الله بذلك {كَمَا لهُمْ آلِهَةٌ} كل منهم مقيم على عبادتها وناسك, فأجابهم عليه الصلاة والسلام بالجواب المسدد الموفق, والحكم الفصل المحقق, مفتتحا له ببيان وصفهم وما هم عليه من الجهل المطلق قال: {قَال إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ} (الأعراف: من الآية 138) إذ سؤالكم هذا بعد ما رأيتم الآيات لا يناسب ولا يجوز لو كنتم تعلمون, ثم أفصح لهم في الجواب عن السؤال, بإيضاح عاقبة أولئك القوم وما يصيرون إليه من الحال, وإنهم ولو كان قصدهم التقرب إلى الله تعالى فهو عين الكفر والضلال, وأن الله تعالى هادم ما لهم من الدين, ومحطم أصنامهم التي لا يزالون عليها عاكفين, فتقربهم بذلك إلى الله باطل, وضلالهم وشركهم زائل, وحالهم إلى سوء العاقبة آيل.

قال: {قَال أَغَيْرَ اللَّهِ أَبْغِيكُمْ إِلهاً} أي اطلب لكم غيره معبودا {وَهُوَ فَضَّلكُمْ عَلى الْعَالمِينَ} (الأعراف: من الآية 140) أي: من كان منكم موجودا.

وفيه غاية التنبيه على سوء هذه المقالة, حيث قابلوا ما هم فيه من النعم والتفضيل وحسن الحالة, بالكفر والشرك والضلالة.

قوله: "لتركبن سنن من كان قبلكم" يحتمل أن يكون بفتح السين, أي: طريق من كان قبلكم من الأولين, ويحتمل أن يكون بضمها, فيكون المراد بها الطرائق, أي: لتأخذن أو لتأتين ما آتاه من قبلكم من الخلائق.

وقد أخبر صلى الله عليه وسلم بهذا المقال, فوقع كما أخبر, وطابق المقال وقائع الحال.

ولو نرخي لطرف الفهم في هذا الميدان الرسن, فيجول في تتبع ما آتاه أهل الشرك والضلال من السنن, وما غيروه من الشرع القويم, والصراط المستقيم الذي هو أقوم سنن, لاستوعب من الأسفار سفرا ضخما, مع أني لا أحيط بجميعه علما, ولو وجدنا ما فعله أهل البدع والشرك

طور بواسطة نورين ميديا © 2015