي فَإِنْ مَاتُوا يُصْرَفُ إلَى الْفُقَرَاءِ لَا إلَى وَلَدِ الْوَلَدِ اهـ وَيُوَافِقُهُ مَا فِي الْخُلَاصَةِ وَالْبَزَّازِيَّةِ وَخِزَانَةِ الْفَتَاوَى وَخِزَانَةِ الْمُفْتِينَ وَالنُّتَفِ فَقَيْدُ الذُّكُورِيَّةِ مُخْتَصٌّ بِأَوْلَادِ عَلِيٍّ وَشَعْبَانَ الصُّلْبِيَّيْنِ فَقَطْ وَأَمَّا أَوْلَادُ أَوْلَادِهِمْ فَأَدْخَلَهُمْ بِقَوْلِهِ عَلَى أَنَّهُ أَوْ يُقَالُ عَلَى أَنَّهُ شَرْطٌ مُتَأَخِّرٌ نَاسِخٌ لِلْأَوَّلِ لِمَا ذَكَرَ الْإِمَامُ الْجَلِيلُ الْخَصَّافُ فِي كِتَابِهِ أَحْكَامِ الْأَوْقَافِ إذَا تَعَارَضَ شَرْطَانِ فَالْعَمَلُ بِالْمُتَأَخِّرِ مِنْهُمَا لِأَنَّ الشَّرْطَ الْأَخِيرَ يُفَسَّرُ عَنْ مُرَادِهِ فَلِذَلِكَ أَعْمَلْنَاهُ اهـ

وَفِي حَاشِيَةِ بِيرِيٌّ زَادَهْ الشُّرُوطُ إذَا تَعَارَضَتْ وَأَمْكَنَ الْعَمَلُ بِهَا وَجَبَ وَإِلَّا عُمِلَ بِالْأَخِيرِ مِنْهَا وَسَوَاءٌ فِي ذَلِكَ الْوَاوُ وَثُمَّ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ لَا غُبَارَ عَلَيْهِ وَإِنْ أَرْخَيْنَا الْعَنَانَ وَقُلْنَا إنَّ الْأَوْلَادَ يَدْخُلُ فِيهِ النَّسْلُ كُلُّهُ لِعُمُومِ اسْمِ الْأَوْلَادِ كَمَا فِي الْأَشْبَاهِ وَالِاخْتِيَارِ وَإِنْ كَانَ قَوْلًا مُخَالِفًا لِمَا فِي الْمَشَاهِيرِ الْمُعْتَبَرَةِ مِنْ عَدَمِ شُمُولِ النَّسْلِ كُلِّهِ وَقَوْلُهُ عَلَى أَنَّهُ أَيْ مَعَ مُلَاحَظَةِ صِفَةِ الذُّكُورِيَّةِ فِي ذَلِكَ لِأَنَّهُ قَدْ وَصَفَهُمْ الْوَاقِفُ بِهَا وَقَدْ انْقَرَضُوا فَنَقُولُ لَا يَئُولُ أَيْضًا لِلْحَرَمَيْنِ الشَّرِيفَيْنِ عَلَى هَذَا التَّأْوِيلِ النَّاشِئِ عَنْ غَيْرِ دَلِيلٍ لِأَنَّهُ شَرْطُ عَوْدِهِ إلَيْهِمَا بَعْدَ انْقِطَاعِ النَّسْلِ وَلَا شَكَّ أَنَّ النِّسَاءَ الْمَوْجُودَاتِ مِنْ نَسْلِ أَهْلِ الْوَقْفِ فَالنَّسْلُ بَاقٍ فَلَا يَعُودُ إلَيْهِمَا وَيَكُونُ مُنْقَطِعَ الْوَسَطِ وَحُكْمُهُ أَنَّهُ لِلْفُقَرَاءِ كَمَا هُوَ الْمَشْهُورُ عِنْدَنَا وَالْمُتَظَاهِرُ عَلَى أَلْسِنَةِ عُلَمَائِنَا وَمَعَ ذَلِكَ حَيْثُ إنَّهُنَّ بِصِفَةِ الْفَقْرِ يَجُوزُ الصَّرْفُ إلَيْهِنَّ بَلْ هُوَ الْأَفْضَلُ لِأَنَّهُ يَصِيرُ صَدَقَةً وَصِلَةً وَمَقْصُودُ الْوَاقِفِ الثَّوَابُ وَالتَّصَدُّقُ عَلَى الْقَرَابَةِ أَكْثَرُ ثَوَابًا وَإِلَيْهِ أَشَارَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «بِقَوْلِهِ لِامْرَأَةِ ابْنِ مَسْعُودٍ حِينَ سَأَلَتْهُ التَّصَدُّقَ عَلَى زَوْجِهَا لَك أَجْرَانِ أَجْرُ الصَّدَقَةِ وَأَجْرُ الصِّلَةِ» . اهـ.

وَلَا يُنْزَعُ شَيْءٌ مِنْ يَدِ أَحَدٍ إلَّا بِحَقٍّ ثَابِتٍ مَعْرُوفٍ وَشَيْءٌ نَكِرَةٌ فِي سِيَاقِ النَّفْيِ فَتَعُمُّ الْأَمْوَالَ وَالْحُقُوقَ وَالِاسْتِحْقَاقَ فَلَا يُنْزَعُ الْوَقْفُ مِنْ أَيْدِيهنَّ وَيَبْقَى مَعَهُنَّ إلَى انْقِرَاضِ النَّسْلِ فَيَعُودُ لِلْحَرَمَيْنِ الشَّرِيفَيْنِ.

هَذَا مَا ظَهَرَ لَنَا بَعْدَ التَّأَمُّلِ التَّامِّ فِي هَذَا الْمَقَامِ وَاَللَّهُ وَلِيُّ التَّوْفِيقِ وَالْإِنْعَامِ وَهُوَ الْهَادِي وَعَلَيْهِ اعْتِمَادِي إيضَاحٌ مَا اشْتَمَلَ عَلَيْهِ الْجَوَابُ مَعَ تَتِمَّاتٍ فِي رِسَالَةِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَيْسَ لِلْإِمَامِ أَنْ يُخْرِجَ شَيْئًا مِنْ يَدِ أَحَدٍ إلَّا بِحَقٍّ ثَابِتٍ مَعْرُوفٍ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015