جَعَلَ آخِرَهُ لِلْفُقَرَاءِ فَيُحْمَلُ عَلَى وَلَدِ الصُّلْبِ وَبَعْدَهُ لِلْفُقَرَاءِ وَأَمَّا مَا فِي الْأَشْبَاهِ فَإِنَّهُ يُصْرَفُ إلَى مَا يُطْلَقُ عَلَيْهِ اسْمُ الْوَلَدِ وَهُمْ النَّسْلُ كُلُّهُ فَيَكُونُ جَوَابُ كُلٍّ مِنْهُمَا صَحِيحًا لِعَدَمِ التَّنَافِي.
(أَقُولُ) وَفِيهِ نَظَرٌ فَإِنَّ ذِكْرَ الْفُقَرَاءِ حَذْفٌ مِنْ كَلَامِ الْأَشْبَاهِ اخْتِصَارًا لِأَنَّ كُلَّ وَقْفٍ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ مُؤَبَّدًا وَيَكُونُ مَآلُهُ لِلْفُقَرَاءِ وَإِنْ لَمْ يُصَرِّحْ بِلَفْظِ التَّأْبِيدِ عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ الْمُعْتَمَدِ وَعِنْدَهُمَا لَا بُدَّ فِي صِحَّةِ الْوَقْفِ مِنْ التَّصْرِيحِ بِهِ وَيَأْتِي عَقِبَ هَذَا تَمَامُ الْكَلَامِ عَلَى مَا فِي الِاخْتِيَارِ وَالْأَشْبَاهِ.
(سُئِلَ) مِنْ قَاضِي الشَّامِ فِي مُحَرَّمٍ سَنَةَ 1149 فِيمَا إذَا وَقَفَ زَيْدٌ وَقْفَهُ عَلَى نَفْسِهِ ثُمَّ مِنْ بَعْدِهِ عَلَى أَوْلَادِ أَخِيهِ رَمَضَانَ هُمَا عَلِيٌّ وَشَعْبَانُ وَعَلَى خِضْرٍ أَغَا سَوِيَّةً بَيْنَهُمْ ثُمَّ مِنْ بَعْدِ عَلِيٍّ وَشَعْبَانَ الْمَذْكُورَيْنِ عَلَى أَوْلَادِهِمَا الذُّكُورِ دُونَ الْإِنَاثِ وَمِنْ بَعْدِ خِضْرٍ أَغَا عَلَى أَوْلَادِهِ وَأَوْلَادِ أَوْلَادِهِ الذُّكُورِ وَالْإِنَاثِ عَلَى الْفَرِيضَةِ الشَّرْعِيَّةِ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ وَعَلَى أَوْلَادِهِمْ وَأَوْلَادِ أَوْلَادِهِمْ وَأَنْسَالِهِمْ وَأَعْقَابِهِمْ عَلَى الشَّرْطِ وَالتَّرْتِيبِ الْمُعَيَّنِ أَعْلَاهُ عَلَى أَنَّ مَنْ مَاتَ مِنْهُمْ وَمِنْ أَوْلَادِهِمْ وَأَوْلَادِ أَوْلَادِهِمْ وَأَنْسَالِهِمْ وَأَعْقَابِهِمْ عَنْ وَلَدٍ أَوْ وَلَدِ وَلَدٍ أَوْ نَسْلٍ أَوْ عَقِبٍ عَادَ نَصِيبُهُ مِنْ ذَلِكَ إلَى وَلَدِهِ أَوْ وَلَدِ وَلَدِهِ أَوْ الْأَسْفَلِ مِنْ ذَلِكَ.
وَمَنْ مَاتَ مِنْهُمْ وَأَوْلَادِهِمْ وَأَوْلَادِ أَوْلَادِهِمْ وَأَنْسَالِهِمْ وَأَعْقَابِهِمْ عَنْ غَيْرِ وَلَدٍ وَلَا وَلَدِ وَلَدٍ وَلَا نَسْلٍ وَلَا عَقِبٍ عَادَ نَصِيبُهُ مِنْ ذَلِكَ إلَى مَنْ هُوَ مَعَهُ فِي دَرَجَتِهِ وَذَوِي طَبَقَتِهِ مِنْ أَهْلِ الْوَقْفِ يُقَدَّمُ فِي ذَلِكَ الْأَقْرَبُ فَالْأَقْرَبُ إلَى الْمُتَوَفَّى وَمَنْ مَاتَ مِنْهُمْ أَجْمَعِينَ قَبْلَ اسْتِحْقَاقِهِ لِشَيْءٍ مِنْ مَنَافِعِ هَذَا الْوَقْفِ وَتَرَكَ وَلَدًا أَوْ وَلَدَ وَلَدٍ أَوْ أَسْفَلَ مِنْ ذَلِكَ اسْتَحَقَّ ذَلِكَ الْمَتْرُوكُ مَا كَانَ يَسْتَحِقُّهُ الْمُتَوَفَّى وَقَامَ فِي الِاسْتِحْقَاقِ مَقَامَهُ فَإِنْ انْقَرَضُوا بِأَجْمَعِهِمْ وَأَبَادَهُمْ الْمَوْتُ عَنْ آخِرِهِمْ وَلَمْ يَبْقَ لَهُمْ نَسْلٌ وَلَا عَقِبٌ عَادَ ذَلِكَ وَقْفًا شَرْعِيًّا عَلَى مَصَارِفِ وَمَصَالِحِ الْحَرَمَيْنِ الشَّرِيفَيْنِ هُمَا مَكَّةُ الْمُشَرَّفَةُ وَالْمَدِينَةُ الْمُنَوَّرَةُ عَلَى مُنَوِّرِهَا الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ وَعَيْنُ مَبَرَّاتٍ وَمَاتَ الْوَاقِفُ الْمَرْقُومُ، وَآلَ الْوَقْفُ لِشَعْبَانَ وَعَلِيٍّ وَخِضْرٍ أَغَا الْمَذْكُورِينَ أَعْلَاهُ ثُمَّ مَاتَ خِضْرٌ أَغَا الْمَرْقُومُ عَنْ غَيْرِ وَلَدٍ وَلَا أَسْفَلَ مِنْهُ ثُمَّ مَاتَ شَعْبَانُ عَنْ غَيْرِ وَلَدِ وَلَا أَسْفَلَ مِنْهُ وَتَصَرَّفَ عَلِيٌّ بِنَصِيبِهِمَا مِنْ رِيعِ الْوَقْفِ لِكَوْنِهِ فِي دَرَجَتِهِمَا وَأَقْرَبَ إلَيْهِمَا مُدَّةً تَزِيدُ عَلَى أَرْبَعِينَ سَنَةً هُوَ وَأَوْلَادُهُ وَذُرِّيَّتُهُ لِانْتِقَالِ ذَلِكَ إلَيْهِمْ عَمَّنْ ذُكِرَ حَتَّى انْحَصَرَ فِي الْإِنَاثِ مِنْ ذُرِّيَّةِ عَلِيٍّ الْمَذْكُورِ وَهُنَّ فُقَرَاءُ قَامَ الْآنَ مُتَوَلِّي وَقْفِ الْحَرَمَيْنِ يُرِيدُ نَزْعَ الْوَقْفِ مِنْ أَيْدِيهِنَّ بِمُقْتَضَى الشَّرْطِ الْمَذْكُورِ فَهَلْ لَيْسَ لِلْمُتَوَلِّي ذَلِكَ وَلَا يَئُولُ الْوَقْفُ لِلْحَرَمَيْنِ مَا دَامَ أَحَدٌ مِنْ النَّسْلِ وَالْعَقِبِ عَلَى مُقْتَضَى مَا شَرَطَ الْوَاقِفُ؟
(الْجَوَابُ) : الْحَمْدُ لِلَّهِ الْهَادِي إلَى سَوَاءِ السَّبِيلِ وَهُوَ حَسْبِي وَنِعْمَ الْوَكِيلُ نَعَمْ لَيْسَ لِلْمُتَوَلِّي ذَلِكَ وَلَا يَئُولُ الْوَقْفُ لِلْحَرَمَيْنِ الشَّرِيفَيْنِ مَا دَامَ أَحَدٌ مِنْ نَسْلِ أَهْلِ الْوَقْفِ عَلَى مَا شَرَطَ الْوَاقِفُ الْمَذْكُورُ بِمُقْتَضَى مَا ظَهَرَ لِأَنَّ مَنْ ذُكِرَ مِنْ نَسْلِ عَلِيٍّ وَهُمْ مِنْ أَهْلِ الْوَقْفِ قَالَ فِي الْإِسْعَافِ فِي بَابِ الْوَقْفِ عَلَى أَوْلَادِهِ النَّسْلُ الْوَلَدُ وَوَلَدُ الْوَلَدِ أَبَدًا مَا تَنَاسَلُوا ذُكُورًا كَانُوا أَوْ إنَاثًا اهـ وَقَدْ شَرَطَ الْوَاقِفُ الْمَذْكُورُ انْتِقَالَهُ لِلْحَرَمَيْنِ الشَّرِيفَيْنِ إذَا لَمْ يَبْقَ لَهُمْ نَسْلٌ فَمَعَ وُجُودِ النَّسْلِ لَا يَنْتَقِلُ عَمَلًا بِالشَّرْطِ الْمَذْكُورِ وَقَوْلُهُ عَلَى أَنَّهُ شَرْطٌ لِمَا قَالَ الْعَلَّامَةُ صَدْرُ الشَّرِيعَةِ فِي تَوْضِيحِ الْأُصُولِ فِي بَحْثِ الْحُرُوفِ إنَّ (عَلَى) تُسْتَعْمَلُ لِلشَّرْطِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى {يُبَايِعْنَكَ عَلَى أَنْ لا يُشْرِكْنَ بِاللَّهِ شَيْئًا} [الممتحنة: 12] وَذَكَرَ بَعْدَهُ أَنَّ عَلَى لِلشَّرْطِ حَقِيقَةً وَفِي شَرْحِ الْمَنَارِ لِابْنِ مَالِكٍ كَلِمَةٌ (عَلَى) تَدُلُّ عَلَى الشَّرْطِ حَقِيقَةً إلَى أَنْ قَالَ فَيُحْمَلُ عَلَيْهِ إذَا أَمْكَنَ اهـ وَالشَّرْطُ إذَا تَعَقَّبْ جُمَلًا مُتَعَاطِفَةً مُتَّصِلًا بِهَا فَإِنَّهُ لِلْكُلِّ كَمَا صَرَّحَ بِذَلِكَ الْعَلَّامَةُ ابْنُ نُجَيْمٍ فِي بَحْرِهِ مِنْ شَتَّى الْقَضَاءِ وَمِثْلُهُ فِي الْمِنَحِ وَذَكَرَهُ الْمُحَقِّقُ الْعَلَّامَةُ الْعَضُدُ فِي شَرْحِ مُخْتَصَرِ الْمُنْتَهَيْ أُصُولِ جَمَالِ الْعَرَبِ الْعَلَّامَةِ ابْنِ الْحَاجِبِ فَقَالَ وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ أَيْ الشَّرْطَ لِلْجَمِيعِ وَذَكَرَهُ أَيْضًا الْعَلَّامَةُ ابْنُ قَاسِمٍ الْعَبَّادِيُّ الشَّافِعِيُّ فِي حَاشِيَتِهِ عَلَى جَمْعِ الْجَوَامِعِ الْمُسَمَّاةِ بِالْآيَاتِ الْبَيِّنَاتِ وَنَصُّ عِبَارَتِهِ