بذلك لأجل أن أكون مقدمهم في الدنيا والآخرة؛ لأن قصب السبق في الدين إنما هي بالإخلاص, أو لأنه أول من أسلم وجهه لله من قريش ومن دان بدينهم (?) .
أقول: وكلا الأمرين مجتمع فيه؛ لأنه في الدارين هو المقدم, وأول من آمن من قومه وأسلم {قُلْ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي} (الزمر: من الآية 13) بترك الإخلاص والميل إلى ما أنتم عليه من الشرك والرياء {عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ} لعظمة ما يقع فيه من الأهوال والنكال {قُلِ اللَّهَ أَعْبُدُ مُخْلِصاً لهُ دِينِي} (الزمر:14) أمره الله تعالى أن يخبر عن إخلاصه, وأن يكون {مُخْلِصاً لهُ دِينِي} بعدما أمره بالإخبار عن كونه مأمورا بالعبادة والإخلاص, وذلك لأجل الخوف من العقاب على المخالفة, وفيه قطع لإطماع قومه.
وقوله: {فَاعْبُدُوا مَا شِئْتُمْ مِنْ دُونِهِ} (الزمر: من الآية 15) وإن كان ظاهره التخيير, فالمراد به التهديد, ويستفاد منه شدة الوعيد, كقوله: {اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ} (فصلت: من الآية 40) وقوله: {قُلْ تَمَتَّعْ بِكُفْرِكَ قَلِيلاً} (الزمر: من الآية 8) والكلام على باقي الآيات ظاهر, ومدلولها في المراد واحد.
وقوله صلى الله عليه وسلم: " إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى" (?) الخ هذا الحديث رواه الحافظ أبو عبد الله محمد بن إسماعيل البخاري رحمه الله تعالى, ومسلم بن الحجاج, والإمام مالك رحمهم الله تعالى عن يحيى بن سعيد الأنصاري عن محمد بن إبراهيم التيمي عن علقمة ابن وقاص الليثي عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه (?) . وقد صدر به