البخاري كتابه الصحيح, وجعله قائما مقام الخطبة ونائبا منابها, وإشارة منه إلى أن الأعمال لا تحصل للعامل ثوابها, وانه لا ثمرة لها في الدنيا والآخرة إلا إذا كان لوجه الله تعالى طلابها, فكل عمل لغيره مراد نتيجته البطلان والفساد, وبعيد عن الصواب والسداد.

وهذا الحديث أحد الأحاديث التي يدور الدين عليها, ويشار في أصول الإسلام إليها. فقال الشافعي: "إنه ثلث العلم, ويدخل في سبعين بابا من الفقه". وعن الإمام أحمد قال: "أصول الإسلام على ثلاثة أحاديث: حديث عمر "إنما الأعمال بالنيات" وحديث عائشة: "من أحدث في أمرنا ما ليس منه فهو رد" (?) , وحديث النعمان بن بشير: "الحلال بين والحرام بين" (?) , وقال: " ينبغي أن يبدأ في كل تصنيف بهذه الأحاديث" (?) .

وروى عثمان بن سعيد عن أبي عبيد قال: جمع النبي صلى الله عليه وسلم جميع أمر الآخرة في كلمة: "من أحدث في أمرنا ما ليس منه فهو رد" , وجمع أمر الدنيا كلمة: "إنما العمال بالنيات" (?) .

والمراد بالأعمال: الأعمال الشرعية المفتقرة إلى النية, فأما ما لا يفتقر إليها كالعادات من أكل وشرب ولبس وغيرها, أو مثل رد الأمانات والمضمونات كالودائع والمغصوب فلا يحتاج شيء من ذلك إلى نية, فيختص هذا من عموم العمال المذكورة, وإلى هذا ذهب جمع, وقال آخرون وحكى عن الجمهور وهو ظاهر كلام أحمد: الأعمال هنا على

طور بواسطة نورين ميديا © 2015